مع إعلان مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، الذي تضمن عديد التوجهات والاختيارات الاجتماعية التي من شأنها ضمان أكثر ما يمكن من العدالة بين فئات المجتمع، تبرز تحديات مالية واقتصادية تواجه تونس في مرحلة دقيقة وحاسمة، حيث أظهر المشروع غياب رؤية مبتكرة وتصوّرا جديدا يلبي تطلعات الشعب ويعالج أزمات الاقتصاد المزمنة. فالإستراتيجية الاقتصادية المتبعة ضمن المشروع اعتمدت، إلى حد بعيد، على النمط التقليدي في إدارة الموارد والإنفاق العمومي، مما يعكس استمرارية لنمط اقتصادي أثبت على مدى سنوات عجزه على تحقيق النمو وتلبية الاحتياجات المتزايدة.
فخلال السنوات الماضية، أظهرت تونس اعتمادًا متزايدًا على الاقتراض الخارجي لسد العجز المالي، ما أدى إلى تفاقم الديون وارتفاع تكاليف الفوائد وخدمات الدين. إلا أن مشروع ميزانية 2025 لم يأتِ بأي إجراءات جذرية لوقف هذا النزيف الاقتصادي، ولا سيما في ظل غياب استراتيجيات واضحة للتقليل من التبعية المالية للخارج وبالرغم من أن الواقع أظهر أن تونس بحاجة ماسة إلى تجاوز هذه الاستراتيجيات التقليدية التي لم تعد مناسبة وتواجه ضعفًا واضحًا في تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص العمل.
فواقعنا الاقتصادي اليوم بات يقتضي إحداث ثورة في طريقة التصوّر الاقتصادي والتخطيط، تتجاوز المنوال التقليدي الذي يعتمد على الضرائب كعائد رئيسي والبقية قروض داخلية وخارجية. ينبغي للتصوّرات الجديدة أن تعتمد على الثوابت وتراعي الواقع الاقتصادي المحلي، حيث يمكن لتونس أن تستغل نقاط قوتها في مجالات متنوعة كالسياحة المستدامة والفلاحة الذكية والطاقة المتجددة والابتكار التكنولوجي والصناعات الصغيرة والمتوسطة.. لخلق الثروة وتعزيز الاكتفاء الذاتي.
إن الحاجة تدعو اليوم إلى بناء نموذج جديد يعتمد على تعزيز الاستقلالية المالية من خلال تعزيز القدرة الإنتاجية المحلية، والابتعاد عن التفكير الآلي في إيرادات الميزانية. وهذا لن يكون إلا بالاتجاه نحو استراتيجيات تعزز دور القطاع الخاص وتفتح الأبواب للمبادرات الشبابية الناشئة، مع توفير بيئة تشريعية ومالية مناسبة تمكنهم من الإبداع وإيجاد حلول اقتصادية جديدة تلائم الواقع التونسي.
فالوضع الاقتصادي الحالي يمثل فعلا حافزاً قوياً للانتقال إلى نموذج اقتصادي أكثر شمولية واستدامة. هذا النموذج ينبغي أن يضمن استقلالية أكبر للاقتصاد الوطني، ويعتمد على سياسات واضحة للتنويع الاقتصادي بهدف خلق فرص عمل وتحقيق نمو مستدام. ولتحقيق ذلك، لا بد للدولة التونسية من تنفيذ إصلاحات هيكلية جذرية تعزز شفافية المالية العمومية وترفع من كفاءة الموارد المخصصة للمشاريع الوطنية.
ويمكن لتونس أن تتخذ من ميزانية 2025 فرصة حقيقية للانتقال نحو نموذج اقتصادي جديد، شريطة توفر رؤية واضحة، وإرادة تسعى نحو كسر القوالب التقليدية والتحول إلى اقتصاد حديث يعتمد على الابتكار والمبادرة الذاتية.
وفاء بن محمد
مع إعلان مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، الذي تضمن عديد التوجهات والاختيارات الاجتماعية التي من شأنها ضمان أكثر ما يمكن من العدالة بين فئات المجتمع، تبرز تحديات مالية واقتصادية تواجه تونس في مرحلة دقيقة وحاسمة، حيث أظهر المشروع غياب رؤية مبتكرة وتصوّرا جديدا يلبي تطلعات الشعب ويعالج أزمات الاقتصاد المزمنة. فالإستراتيجية الاقتصادية المتبعة ضمن المشروع اعتمدت، إلى حد بعيد، على النمط التقليدي في إدارة الموارد والإنفاق العمومي، مما يعكس استمرارية لنمط اقتصادي أثبت على مدى سنوات عجزه على تحقيق النمو وتلبية الاحتياجات المتزايدة.
فخلال السنوات الماضية، أظهرت تونس اعتمادًا متزايدًا على الاقتراض الخارجي لسد العجز المالي، ما أدى إلى تفاقم الديون وارتفاع تكاليف الفوائد وخدمات الدين. إلا أن مشروع ميزانية 2025 لم يأتِ بأي إجراءات جذرية لوقف هذا النزيف الاقتصادي، ولا سيما في ظل غياب استراتيجيات واضحة للتقليل من التبعية المالية للخارج وبالرغم من أن الواقع أظهر أن تونس بحاجة ماسة إلى تجاوز هذه الاستراتيجيات التقليدية التي لم تعد مناسبة وتواجه ضعفًا واضحًا في تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص العمل.
فواقعنا الاقتصادي اليوم بات يقتضي إحداث ثورة في طريقة التصوّر الاقتصادي والتخطيط، تتجاوز المنوال التقليدي الذي يعتمد على الضرائب كعائد رئيسي والبقية قروض داخلية وخارجية. ينبغي للتصوّرات الجديدة أن تعتمد على الثوابت وتراعي الواقع الاقتصادي المحلي، حيث يمكن لتونس أن تستغل نقاط قوتها في مجالات متنوعة كالسياحة المستدامة والفلاحة الذكية والطاقة المتجددة والابتكار التكنولوجي والصناعات الصغيرة والمتوسطة.. لخلق الثروة وتعزيز الاكتفاء الذاتي.
إن الحاجة تدعو اليوم إلى بناء نموذج جديد يعتمد على تعزيز الاستقلالية المالية من خلال تعزيز القدرة الإنتاجية المحلية، والابتعاد عن التفكير الآلي في إيرادات الميزانية. وهذا لن يكون إلا بالاتجاه نحو استراتيجيات تعزز دور القطاع الخاص وتفتح الأبواب للمبادرات الشبابية الناشئة، مع توفير بيئة تشريعية ومالية مناسبة تمكنهم من الإبداع وإيجاد حلول اقتصادية جديدة تلائم الواقع التونسي.
فالوضع الاقتصادي الحالي يمثل فعلا حافزاً قوياً للانتقال إلى نموذج اقتصادي أكثر شمولية واستدامة. هذا النموذج ينبغي أن يضمن استقلالية أكبر للاقتصاد الوطني، ويعتمد على سياسات واضحة للتنويع الاقتصادي بهدف خلق فرص عمل وتحقيق نمو مستدام. ولتحقيق ذلك، لا بد للدولة التونسية من تنفيذ إصلاحات هيكلية جذرية تعزز شفافية المالية العمومية وترفع من كفاءة الموارد المخصصة للمشاريع الوطنية.
ويمكن لتونس أن تتخذ من ميزانية 2025 فرصة حقيقية للانتقال نحو نموذج اقتصادي جديد، شريطة توفر رؤية واضحة، وإرادة تسعى نحو كسر القوالب التقليدية والتحول إلى اقتصاد حديث يعتمد على الابتكار والمبادرة الذاتية.