صدمة جديدة في الوسط المدرسي، تم على إثرها إيداع مدير معهد ثانوي بإحدى معتمديات القصرين بالسجن، أمس، بعد مثوله أمام النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين، من أجل شبهات تحرش جنسي بتلميذة. وكانت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين قد أذنت الاثنين بالاحتفاظ بالمشتبه به، بعد رواج محادثات على فضاءات التواصل الاجتماعي تجمعه بتلميذة بالمعهد الذي يشرف عليه.
وهذه الحادثة على بشاعتها إلا أنها ليست حالة التحرّش الأولى في الوسط المدرسي ولكن حاجز الخوف مازال يمنع الضحايا من الإفصاح وفضح هذه الممارسات، التي باتت تتكرّر بشكل مخيف في السنوات الأخير، ففي جوان الماضي أودع مدير معهد ثانوي بمنوبة وأستاذ من نفس المعهد بالسجن، بعد التحرّش بقاصر، ومنذ أسابيع قليلة تحوّلت قضية الأستاذ الذي حملت منه تلميذته الى قضية رأي عام هزّت المجتمع ..
وإذا كان التحرّش بالأطفال، ظاهرة لا يخلو منها مجتمع وتحتاج الى صرامة في الردع، بالنظر الى آثارها السلبية والمدمرة على حياة ومستقبل الأطفال، إلا أن الأمر يزداد بشاعة إذا كان فعل التحرّش في الوسط المدرسي الذي يفترض أنه بيئة آمنة تحمي الأطفال من كل انتهاكات، لا أن يتحوّل الى مصدر انتهاك ..
إحصائيات مخيفة
ظاهرة التحرّش بالأطفال ليست ظاهرة جديدة بل هي ظاهرة تتجه نحو الاستفحال في السنوات الأخيرة في غياب خطة عمل داخل الوزارة للوقاية والتعويل في أغلب الحالات على الردع الأمني، والذي يأتي بعد واقعة الاعتداء، ففي السابق أّكد المندوب العام لحماية الطفولة مهيار الحمادي، أن 4 إشعارات ترد يوميا على المندوبية العاّمة لحماية الّطفولة، تتعلق بشبهة تعّرض تلميذ إلى التحّرش الجنسي، داخل المؤسسات التربوية، سواء كان ذلك من قبل مربين أو موظفين أو عمل وأنه إذا ما تم احتساب عدد الإشعارات الواردة على المندوبية العامة لحماية الطفولة فسنجد أنه في الشهر يرد حوالي 120 إشعارا وفي السنة 1440 إشعارا، وهذا التصريح الذي كان منذ سنة أكيد أنه شهد تطورا في الأرقام بالإضافة الى كون الإشعارات لوحدها لا تعكس حقيقة الواقع حيث أن بعض الأطفال يتعرضون للتحرّش ويكتمون ذلك خوفا من المعتدي أو حتى من العائلة والمجتمع ..
ولذلك من الضرورة أن تهتم وزارة التربية بهذا الأمر اليوم وقبل عملية انتداب يجب عليها أن تتأكّد من سلوك المربي وإخضاعه وكافة الموظفين والعملة بالمؤسسات التربوية لدورات تكوينية في نشر ثقافة حقوق الإنسان والطفل، وألا تكتفي الوزارة عند وجود شبهة تحرش جنسي داخل مؤسسة تربوية بفتح تحقيق ميداني والقيام بأعمال تحرّي في الموضوع وإذا ثبتت الجريمة تحيل الأمر للنيابة العمومية، حيث بات الأمر يستدعي اليوم من الوزارة وضع طرق معالجة قبلية للوقاية وتفادي الوصول الى لحظة التحرّش التي يمكن أن تدمّر مستقبل طفل ..
وتتنوّع مصادر الاعتداءات الجنسية على الأطفال فإلى جانب التحرّش والاعتداء الجنسي في الوسط المدرسي برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة التحرّش الجنسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وابتزاز الأطفال بعد إيقاعهم في شراك المعتدي، وحسب البيانات الرسمية المتوفرة حول أطفال تونس والصادرة عن وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ في 2023، فقد تلقّت مكاتب مندوبي حماية الطفولة 55 إشعارا متعلّقا بحالات استغلال جنسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أمّا في خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية فقد تم التبليغ عن 19 حالة وبعض هذه الحالات تورّط فيها أساتذة ومعلمون !
ومن المقترحات التي تقدّم بها مختصون في الصحة الجنسية أو في علم النفس هي المسارعة بإدراج مشروع "التربية الجنسية" ضمن المناهج المدرسية وتحويل هذا المشروع الى مشروع وطني، هدفه التوعية وتحصين الأطفال نفسيا من أي اعتداء قد يطالهم، ويؤكد أصحاب هذا المقترح أن الهدف هو التوعية بخصوصية الجسد لدى الأطفال والمراهقين، الذين يفهمون أجسادهم بشكل خاطئ، خاصة وأن عملية التحرّش داخل الفضاء التربوي يمكن أن تتم بين الأطفال أنفسهم وأن التربية الجنسية لا تمسّ بقيم المجتمع ولا معتقداته بل تساهم في حماية الأجيال القادمة وتحصّنهم نفسيا وجسديا .
منية العرفاوي
تونس – الصباح
صدمة جديدة في الوسط المدرسي، تم على إثرها إيداع مدير معهد ثانوي بإحدى معتمديات القصرين بالسجن، أمس، بعد مثوله أمام النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين، من أجل شبهات تحرش جنسي بتلميذة. وكانت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين قد أذنت الاثنين بالاحتفاظ بالمشتبه به، بعد رواج محادثات على فضاءات التواصل الاجتماعي تجمعه بتلميذة بالمعهد الذي يشرف عليه.
وهذه الحادثة على بشاعتها إلا أنها ليست حالة التحرّش الأولى في الوسط المدرسي ولكن حاجز الخوف مازال يمنع الضحايا من الإفصاح وفضح هذه الممارسات، التي باتت تتكرّر بشكل مخيف في السنوات الأخير، ففي جوان الماضي أودع مدير معهد ثانوي بمنوبة وأستاذ من نفس المعهد بالسجن، بعد التحرّش بقاصر، ومنذ أسابيع قليلة تحوّلت قضية الأستاذ الذي حملت منه تلميذته الى قضية رأي عام هزّت المجتمع ..
وإذا كان التحرّش بالأطفال، ظاهرة لا يخلو منها مجتمع وتحتاج الى صرامة في الردع، بالنظر الى آثارها السلبية والمدمرة على حياة ومستقبل الأطفال، إلا أن الأمر يزداد بشاعة إذا كان فعل التحرّش في الوسط المدرسي الذي يفترض أنه بيئة آمنة تحمي الأطفال من كل انتهاكات، لا أن يتحوّل الى مصدر انتهاك ..
إحصائيات مخيفة
ظاهرة التحرّش بالأطفال ليست ظاهرة جديدة بل هي ظاهرة تتجه نحو الاستفحال في السنوات الأخيرة في غياب خطة عمل داخل الوزارة للوقاية والتعويل في أغلب الحالات على الردع الأمني، والذي يأتي بعد واقعة الاعتداء، ففي السابق أّكد المندوب العام لحماية الطفولة مهيار الحمادي، أن 4 إشعارات ترد يوميا على المندوبية العاّمة لحماية الّطفولة، تتعلق بشبهة تعّرض تلميذ إلى التحّرش الجنسي، داخل المؤسسات التربوية، سواء كان ذلك من قبل مربين أو موظفين أو عمل وأنه إذا ما تم احتساب عدد الإشعارات الواردة على المندوبية العامة لحماية الطفولة فسنجد أنه في الشهر يرد حوالي 120 إشعارا وفي السنة 1440 إشعارا، وهذا التصريح الذي كان منذ سنة أكيد أنه شهد تطورا في الأرقام بالإضافة الى كون الإشعارات لوحدها لا تعكس حقيقة الواقع حيث أن بعض الأطفال يتعرضون للتحرّش ويكتمون ذلك خوفا من المعتدي أو حتى من العائلة والمجتمع ..
ولذلك من الضرورة أن تهتم وزارة التربية بهذا الأمر اليوم وقبل عملية انتداب يجب عليها أن تتأكّد من سلوك المربي وإخضاعه وكافة الموظفين والعملة بالمؤسسات التربوية لدورات تكوينية في نشر ثقافة حقوق الإنسان والطفل، وألا تكتفي الوزارة عند وجود شبهة تحرش جنسي داخل مؤسسة تربوية بفتح تحقيق ميداني والقيام بأعمال تحرّي في الموضوع وإذا ثبتت الجريمة تحيل الأمر للنيابة العمومية، حيث بات الأمر يستدعي اليوم من الوزارة وضع طرق معالجة قبلية للوقاية وتفادي الوصول الى لحظة التحرّش التي يمكن أن تدمّر مستقبل طفل ..
وتتنوّع مصادر الاعتداءات الجنسية على الأطفال فإلى جانب التحرّش والاعتداء الجنسي في الوسط المدرسي برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة التحرّش الجنسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وابتزاز الأطفال بعد إيقاعهم في شراك المعتدي، وحسب البيانات الرسمية المتوفرة حول أطفال تونس والصادرة عن وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ في 2023، فقد تلقّت مكاتب مندوبي حماية الطفولة 55 إشعارا متعلّقا بحالات استغلال جنسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أمّا في خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية فقد تم التبليغ عن 19 حالة وبعض هذه الحالات تورّط فيها أساتذة ومعلمون !
ومن المقترحات التي تقدّم بها مختصون في الصحة الجنسية أو في علم النفس هي المسارعة بإدراج مشروع "التربية الجنسية" ضمن المناهج المدرسية وتحويل هذا المشروع الى مشروع وطني، هدفه التوعية وتحصين الأطفال نفسيا من أي اعتداء قد يطالهم، ويؤكد أصحاب هذا المقترح أن الهدف هو التوعية بخصوصية الجسد لدى الأطفال والمراهقين، الذين يفهمون أجسادهم بشكل خاطئ، خاصة وأن عملية التحرّش داخل الفضاء التربوي يمكن أن تتم بين الأطفال أنفسهم وأن التربية الجنسية لا تمسّ بقيم المجتمع ولا معتقداته بل تساهم في حماية الأجيال القادمة وتحصّنهم نفسيا وجسديا .