يبقى ملف نفايات الأنشطة الصحية خاصة الخطرة منها من بين أهم الملفات وأوكدها والمزيد من الحرص عند التعامل معها ابتداء من مصدر هذه النفايات وهي المؤسسات الصحيّة بجميع أصنافها عامة كانت أو خاصة وانتهاء بالمعالجة النهائيّة لها... مع التشديد على احترام مقتضيات شروط فرز وجمع وحفظ ونقل ومعالجة هذه النفايات التي من شأنها أن تهدد صحة المواطن وسلامة البيئة... فحتى مخاطر نقل "النفايات الخطرة" كبيرة... اشكال مُتجدّد يطرح داخل الجهات وعلى المستوى المركزي.
ومن الجانب القانوني يُعرّف الأمر عدد 2745 المؤرخ في 28 جويلية 2008 والمتعلّق بضبط شروط وطرق التصرّف في نفايات الأنشطة الصحيّة على أنها كل مخلف عمليّة إنتاج أو تحويل أو استعمال مواد أو منتجات بالمؤسسات الصحيّة، وبصفة عامّة كل منقول يتخلّص منه أو ينوي التخلّص منه وتكون هذه النفايات ناتجة عن أنشطة التشخيص أو المتابعة أو الأنشطة الوقائية أو العلاجيّة أو الملطفة في ميدان الطب البشري. كما تعتبر نفايات أنشطة صحيّة النفايات المتأتيّة من أنشطة حفظ الجثث والنفايات المتأتيّة من أنشطة البحث والتعليم والإنتاج الصناعي في ميدان الطب البشري.
وتنقسم هذه النفايات حسب هذا التعريف إلى نفايات خطرة وتهمّ النفايات الواخزة أو القاطعة والمعفّنة "الملوثة بالدم وبالمواد البيولوجية المتأتيّة من مخابر التحاليل الطبيّة وغيرها"، والنفايات الكيميائيّة وتلك القابلة للالتهاب أو الانفجار والنفايات المشعة... ونفايات غير خطرة النفايات المشابهة للنفايات المنزليّة وهي قابلة للرسكلة وتوضع في حاويات خاصة بكل نوع منها توفرها المؤسسات المُتعهدة بالرسكلة وهي البلديات في أغلب الحالات.
وان تحسّنت وتوسّعت نسبة التغطية الصحية عبر إحداث العديد من الهياكل والمؤسسات الصحيّة وعبر تحسين طاقة استيعابها حيث انه ووفق آخر الإحصائيات الرسمية التي تحصلت عليها "الصباح" لسنة 2023، فيقارب عدد الأسرة بالمستشفيات العمومية بكامل تراب الجمهوريّة حوالي 22.214 ألف سرير وبالمصحات الخاصة حوالي 7.178 الاف سرير. ويقدّر إفراز كل سرير من النفايات بـ2.27 كغ في اليوم، فقد نتج عن هذا التطور ظهور إشكاليات أخرى تتعلق بالتصرّف في نفايات الأنشطة الصحيّة اي ما يعادل 67 طنا يوميا..هذا إضافة الى النفايات الخطرة التي تنتجها بقية مخابر التحاليل والصيدليات ومراكز التصوير بالأشعة والمؤسسات ذات الصبغة الصحية...
هذا ويؤدي استعمال أنواع عديدة ومُتنوعة من المواد الكيميائية بالمؤسسات الصحية إلى إفراز نفايات سامة بنفس قدر وتنوع هذه المواد، فالنفايات الزئبقية مثلا المتأتية من الحاشدات المستعملة أو من حشوات الأسنان أو المحارير الزئبقية أو أجهزة قيس ضغط الدم المُحطمة، قد تتسبب في انبعاث أبخرة سامة ويمكن أن تؤدي في حالة استنشاقها إلى تسممات حادة أو تراكمية شديدة الخطورة. كما أن الأدوية غير المُستعملة او مُنتهية الصلاحية قد تتسبب في حالات تسمم دوائي في حال لم يتم التخلص منها بطريقة ملائمة ووقعت بين أيدي أشخاص غير واعين بخطورتها.
أما بخصوص الأطراف المبتورة والأجزاء التشريحية والأعضاء التي يسهل التعرف عليها والأجنة غير المكتملة والأجنة المولودة ميتة و تشمل هذه المجموعة كل القطع التشريحية التي يسهل التعرف عليها من طرف الأخصائيين، والتي تم تسجيل تواجدها في مصبات نفايات في أماكن ما وفي وقت سابق، فلا تعد في الحقيقة نفايات على معنى أحكام الأمر عدد 2745 لسنة 2008 المتعلق بنفايات الأنشطة الصحية وتكمن خطورتها في إمكانية تلوثها جرثوميا، وتراعى في كيفية تصريفها الجوانب النفسية والدينية والاجتماعية استنادا إلى مقتضیات الفصل 19 من الأمر عدد 1326 لسنة 1997 المؤرخ في 7 جویلیة 1997 المتعلق بكیفیة إعداد القبور وبضبط تراتیب الدفن وتراتیب إخراج الرفات والجثث فانه يتم اللجوء إلى دفن الأطراف المبتورة والأجزاء التشریحیة الكبیرة والأعضاء والمشایم والأجنة غیر المكتملة والأجنة المولودة میتة بالمقابر البلدیة.
وتقدّر الكمّيات السنويّة من النفايات الخطرة بالبلاد التونسية بحوالي 8 ألاف طن بالنسبة لنفايات الأنشطة الصحيّة وستّة ملايين و150 ألف طن بالنسبة للنفايات الخطرة الصناعيّة منها 6 مليون طن من الفسفوجيبس، حسب تقرير دائرة المحاسبات لسنة 2017، غير أنّ هذه الأرقام تطورت لتبلغ كميات نفايات الأنشطة الصحية الخطرة 15 ألف طن سنويا وفق الأرقام الرسمية.
إعداد عبير الطرابلسي
مدير إدارة حفظ صحة الوسط وحماية المحيط لـ"الصباح": سعر طن نفايات أنشطة صحية خطرة يصل إلى 2.5 ألف دينار
قال مدير إدارة حفظ صحة الوسط وحماية المحيط بوزارة الصحة سمير الورغمي لـ"الصباح" إنّ المُشرّع ضبط كيفية التعامل مع نفايات الأنشطة الصحية الخطرة من فرز وتكييف وجمع وخزن(وسيط ومركزي) والنقل والمعالجة حسب كل صنف من هذه النفايات ودرجة خطورتها من خلال الأمر عدد 2745 لسنة 2008 ودليل التصرف في نفايات الأنشطة الصحية الخطرة المصادق عليه بقرار مشترك من وزير الصحة والوزير المكلف بالبيئة بتاريخ صادر بتاريخ 12جويلية 2012.
وأفاد ان الفئات الأكثر عرضة لهذه المخاطر، تنحصر في العاملين في القطاع الصحي بكل أصنافهم والمرضى والزوار والمهنيين الراجعين بالنظر للشركات الخاصة المرخص لها للتصرف في هذه النفايات وكذلك مُرتادي المصبات من غير المهنيين وهو ما يتطلب، وفق تعبيره، التعامل مع هذه النفايات بكل حذر ووفق ضوابط مُحددة تشريعيا، داعيا إلى أهمية تلقيح العمال الذين يعملون في الشركات المكلفة بالجمع والنقل والمعالجة ضد التهاب الكبدي الفيروسي "صنف ج".
وفيما يهم فرز النفايات وتكييفها وجمعها وخزنها، أفاد محدثنا أنه قد تم بذل مجهودات هامّة في هذا المجال من طرف المصالح المختصّة التابعة لوزارة الصحة والمُتمثّلة بالخصوص في إصدار نصوص ترتيبية تحث على الفرز الانتقائي عند المصدر للنفايات الاستشفائية وتأمين المراقبة لطرق التصرّف في هذه النفايات والقيام بدورات تكوينيّة في الغرض وتركيز محلات مخصّصة لخزن النفايات وابرام صفقات إطارية لجمع ونقل ومعالجة وإزالة نفايات الأنشطة الصحيّة بالهياكل والمؤسسات الصحيّة العمومية واقتناء المستلزمات الاستهلاكية لتكييف هذه النفايات مما ساهم، على حد قوله، في تحسين عمليات التصرف في هذه النفايات، مضيفا: "لكن الوضع يتطلّب مزيد العناية والدعم بهذا القطاع وخاصة توفير الإمكانيات المادية والبشرية.. وتبقى مؤسسات الخط الأول تشكو من عدة نقائص تتمحور حول نقص العناية بطريقة الفرز الانتقائي للنفايات عند المصدر، تسجيل غياب أحيانا لمعدات مُلائِمة لخزن وتكييف هذه النفايات في انتظار رفعها، جمع النفايات في أوعية وأكياس غير مُلائمة وخلطها مع النفايات المنزليّة".
وحسب مراقبة الإدارة العامة لحفظ الصحة، اكد أن نسبة احترام عمليات فرز النفايات الصحية وجمعها وتخزينها من قبل المؤسسات الصحية تصل الى 80%، مشيرا الى ان عدم احترام القواعد الموضوعة في الغرض يُسجّل خاصة في الجهات الداخلية لغياب تواجد الشركات في الداخل... كما ذكّر بان المشروع النموذجي انطلق على مستوى تونس الكبرى وجهات ساحلية ومدنين خلال سنة 2008."
الاكياس الصفراء ومُطابقة المواصفات
وعن الأكياس الصفراء التي تُجمع فيها النفايات الخطرة، أكد سمير الورغمي انه يتم التشديد صلب المناشير الوزارية على ضرورة التقيّد بمواصفات الأكياس المُعتمدة، مع التأكيد على المستشفيات والمؤسسات الصحيّة العمومية بأن تقوم بطلب مُطابقة المواصفات للأكياس الصفراء وهو ما يتم التنصيص عليه ضمن المقتضيات الوجوبية التي تربط المؤسسات الصحية بالشركات... كما اشار الى ان مُخالفة الشركات لفصول الاتفاقية ينجرّ عنه فسخ العقد وتعميم القرار المُتّخذ ضدها ببقية المستشفيات.
11 شركة بـ10 ولايات فقط؟؟
وافاد محدثنا ان عدد الشركات المُتحصلة على ترخيص من الوزارة المكلّفة بالبيئة لممارسة نشاط جمع نفايات الأنشطة الصحيّة الخطرة ونقلها ومعالجتها احدى عشرة (11) وحدة بعد أن كان عددها 9 وحدات خلال سنة 2022.
مع العلم وأنّ هذه الشركات تنشط حاليا من خلال إبرام اتّفاقيات مع المؤسسات الصحيّة كل على حدة أو في إطار صفقة إطارية لمُناولة عمليات جمع ونقل ومعالجة وإزالة نفايات الأنشطة الصحيّة، حسب الورغمي، ويبقى الإشكال مطروحا بالنسبة للمؤسسات الصحيّة التي لم تتمكن من إبرام عقود في هذا المجال وذلك لعدم توفر شركات مُختصّة على مستوى بعض الجهات أو نظرا لعدم توفير الكمية الدنيا الضرورية من النفايات المُنتجة من طرف المؤسسة الصحيّة.
وفيما يتعلق بمراكز الصحة الأساسية التي لا يوجد بها تعامل مع احدى هذه الشركات، أكد انه يتم التكفل به من قبل المستشفى الأقرب.. مُشيرا إلى أنه تمت دعوة اللجنة لترفيع عدد التراخيص خاصة وأن طاقة الاستيعاب أكبر من حجم استيعاب تلك الشركات على نقل ومعالجة النفايات.
وتتوزع الـ11 شركة المعنية والمُرخص لها على النحو التالي:
ولاية سليانة (شركة)
ولاية زغوان (2 شركات)
ولاية قفصة (2 شركات: واحدة اغلقت بعد وفاة صاحبها)
ولاية القيروان (شركة)
ولاية منوبة (شركة)
ولاية مدنين (شركة)
ولاية قابس (شركة)
ولاية سيدي بوزيد (شركة)
ولاية صفاقس (شركة)
ولاية بن عروس (شركة)
الأمر الذي يتطلب، وفق أهل القطاع، تدعيم مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار في هذا المجال مع التأكيد على إضفاء أكثر مرونة من قبل القائمين على القطاع لتشجيع الاستثمار في هذا المجال...
عقد صفقات إطارية جهوية.. 9 فقط
وفي سياق متصل، قال مدير إدارة حفظ صحة الوسط وحماية المحيط بوزارة الصحة سمير الورغمي انه قد تم إصدار مذكرة الى وزير الصحة تهم المديرين الجهويين للصحة للتشجيع على أن يتم عقد صفقات إطارية جهوية لجمع وخزن ورفع ومعالجة نفايات الأنشطة الصحية، حيث سجل تجاوبا في الغرض إذ أبرمت 9 جهات: الكاف وقابس وسيدي بوزيد وتطاوين ومدنين وبن عروس وقفصة وقبلي وأريانة؛ اتفاقيات عادية لمناولة التصرف في نفايات الأنشطة الصحية.
ويتراوح سعر طن نفايات أنشطة صحية خطرة بين 2 ألف دينار و2.5 ألف دينار بالنسبة للشركات المُتحصلة على ترخيص من الوزارة المكلّفة بالبيئة لممارسة نشاط جمع نفايات الأنشطة الصحيّة الخطرة ونقلها ومعالجتها.
مراحل تصريف النفايات
ومن جهة أخرى، أشار إلى أنّ مراحل تصريف نفايات الأنشطة الصحية تنقسم إلى 7 مراحل: الفرز والتكييف والتجميع والخزن الوسيط والخزن المركزي والنقل والمعالجة أو التخلص النهائي، مُؤكّدا أنّ الفرز الانتقائي لكل صنف من النفايات يتم على حدة إثر إنتاج النفايات خلال الأنشطة العلاجية أو المشابهة، داخل كل مؤسسة صحية وبنجاح هذه المرحلة تضمن الحماية لجميع مُستعملي النفايات.
وبخصوص تكييف نفايات الأنشطة الصحية الخطرة الملوثة جرثوميا، أفاد أنها تتمّ باستعمال وسائل تكييف ذات استعمال واحد وبأحجام مختلفة، ملائمة لنوع وطبيعة النفايات والكميات المنتجة، وتكون مُجهزة بأنظمة غلق مؤقت عند الاستعمال ونهائي قبل عملية التجميع، وتلصق على وسيلة التكييف منذ بداية التعبئة تأشيرة تحمل رمز الخطر البيولوجي وتعريف المؤسسة الصحية المنتجة وتعريف القسم المنتج وتاريخ الإنتاج.
وفي سياق متصل، قال سمير الورغمي إنّه توجد حاليا في تونس طريقة واحدة لمعالجة نفايات الأنشطة العلاجية المُلوثة جرثوميا وذلك عن طريق الرحي والتعقيم، لتقليص الكثافة الجرثومية بها بهدف أن تتحول إلى مواد مشابهة للفضلات المنزلية ويتم بذلك التخلص منها عبر مسالك النفايات المنزلية.. أما بالنسبة لنفايات الأدوية الصلبة والشبه صلبة فتتم معالجتها بواسطة التمهيد والتثبيت بهدف أن تتحول إلى قوالب صلبة خير خطرة توجه إلى المصبات المراقبة للفضلات العادية، حسب مُحدثنا.
الخطة الحالية للتصرّف في نفايات الأنشطة الصحيّة
واعتبارا لوضعية التصرّف في نفايات الأنشطة الصحيّة، أكّد مدير إدارة حفظ صحة الوسط وحماية المحيط بوزارة الصحة سمير الورغمي أنه قد تمّ وضع مشروع مُتكامل وذلك بالتنسيق بين مختلف الإطراف المتداخلة يرتكز على تشخيص الطريقة الحاليّة للتصرّف في هذه النفايات ووضع إستراتيجية وطنيّة للتصرّف الرشيد والسليم فيها داخل المؤسسات الصحيّة وخارجها، من طرف وزارتي الصحة والبيئة تتمثل أهدافها الخصوصيّة في التخفيض من التأثيرات الضارة لنفايات الأنشطة الصحية على الصحة والبيئة والحد من نسبة الجراثيم المُعدية بالنفايات والتحكم في مخاطر التعفنات بالوسط العلاجي المرتبطة بالنفايات.
كما أشار إلى تخصيص اعتمادات ماليّة ضمن الميزانيات السنويّة للمؤسسات الصحيّة العموميّة لتحمل كلفة التصرّف في نفايات الأنشطة الصحيّة وإحداث وحدات للتصرّف في نفايات الأنشطة الصحيّة داخل المؤسسات الصحية.
الردع
وذكّر مُحدّثنا أنه يتم تنظيم حملات مُراقبة مُشتركة بالتنسيق مع الوكالة الوطنية لحماية المحيط تشمل الشركات المرخّص لها في التصرّف في نفايات الأنشطة الصحية ويتم على إثر تسجيل أيّة خروقات اتخاذ عديد الإجراءات الردعية ضد الشركات المُخالفة من ذلك تحرير محاضر تتعلق خاصة بالخزن أو تصريفها في المحيط ، سحب رخص واقتراح غلق... من قبل لجنة إسناد التراخيص صلب وزارة البيئة ، مُشيرا إلى أنه تمّ تكثيف عمليات التفقد والمراقبة للمؤسسات والهياكل الصحية للتثبت من حسن سير عمليات التصرف في نفايات الأنشطة الصحية حيث يسهر على ذلك الخبراء المُراقبين لوكالة حماية المحيط.
الخبير حمدي شبعان لـ"الصباح": 18 ألف طن سنويا من النفايات.. وعلى الدولة تغيير إستراتيجيتها
أفاد الخبير في إدارة النفايات حمدي شعبان في تصريح لـ"الصباح" أنه، حسب الدراسات، فإن نفايات الأنشطة الصحية خاصة الخطرة منها والمُجمعة تبلغ سنويا 18 ألف طن لكنها تبقى أرقاما غير صحيحة وغير مؤكدة باعتبار أنّ 50% منها غير مُعالجة وقد تفاقمت هذه الأرقام زمن أزمة كوفيد-19.
ومن جهة أخرى، اعتبر شعبان أنّ عدد خبراء الوكالة الوطنية لحماية المحيط المُكلفين بمُراقبة الشركات المُرخص لها والمُكلفة والتي تتولى التصرّف في نفايات الأنشطة العلاجية المُلوثة جرثوميا وعددها 11 لا يكفي ولا يمكنها تغطية كامل تراب الجمهورية وهو ما يطرح تساؤلات حول توزيعها وحول عملية نقل النفايات الخطرة التي تشوبها "خروقات".
وفي سياق آخر، عاد حمدي شبعان إلى "المحارق" التي كانت مُعتمدة داخل المؤسسات الصحية والتي كانت "مهمة وذات جدوى"، وفق قوله، غير أنه تم الاستغناء عنها والتوجه إلى اعتماد الشركات لنقل ومعالجة نفايات الأنشطة الصحية الخطرة، وواصل بالقول: "هذا ما يطرح ملف فساد في سوء تصرف في الموارد المالية الموضوعة للبرنامج وعملية تركيز الشركات ومسألة نقل ومعالجة النفايات الصحية الخطرة اين هنالك "خور" كبير في المحيط المتلقي.. إذ تم التفطن لإلقاء بعضها وبعدد من الجهات في مصبات مراقبة دون أن تتم معالجتها وقد كانت على متن شاحنات تابعة لبلديات..هذا إضافة إلى إلقاء البعض منها في المحيط.. ولهذا يجب أن تتحمل الدولة المسؤولية ويجب أن يتم وضع برنامج لتحديد مسالك تنقل الشاحنات ومراقبتها وأن يفتح باب الشاحنات التي تتولى نقل تلك النفايات فقط في المصنع المخصص للمعالجة او عند نقلها من المؤسسة الصحية".
وشدد شبعان على ضرورة العودة إلى المحارق مع استعمال مصفيات هواء للتقليص من الانبعاثات، مُوضحا أنّ "الإستراتيجية يجب ان تتغير ويجب التركيز على الفرز الانتقائي من مصدره فهنالك نفايات شبيهة بالنفايات المنزلية مع النفايات الاستشفائية وهو ما من شأنه ان يُقلص كميات النفايات الخطرة".
كما أشار إلى أنّ عدد المصبات المُراقبة التي تشتغل تقدّر بـ8 وتستقبل النفايات بعد معالجتها وتعقيمها ورحيها، مُضيفا أنّ اكثر مصب سُجّلت به مشاكل هو مصب برج شاكير بالعاصمة.
ولم يُخف شبعان تخوفه من مصير نفايات الأجنة رغم انه مُحدد بالقانون إذ سجلت عدة مخالفات منها تسجيل جثث في مصبات مراقبة وأخرى عشوائية، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مصير النفايات التي تكون في المحيط وأثبتت الدراسات أنه حتى بعد معالجتها من شأنها أن تضر المحيط وصحة المواطن.
الالتزام؟؟
وبالنسبة لتقييم الخبير في إدارة النفايات حمدي شبعان للأطراف المُتداخلة ومدى التزامها في احترام شروط فرز وجمع ونقل ومعالجة نفايات الأنشطة الصحية الخطرة منها، قال إنّه لا يمكن منح أكثر من 30 بالمائة لكلّ من المؤسسات صحية والشركات، في حين لا تتجاوز النسبة التي يمكن منحها لسلط الإشراف الـ20 بالمائة الأمر الذي يتطلب مزيد التركيز اكثر على الموضوع.
وفي ختام تصريحه أكّد شبعان أنّ الموضوع يتطلب نظرة دقيقة وشاملة من قبل وزارات الصحة والبيئة والداخلية عن طريق الحرس الوطني في المجال البيئي داعيا رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى ان يجد الحلول الكفيلة للإشكاليات البيئية المطروحة.
عبير الطرابلسي
مدير عام البيئة وجودة الحياة بوزارة البيئة: مخالفات عديدة تُحال للقضاء..والقانون يُطبّق على الجميع
وزارة البيئة وفي إطار مهامها ووفقا القانون عدد 41 لسنة 1996 والمتعلق بالنّفايات وبمراقبة التصرف فيها وإزالتها والأمر عدد 2317 لسنة 2005 المتعلق بإحداث وكالة وطنية للتصرف في النفايات وبضبط مهامّها وتنظيمها الإداري والمالي وكذلك طرق تسييرها..وقرار وزير البيئة والتنمية المستديمة المؤرخ في 17 جانفي 2007 والمتعلق بالمصادقة على كراسات الشروط الضابطة لشروط وطرق ممارسة أنشطة جمع ونقل وخزن ورسكلة وتثمين النفايات غير الخطرة..
والأمر عدد 2339 لسنة 2000 المُحدّد لقائمة النفايات الخطرة، تولي اهتماما كبيرا بملف نفايات الأنشطة الصحية الخطرة، حسب ما أفاد به "الصباح" مدير عام البيئة وجودة الحياة بوزارة البيئة الهادي الشبيلي.
كما وضع المُشرّع، وفق مُحدثنا، برنامجا كاملا للتصرف فيها وتم إصدار الامر 1064 لسنة 2009 بتاريخ 13 أفريل يتعلق بضبط شروط اسناد التراخيص لممارسة أنشطة التصرف في النفايات الخطرة وتم على اثره تكوين لجنة فنية استشارية لاسناد التراخيص.
مراقبة وتفقد الشركات
وتسهر اللجنة، وفق محدثنا، على دراسة ملفات الشركات واقتراح إسناد التراخيص وتضم ممثلين عن وزارات الداخلية (الحماية المدنيّة) والصناعة والصحة والبيئة (الوكالة الوطنيّة للتصرّف في النفايات والوكالة الوطنيّة لحماية المحيط) حيث تتكّفل هذه اللّجنة بمراقبة وتفقد هذه الشركات للتأكّد من مدى توفر الضمانات اللازمة التي يتمّ على أساسها إسناد التراخيص لمدّة 5 سنوات ويتمّ سحب الترخيص في صورة الإخلال بأحد البنود المتّفق عليها.
وأوضح الشبيلي أنّ اللجنة تتلقى مطالب الشركات التي ترغب في الاستثمار في مجال ممارسة نشاط جمع نفايات الأنشطة الصحيّة الخطرة ونقلها ومعالجتها، بعد إعدادها لدراسة حول مؤثرات البيئية على المحيط، تكون بمثابة العقد المعنوي لحماية البيئة، وتحدد فيه طريقة المعالجة والمكان التي تشتغل به والإجراءات المتخذة من طرفها لحماية البيئة وسلامة المواطنين ويتم المصادقة عليها
عن طريق الوكالة الوطنية لحماية المحيط لتتمكن تلك الشركات من استكمال بقية الإجراءات.
وأكّد أنّ خبراء وكالة حماية المحيط يتولون مراقبة هذه الشركات المُجبرة على اعداد تقرير سنوي تقدمه للوكالة الوطنية لحماية المحيط والوكالة الوطنيّة للتصرّف في النفايات تحدد فيه الكميات التي تم جمعها ونقلها وكيفية التصرف فيها، وقد أكّد مُحدثنا أنه ومنذ 3 سنوات تقريبا تمّ إجبار هذه الشركات على ان يتم تجديد الترخيص بموجب الاستجابة لشرط تقديم التقرير السنوي وما يتضمنه تقارير زيارات مراقبة نشاط هذه الشركات.. ويكون التجديد كل 5 سنوات للشركات المتحصلة على شهادة المؤسسة المُرتبة (يتم منحها من قبل وزارة الصناعة والحماية المدنية) أو كل 3 سنوات لبقية الشركات...
سحب التراخيص
وبخصوص سحب التراخيص، أفاد أنّ كل إخلال ومخالفة جسيمة يترتب عنها سحب الترخيص وإذا كانت مخالفات بسيطة (تأثيراتها غير كبيرة) يترتب عنها تحرير محاضر، مُشيرا إلى أنّه يتم سنويا تسجيل مخالفات بأرقام كبيرة يتم إحالتها للقضاء للبت فيها...
وأكّد بالقول: "هذا الموضوع في غاية الأهمية ومن شانه ان يُعرّض المواطن والبيئة للخطر.. ولهذا على الشركات ان تتحمّل المسؤولية كاملة.. ولا نتسامح مع أية مخالفة كانت.. نقيّم عمل الشركات عن طريق تقارير الزيارات ونسب تجديد التراخيص وغايتنا ليست سحب التراخيص بل احترام القانون والتعهدات في دراسة المؤثرات البيئية على المحيط".
كمية نفايات الأنشطة الصحية الخطرة
وبخصوص كمية نفايات الأنشطة الصحية الخطرة المُنتجة سنويا، قال إنها في حدود 15 الف طن بعد أن كانت في حدود 7 آلاف طن قبل "الكوفيد-19"، حيث تمت دعوة الشركات لمضاعفة مجهوداتها وطاقة الإنتاج.
وعن مدى استجابة المؤسسات الصحية العمومية منها والخاصة لشروط التعامل مع نفايات الأنشطة الصحية الخطرة، ردّ أنّ "كلّ مؤسسة لا تعمل وفقا لهذه الطرق يطالها القانون".
وفي ختام حديثه معنا، دعا الهادي الشبيلي، الشركات التي تعمل في مجال ممارسة نشاط جمع نفايات الأنشطة الصحيّة الخطرة ونقلها ومعالجتها، إلى تطوير وتحسين نشاطها والقيام بالمراقبة الذاتية على نفسها لأنّ هذه المؤسسات تتعامل مع نفايات خطيرة جدا...
عبير الطرابلسي
مدنين..النفايات الصحية تصل إلى 254 طنا سنويا
نظرا لأهمية الوقاية من المخاطر الصحية التي يمكن ان تنجم عن سوء التصرف في النفايات الصحية، تولي الإدارة الجهوية للصحة بمدنين على غرار باقي الإدارات الجهوية بمختلف ولايات الجمهورية الأهمية اللازمة، حسب ما افاد سمير الورغمي مدير إدارة حفظ صحة الوسط وحماية المحيط بوزارة الصحة لمراسل "الصباح" بولاية مدنين.
وتقوم الإدارة الجهوية للصحة بمدنين بزيارات تفقد ومتابعة لمتابعة ومعاينة مسار النفايات الصحية على مستوى المؤسسات الصحية بالولاية العمومية منها والخاصة والتي تشمل: المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بمدنين، المستشفى الجهوي الصادق مقدم بجربة، المستشفى الجهوي بجرجيس، المستشفى الجهوي ببن قردان، المستشفى المحلي بجربة ميدون، مستشفى سيدي مخلوف، المستشفى المحلي ببني خداش، مجمع الصحة الأساسية بمدنين، مجمع الصحة الأساسية بجربة زيادة للمؤسسات الصحية الخاصة بعدد من معتمديات الجهة، مُشيرا إلى أنّ هذه المؤسسات مُطالبة بمتابعة مدى التصرف وإحكام عمليات التصرف في النفايات الطبية، حسب مُحدثنا.
وأضاف سمير الورغمي انه لضمان حسن التصرف في النفايات الصحية تم اعتماد صفقة إطارية جهوية مع احدى الشركات الناشطة بولايات الجنوب منذ بداية سنة 2024.. وتبلغ الكمية الدنيا للنفايات الصحية المُنتجة 154 طنا في السنة اما الكمية القصوى فتقدر بـ253 طنا في السنة تقريبا مع اعتبار ان المؤشر الواحد للمريض ينتج حوالي 2.27 كلغ في اليوم ومع اعتبار أن 40% من النفايات التي تنتجها المؤسسات الصحية نفايات خطرة.
ماذا عن الإشكاليات ؟
وعن الإشكاليات ذات العلاقة، افاد محدثنا انها تتعلق بالخصوص في عدم خلاص خدمات الشركة في الإبان وهذا يؤثر على الخدمات التي تقدمها بالإضافة الى عدم احترام الشركة لمواعيد رفع النفايات الطبية حسب الاتفاق المبرم مع المؤسسات الصحية العمومية .
ميمون التونسي
قفصة.. تراكم عشوائي للنفايات الطبية و7 شركات على الخط
تسبّب توقّف عمل إحدى الشركات التي تنشط بولاية قفصة في مجال تجميع ومعالجة النفايات النّاجمة عن الأنشطة الصحية في بقاء كمّيات من النفايات باحدى مستودعات الشركة بمدينة المتلوي ما دفع السلط المحلية والجهوية للتحرك من أجل حلّ إشكالية هذه الكمّيات من النفايات، وفق ما بيّنه المكلف بالشؤون البلدية بمقرّ الولاية لـ"الصباح".
وأوضح ان عديد الجلسات التي التأمت مؤخرا بمقرّ الولاية جمعت السلط الجهوية بمسؤولين في وزارة الصحة والوكالة الوطنية لحماية المحيط ووكالة التصرّف في النفايات، خُصّصت لتدارس سبل تسوية وضعية هذه الكميات من النفايات الاستشفائية الموجودة بمستودع الشركة بمدينة المتلوي حيث أفضت إحدى الجلسات الى تعهد 7 شركات خاصة تنشط في مجال تجميع النفايات الطبية ومعالجتها بتقاسم عملية رفع تلك الكمّيات من النفايات وهو ما تم فعليا في الفترة الأخيرة، على ان تتواصل عملية الرفع بشكل دوري من قبل هذه الشركات السبع استنادا لتعهدات المسؤولين القائمين على رأسها الأمر الذي كان له الأثر الايجابي على المتساكنين لاسيما وان حجم هذه النفايات يبدو مرتفعا بحكم ان عملية تجميع النفايات الطبية والوسائل المستعملة من قبل جميع الوحدات الإستشفائية المنتصبة بولاية قفصة وفي ظل تشديد المنتدى الاقتصادي والاجتماعي على خطورة هذه النفايات المُخزّنة بالمستودع التابع للشركة المذكورة من حيث تداعياتها على الوضعين البيئي والصحّي لسكّان المنطقة، مُنتقدا عدم إلتزام أجهزة الدولة بإجراءات الإستراتيجية الوطنية للتصرّف في النفايات الطبّية، ما أدّى إلى التراكم العشوائي لهذا الصنف من النفايات بمدينة المتلوي وتركها دون معالجة.
رؤوف العياري
سيدي بوزيد.. التصرف في النفايات الطبية ملف حارق
يبقى ملف التصرف في النفايات الطبية من اكبر الملفات الحارقة بولاية سيدي بوزيد خاصة في ظل غياب مصب نفايات مراقب.
"الصباح" تحدثت مع مدير المستشفى الجهوي بسيدي بوزيد انور بحري الذي اكد انه فيما يتعلق بالتخلص من نفايات المستشفى فقد تم عقد اتفاق شراكة مع شركة خاصة لنقل هذه النفايات مرة في الأسبوع.
وأضاف بحري ان معدل الكميات الطبية التي تحملها الشركة يوميا يفوق 800 كيلوغرام من النفايات .
اما بالنسبة لمسؤولية التصرف في النفايات المحملة، فقد اكد مدير المستشفى الجهوي بسيدي بوزيد ان الشركة المعنية تتحمل مسؤولية التصرف في ما تنقله ونفى بدوره علمه بمآل هذه النفايات .
عضو المجلس الجهوي بولاية سيدي بوزيد رمزي غابري اكد لـ"الصباح" انه طرح عددا من التساؤلات حول مآل النفايات الطبية للمستشفى الجهوي والمستشفيات المحلية والمصحة الخاصة بالجهة خلال الاجتماع الأخير للمجلس الجهوي وطالب السلط المعنية بتقديم الايضاحات اللازمة المتعلقة بهذا الملف.
واشار غابري الى خطورة عدم فرز النفايات الطبية خاصة اذا لم تتوفر الآليات الضرورية لحماية مستعملي النفايات وخاصة البرباشة الذين يملأون مصبات الفضلات بحثا عن لقمة العيش، من جهة، اضافة الى ما تحمله الفضلات من فيروسات خطيرة في اغلب الأوقات او يمكن ان تتسبب في بعض الأمراض المعدية .
هذا وتعتبر معضلة عدم وجود مصب مراقب للفضلات من اكبر الإشكاليات التي تعاني منها ولاية سيدي بوزيد فقد تمت برمجة احدها منذ سنوات لكن لم يخرج هذا الملف من رفوف الإدارة لان اعتراضات المواطنين كانت في كل مرة تعطل الاستقرار على موقع لتركيز مصب مراقب للنفايات بمواصفات متطورة تقوم على فرز النفايات وإعادة رسكلة بعضها في إطار تامين الحماية للفئات التي تكون عادة في علاقة مباشرة بها .
عائشة
بنزرت.. المراقبة والدورات التكوينية قلصت من مخاطر النفايات الطبية
خلال اليوم التحسيسي الجهوي حول حوكمة النفايات الطبية الخطرة الذي انتظم ببنزرت يوم 31 جانفي 2020 كشفت كاهية المدير المكلفة بحماية المحيط بوزارة الصحة أن كمية النفايات الصحية تعادل 2.25 كغ لكل سرير 40% منها خطيرة لها تأثيرات بيئية ، صحية وكلفة مالية باهظة.
وحسب المعطيات التي توفرت من مصادر طبية في المستشفى الجامعي بوقطفة بنزرت المدينة والمستشفى الجهوي بمنزل بورقيبة فان التعامل مع النفايات يخضع لبرتوكول صارم تنظمه وثائق إرشادية تتم متابعة تطبيقها حيث يتم فرز البقايا بالألوان وفق درجة الخطورة فتخصص أكياس للنفايات القابلة للتدوير والتحلل تنقلها مصالح بلدية المكان يوميا في حين يتم وضع الأدوات الحادة مثل الحقن الحاملة لابر المشارط وقوارير الأدوية في حاويات مقاومة للثقوب توفرها شركات مختصة تتدخل وفق برمجة واضحة لتنقل أيضا النفايات المعدية مثل الضمادات الملوثة بالدم والنفايات الناتجة عن غرف عزل المرضى ،عينات الدم وسوائل الجسم التي توضع في أكياس سميكة مقاومة للتسرب يخصص مثله بلون مغاير للنفايات الدوائية.
لكن هذه الترتيبات لا تمنع حدوث أخطاء حيث تفطن أعوان مصب بنزرت خلال السنتين الماضيتين لوجود حقن في أكياس نفايات عادية تمت إعادتها الى المستشفى الجامعي مما فرض مراجعة شاملة لعملية الفرز كما شهد مستشفى منزل بورقيبة حادثة مماثلة منذ سنة ونصف تقريبا لكن المؤكد حسب مصادر "الصباح" ان الدورات التكوينية الموجهة لكافة المتداخلين في المجال قد قللت بنسبة مهمة من الأخطاء عند توزيع نفايات مراكز الصحة الأساسية ، تصفية الدم ،المخابر ، التكوين في مهن الصحة ، التصوير الطبي والمصحات والعيادات الخاصة وغيرها مع الحرص تدريجيا على ان لا تتجاوز نسبة النفايات الخطيرة 20 بالمائة ..
لكن هذا لا يمنع حدوث تجاوزات بعضها صادم حيث تم العثور يوم 2 نوفمبر 2022 على بقايا اجنة مدفونة داخل اصيص فوق سطح عيادة طبية .
ساسي الطرابلسي
جندوبة..غابات تحولت إلى مصبات وردمها يطرح إشكاليات
تعرف أغلب معتمديات ولاية جندوبة انتشار مصبات عشوائية في مداخل المدن وللتخلص منها لجأت البلديات إلى أبسط الحلول إما ردمها أو حرقها إلا أن هذا الحل يشكل خطرا على صحة الإنسان والحيوان.
والمتجول في غابات جندوبة يلحظ انتشار المئات من الأكياس التي تحتوي مواد طبيبة متنوعة ملقاة بالشعاب والأودية وفي حافتي الأراضي الفلاحية.
وتشكل هذه المواد خطرا على النظم البيئية وخاصة الإنسان والكائن الحي وتسمم التربة.
سكان المناطق الغابية أكدوا أن هذه النفايات الطبية يتم إلقاؤها ليلا أو مع ساعات الفجر ورغم اتصالهم بالجهات المعنية للتدخل العاجل إلا أنها بقيت تراوح مكانها فيتم إتلافها في وسط الشعاب والأودية.
وكان لهذه النفايات الطبية الأثر السلبي على حياة بعض الأطفال الذين يلجأون لفتح هذه الأكياس واكتشاف ما بداخلها بالإضافة إلى تعرض بعض الحيوانات والطيور للتسمم.
أضرار بيئية وحلول ترقيعية
وتشهد ولاية جندوبة نموا ديموغرافيا ملحوظا وتطورا في عدد المؤسسات الصحية العمومية والخاصة ما يحتاج إلى إمكانيات هامة لرفع هذه الفضلات نحو المصبات إلا أن هذا التطور لم يحتضن الآلاف من أطنان الفضلات المنزلية والفضلات الصلبة والنفايات الطبيبة فكان مصير هذه الفضلات المصبات العشوائية التي أضرت بالأراضي الفلاحية والسكان وكذلك الحيوانات والطيور.
ومن بين أهم النفايات الطبية التي يتم إلقاؤها بطرق عشوائية أدوية منتهية الصلوحية والحقن وفضلات عمليات الإجهاض والولادة التي تنامت خلال السنوات الأخيرة .
ورغم سعي ولاية جندوبة لإحداث مصب مراقب بالتعاون مع ولاية الكاف إلا أن هذا المشروع ظل يُراوح مكانه وتضاعف تردي الوضع البيئي مع تزايد عدد المؤسسات الصحية العمومية والخاصة وعجز البلديات على احتواء هذه الأزمة البيئية مع تعدد الوحدات الصناعية وغياب رؤية إستراتيجية للوضع البيئي.
الإلقاء العشوائي للنفايات الطبية
وفي هذا السياق، فان الحاجة إلى إعادة رسكلة النفايات الطبية بجندوبة أصبح ضرورة لابد منها بالإضافة إلى التصدي لظاهرة الإلقاء العشوائي لهذه النفايات الطبية والتي غزت الغابات والأودية وضاعف من انتشارها ظاهرة التخييم العشوائي إذ تتحول فضاءات بيئية عذراء إلى فضاءات تتكدس فيها الأوساخ وبقايا نفايات طبيبة.
وقد ضاعفت ظاهرة النفايات الطبية من تردي الوضع البيئي بولاية جندوبة في ظل غياب مصبات مراقبة وإعادة هيكلة النفايات الطبية.. وكشف التقرير البيئي خلال شهر مارس من هذه السنة تواضع الوضع البيئي بالجهة ومعضلة النفايات الطبية بالجهة واقتراح حلول يبدو أنها مازالت سجينة الرفوف مقارنة بتواصل تفشي هذه الظاهرة المُدمرة للكائن الحي في مفهومه الشامل.
عمار مويهبي
القصرين..50 طنا نفايات خطرة بالمستشفى الجهوي سنويا
تعتبر ولاية القصرين من أكبر ولايات الجمهورية من حيث المساحة والنمو الديمغرافي لتنتج حوالي 100 الف طن سنويا من النفايات المنجمية والمشابهة فقط دون اعتبار النفايات الأخرى المختلفة.. في المقابل لا يوجد بالجهة مصب مُراقب لتثمين ومعالجة هذه النفايات.
"الصباح" سلطت الضوء على جزء هام من جسم النفايات الحساسة لقطاع الصحة، فالنفايات الطبية تعتبر رقما هاما في جهة القصرين خاصة مع تطور الخارطة الصحية الملحوظ وتزايد متصاعد للنقاط الصحية ما يحتم اعادة النظر في نقطة معالجة وتثمين النفايات الطبية وفقا لأهل القطاع.
وفي هذا السياق، تحدثت الدكتورة يامينة محمدي طبيب رئيس صحة عمومية ورئيسة قسم حفظ الصحة الاستشفائي بالمستشفى الجهوي بدر الدين العلوي بالقصرين لـ"الصباح" عن أنواع النفايات الطبية وكيفية التعامل معها بالمؤسسة المذكورة، حيث تنقسم النفايات الناتجة عن الأنشطة الصحية الى 4 أنواع ؛ النفايات الشبيهة بالمنزلية والتي يتم رفعها عبر شركة مناولة والنفايات الخطرة والنفايات الكيميائية من أدوية منتهية الصلوحية والتحاليل المخبرية وتوجد شركة خاصة مختصة في التعامل مع هذا النوع من النفايات.. إلى جانب النفايات التشريحية (المشائم ، الأعضاء المبتورة ، الأجنة غير مكتملة) وتكون عملية التفاعل مع هذه النفايات مُقننة وتحت إشراف قسم حفظ الصحة بالمستشفى الجهوي بالقصرين ويتم التعامل معها عبر مصالح البلدية.
وبخصوص النفايات الخطرة، فقد تم رفع منذ بداية السنة الحالية الى غاية أكتوبر الجاري38 طنا عن طريق الشركة الخاصة المُتعاقد معها من ولاية سليانة وتتم معالجتها بشكل مُقنن ومُقيد، وفق ضوابط قانونية صارمة، وتصل الكميات المرفوعة سنويا بهذه النوعية من النفايات بالمستشفى الجهوي بالقصرين الى 50 طنا وذلك بالنظر إلى الأنشطة الصحية الواسعة، فمثلا بوحدة تصفية الدم بذات المؤسسة يصل معدل 50 حصة يوميا الى افراز حوالي 250 كلغ من النفايات كحد أدنى، وفق محدثتنا.
وتضيف المحمدي بأن النفايات التشريحية سنويا تتراوح بين 9 آلاف الى 12 ألف لتر والتي تقاس ضمن حاويات بوحدة اللتر فيما تصل النفايات الشبيهة بالمنزلية الى حدود 20 الى 22 طنا سنويا.
وأبرزت الدكتورة يامينة محمدي مضار النفايات الطبية الخطرة على البيئة والمواطن خاصة عمال البلدية و"البرباشة" الأكثر نشاطا بالمصبات واحتكاكا بالتصرف بأنواع النفايات في صورة التخلص منها خارج أطرها القانونية لاحتوائها على ابر أو أدوات طبية حادة وتلوثها واحتوائها إفرازات من شأنها أن تتسبب في نقل فيروسات أو إصابات حادة للمواطن من نزيف أو بتر أحيانا.
كما شددت على ضرورة أن تكون كل المؤسسات الصحية من مستشفيات أو مراكز صحة أساسية أو وحدات صحية عمومية أو خاصة متعاقدة مع شركات خاصة لمعالجة وتثمين النفايات الخطرة وفق ما يفرضه القانون.
صفوة قرمازي
سوسة.. التّعاقد مع شركات لا يمنع حصول بعض التّجاوزات
تعوّل معظم المستشفيات الحكوميّة ومنها المستشفييْن الجامعييْن سهلول وفرحات حشّاد على خدمات شركات خاصّة تتكفّل بمعالجة هذه النّفايات وتوجيهها إلى مصبّات مخصّصة أين يتمّ معالجتها والتخلّص منها بعد أن يتمّ فرزها على مستوى الأقسام حسب طبيعة ما تتضمّنه من مواد وحسب درجة خطورتها، وفق معلومة تحصّلت عليها "الصباح" من عدد من الإطارات شبه الطبية العاملة بالمستشفيين المذكورين.
استهتار بصحة المواطن
وقد تعمدت بعض المؤسّسات الصحيّة الخاصّة على غرار مخابر التّحاليل في ظلّ ضعف الجهاز الرّقابي وتواضع الإمكانيّات والآليّات الرّقابيّة إلى عدم الامتثال لضوابط ومقتضيات الأمر عدد2745 المتعلّق بشروط وطرق التصرّف في نفايات الأنشطة الطبيّة فتُلقي بنفاياتها بمصبّات عشوائيّة ببعض الغابات والأودية بمناطق مختلفة على غرار ما حصل في مناسبات كثيرة بغابات الزيتون بالقلعة الكبرى في حين يصل الأمر ببعض المؤسّسات الصحيّة إلى حدّ التخلّص من بقايا أنشطتها الطبيّة بإلقائها بحاويات المناطق العمرانية البلديّة ومحيطها على غرار ما تمّ رصده في عدد من المرات بمنطقة خزامة الغربيّة أين تمّ إلقاء كميّات كبيرة من الحقن والإبر وبقايا عيّنات مرفوعة من الدمّ وهو ما استنكره المتساكنون وطرح بشكل جديّ مسألة مدى قدرة الجهات المختصّة على مراقبة مثل هذه الوضعيّات والإنتهاكات.. كما كشفت الحادثة قيمة استهتار بعض المؤسّسات الصحيّة والعيادات بصحّة المواطن متجاهلة ما يمكن أن ينتج عن الاحتكاك والتّعامل مع هذه النّفايات الطبيّة من أمراض ومخاطر لعلّ أهمّها وأكثرها انتشارا الالتهاب الكبديّ.
مستوصفات الأرياف رهينة حلول السيارة الإدارية
وفي سياق آخر، يتمّ في بعض الأحيان تسجيل حالات مشابهة بمحيط بعض المستوصفات رغم ما سجّلناه من حيطة وحرص شديديْن في عدد من المستوصفات العموميّة أين عاينّا توفّر تجهيزات لمعالجة الإبر وعلب خاصّة لتجميعها بعيدا عن متناول المرضى والأطفال إلى حين حلول السيّارة الإداريّة ونقلها إلى الوجهة المخصّصة في حين تفتقر بعض المستوصفات وخاصّة منها المتواجدة بالمناطق الريفيّة إلى الإمكانيّات والخيارات فيعمد الإطار الشبه الطبّي إلى التخلّص من بقايا ونفايات الأنشطة الطبيّة -في حال تأخّر أو تعذّر قدوم السيّارة الإداريّة لرفعها - بحرقها وفقا لبعض الشهادات رغم القناعة بعدم سلامة هذا الإجراء وخطورة ما تفرزه عمليّة الحرق من غازات ضارّة مثل " الديوكسين " أو الالتجاء إلى خيار ردمها وهو ما يسهّل نبشها من قبل الكلاب السّائبة لتكون في متناول أطفال المدارس على غرار ما حصل في إحدى السنوات بمنطقة بوفيشة حيث أقدم تلميذان على وخز أصدقائهم بمناطق مختلفة من أجسادهم بإبر حقن وجدوها ملقاة بمحيط المدرسة وهو ما خلق حالة من الذّعر لدى الأولياء الذين اضطرّوا إلى القيام بجملة من التّحاليل ليتّضح لاحقا بأنّ الإبر ليست إلاّ إبرا تمّ استخدامها لرفع عيّنات من الدمّ .
أنور قلاّلة
صفاقس..نقص في عدد الشركات المرخّص لها في رفع النفايات
يبلغ حجم النفايات الطبية الصحية بكامل ولاية صفاقس حوالي 600 طن في العام بما فيها النفايات الخطرة منها وهي كمية تعتبر مرتفعة ومرتبطة بالأساس بحجم استعمال المواد الطبية وإتلافها سيما الأدوات الطبية ذات الاستعمال الواحد على غرار الإبر والحقن وهي مواد تستعمل مرة واحدة ويتم التخلص منها بهدف المحافظة على الجانب الصحي التعقيمي، إضافة إلى حجم المؤسسات الصحية بالجهة من مستشفيات ومستوصفات محلية وارتفاع عدد المؤسسات الصحية الأخرى على غرار مراكز تصفية الدم بالولاية و عددها 14 مركزا وكذلك المصحات الخاصة وعددها 13 مصحة بالجهة ، وفق ما صرح به لـ"الصباح" كاهية مدير الصحة البيئية بالإدارة الجهوية للصحة بصفاقس محمود عبد الجواد.
وتتعامل الجهة الصحية بصفاقس مع مؤسسة واحدة مرخص لها لرفع النفايات الطبية والتخلص منها سيما النفايات الطبية الخطرة إلى جانب اتفاقيات أخرى تربطها مع مؤسسات خاصة ، وفق ما أكده محمود عبد الجواد.
كما أوضح أنه بصدد إعداد اتفاقية إطارية تتضمن اقتناء حاويات خاصة برفع النفايات الطبية مع شركة متخصصة في تجميع النفايات والتخلص منها حسب التراتيب الجاري بها العمل وتعتمد بالأساس على تقنية رحي النفايات الطبية بالخصوص الخطرة وتعقيمها للتخلص من الجراثيم الخطيرة والفيروسات الضارة على غرار "السيدا".
وفي فترة سابقة اي تحديداً قبل سنتين 2022/2023 كانت النفايات الطبية الخطرة التي يقع تجميعها مع الفضلات المنزلية والشبيهة تمثل إشكالا بيئيا وصحيا على المواطن وأعوان النظافة وكانت محور جلسة ببلدية صفاقس بتاريخ 24 أكتوبر 2022 تمّ خلالها النظر في أسباب تزايد إلقاء النفايات الطبية بالحاويات المخصّصة للفضلات المنزلية والشبيهة من قبل الأطباء والصيدليات ومخابر التحاليل الطبية خاصّة في منطقة صفاقس الجديدة ، وتقرر إثرها فرض عملية المراقبة وتسليط خطايا على كلّ طبيب ومخبر وصيدلية تلقي نفاياتها بالحاويات المخصصة للفضلات المنزلية عملا بما جاء في الأمر عدد 2745 لسنة 2008 المؤرّخ في 28 جويلية 2008 المتعلّق بضبط شروط وطرق التصرف في نفايات الأنشطة الصحيّة ، كما تمّ خلال الجلسة الاتفاق على تحديد طريقة عقد اتفاقيات بين الشركات الخاصة لنقل النفايات الطبية وبين الأطباء والصيادلة وأصحاب المخابر، تتولى الهياكل المهنية عمادة الأطباء، عمادة أطباء الأسنان مراسلة البلدية في شأنها قبل نهاية العام.
وكانت بلدية صفاقس قد اتخذت قرارا مع بداية مطلع سنة 2023 يقضي بمطالبة العيادات والصيدليات ومخابر التحاليل بالاستظهار إجباريا باتفاقية رفع النفايات الطبية مع شركات خاصة أو أنها ستتخذ كلّ الإجراءات الردعيّة في شأن المخالفين.
وأُقترح خلال لقاء جمع والي صفاقس السابق فاخر الفخفاخ بعدد من المستثمرين وباعثي المشاريع بمقر ولاية صفاقس بتاريخ 23 سبتمبر 2022 مقترح مؤسسة لمعالجة النفايات الطبية الخطرة وكذلك النفايات المنزلية بمواصفات عالمية ليست لها أضرار على المتساكنين بالجهة.
عتيقة العامري
مديرة المستشفى الجامعي بقابس: تطبيق صارم لبروتوكول التخلص من النفايات الطبية
من أهم الأعمال المنوطة بعهدة إدارة المستشفيات طرق التخلص من النفايات الطبية لما تتطلبه من أعلى درجات الحيطة والانتباه.
لمعرفة وضع نقل النفايات الطبية والتخلص منها اتصلت "الصباح" بمديرة المستشفى الجامعي بقابس التي أكدت إيلاء هذه المهمة العناية اللازمة في قسم "الوقاية وحفظ الصحة".
كما أضافت أن العملية تخضع إلى بروتوكول خاص يتم فيه اتخاذ أقصى درجات حماية الأعوان من العدوى، مُشيرة إلى أنه يتم فرز النفايات الطبية في كل قسم على حدة وتجميعها حسب نوعها ودرجة خطورتها ثم توضع في أكياس صفراء توفر كل شروط الحماية للأعوان.
ونظرا لكبر المستشفى وكثرة النفايات فيه، تقوم شركة حاصلة على ترخيص بإتلاف النفايات وحرقها بنقلها يوميا حيث يتم التخلص منها بالحرق.
وشدٌدت مديرة المستشفى على أن العملية تتم بتطبيق صارم لبروتوكول خاص تحرص الإدارة على الالتزام به وتراقب من خلاله العملية من التجميع والفرز الأولي إلى حين قدوم شاحنات الشركة المختصة للتخلص منها وفق الشروط العلمية.
محمد صالح مجيد