إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

جملة اعتراضية.. من وحي المسلسل العربي الجديد " سيوف العرب"

 

 

من المنتظر أن يعرض في شهر رمضان القادم مسلسل عربي جديد يجمع بين الوثائقي والتمثيلي، يحمل عنوان "سيوف العرب". وهو إنتاج قطري من إخراج الأردني سامر جبر، وبطولة مجموعة من النجوم الذين عرفناهم بشكل خاص في أدوار تاريخية وأعمال الفانتازيا، ومن أبرزهم سلوم حداد، ومنذر رياحنة، ونضال نجم، وباسم ياخور، وغيرهم

 

ورغم التكتم على أحداث المسلسل الجديد، إلا أنه يتضح من عنوانه أنه يمجد تلك اللحظات التاريخية التي كان فيها العرب يمتشقون سيوفهم بشجاعة وبطولة، مما جعل الشعراء يقارنون الفرسان العرب- حيث كان السيف والفروسية من شيم الأبطال- بالأسود المقدامة والشجاعة.

 

ونتوقع طبعا ان نكون إزاء ملحمة عربية تمجد الماضي الغابر، لكن يبقى السؤال المطروح هو، إلى أي مدى تنسجم مثل هذه الأعمال مع العصر الراهن، وتحديدًا مع الوضع العربي القاتم الذي تم فيه حذف قيم مثل الشجاعة والمروءة من القاموس؟

 

إن الإجابة، بطبيعة الحال، واضحة وهي أننا سنكون بالأحرى أمام عمل تلفزيوني يتعارض تمامًا مع الواقع. نحن اليوم في لحظة تاريخية مرادفة للضعف والتهاون والمهانة. نحن في فترة لم تعد تُخرج فيها السيوف من أغمادها، وباتت البلدان العربية مستباحة، حتى إن الكيان الصهيوني، في عمليات استعراضية للقوة، يقصف في الوقت نفسه الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان وسوريا والعراق.

 

صحيح أن هناك ظروفًا موضوعية أدت إلى ذلك، من بينها احتلال الولايات المتحدة للعراق بعد إعلان حرب مبنية على الأكاذيب، بالتعاون مع مجموعة من البلدان الغربية التي تتوحد معها في احتقار العرب. ثم استغلت هذه الدول الأحداث الشعبية في عدد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (حيث اندلعت الأحداث مع أواخر سنة 2010) للدفع نحو زعزعة استقرار هذه البلدان، وفقًا لما تبين بعد أن كشف ما يسمى بالربيع العربي عن حقيقته.

 

ومعلوم أنه لم يمض وقت طويل حتى ظهر أن الربيع العربي ما هو في الحقيقة إلا آلية للهدم، هدم أحلام الشعوب وخلق بؤر توتر في البلدان التي تشكل خطرًا على الكيان الصهيوني، والإمعان في إضعاف الدولة، كما يحدث في سوريا، حيث يحلق الطيران الحربي الصهيوني في أجوائها مستبيحًا سيادتها متى شاء. لكن تبقى الدول العربية، كل على طريقتها، مسؤولة بدرجة أولى عن مهانة العرب اليوم وعن وضعهم البائس والخطر الذي يهددهم جميعًا.

 

نعم، إن الخطر يهدد اليوم كل الدول العربية، وهناك أكثر من دليل على ذلك. غزة، مثلاً، ظلت تقصف لعام كامل بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، وقد خلف العدوان الصهيوني على هذه المقاطعة من الأرض الفلسطينية، التي تضم أكثر من مليوني ساكن، كلهم كانوا يعيشون قبل عملية طوفان الأقصى (7 أكتوبر) في حالة حصار، دون أن يحدث تحرك عربي حقيقي يضع حدًا للعدوان الصهيوني الدموي.

 

غزة ظلت وحدها تقاوم، وفي الوقت الذي كانت الشعوب تنادي فيه بوقف العدوان الصهيوني، الذي خلف عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وسع الكيان الصهيوني عدوانه ليشمل لبنان، لبنان بالكامل وليس فقط الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله ومعقل المقاومة الإسلامية ضد الصهيونية.

 

في الأثناء، لا يتوقف الطيران الحربي الصهيوني عن قصف سوريا، بما في ذلك العاصمة دمشق، كما أنه يكرر انتهاكاته لسيادة العراق، ولن يتأخر، لو سنحت الفرصة، في احتلال أجزاء كبرى من الأراضي العربية. ومع ذلك، ما زال العرب يتصورون أن الخطر لن يصلهم ولن يمسهم، وما زالت سيوفهم في أغمادها ، وقد أصبحت سيوف العرب من العهد الغابر، ولا تُستخدم على ما يبدو إلا ديكورًا في الأعمال الفنية التاريخية، وخاصة في أعمال الفانتازيا التي تنسجم أكثر مع واقعنا المضحك.

 

نسعى كتعويض عن ذلك إلى خلق عالم موازٍ تسوده أجواء من النخوة والعزة، لكنها تبقى في حدود عالم تخيلي لا صلة له بالحقيقة.

 

على كل، إن كانت هناك فائدة في إنتاج عمل تلفزيوني عربي تُنفَق عليه الكثير من الأموال في هذا الواقع البائس، الذي خبرنا فيه كل أنواع المهانة من أعداء هم من المفروض أقل نفيرًا من العرب، فهي أنه يذكرنا بأن للعرب في الزمن الغابر سيوفًا، وأنها لم تكن تُستخدم لرد الأعداء في الحروب فقط ، وإنما كانت كذلك دليل عزة ودفاع عن الأرض والعرض.

 

حياة السايب

 

 

 

 

من المنتظر أن يعرض في شهر رمضان القادم مسلسل عربي جديد يجمع بين الوثائقي والتمثيلي، يحمل عنوان "سيوف العرب". وهو إنتاج قطري من إخراج الأردني سامر جبر، وبطولة مجموعة من النجوم الذين عرفناهم بشكل خاص في أدوار تاريخية وأعمال الفانتازيا، ومن أبرزهم سلوم حداد، ومنذر رياحنة، ونضال نجم، وباسم ياخور، وغيرهم

 

ورغم التكتم على أحداث المسلسل الجديد، إلا أنه يتضح من عنوانه أنه يمجد تلك اللحظات التاريخية التي كان فيها العرب يمتشقون سيوفهم بشجاعة وبطولة، مما جعل الشعراء يقارنون الفرسان العرب- حيث كان السيف والفروسية من شيم الأبطال- بالأسود المقدامة والشجاعة.

 

ونتوقع طبعا ان نكون إزاء ملحمة عربية تمجد الماضي الغابر، لكن يبقى السؤال المطروح هو، إلى أي مدى تنسجم مثل هذه الأعمال مع العصر الراهن، وتحديدًا مع الوضع العربي القاتم الذي تم فيه حذف قيم مثل الشجاعة والمروءة من القاموس؟

 

إن الإجابة، بطبيعة الحال، واضحة وهي أننا سنكون بالأحرى أمام عمل تلفزيوني يتعارض تمامًا مع الواقع. نحن اليوم في لحظة تاريخية مرادفة للضعف والتهاون والمهانة. نحن في فترة لم تعد تُخرج فيها السيوف من أغمادها، وباتت البلدان العربية مستباحة، حتى إن الكيان الصهيوني، في عمليات استعراضية للقوة، يقصف في الوقت نفسه الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان وسوريا والعراق.

 

صحيح أن هناك ظروفًا موضوعية أدت إلى ذلك، من بينها احتلال الولايات المتحدة للعراق بعد إعلان حرب مبنية على الأكاذيب، بالتعاون مع مجموعة من البلدان الغربية التي تتوحد معها في احتقار العرب. ثم استغلت هذه الدول الأحداث الشعبية في عدد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (حيث اندلعت الأحداث مع أواخر سنة 2010) للدفع نحو زعزعة استقرار هذه البلدان، وفقًا لما تبين بعد أن كشف ما يسمى بالربيع العربي عن حقيقته.

 

ومعلوم أنه لم يمض وقت طويل حتى ظهر أن الربيع العربي ما هو في الحقيقة إلا آلية للهدم، هدم أحلام الشعوب وخلق بؤر توتر في البلدان التي تشكل خطرًا على الكيان الصهيوني، والإمعان في إضعاف الدولة، كما يحدث في سوريا، حيث يحلق الطيران الحربي الصهيوني في أجوائها مستبيحًا سيادتها متى شاء. لكن تبقى الدول العربية، كل على طريقتها، مسؤولة بدرجة أولى عن مهانة العرب اليوم وعن وضعهم البائس والخطر الذي يهددهم جميعًا.

 

نعم، إن الخطر يهدد اليوم كل الدول العربية، وهناك أكثر من دليل على ذلك. غزة، مثلاً، ظلت تقصف لعام كامل بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، وقد خلف العدوان الصهيوني على هذه المقاطعة من الأرض الفلسطينية، التي تضم أكثر من مليوني ساكن، كلهم كانوا يعيشون قبل عملية طوفان الأقصى (7 أكتوبر) في حالة حصار، دون أن يحدث تحرك عربي حقيقي يضع حدًا للعدوان الصهيوني الدموي.

 

غزة ظلت وحدها تقاوم، وفي الوقت الذي كانت الشعوب تنادي فيه بوقف العدوان الصهيوني، الذي خلف عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وسع الكيان الصهيوني عدوانه ليشمل لبنان، لبنان بالكامل وليس فقط الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله ومعقل المقاومة الإسلامية ضد الصهيونية.

 

في الأثناء، لا يتوقف الطيران الحربي الصهيوني عن قصف سوريا، بما في ذلك العاصمة دمشق، كما أنه يكرر انتهاكاته لسيادة العراق، ولن يتأخر، لو سنحت الفرصة، في احتلال أجزاء كبرى من الأراضي العربية. ومع ذلك، ما زال العرب يتصورون أن الخطر لن يصلهم ولن يمسهم، وما زالت سيوفهم في أغمادها ، وقد أصبحت سيوف العرب من العهد الغابر، ولا تُستخدم على ما يبدو إلا ديكورًا في الأعمال الفنية التاريخية، وخاصة في أعمال الفانتازيا التي تنسجم أكثر مع واقعنا المضحك.

 

نسعى كتعويض عن ذلك إلى خلق عالم موازٍ تسوده أجواء من النخوة والعزة، لكنها تبقى في حدود عالم تخيلي لا صلة له بالحقيقة.

 

على كل، إن كانت هناك فائدة في إنتاج عمل تلفزيوني عربي تُنفَق عليه الكثير من الأموال في هذا الواقع البائس، الذي خبرنا فيه كل أنواع المهانة من أعداء هم من المفروض أقل نفيرًا من العرب، فهي أنه يذكرنا بأن للعرب في الزمن الغابر سيوفًا، وأنها لم تكن تُستخدم لرد الأعداء في الحروب فقط ، وإنما كانت كذلك دليل عزة ودفاع عن الأرض والعرض.

 

حياة السايب