تستعد تونس لمواجهة تحديات مالية كبيرة خلال العام 2025، حيث تشير التقديرات إلى أن البلاد ستشهد ضغوطاً متزايدة على الميزانية العامة بسبب ارتفاع مستويات الاقتراض الداخلي، وهو ما قد يؤثر بشكل ملحوظ على السيولة المالية داخل الدولة ويزيد من مخاطر فقدان الثقة في العملة المحلية، مما قد يؤدي إلى انخفاض قيمتها. هذا الوضع الحرج يأتي في ظل استمرار توقف المحادثات مع صندوق النقد الدولي منذ ثلاث سنوات، ما يجعل من الصعب على تونس الوصول إلى الأسواق المالية العالمية لتأمين التمويلات اللازمة.
وبحسب مشروع الميزانية للعام 2025، الذي حصلت عليه "الصباح"، فإن الحكومة التونسية تخطط لاقتراض ما يقرب من 28 مليار دينار تونسي (حوالي 9.3 مليار دولار)، حيث سيتم توفير 6.1 مليار دينار (2 مليار دولار) من مصادر الاقتراض الخارجي، بينما سيتم الاقتراض الداخلي بقيمة 21.8 مليار دينار (7.2 مليار دولار).
وحسب ما أكده بعض الخبراء الاقتصاديين لـ"الصباح"، فإن هذا الحجم الكبير من الاقتراض الداخلي يشكل عبئاً إضافياً على الاقتصاد المحلي، ويزيد من صعوبة توفير السيولة المالية اللازمة لتغطية الاحتياجات الحكومية. ومن المتوقع أن تتوزع موارد الاقتراض الداخلي على عدة أدوات، بما في ذلك رقاع الخزانة لمدة 52 أسبوعاً بقيمة تتجاوز مليار دينار (355 مليون دولار)، و8.1 مليار دينار (2.7 مليار دولار) في شكل رقاع خزانة قابلة للتنظير، إلى جانب القرض الرقاعي الوطني الذي سيصل إلى 4.8 مليار دينار. كما تشمل الميزانية قروضاً أخرى بقيمة 7.8 مليار دينار (2.6 مليار دولار) لم تُحدد تفاصيلها بشكل دقيق في المشروع.
تراجع الاقتراض الخارجي
أما فيما يتعلق بالاقتراض الخارجي، فتشير الميزانية إلى أن تونس ستعتمد على أكثر من ملياري دينار (681 .6 مليون دولار) من القروض الخارجية الموجهة لمشاريع الدولة. كما سيتم توفير 3.8 مليار دينار (1.3 مليار دولار) في شكل قروض لدعم ميزانية الدولة .
ومنذ عام 2019، لم تتمكن تونس من الخروج إلى الأسواق المالية العالمية لتأمين تمويلات جديدة، وذلك للعام السادس على التوالي، إلا انه رغم هذه الصعوبات، نجحت تونس في إدارة سياساتها المالية والنقدية بشكل سلس، وتمكنت من الإيفاء بكافة التزاماتها الخارجية والداخلية.
من جانبه، رفع الرئيس قيس سعيد، الذي تم انتخابه لولاية ثانية تمتد من عام 2024 وحتى 2029، شعار "التعويل على الذات"، حيث أكد مراراً وتكراراً على رفضه اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، لاسيما من صندوق النقد الدولي وبعض المانحين الدوليين.
ويرى الرئيس قيس سعيد أن الاعتماد على الدعم الخارجي سيؤدي إلى فرض شروط تمس بالسيادة الوطنية، وتؤثر سلباً على السلم الاجتماعية في البلاد. وبدلاً من ذلك، يعول الرئيس على تحسين الأداء الاقتصادي الداخلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال التركيز على تعزيز الإنتاج المحلي وتقليص الاعتماد على الاستيراد.
تحقيق نمو اقتصادي مطمئن
وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، نتيجة للتداعيات الإقليمية والعالمية، تسعى تونس لتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 3.2٪ خلال العام المقبل، وفقاً لما جاء في مشروع الميزانية ومع ذلك، فإن هذه النسبة قد تكون صعبة التحقيق في ظل التحديات المحلية والدولية التي تواجه البلاد.
فقد أشار البنك الدولي في توقعاته إلى أن النمو الفعلي لتونس خلال 2025 قد لا يتجاوز نسبة 1.2 في المائة، وذلك نتيجة للصعوبات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد التونسي مثل ارتفاع معدلات البطالة، وتراجع الاستثمارات الخارجية، وضعف القدرة التنافسية للصناعات المحلية.
وتعكس تقديرات الميزانية لعام 2025 التحديات المالية التي تواجه البلاد في ظل تضاؤل الفرص المتاحة للحصول على تمويلات خارجية، وتزايد الاعتماد على الاقتراض الداخلي لتغطية الاحتياجات المالية. هذا الوضع يشير إلى أن تونس قد تواجه المزيد من الضغوط الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، ما لم تتمكن من إيجاد حلول جذرية لتحفيز النمو الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الاقتراض.
وفي ظل هذه التحديات، ستكون الحكومة التونسية مطالبة بالبحث عن حلول قابلة للتنفيذ لتخفيف الضغوط على الميزانية العامة وتحسين الأداء الاقتصادي. ومن المتوقع أن يكون العام 2025 عاماً حاسماً بالنسبة لتونس، حيث ستحتاج الحكومة إلى اتخاذ قرارات صعبة لضمان استقرار البلاد المالي والاجتماعي.
جدير بالذكر فإن ميزانية عام 2025، كشفت عن توقعات بارتفاع حجم الدين العام إلى مستوى 147.4 مليار دينار تونسي (حوالي 49.1 مليار دولار)، مقارنة بـ136.6 مليار دينار (45.5 مليار دولار) في العام الحالي 2024. وبحسب هذه التقديرات، سيمثل الدين العام بنهاية العام المقبل نحو 80.4٪ من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبة 82.2٪ المتوقعة بنهاية عام 2024، مما يعكس زيادة في العبء المالي على الدولة، رغم انخفاض طفيف في نسبة الدين إلى الناتج المحلي.
* سفيان المهداوي
تونس- الصباح
تستعد تونس لمواجهة تحديات مالية كبيرة خلال العام 2025، حيث تشير التقديرات إلى أن البلاد ستشهد ضغوطاً متزايدة على الميزانية العامة بسبب ارتفاع مستويات الاقتراض الداخلي، وهو ما قد يؤثر بشكل ملحوظ على السيولة المالية داخل الدولة ويزيد من مخاطر فقدان الثقة في العملة المحلية، مما قد يؤدي إلى انخفاض قيمتها. هذا الوضع الحرج يأتي في ظل استمرار توقف المحادثات مع صندوق النقد الدولي منذ ثلاث سنوات، ما يجعل من الصعب على تونس الوصول إلى الأسواق المالية العالمية لتأمين التمويلات اللازمة.
وبحسب مشروع الميزانية للعام 2025، الذي حصلت عليه "الصباح"، فإن الحكومة التونسية تخطط لاقتراض ما يقرب من 28 مليار دينار تونسي (حوالي 9.3 مليار دولار)، حيث سيتم توفير 6.1 مليار دينار (2 مليار دولار) من مصادر الاقتراض الخارجي، بينما سيتم الاقتراض الداخلي بقيمة 21.8 مليار دينار (7.2 مليار دولار).
وحسب ما أكده بعض الخبراء الاقتصاديين لـ"الصباح"، فإن هذا الحجم الكبير من الاقتراض الداخلي يشكل عبئاً إضافياً على الاقتصاد المحلي، ويزيد من صعوبة توفير السيولة المالية اللازمة لتغطية الاحتياجات الحكومية. ومن المتوقع أن تتوزع موارد الاقتراض الداخلي على عدة أدوات، بما في ذلك رقاع الخزانة لمدة 52 أسبوعاً بقيمة تتجاوز مليار دينار (355 مليون دولار)، و8.1 مليار دينار (2.7 مليار دولار) في شكل رقاع خزانة قابلة للتنظير، إلى جانب القرض الرقاعي الوطني الذي سيصل إلى 4.8 مليار دينار. كما تشمل الميزانية قروضاً أخرى بقيمة 7.8 مليار دينار (2.6 مليار دولار) لم تُحدد تفاصيلها بشكل دقيق في المشروع.
تراجع الاقتراض الخارجي
أما فيما يتعلق بالاقتراض الخارجي، فتشير الميزانية إلى أن تونس ستعتمد على أكثر من ملياري دينار (681 .6 مليون دولار) من القروض الخارجية الموجهة لمشاريع الدولة. كما سيتم توفير 3.8 مليار دينار (1.3 مليار دولار) في شكل قروض لدعم ميزانية الدولة .
ومنذ عام 2019، لم تتمكن تونس من الخروج إلى الأسواق المالية العالمية لتأمين تمويلات جديدة، وذلك للعام السادس على التوالي، إلا انه رغم هذه الصعوبات، نجحت تونس في إدارة سياساتها المالية والنقدية بشكل سلس، وتمكنت من الإيفاء بكافة التزاماتها الخارجية والداخلية.
من جانبه، رفع الرئيس قيس سعيد، الذي تم انتخابه لولاية ثانية تمتد من عام 2024 وحتى 2029، شعار "التعويل على الذات"، حيث أكد مراراً وتكراراً على رفضه اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، لاسيما من صندوق النقد الدولي وبعض المانحين الدوليين.
ويرى الرئيس قيس سعيد أن الاعتماد على الدعم الخارجي سيؤدي إلى فرض شروط تمس بالسيادة الوطنية، وتؤثر سلباً على السلم الاجتماعية في البلاد. وبدلاً من ذلك، يعول الرئيس على تحسين الأداء الاقتصادي الداخلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال التركيز على تعزيز الإنتاج المحلي وتقليص الاعتماد على الاستيراد.
تحقيق نمو اقتصادي مطمئن
وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، نتيجة للتداعيات الإقليمية والعالمية، تسعى تونس لتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 3.2٪ خلال العام المقبل، وفقاً لما جاء في مشروع الميزانية ومع ذلك، فإن هذه النسبة قد تكون صعبة التحقيق في ظل التحديات المحلية والدولية التي تواجه البلاد.
فقد أشار البنك الدولي في توقعاته إلى أن النمو الفعلي لتونس خلال 2025 قد لا يتجاوز نسبة 1.2 في المائة، وذلك نتيجة للصعوبات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد التونسي مثل ارتفاع معدلات البطالة، وتراجع الاستثمارات الخارجية، وضعف القدرة التنافسية للصناعات المحلية.
وتعكس تقديرات الميزانية لعام 2025 التحديات المالية التي تواجه البلاد في ظل تضاؤل الفرص المتاحة للحصول على تمويلات خارجية، وتزايد الاعتماد على الاقتراض الداخلي لتغطية الاحتياجات المالية. هذا الوضع يشير إلى أن تونس قد تواجه المزيد من الضغوط الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، ما لم تتمكن من إيجاد حلول جذرية لتحفيز النمو الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الاقتراض.
وفي ظل هذه التحديات، ستكون الحكومة التونسية مطالبة بالبحث عن حلول قابلة للتنفيذ لتخفيف الضغوط على الميزانية العامة وتحسين الأداء الاقتصادي. ومن المتوقع أن يكون العام 2025 عاماً حاسماً بالنسبة لتونس، حيث ستحتاج الحكومة إلى اتخاذ قرارات صعبة لضمان استقرار البلاد المالي والاجتماعي.
جدير بالذكر فإن ميزانية عام 2025، كشفت عن توقعات بارتفاع حجم الدين العام إلى مستوى 147.4 مليار دينار تونسي (حوالي 49.1 مليار دولار)، مقارنة بـ136.6 مليار دينار (45.5 مليار دولار) في العام الحالي 2024. وبحسب هذه التقديرات، سيمثل الدين العام بنهاية العام المقبل نحو 80.4٪ من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبة 82.2٪ المتوقعة بنهاية عام 2024، مما يعكس زيادة في العبء المالي على الدولة، رغم انخفاض طفيف في نسبة الدين إلى الناتج المحلي.