في وقت تحيي تونس اليوم الثلاثاء 15 أكتوبر 2024، الذكرى 61 لعيد جلاء آخر جندي فرنسي عن ترابها، فإن هذه الذكرى ظلت وستظل حية في مخيلة الأجيال المتعاقبة، وعزيزة على قلوب كل التونسيين، باعتبارها محطة نضالية هامة في تاريخ تونس، لما قدمه آلاف المقاومين الذين ناضلوا عدة عقود من أجل استقلال تونس وعزتها، ومجدها..
ذكرى 15 أكتوبر 1963، تاريخ سبقته معركة مسلحة لن تمحى، وستظل صفحة ناصعة منحوتة ومسجلة بدماء الشهداء، الذين استبسلوا وصمدوا في مواجهة جنود مدججين بأعتى الأسلحة والطائرات، لأقوى إحدى دول العالم في تلك الحقبة الزمنية، ليتمكنوا من إجلاء آخر جندي فرنسي، بعد أن روت دماءهم الزكية أرض الوطن.
وبعيدا عن تفاصيل تلك المحطة الهامة، التي مثلت منعرجا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني، واسترجعت بموجبها تونس سيادتها الكاملة على أرضها، مثلت ذكراها على مر السنوات، مناسبة لاستحضار تضحيات مناضلي وشهداء تونس الأبرار ، واعترافا بتضحياتهم من أجل أن تنعم بلادنا بالحرية والاستقلال، وفرصة لتعريف الأجيال الجديدة بنضالاتهم وكفاحهم، ومواجهتهم المستعمر الفرنسي بشجاعة وصدور عارية.
وإذا كانت ذكرى الجلاء للاعتراف والاستلهام من معركة بنزرت الخالدة، التي تجسدت فيها معاني التضحية والنخوة والصمود والحرية والوطنية في ملحمة تاريخية، فإن معارك "جلاءات" أخرى يتوجب مواصلة خوضها بعزيمة فولاذية ومسؤولية وروح وطنية، أولها وأبرزها و"أثقلها"، معركة السيادة الوطنية، لاسيما في ظل الضغوطات الخارجية والمزايدات والمقايضات، ومحاولات التدخل الأجنبي في الشأن الوطني، وهو ما فتئ يجدده رئيس الجمهورية قيس سعيد، في أكثر من مناسبة، بتأكيده أننا "لن ننسى الشهداء، ولن نتنكر لدمائهم الزكية، التي سالت من أجل أن تكون تونس حرة ذات سيادة وأن يكون القرار التونسي دائما مستقلا يعبر عن إرادة الشعب".
ولاشك إن استقلالية القرار الوطني، والقطع مع التبعية بأشكالها ومساراتها المختلفة، يقتضي "الجلاء" الاقتصادي، بما يعني تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف القطاعات، والذي لن يتحقق إلا عبر اقتصاد قوي، ينبني على خيارات ناجعة واستراتيجيات مدروسة، تعيد إلى محركات النمو حيويتها، وتحرك عجلة الاستثمار، بعيدا عن المديونية الخارجية، التي لن تطل من نوافذها إلا مقايضات ومزايدات البلدان الأجنبية، وشروط واملاءات المؤسسات المالية الدولية.
تونس اليوم في حاجة أكيدة وماسة إلى "جلاء" زراعي حقيقي، لن يتحقق إلا عبر ثورة زراعية تعيد لـ"مطمورة روما" مكانتها، من خلال إجراءات استثنائية وقرارات ثورية، ومعالجات لمختلف المنظومات الاقتصادية، لأنه لا حديث عن أي سيادة وطنية فعلية دون تحقيق السيادة الغذائية، وهي مسألة حسّاسة وإستراتيجية، تتطلب إرادة سياسية، من أجل خيارات جديدة، وخارطة فلاحية علمية مدروسة، تتماشى وخصوصيات مختلف مناطق الجمهورية، مع ضرورة انخراط كل الأطراف في هذه المشاريع الوطنية، بعيدا عن الحسابات السياسية والانتهازية الحزبية.
ويبدو أن كل الممهدات متوفرة اليوم، للشروع في الخيارات الضرورية، لتحقيق القفزة المنتظرة، التي يمكن أن تلبي انتظارات التونسيين، في المستقبل القريب، باعتبار انه إضافة إلى بداية تعافي الاقتصاد وتحسن عديد المؤشرات التي يمكن البناء عليها، فان النقطة الأهم أن رئيس الجمهورية قيس سعيد فاز في رئاسية 2024 بالأغلبية المطلقة بنسبة 90،69 بالمائة، وهي نسبة أسكتت خصومه في الداخل ومناوئيه في الخارج، بما يؤهله لمواصلة خياراته وتوجهاته، ودفعه في مختلف الاتجاهات، من أجل كسب رهان البناء والتشييد، وتحقيق آمال التونسيين، الذين صوتوا له بكثافة.
ورغم كل المؤشرات، فإن كسب معارك "الجلاءات" يتطلب رؤية إستراتيجية، على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وهبّة شعبية تنخرط بمقتضاها مختلف الفئات والحساسيات في مختلف المشاريع الوطنية، دون حسابات.
محمد صالح الربعاوي
في وقت تحيي تونس اليوم الثلاثاء 15 أكتوبر 2024، الذكرى 61 لعيد جلاء آخر جندي فرنسي عن ترابها، فإن هذه الذكرى ظلت وستظل حية في مخيلة الأجيال المتعاقبة، وعزيزة على قلوب كل التونسيين، باعتبارها محطة نضالية هامة في تاريخ تونس، لما قدمه آلاف المقاومين الذين ناضلوا عدة عقود من أجل استقلال تونس وعزتها، ومجدها..
ذكرى 15 أكتوبر 1963، تاريخ سبقته معركة مسلحة لن تمحى، وستظل صفحة ناصعة منحوتة ومسجلة بدماء الشهداء، الذين استبسلوا وصمدوا في مواجهة جنود مدججين بأعتى الأسلحة والطائرات، لأقوى إحدى دول العالم في تلك الحقبة الزمنية، ليتمكنوا من إجلاء آخر جندي فرنسي، بعد أن روت دماءهم الزكية أرض الوطن.
وبعيدا عن تفاصيل تلك المحطة الهامة، التي مثلت منعرجا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني، واسترجعت بموجبها تونس سيادتها الكاملة على أرضها، مثلت ذكراها على مر السنوات، مناسبة لاستحضار تضحيات مناضلي وشهداء تونس الأبرار ، واعترافا بتضحياتهم من أجل أن تنعم بلادنا بالحرية والاستقلال، وفرصة لتعريف الأجيال الجديدة بنضالاتهم وكفاحهم، ومواجهتهم المستعمر الفرنسي بشجاعة وصدور عارية.
وإذا كانت ذكرى الجلاء للاعتراف والاستلهام من معركة بنزرت الخالدة، التي تجسدت فيها معاني التضحية والنخوة والصمود والحرية والوطنية في ملحمة تاريخية، فإن معارك "جلاءات" أخرى يتوجب مواصلة خوضها بعزيمة فولاذية ومسؤولية وروح وطنية، أولها وأبرزها و"أثقلها"، معركة السيادة الوطنية، لاسيما في ظل الضغوطات الخارجية والمزايدات والمقايضات، ومحاولات التدخل الأجنبي في الشأن الوطني، وهو ما فتئ يجدده رئيس الجمهورية قيس سعيد، في أكثر من مناسبة، بتأكيده أننا "لن ننسى الشهداء، ولن نتنكر لدمائهم الزكية، التي سالت من أجل أن تكون تونس حرة ذات سيادة وأن يكون القرار التونسي دائما مستقلا يعبر عن إرادة الشعب".
ولاشك إن استقلالية القرار الوطني، والقطع مع التبعية بأشكالها ومساراتها المختلفة، يقتضي "الجلاء" الاقتصادي، بما يعني تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف القطاعات، والذي لن يتحقق إلا عبر اقتصاد قوي، ينبني على خيارات ناجعة واستراتيجيات مدروسة، تعيد إلى محركات النمو حيويتها، وتحرك عجلة الاستثمار، بعيدا عن المديونية الخارجية، التي لن تطل من نوافذها إلا مقايضات ومزايدات البلدان الأجنبية، وشروط واملاءات المؤسسات المالية الدولية.
تونس اليوم في حاجة أكيدة وماسة إلى "جلاء" زراعي حقيقي، لن يتحقق إلا عبر ثورة زراعية تعيد لـ"مطمورة روما" مكانتها، من خلال إجراءات استثنائية وقرارات ثورية، ومعالجات لمختلف المنظومات الاقتصادية، لأنه لا حديث عن أي سيادة وطنية فعلية دون تحقيق السيادة الغذائية، وهي مسألة حسّاسة وإستراتيجية، تتطلب إرادة سياسية، من أجل خيارات جديدة، وخارطة فلاحية علمية مدروسة، تتماشى وخصوصيات مختلف مناطق الجمهورية، مع ضرورة انخراط كل الأطراف في هذه المشاريع الوطنية، بعيدا عن الحسابات السياسية والانتهازية الحزبية.
ويبدو أن كل الممهدات متوفرة اليوم، للشروع في الخيارات الضرورية، لتحقيق القفزة المنتظرة، التي يمكن أن تلبي انتظارات التونسيين، في المستقبل القريب، باعتبار انه إضافة إلى بداية تعافي الاقتصاد وتحسن عديد المؤشرات التي يمكن البناء عليها، فان النقطة الأهم أن رئيس الجمهورية قيس سعيد فاز في رئاسية 2024 بالأغلبية المطلقة بنسبة 90،69 بالمائة، وهي نسبة أسكتت خصومه في الداخل ومناوئيه في الخارج، بما يؤهله لمواصلة خياراته وتوجهاته، ودفعه في مختلف الاتجاهات، من أجل كسب رهان البناء والتشييد، وتحقيق آمال التونسيين، الذين صوتوا له بكثافة.
ورغم كل المؤشرات، فإن كسب معارك "الجلاءات" يتطلب رؤية إستراتيجية، على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وهبّة شعبية تنخرط بمقتضاها مختلف الفئات والحساسيات في مختلف المشاريع الوطنية، دون حسابات.