إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد عشر سنوات من تفعيله.. التخلي عن تجريم مسك وتداول المبالغ النقدية التي تفوق 5 آلاف دينار وهذه أبرز التداعيات !!!

 

- معز حديدان لـ "الصباح": الإجراء مرتبط بقانون الشيك دون رصيد وسيكون مخرجا لإشكال التعامل مع المنصة والبنوك

تونس-الصباح

وافق أمس الأول مجلس الوزراء الذي انعقد، بقصر الحكومة بالقصبة، بإشراف رئيس الحكومة، كمال المدّوري على مشروع مرسوم يتعلّق بتنقيح القانون عدد 54 لسنة 2014 المؤرخ في 19 أوت 2014 المتعلق بقانون المالية التكميلي لسنة 2014، والذي يهدف إلى إلغاء الفصل 16 الذي يجرّم مسك المبالغ النقدية التي تساوي أو تفوق خمسة آلاف دينار والتي لم يقع إثبات مصدرها، والذي أدّى تطبيقه إلى تضييق نشاط بعض الفئات من المتعاملين وخاصّة منهم صغار الفلاحين وصغار التجار والحرفيين...

هذا الإجراء الذي يعود بنا في الحقيقة إلى أبرز أسباب اتخاذ هذه الخطوة الحكومية بشأنه وبالذات في هذا الوقت، لنقف عند القانون الجديد للشيك دون رصيد من المجلة التجارية وما أثارة من جدل واسع بين التونسيين في الآونة الأخيرة، ليؤكد لنا المختص في الشأن المالي والاقتصادي معز حديدان في تصريح خص به "الصباح" أن هذا الإجراء في علاقة وطيدة بقانون الشيك دون رصيد في اتجاه فتح الباب أمام فئات بعينها ثبت أنها غير قادرة على التعامل مع المنصة الرقمية والمسالك البنكية التي يشترطها القانون..

وأضاف حديدان في ذات السياق أن الإشكال المطروح في قانون الشيك دون رصيد كان في التفصيل الذي يخص التعامل مع الأموال المتداولة عبر آلية الشيك أن لا تتجاوز الخمسة آلاف دينار والتي يجب أن تمر بالمنصة الرقمية والمعرف والحساب البنكي لتخضع إلى الرقابة البنكية لتأكيد ضمان الملاءمة البنكية للمتعامل مع الشيك وغيرها من الإجراءات المصاحبة، معتبرا أن كل هذه الإجراءات لا يمكن اليوم أن يتعامل بها صغار الفلاحين والتجار والحرفيين الذين لم يتعودوا على الرقمنة ولهم في المعاملات النقدية المباشرة دون المرور بهذه المسالك التي تبدو لهم معقدة وتقنية بامتياز..

وأوضح حديدان في هذا السياق أن الخطوة التي ارتأتها الحكومة بإلغاء تجريم التعامل مع المبالغ النقدية التي تساوي وتتجاوز الخمسة آلاف دينار إنما هي تسهيل للمعاملات المالية لهذه الفئات وبالتالي تسهيل نشاطهم التجاري أو الفلاحي أو الصناعي أو غيره من الأنشطة الاقتصادية..

من ناحية أخرى، حتى لا يكون هذا الإجراء سيفا مسلطا على فئات أخرى من المجتمع ويؤثر سلبا على توازنات البلاد المالية، من الضروري أن يكون مصاحبا لإجراءات أخرى بالتوازي مع طرحه لضمان العدالة الجبائية بين فئات المجتمع من جهة القضاء على التهرب الضريبي وتقليص كتلة النقد المتداولة من جهة ثانية..

وهذا ما أكده لنا معز حديدان في ذات التصريح عندما أبدى تخوفه من أن يكون هذا الإجراء حلا ومخرجا مهما للفئات المستهدفة من جهة، وان يخلق إشكالا من جهة ثانية، خاصة أن اليوم تصل الكتلة النقدية المتداولة إلى 22 مليار دينار، حسب تعبيره.

وكانت قد أظهرت منذ شهر جوان 2024، البيانات الرسمية للبنك المركزي التونسي تجاوز مبلغ النقد المتداول في السوق لأول مرة حاجز 22 مليار دينار تحديدا في 21 جوان 2024، أي بزيادة قدرها 2.7 مليار دينار مقارنة بنفس التاريخ من العام الماضي.

وأرجع العديد من خبراء الاقتصاد في تصريحات سابقة لـ"الصباح" أن أبرز أسباب هذه الزيادة، إلى ارتفاع النشاط الاقتصادي والاستهلاك خلال فترات الأعياد والمناسبات الدينية مثل شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى، حيث يزداد الطلب على السيولة النقدية، كما ارجع شق آخر من الخبراء، الارتفاع المسجل في التداول النقدي، إلى ضعف الثقة في النظام المصرفي وتفضيل الاحتفاظ بالنقد نقداً بدلاً من الإيداع في البنوك.

وكانت الحكومة قد أقرت إجراء تجريم التعامل ومسك المبالغ المالية التي تساوي وتفوق الخسة آلاف دينار في قانون المالية التكميلي لسنة 2014 حسب الفصل 16 منه، ليقع تعديله في ما بعد على مستوى المبالغ عبر الحط منها إلى 3 آلاف دينار، إلا أن هذا التعديل لم يلق نجاحا وكبل النشاط الاقتصادي في فترة تفعيله الوجيزة والتي سرعان ما عاد العمل بالإجراء الأول والخاص بتجريم مسك المبالغ النقدية التي تساوي أو تفوق الخمسة آلاف دينار..

ليتم اليوم وفي خطوة اتضح أنها في علاقة وطيدة بقانون الشيك دون رصيد من المجلة التجارية التي خضعت مؤخرا إلى تعديلات، التخلي نهائيا عن هذا الإجراء وضمان أكثر حرية للأنشطة الاقتصادية للفئات المستهدفة التي توجه إليها مباشرة هذا الإجراء..

وكان إجراء التجريم ومنذ تفعيله قد منع التونسيين تداول "الكاش" في معاملاتهم المالية، التي تتجاوز قيمتها خمسة آلاف دينار، وهو إجراء قد أجمع بشأنه مراقبون وخبراء في الاقتصاد، على أن ذلك من شأنه أن يسهم في الحد من نزيف العملة التي يقع تداولها خارج الأطر الرسمية، وأن يحارب ظواهر مثل التهرب الضريبي وتبييض الأموال، التي تنخر الاقتصاد التونسي.

وسبق لمحافظ البنك المركزي التونسي السابق مروان العباسي أن كشف في تصريحات إعلامية عن قيمة الكتلة النقدية التي يقع تداولها خارج القطاع المالي المهيكل، والتي ناهزت أربعة مليارات دينار..

كما ثمن طيف واسع من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي إجراء التجريم في علاقة بقدرته على التحكم في نزيف تداول الأموال في المسالك غير القانونية والتداعيات الوخيمة التي يخلقها على الاقتصاد التونسي.

لكن اليوم تغير الاتجاه وألغي إجراء التجريم، وحتى لا يكون محدودا وحلا لإشكالية بعينها في حين قد يفتح إشكاليات جديدة، من الضروري إرفاقه بإجراءات مصاحبة تؤمن نجاحه على الفئات المستهدفة دون زعزعة استقرار المالية العمومية للبلاد وخلق حيف ضريبي بين فئات المجتمع....

حظي بموافقة الحكومة.. مشروع قانون المالية لسنة 2025 يؤكد على دور الدولة الاجتماعي

خلال نفس المجلس الوزاري المنعقد أمس الأول بقصر الحكومة بالقصبة وبالتوازي مع إلغاء تجريم التعامل ومسك الأموال المتداولة نقدا التي تساوي أو تفوق الخمسة آلاف دينار، وافقت الحكومة بعد التداول خلال المجلس، كذلك، على مشروع قانون المالية لسنة 2025، والذي تضمّن عددا من الإجراءات المالية والجبائية لتكريس خيار العدالة الجبائية، ولتعزيز القدرة الشرائيّة ولحفز الاستثمار ولمواصلة تدعيم أسس الدولة الاجتماعية ولتعزيز استدامة المالية العمومية.

كما يهدف هذا المشروع خاصة إلى دعم الإدماج المالي والاقتصادي للفئات محدودة الدخل والأشخاص من حاملي الإعاقة، ودفع ثقافة بعث المشاريع، وحفز المبادرة الخاصة لدى الشباب والمرأة.

وأقرّ مشروع قانون المالية لسنة 2025 عددا من الإجراءات التحفيزية لفائدة المؤسّسات الناشئة، ولتعزيز نفاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى التمويل، ولدعم بعث الشركات الأهلية، ولمساندة الاستثمارات خاصة في مجالات إزالة الكاربون، والاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري، والطاقات المتجدّدة، وأخرى لإدماج الاقتصاد الموازي ولمقاومة التهرّب الجبائي.

وقد أكد رئيس الحكومة، في مستهل أشغال المجلس أهمية مشروع قانون المالية والذي يمثّل ركيزة لمواصلة دعم أسس الدولة الاجتماعية وإطارا لحفز الاستثمار العمومي والخاص ولتوفير متطلبات الإقلاع الاقتصادي طبقا للتوجّهات والخيارات المرسومة من قبل رئيس الجمهورية. وشدّد رئيس الحكومة على ضرورة مواصلة العمل لاستكمال تركيز المؤسسات خاصة في ما يتعلق “بتونس الأقاليم والجهات”، ووضع استراتيجيات تنموية قطاعية تتكامل مع مشاريع البنى التحتية وإيلاء تنمية الموارد البشرية العناية اللازمة.

ونظر المجلس، أيضا، في مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2025 والذي تضمّن تحليلا للظرف الاقتصادي الراهن والسيناريوهات المطروحة لتجسيد أولويات دفع نسق التنمية وتحسين ظروف العيش لجميع المواطنين وفقا لرؤية وتوجيهات سيادة رئيس الجمهورية.

وأفاد المصدر ذاته أن هذا المشروع يعتمد على منوال تنمية مجدّد يستمدّ أسسه ومضامينه من دستور الجمهورية التونسية، ويكرّس البعد الجهوي والإقليمي للتنمية وأسس الدولة الاجتماعية، إضافة إلى استناده على رؤية وأهداف واضحة وطموحة وتشخيص دقيق وموضوعي لمكامن القوّة والضعف في السياسات العمومية والخيارات الاقتصادية، ولأولويات المواطنين وانتظاراتهم.

ووافق المجلس بعد التداول، كذلك، على مشروع قانون يتعلّق بالموافقة على اتفاق القرض المُبرم بتاريخ 10 سبتمبر 2024 بين الجُمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية للمساهمة في تمويل برنامج دعم تنافسية المؤسسات والتمكين الاقتصادي للمواطنين عبر إحداث مواطن الشغل.

ويهدف هذا البرنامج أساسا إلى تعزيز الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين وإلى تحسين تشغيلية الباحثين عن شغل ودعم ريادة الأعمال عبر مساندة نظام المبادر الذاتي، إلى جانب تطوير القدرات المؤسّساتية ذات العلاقة، حسب بلاغ رئاسة الحكومة.

 

بالتوازي مع الموافقة على مشروع قانون المالية لسنة 2025.. المصادقة على مشاريع أوامر وأبرزها غلق ميزانية 2021..

وبالتوازي مع الموافقة على مشروع قانون المالية لسنة 2025 في إطار مجلس وزاري انعقد أمس الأول، تمت المصادقة في ذات الصدد، على مشروع قانون يتعلق بغلق ميزانية الدولة لسنة 2021، كما وافق المجلس، على صعيد آخر، على مشروعي أمرين يتعلقان بإقرار حصول جائحة طبيعية معنيّة بتدخّل صندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الجوائح الطبيعية، وبتحديد مناطق الزراعات الكبرى المجاحة من جرّاء الجفاف للموسم الفلاحي 2024/2023، وذلك بهدف مساعدة الفلّاحين على تجاوز مخلّفات الأضرار الناجمة عن الجفاف خلال الموسم الفلاحي المنقضي.

وتشمل مشاريع الأوامر الأخرى التي صادق عليها مجلس الوزراء، إحداث وحدة تصرّف حسب الأهداف لاستكمال مهام الإشراف والمتابعة وتجهيز المشاريع الصحّية المموّلة في نطاق هبات وقروض أجنبية، وذلك قصد إضفاء النجاعة اللازمة على إنجاز المشاريع الصحية المبرمجة، على غرار مستشفى الملك سلمان الجامعي بالقيروان، وتطوير الخدمات الاستشفائية بالمناطق الداخلية خاصّة، وآخر بتنقيح الأمر عدد 512 لسنة 1973 المؤرخ في 30 أكتوبر 1973 المتعلق بممارسة مهنة دليل السياحة وإتمامه.

ويتنزّل مشروع الأمر الثاني، حسب بلاغ رئاسة الحكومة، في إطار تطبيق السياسة الاجتماعية للدولة، من خلال فتح إمكانية تحصّل خرّيجي مؤسّسات التكوين المهني والتعليم العالي الذين تابعوا بنجاح تكوينا أساسيا في اختصاص دليل سياحي على البطاقة المهنية، وهو ما من شأنه الارتقاء بجودة الخدمات السياحية والثقافية وفتح آفاق جديدة للشباب.

ويهم مشروع الأمر الأخير الذي وافق عليه مجلس الوزراء، تنقيح الأمر الحكومي عدد 341 لسنة 2019 المؤرخ في 10 أفريل 2019 والمتعلق بضبط الإطار العام لنظام الدراسة وشروط التحصيل على شهادات الدراسات الطبية.

كما استمع مجلس الوزراء إلى بيان قدّمه وزير الاقتصاد والتخطيط حول تقدّم الاستعدادات لإنجاز التعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2024 والذي يُعدّ أكبر عملية إحصائية تنجزها الدولة بالنظر إلى تأثير نتائجه على رسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية.

وفاء بن محمد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بعد عشر سنوات من تفعيله..  التخلي عن تجريم مسك وتداول المبالغ النقدية التي تفوق 5 آلاف دينار وهذه أبرز التداعيات !!!

 

- معز حديدان لـ "الصباح": الإجراء مرتبط بقانون الشيك دون رصيد وسيكون مخرجا لإشكال التعامل مع المنصة والبنوك

تونس-الصباح

وافق أمس الأول مجلس الوزراء الذي انعقد، بقصر الحكومة بالقصبة، بإشراف رئيس الحكومة، كمال المدّوري على مشروع مرسوم يتعلّق بتنقيح القانون عدد 54 لسنة 2014 المؤرخ في 19 أوت 2014 المتعلق بقانون المالية التكميلي لسنة 2014، والذي يهدف إلى إلغاء الفصل 16 الذي يجرّم مسك المبالغ النقدية التي تساوي أو تفوق خمسة آلاف دينار والتي لم يقع إثبات مصدرها، والذي أدّى تطبيقه إلى تضييق نشاط بعض الفئات من المتعاملين وخاصّة منهم صغار الفلاحين وصغار التجار والحرفيين...

هذا الإجراء الذي يعود بنا في الحقيقة إلى أبرز أسباب اتخاذ هذه الخطوة الحكومية بشأنه وبالذات في هذا الوقت، لنقف عند القانون الجديد للشيك دون رصيد من المجلة التجارية وما أثارة من جدل واسع بين التونسيين في الآونة الأخيرة، ليؤكد لنا المختص في الشأن المالي والاقتصادي معز حديدان في تصريح خص به "الصباح" أن هذا الإجراء في علاقة وطيدة بقانون الشيك دون رصيد في اتجاه فتح الباب أمام فئات بعينها ثبت أنها غير قادرة على التعامل مع المنصة الرقمية والمسالك البنكية التي يشترطها القانون..

وأضاف حديدان في ذات السياق أن الإشكال المطروح في قانون الشيك دون رصيد كان في التفصيل الذي يخص التعامل مع الأموال المتداولة عبر آلية الشيك أن لا تتجاوز الخمسة آلاف دينار والتي يجب أن تمر بالمنصة الرقمية والمعرف والحساب البنكي لتخضع إلى الرقابة البنكية لتأكيد ضمان الملاءمة البنكية للمتعامل مع الشيك وغيرها من الإجراءات المصاحبة، معتبرا أن كل هذه الإجراءات لا يمكن اليوم أن يتعامل بها صغار الفلاحين والتجار والحرفيين الذين لم يتعودوا على الرقمنة ولهم في المعاملات النقدية المباشرة دون المرور بهذه المسالك التي تبدو لهم معقدة وتقنية بامتياز..

وأوضح حديدان في هذا السياق أن الخطوة التي ارتأتها الحكومة بإلغاء تجريم التعامل مع المبالغ النقدية التي تساوي وتتجاوز الخمسة آلاف دينار إنما هي تسهيل للمعاملات المالية لهذه الفئات وبالتالي تسهيل نشاطهم التجاري أو الفلاحي أو الصناعي أو غيره من الأنشطة الاقتصادية..

من ناحية أخرى، حتى لا يكون هذا الإجراء سيفا مسلطا على فئات أخرى من المجتمع ويؤثر سلبا على توازنات البلاد المالية، من الضروري أن يكون مصاحبا لإجراءات أخرى بالتوازي مع طرحه لضمان العدالة الجبائية بين فئات المجتمع من جهة القضاء على التهرب الضريبي وتقليص كتلة النقد المتداولة من جهة ثانية..

وهذا ما أكده لنا معز حديدان في ذات التصريح عندما أبدى تخوفه من أن يكون هذا الإجراء حلا ومخرجا مهما للفئات المستهدفة من جهة، وان يخلق إشكالا من جهة ثانية، خاصة أن اليوم تصل الكتلة النقدية المتداولة إلى 22 مليار دينار، حسب تعبيره.

وكانت قد أظهرت منذ شهر جوان 2024، البيانات الرسمية للبنك المركزي التونسي تجاوز مبلغ النقد المتداول في السوق لأول مرة حاجز 22 مليار دينار تحديدا في 21 جوان 2024، أي بزيادة قدرها 2.7 مليار دينار مقارنة بنفس التاريخ من العام الماضي.

وأرجع العديد من خبراء الاقتصاد في تصريحات سابقة لـ"الصباح" أن أبرز أسباب هذه الزيادة، إلى ارتفاع النشاط الاقتصادي والاستهلاك خلال فترات الأعياد والمناسبات الدينية مثل شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى، حيث يزداد الطلب على السيولة النقدية، كما ارجع شق آخر من الخبراء، الارتفاع المسجل في التداول النقدي، إلى ضعف الثقة في النظام المصرفي وتفضيل الاحتفاظ بالنقد نقداً بدلاً من الإيداع في البنوك.

وكانت الحكومة قد أقرت إجراء تجريم التعامل ومسك المبالغ المالية التي تساوي وتفوق الخسة آلاف دينار في قانون المالية التكميلي لسنة 2014 حسب الفصل 16 منه، ليقع تعديله في ما بعد على مستوى المبالغ عبر الحط منها إلى 3 آلاف دينار، إلا أن هذا التعديل لم يلق نجاحا وكبل النشاط الاقتصادي في فترة تفعيله الوجيزة والتي سرعان ما عاد العمل بالإجراء الأول والخاص بتجريم مسك المبالغ النقدية التي تساوي أو تفوق الخمسة آلاف دينار..

ليتم اليوم وفي خطوة اتضح أنها في علاقة وطيدة بقانون الشيك دون رصيد من المجلة التجارية التي خضعت مؤخرا إلى تعديلات، التخلي نهائيا عن هذا الإجراء وضمان أكثر حرية للأنشطة الاقتصادية للفئات المستهدفة التي توجه إليها مباشرة هذا الإجراء..

وكان إجراء التجريم ومنذ تفعيله قد منع التونسيين تداول "الكاش" في معاملاتهم المالية، التي تتجاوز قيمتها خمسة آلاف دينار، وهو إجراء قد أجمع بشأنه مراقبون وخبراء في الاقتصاد، على أن ذلك من شأنه أن يسهم في الحد من نزيف العملة التي يقع تداولها خارج الأطر الرسمية، وأن يحارب ظواهر مثل التهرب الضريبي وتبييض الأموال، التي تنخر الاقتصاد التونسي.

وسبق لمحافظ البنك المركزي التونسي السابق مروان العباسي أن كشف في تصريحات إعلامية عن قيمة الكتلة النقدية التي يقع تداولها خارج القطاع المالي المهيكل، والتي ناهزت أربعة مليارات دينار..

كما ثمن طيف واسع من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي إجراء التجريم في علاقة بقدرته على التحكم في نزيف تداول الأموال في المسالك غير القانونية والتداعيات الوخيمة التي يخلقها على الاقتصاد التونسي.

لكن اليوم تغير الاتجاه وألغي إجراء التجريم، وحتى لا يكون محدودا وحلا لإشكالية بعينها في حين قد يفتح إشكاليات جديدة، من الضروري إرفاقه بإجراءات مصاحبة تؤمن نجاحه على الفئات المستهدفة دون زعزعة استقرار المالية العمومية للبلاد وخلق حيف ضريبي بين فئات المجتمع....

حظي بموافقة الحكومة.. مشروع قانون المالية لسنة 2025 يؤكد على دور الدولة الاجتماعي

خلال نفس المجلس الوزاري المنعقد أمس الأول بقصر الحكومة بالقصبة وبالتوازي مع إلغاء تجريم التعامل ومسك الأموال المتداولة نقدا التي تساوي أو تفوق الخمسة آلاف دينار، وافقت الحكومة بعد التداول خلال المجلس، كذلك، على مشروع قانون المالية لسنة 2025، والذي تضمّن عددا من الإجراءات المالية والجبائية لتكريس خيار العدالة الجبائية، ولتعزيز القدرة الشرائيّة ولحفز الاستثمار ولمواصلة تدعيم أسس الدولة الاجتماعية ولتعزيز استدامة المالية العمومية.

كما يهدف هذا المشروع خاصة إلى دعم الإدماج المالي والاقتصادي للفئات محدودة الدخل والأشخاص من حاملي الإعاقة، ودفع ثقافة بعث المشاريع، وحفز المبادرة الخاصة لدى الشباب والمرأة.

وأقرّ مشروع قانون المالية لسنة 2025 عددا من الإجراءات التحفيزية لفائدة المؤسّسات الناشئة، ولتعزيز نفاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى التمويل، ولدعم بعث الشركات الأهلية، ولمساندة الاستثمارات خاصة في مجالات إزالة الكاربون، والاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري، والطاقات المتجدّدة، وأخرى لإدماج الاقتصاد الموازي ولمقاومة التهرّب الجبائي.

وقد أكد رئيس الحكومة، في مستهل أشغال المجلس أهمية مشروع قانون المالية والذي يمثّل ركيزة لمواصلة دعم أسس الدولة الاجتماعية وإطارا لحفز الاستثمار العمومي والخاص ولتوفير متطلبات الإقلاع الاقتصادي طبقا للتوجّهات والخيارات المرسومة من قبل رئيس الجمهورية. وشدّد رئيس الحكومة على ضرورة مواصلة العمل لاستكمال تركيز المؤسسات خاصة في ما يتعلق “بتونس الأقاليم والجهات”، ووضع استراتيجيات تنموية قطاعية تتكامل مع مشاريع البنى التحتية وإيلاء تنمية الموارد البشرية العناية اللازمة.

ونظر المجلس، أيضا، في مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2025 والذي تضمّن تحليلا للظرف الاقتصادي الراهن والسيناريوهات المطروحة لتجسيد أولويات دفع نسق التنمية وتحسين ظروف العيش لجميع المواطنين وفقا لرؤية وتوجيهات سيادة رئيس الجمهورية.

وأفاد المصدر ذاته أن هذا المشروع يعتمد على منوال تنمية مجدّد يستمدّ أسسه ومضامينه من دستور الجمهورية التونسية، ويكرّس البعد الجهوي والإقليمي للتنمية وأسس الدولة الاجتماعية، إضافة إلى استناده على رؤية وأهداف واضحة وطموحة وتشخيص دقيق وموضوعي لمكامن القوّة والضعف في السياسات العمومية والخيارات الاقتصادية، ولأولويات المواطنين وانتظاراتهم.

ووافق المجلس بعد التداول، كذلك، على مشروع قانون يتعلّق بالموافقة على اتفاق القرض المُبرم بتاريخ 10 سبتمبر 2024 بين الجُمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية للمساهمة في تمويل برنامج دعم تنافسية المؤسسات والتمكين الاقتصادي للمواطنين عبر إحداث مواطن الشغل.

ويهدف هذا البرنامج أساسا إلى تعزيز الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين وإلى تحسين تشغيلية الباحثين عن شغل ودعم ريادة الأعمال عبر مساندة نظام المبادر الذاتي، إلى جانب تطوير القدرات المؤسّساتية ذات العلاقة، حسب بلاغ رئاسة الحكومة.

 

بالتوازي مع الموافقة على مشروع قانون المالية لسنة 2025.. المصادقة على مشاريع أوامر وأبرزها غلق ميزانية 2021..

وبالتوازي مع الموافقة على مشروع قانون المالية لسنة 2025 في إطار مجلس وزاري انعقد أمس الأول، تمت المصادقة في ذات الصدد، على مشروع قانون يتعلق بغلق ميزانية الدولة لسنة 2021، كما وافق المجلس، على صعيد آخر، على مشروعي أمرين يتعلقان بإقرار حصول جائحة طبيعية معنيّة بتدخّل صندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الجوائح الطبيعية، وبتحديد مناطق الزراعات الكبرى المجاحة من جرّاء الجفاف للموسم الفلاحي 2024/2023، وذلك بهدف مساعدة الفلّاحين على تجاوز مخلّفات الأضرار الناجمة عن الجفاف خلال الموسم الفلاحي المنقضي.

وتشمل مشاريع الأوامر الأخرى التي صادق عليها مجلس الوزراء، إحداث وحدة تصرّف حسب الأهداف لاستكمال مهام الإشراف والمتابعة وتجهيز المشاريع الصحّية المموّلة في نطاق هبات وقروض أجنبية، وذلك قصد إضفاء النجاعة اللازمة على إنجاز المشاريع الصحية المبرمجة، على غرار مستشفى الملك سلمان الجامعي بالقيروان، وتطوير الخدمات الاستشفائية بالمناطق الداخلية خاصّة، وآخر بتنقيح الأمر عدد 512 لسنة 1973 المؤرخ في 30 أكتوبر 1973 المتعلق بممارسة مهنة دليل السياحة وإتمامه.

ويتنزّل مشروع الأمر الثاني، حسب بلاغ رئاسة الحكومة، في إطار تطبيق السياسة الاجتماعية للدولة، من خلال فتح إمكانية تحصّل خرّيجي مؤسّسات التكوين المهني والتعليم العالي الذين تابعوا بنجاح تكوينا أساسيا في اختصاص دليل سياحي على البطاقة المهنية، وهو ما من شأنه الارتقاء بجودة الخدمات السياحية والثقافية وفتح آفاق جديدة للشباب.

ويهم مشروع الأمر الأخير الذي وافق عليه مجلس الوزراء، تنقيح الأمر الحكومي عدد 341 لسنة 2019 المؤرخ في 10 أفريل 2019 والمتعلق بضبط الإطار العام لنظام الدراسة وشروط التحصيل على شهادات الدراسات الطبية.

كما استمع مجلس الوزراء إلى بيان قدّمه وزير الاقتصاد والتخطيط حول تقدّم الاستعدادات لإنجاز التعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2024 والذي يُعدّ أكبر عملية إحصائية تنجزها الدولة بالنظر إلى تأثير نتائجه على رسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية.

وفاء بن محمد