أعلن وزير الداخلية الفرنسي الجديد برونو ريتايو، من حزب "الجمهوريون"، عزمه إلغاء ما يسمى بـ"المساعدة الطبية العالمية"، وهو نظام صحي يوفر خدمات طبية مجانا للمهاجرين غير النظاميين المقيمين في فرنسا. وأشار في تصريح له "أن فرنسا إحدى الدول الأوروبية التي تمنح كثيرا من المزايا والمساعدات الاجتماعية للمهاجرين، ولا أريد أن يكون ذلك سببا في جذب المهاجرين إليها".
وقال "إن نحو 400 ألف شخص يستفيدون من هذا المكسب الطبي، الذي اعتمدته فرنسا منذ 1997 مع الحكومة الاشتراكية بقيادة "ليونيل جوسبان".
وأثار هذا الإعلان جدلا واسعا في صفوف اليسار الفرنسي خاصة، كما هو الشأن في جزء من الائتلاف الحكومي. وأكد عدد من الشخصيات التي شغلت منصب وزير الصحة، أن جميع الدراسات والتقارير تفند الاعتقاد بأن هذا النظام يشجع على الهجرة إلى فرنسا. وصرح فرانسوا برون الذي شغل منصب وزير الصحة من 2022 إلى 2023، مثلا إن "إعادة النظر في نظام المساعدة الطبية العالمية فكرة غبية ليس فقط للصحة العامة، بل أيضا لميزانية الدولة ونظام الضمان الاجتماعي الفرنسي".
واعتبر رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنسق قسم الهجرة، أن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي، تتنزل في سياق شخصي مرتبط بطموحاته المستقبلية الانتخابية. وكالعادة طموحات السياسيين والزعماء الأوروبيين دائما تمر عبر الدوس على حقوق وكرامة المهاجرين. ورأى أنه عبر هذه التصريحات، هو بصدد تقديم نفسه كعنوان قادم لمرحلة سياسية يمكن أن تشهدها فرنسا خلال الفترة القادمة.
وبين أن هذا التوجه يتنزل في إطار سياق عام شهدته فرنسا من خلال سن قوانين تمييزية ضد المهاجرين. وأفاد رمضان بن عمر أن فرنسا قد سنت تقريبا 40 قانونا للتضييق على حقوق المهاجرين خلال الثلاثين سنة الماضية.
وأشار أنه كالعادة، قام وزير الداخلية بربط مسألة الهجرة بما هو أمني وكأنه يعتبر أن تراجع الأمن في فرنسا مرده وجود المهاجرين غير النظاميين، وهو ما يفسر زيارته الأولى التي ذهب خلالها الى مقر الشرطة أين بعث برسائل تظهر نيته في اعتماد المنهج الأمني القمعي في معالجة ظاهرة الهجرة، التي هي ظاهرة مركبة من أبعاد اقتصادية واجتماعية وأبعاد حقوقية وأبعاد ديموغرافية.
وذكر محدثنا أن مثل هذا الإجراء، من شأنه أن يمس من حقوق وكرامة المهاجرين التونسيين غير النظاميين. خاصة أن الوزير قد لوح باعتماد سياسة الابتزاز ومقايضة عدد التأشيرات بعدد التصاريح القنصلية. رغم أن تونس من أكثر الدول تعاونا في مجال الترحيل القسري للمهاجرين التونسيين من فرنسا عبر تصاريح قنصلية تقدمها للسلطات الفرنسية دون تقديم المساعدات القضائية الكافية للتونسيين الذين يتعرضون للترحيل على أساس الهوية.
ونبه منسق قسم الهجرة والمتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الى أن وزير الداخلية الفرنسي بصدد تدشين مرحلة جديد للقمع ضد المهاجرين غير النظاميين ستطال التونسيين والتونسيات منهم. مذكرا أن جزءا من المهاجرين التونسيين متواجدون في فرنسا، ليس فقط لأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية بل هناك أيضا من هم متواجدون لأسباب صحية، نتيجة قصور ومحدودية الخدمات الصحية في تونس خاصة في القطاع العمومي.
وبين أن السياسات الأوروبية تؤكد مرة أخرى اقتصارها على الجزء الأمني في تناولها لظاهرة الهجرة، باعتبارها مكلفة اقتصاديا وماليا. دون النظر الى الجانب الآخر من الظاهرة وأن المهاجرين اليوم هم العمود الفقري لقطاع الصحة الفرنسي (إطارات طبية وشبه طبية من أصول تونسية ومغاربية ولبنانية..) والذين يتواجدون بكثافة في عدد من الدول الأوروبية وسنويا يقع قبول عدد إضافي منهم. وهو ما يعكس، حسب بن عمر، ازدواجية المعايير التي يشتغل وفقها الجانب الأوروبي، والتي تقوم على الانتهازية وعلى مصلحتهم، على حساب التزاماتهم الحقوقية وعبر الدوس على قوانينهم الوطنية وتغييرها كل فترة في اتجاه التضييق على المهاجرين غير النظاميين.
واعتبر أن الكرة اليوم في مرمى الديبلوماسية التونسية التي يفترض أن تحسن التعاطي مع هذه المعطيات في مسار يكفل حقوق وكرامة المهاجرين التونسيين بصرف النظر على وضعيتهم الإدارية ويقطع مع سياسة الخضوع لهذا الابتزاز الفرنسي الذي تكثف في السنوات الأخيرة وتمت معاينته من خلال تكثيف مراقبة الحدود والترحيل القسري للمهاجرين غير النظاميين التي تتم بصفة دورية عبر مطار طبرقة.
ويبلغ عدد الجالية التونسية في فرنسا، حسب تصريح السفيرة الفرنسية 900 ألف تونسي، ينشطون في كل القطاعات الاقتصادية، ونصفهم مهنيون والنصف الآخر طلاب وتلاميذ.
ولا توجد معطيات دقيقة في ما يهم المهاجرين التونسيين غير النظاميين. وفي العموم تتعلق الأرقام الصادرة عن المرصد الوطني للهجرة التونسي أو الجهات الأوروبية، بعدد المهاجرين الواصلين الى السواحل الأوروبية بطريقة غير نظامية وهي أرقام متغيرة من سنة إلى أخرى ولا تعبر عن عدد الذين يتواجدوا هناك بشكل غير نظامي.
وللإشارة سبق لليمين واليمين المتطرف في فرنسا مطالبا بإلغاء الخدمات الطبية المجانية بذريعة تشجيعها على الهجرة غير النظامية. وحاولت كتلة اليمن في مجلس الشيوخ خلال المصادقة على قانون الهجرة الجديد مطلع 2024، إلغاء نظام المساعدة الطبية العالمية واستبداله بمساعدة طبية تقدم فقط في حالات الاستعجال لكن دون جدوى.
ريم سوودي
تونس الصباح
أعلن وزير الداخلية الفرنسي الجديد برونو ريتايو، من حزب "الجمهوريون"، عزمه إلغاء ما يسمى بـ"المساعدة الطبية العالمية"، وهو نظام صحي يوفر خدمات طبية مجانا للمهاجرين غير النظاميين المقيمين في فرنسا. وأشار في تصريح له "أن فرنسا إحدى الدول الأوروبية التي تمنح كثيرا من المزايا والمساعدات الاجتماعية للمهاجرين، ولا أريد أن يكون ذلك سببا في جذب المهاجرين إليها".
وقال "إن نحو 400 ألف شخص يستفيدون من هذا المكسب الطبي، الذي اعتمدته فرنسا منذ 1997 مع الحكومة الاشتراكية بقيادة "ليونيل جوسبان".
وأثار هذا الإعلان جدلا واسعا في صفوف اليسار الفرنسي خاصة، كما هو الشأن في جزء من الائتلاف الحكومي. وأكد عدد من الشخصيات التي شغلت منصب وزير الصحة، أن جميع الدراسات والتقارير تفند الاعتقاد بأن هذا النظام يشجع على الهجرة إلى فرنسا. وصرح فرانسوا برون الذي شغل منصب وزير الصحة من 2022 إلى 2023، مثلا إن "إعادة النظر في نظام المساعدة الطبية العالمية فكرة غبية ليس فقط للصحة العامة، بل أيضا لميزانية الدولة ونظام الضمان الاجتماعي الفرنسي".
واعتبر رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنسق قسم الهجرة، أن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي، تتنزل في سياق شخصي مرتبط بطموحاته المستقبلية الانتخابية. وكالعادة طموحات السياسيين والزعماء الأوروبيين دائما تمر عبر الدوس على حقوق وكرامة المهاجرين. ورأى أنه عبر هذه التصريحات، هو بصدد تقديم نفسه كعنوان قادم لمرحلة سياسية يمكن أن تشهدها فرنسا خلال الفترة القادمة.
وبين أن هذا التوجه يتنزل في إطار سياق عام شهدته فرنسا من خلال سن قوانين تمييزية ضد المهاجرين. وأفاد رمضان بن عمر أن فرنسا قد سنت تقريبا 40 قانونا للتضييق على حقوق المهاجرين خلال الثلاثين سنة الماضية.
وأشار أنه كالعادة، قام وزير الداخلية بربط مسألة الهجرة بما هو أمني وكأنه يعتبر أن تراجع الأمن في فرنسا مرده وجود المهاجرين غير النظاميين، وهو ما يفسر زيارته الأولى التي ذهب خلالها الى مقر الشرطة أين بعث برسائل تظهر نيته في اعتماد المنهج الأمني القمعي في معالجة ظاهرة الهجرة، التي هي ظاهرة مركبة من أبعاد اقتصادية واجتماعية وأبعاد حقوقية وأبعاد ديموغرافية.
وذكر محدثنا أن مثل هذا الإجراء، من شأنه أن يمس من حقوق وكرامة المهاجرين التونسيين غير النظاميين. خاصة أن الوزير قد لوح باعتماد سياسة الابتزاز ومقايضة عدد التأشيرات بعدد التصاريح القنصلية. رغم أن تونس من أكثر الدول تعاونا في مجال الترحيل القسري للمهاجرين التونسيين من فرنسا عبر تصاريح قنصلية تقدمها للسلطات الفرنسية دون تقديم المساعدات القضائية الكافية للتونسيين الذين يتعرضون للترحيل على أساس الهوية.
ونبه منسق قسم الهجرة والمتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الى أن وزير الداخلية الفرنسي بصدد تدشين مرحلة جديد للقمع ضد المهاجرين غير النظاميين ستطال التونسيين والتونسيات منهم. مذكرا أن جزءا من المهاجرين التونسيين متواجدون في فرنسا، ليس فقط لأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية بل هناك أيضا من هم متواجدون لأسباب صحية، نتيجة قصور ومحدودية الخدمات الصحية في تونس خاصة في القطاع العمومي.
وبين أن السياسات الأوروبية تؤكد مرة أخرى اقتصارها على الجزء الأمني في تناولها لظاهرة الهجرة، باعتبارها مكلفة اقتصاديا وماليا. دون النظر الى الجانب الآخر من الظاهرة وأن المهاجرين اليوم هم العمود الفقري لقطاع الصحة الفرنسي (إطارات طبية وشبه طبية من أصول تونسية ومغاربية ولبنانية..) والذين يتواجدون بكثافة في عدد من الدول الأوروبية وسنويا يقع قبول عدد إضافي منهم. وهو ما يعكس، حسب بن عمر، ازدواجية المعايير التي يشتغل وفقها الجانب الأوروبي، والتي تقوم على الانتهازية وعلى مصلحتهم، على حساب التزاماتهم الحقوقية وعبر الدوس على قوانينهم الوطنية وتغييرها كل فترة في اتجاه التضييق على المهاجرين غير النظاميين.
واعتبر أن الكرة اليوم في مرمى الديبلوماسية التونسية التي يفترض أن تحسن التعاطي مع هذه المعطيات في مسار يكفل حقوق وكرامة المهاجرين التونسيين بصرف النظر على وضعيتهم الإدارية ويقطع مع سياسة الخضوع لهذا الابتزاز الفرنسي الذي تكثف في السنوات الأخيرة وتمت معاينته من خلال تكثيف مراقبة الحدود والترحيل القسري للمهاجرين غير النظاميين التي تتم بصفة دورية عبر مطار طبرقة.
ويبلغ عدد الجالية التونسية في فرنسا، حسب تصريح السفيرة الفرنسية 900 ألف تونسي، ينشطون في كل القطاعات الاقتصادية، ونصفهم مهنيون والنصف الآخر طلاب وتلاميذ.
ولا توجد معطيات دقيقة في ما يهم المهاجرين التونسيين غير النظاميين. وفي العموم تتعلق الأرقام الصادرة عن المرصد الوطني للهجرة التونسي أو الجهات الأوروبية، بعدد المهاجرين الواصلين الى السواحل الأوروبية بطريقة غير نظامية وهي أرقام متغيرة من سنة إلى أخرى ولا تعبر عن عدد الذين يتواجدوا هناك بشكل غير نظامي.
وللإشارة سبق لليمين واليمين المتطرف في فرنسا مطالبا بإلغاء الخدمات الطبية المجانية بذريعة تشجيعها على الهجرة غير النظامية. وحاولت كتلة اليمن في مجلس الشيوخ خلال المصادقة على قانون الهجرة الجديد مطلع 2024، إلغاء نظام المساعدة الطبية العالمية واستبداله بمساعدة طبية تقدم فقط في حالات الاستعجال لكن دون جدوى.