إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. "الطوفان" في خريطة الصراع الدولي والإقليمي

 

لا يمكن فهم الصراع القائم في الشرق الأوسط، منذ عملية طوفان الأقصى وانطلاق حرب الإبادة التي شنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في مرحلة أولى، والضفة الغربية في مرحلة ثانية، وبقية محاور المواجهة في مرحلة ثالثة وخصوصا في لبنان، إلا من خلال نافذة "تنافر" الاستراتيجيات للقوى الدولية في المنطقة بين مشروعين أساسيين: "الرواق الهندي" الأمريكي والصهيوني و"طريق وحزام الحرير" الصيني.

كلا المشروعين لهما مرتكزات جيوسياسية واقتصادية عميقة، وكلاهما لهما وكلاء من الدول الساعية للاستثمار فيهما، في إطار "تنافس" إقليمي محموم حول الطريق التي توصل إلى أسواق أوروبا والغرب عموما، وتسيطر على طريق التجارة البحرية الدولية.

ولا يبدو أن هذين المشروعين قابلان للتحقق، إلا عبر تمهيد السبل والطرق، لتكون سبل الإمداد اللوجستي من بيكين أو نيودلهي نحو الغرب ممهدة، من خلال ترتيبات معينة وإعادة رسم حدود "تخوم الصراع" بين القوى الإقليمية الموجودة في الشرق الأوسط، خصوصا وأن "الانسحاب" الاستراتيجي الذي قررته الولايات المتحدة من منطقة الشرق الأوسط (لغايات التركيز على احتواء القوة الصينية)، طرح على القوى الإقليمية في المنطقة مثل إيران وتركيا والمملكة العربية السعودية بالإضافة إلى تقديم واشنطن للكيان كقوة إقليمية، تحديات أمنية وسياسية جديدة تتمحور في مجملها حول تزعم النظام السياسي والأمني الإقليمي، ويكون محددا في طبيعة صراعاتها، وهنا يكمن "التنافر" بين المشروعين.

إن هذا التوجه طرح على هذه القوى الإقليمية، أن تركز على سياسات معينة لفرض نفوذها الجيواستراتيجي في المنطقة، والاستفادة من "عبقرية جغرافياتها" ليكون عرضها السياسي أكثر إغراء بالنسبة للقوى الكبرى "المتنافرة" دوليا (الصين والولايات المتحدة وروسيا في مرحلة ثانية)، ليكون لها مواقفها وتحالفاتها التي تمكنها من "اللعب" بأريحية على رقعة الشطرنج الشرق أوسطية.

إن التنافس بين هذين المشروعين، إضافة لتقاطعات مع مشاريع المقاومة الفلسطينية واللبنانية واليمينية بكل تنوعاتها الثقافية والهووية ضد الكيان الصهيوني، الطامح للسيطرة على الفضاء العربي، وضرب مشاريع الدول الأخرى، قاد لـ"التسونامي" الذي فرضته عملية "طوفان الأقصى".

هذا الطوفان الذي وضع حدا لطموحات الكيان المحتل في سعيه لتصفية القضية الفلسطينية من خلال المرور بقوة نحو خطط تهويد القدس وضم الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد فشل مشروع صفقة القرن التي أراد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تمريرها عبر الديبلوماسية، وتمرير "الرواق الهندي"، وإعلان تل أبيب عاصمة رسمية للإقليم، وهذا عين ما أبرزه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماده على خرائط هدد من خلالها بأنه "سيفرض شرقا أوسط جديدا" يدور في فلك الكيان الصهيوني.

إن تحرك المقاومة الفلسطينية من خلال "طوفان الأقصى" أتى ليقضي على مطامح الكيان المحتل لـ"الاستعمار غير المباشر" لدول المنطقة، ومنع تصفية القضية الفلسطينية، وسلط الضوء على سياسات التمييز العنصري و"الأبارتايد" وحرب الإبادة التي يمارسها الكيان المحتل، ومكن قوى المقاومة الأخرى، من أول "تفعيل" لإرادة توحيد ساحات المقاومة، وهذا ما قاد الكيان الصهيوني إلى الغرق في "حروب لا تماثلية" أغرقته في وحل الحرب في غزة، حيث لم يتمكن من تحقيق أهدافه في اجتثاث المقاومة وسلاحها، ولم يستطع فك الارتباط بين القطاع المنكوب والجبهة اللبنانية الذي كان أول أهدافه من تصعيده في لبنان.

نزار مقني

 

لا يمكن فهم الصراع القائم في الشرق الأوسط، منذ عملية طوفان الأقصى وانطلاق حرب الإبادة التي شنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في مرحلة أولى، والضفة الغربية في مرحلة ثانية، وبقية محاور المواجهة في مرحلة ثالثة وخصوصا في لبنان، إلا من خلال نافذة "تنافر" الاستراتيجيات للقوى الدولية في المنطقة بين مشروعين أساسيين: "الرواق الهندي" الأمريكي والصهيوني و"طريق وحزام الحرير" الصيني.

كلا المشروعين لهما مرتكزات جيوسياسية واقتصادية عميقة، وكلاهما لهما وكلاء من الدول الساعية للاستثمار فيهما، في إطار "تنافس" إقليمي محموم حول الطريق التي توصل إلى أسواق أوروبا والغرب عموما، وتسيطر على طريق التجارة البحرية الدولية.

ولا يبدو أن هذين المشروعين قابلان للتحقق، إلا عبر تمهيد السبل والطرق، لتكون سبل الإمداد اللوجستي من بيكين أو نيودلهي نحو الغرب ممهدة، من خلال ترتيبات معينة وإعادة رسم حدود "تخوم الصراع" بين القوى الإقليمية الموجودة في الشرق الأوسط، خصوصا وأن "الانسحاب" الاستراتيجي الذي قررته الولايات المتحدة من منطقة الشرق الأوسط (لغايات التركيز على احتواء القوة الصينية)، طرح على القوى الإقليمية في المنطقة مثل إيران وتركيا والمملكة العربية السعودية بالإضافة إلى تقديم واشنطن للكيان كقوة إقليمية، تحديات أمنية وسياسية جديدة تتمحور في مجملها حول تزعم النظام السياسي والأمني الإقليمي، ويكون محددا في طبيعة صراعاتها، وهنا يكمن "التنافر" بين المشروعين.

إن هذا التوجه طرح على هذه القوى الإقليمية، أن تركز على سياسات معينة لفرض نفوذها الجيواستراتيجي في المنطقة، والاستفادة من "عبقرية جغرافياتها" ليكون عرضها السياسي أكثر إغراء بالنسبة للقوى الكبرى "المتنافرة" دوليا (الصين والولايات المتحدة وروسيا في مرحلة ثانية)، ليكون لها مواقفها وتحالفاتها التي تمكنها من "اللعب" بأريحية على رقعة الشطرنج الشرق أوسطية.

إن التنافس بين هذين المشروعين، إضافة لتقاطعات مع مشاريع المقاومة الفلسطينية واللبنانية واليمينية بكل تنوعاتها الثقافية والهووية ضد الكيان الصهيوني، الطامح للسيطرة على الفضاء العربي، وضرب مشاريع الدول الأخرى، قاد لـ"التسونامي" الذي فرضته عملية "طوفان الأقصى".

هذا الطوفان الذي وضع حدا لطموحات الكيان المحتل في سعيه لتصفية القضية الفلسطينية من خلال المرور بقوة نحو خطط تهويد القدس وضم الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد فشل مشروع صفقة القرن التي أراد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تمريرها عبر الديبلوماسية، وتمرير "الرواق الهندي"، وإعلان تل أبيب عاصمة رسمية للإقليم، وهذا عين ما أبرزه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماده على خرائط هدد من خلالها بأنه "سيفرض شرقا أوسط جديدا" يدور في فلك الكيان الصهيوني.

إن تحرك المقاومة الفلسطينية من خلال "طوفان الأقصى" أتى ليقضي على مطامح الكيان المحتل لـ"الاستعمار غير المباشر" لدول المنطقة، ومنع تصفية القضية الفلسطينية، وسلط الضوء على سياسات التمييز العنصري و"الأبارتايد" وحرب الإبادة التي يمارسها الكيان المحتل، ومكن قوى المقاومة الأخرى، من أول "تفعيل" لإرادة توحيد ساحات المقاومة، وهذا ما قاد الكيان الصهيوني إلى الغرق في "حروب لا تماثلية" أغرقته في وحل الحرب في غزة، حيث لم يتمكن من تحقيق أهدافه في اجتثاث المقاومة وسلاحها، ولم يستطع فك الارتباط بين القطاع المنكوب والجبهة اللبنانية الذي كان أول أهدافه من تصعيده في لبنان.

نزار مقني