صدر أمس بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية القانون الأساسي عدد 45 لسنة 2024 المؤرخ في 28 سبتمبر 2024 المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامها بعد أن تولى رئيس الجمهورية قيس سعيد ختمه.
وجاء هذا القانون لحسم المعركة القائمة بين المحكمة الإدارية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول مآل أحكام صادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية لفائدة عماد الدائمي ومنذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي المترشحين للانتخابات الرئاسية 2024 .
وكان مجلس نواب الشعب صادق على هذا القانون خلال جلسته العامة المنعقدة في دورة استثنائية يوم الجمعة 27 سبتمبر 2024 وتولى المجلس إدخال تعديلات جوهرية على القانون الانتخابي حيث تم المساس باختصاصات المحاكم الإدارية والمالية والعدلية في علاقة بالنزاع الانتخابي ومراقبة تمويل الحملة الانتخابية.
وتضمن القانون الأساسي الجديد ستة فصول مبثوثة في عدة أبواب وتحديدا إجراءات الطعن في قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلقة بالترشحات للانتخابات الرئاسية، والإعلان عن قائمة المترشحين المقبولين، وتمويل الحملة الانتخابية، والرقابة على تمويل الحملة، والمخالفات المالية والانتخابية، ونزاعات النتائج، والجرائم الانتخابية، وبموجب الفصول الستة تم إسناد الاختصاصات الموكولة للمحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات في النزاع الانتخابي، للقضاء العدلي وتحديدا لمحكمة الاستئناف بتونس ومحكمة التعقيب .
وجاء تنقيح القانون الانتخابي على خلفية ما ملاحظه النواب الذين تقدموا بمبادرة التشريعية في الغرض "من تصريحات خطيرة خرقت مبدأ التزام القضاة بالحياد وتمسكهم بواجب التحفظ لاسيما في مثل هذه الحالات، فضلا عن كونها تصريحات توحي بإمكانية اتخاذ قرارات مسبقة في المستقبل في اتجاه معين قبل التعهد أصلا بأي قضية في الغرض". وفي نفس السياق أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودبالة عقب المصادقة على مقترح القانون المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي إلى خطورة تصريحات بعض القضاة الإداريين الذين انحازوا إلى رأي دون آخر، والحال أنه من المفروض أن يلتزم القاضي بواجب التحفظ عندما يصدر حكمه، وأضاف رئيس المجلس أن الأحكام تناقش في المحاكم على أعلى درجة ولا تناقش في الإعلام وفي الفضاء العام، وأكد أن الأخطر من ذلك هو تصريح بعض القضاة بأنهم سيبادرون بإبطال الانتخابات، حتى قبل رفع دعوى في هذا الشأن ودون تحديد أساس قانوني لإبطالها، واعتبر بودبالة أنه من واجب الوظيفة التشريعية أن تستشعر الخطر، وبين أن دور الوظيفة التشريعية لا يقتصر على سن القوانين والرقابة البرلمانية بل أنها مثل بقية المؤسسات تستشعر الخطر وتقوم بمبادرات وفق الصلاحيات التي منحها لها الدستور.
وبالنظر إلى مضامين القانون الجديد يمكن الإشارة إلى أن أهم أحكامه تعلقت بنزاعات الترشح أمام محكمة الاستئناف بتونس في الطور الأول من التقاضي وأمام محكمة التعقيب في الطور الثاني، وبمراقبة تمويل الحملة الانتخابية من قبل محكمة الاستئناف بتونس وبنزاعات النتائج للانتخابات الرئاسية أمام محكمة الاستئناف في الطور الأول وأمام محكمة التعقيب في الطور الثاني. .
ففي ما يتعلق بنزاعات الترشح للانتخابات أصبح الطعن في قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلقة بالترشحات يتم أمام محكمة الاستئناف بتونس ويرفع الطعن من قبل المترشحين المقبولين في أجل أقصاه 48 ساعة من تاريخ التعليق أو الإعلام، وتتولى كتابة المحكمة حال توصلها بالعريضة ترسيمها وإحالتها فورا إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس الذي يتولى تعيينها حالا بإحدى دوائرها، وتتولى كتابة المحكمة إعلام الأطراف بقرار المحكمة بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا وذلك في أجل أقصاه 48 ساعة من تاريخ التصريح به، ويتم الطعن في القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف بتونس من قبل المترشحين المشمولين بالقرارات المذكورة أو من قبل هيئة الانتخابات أمام محكمة التعقيب في أجل 48 ساعة من تاريخ الإعلام به. وعلى الطرف الراغب في ممارسة الطعن أن يوجه إلى الهيئة والأطراف المشمولة بالطعن إعلاما به بواسطة عدل تنفيذ يكون مصحوبا بنظير من العريضة ومؤيداتها. ويرفع الطعن بموجب عريضة، يتولى المترشح أو من يمثله إيداعها بكتابة المحكمة بواسطة محام لدى التعقيب. وتكون العريضة معللة ومصحوبة بالمؤيدات وبنسخة من القرار المطعون فيه ومحضر الإعلام بالطعن وإلا يرفض الطعن, تتولى كتابة المحكمة حال توصلها بالعريضة ترسيمها وإحالتها فورا إلى الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الذي يتولى تعيينها حالا لدى إحدى دوائرها.
ويعين رئيس الدائرة جلسة المرافعة في أجل أقصاه 3 أيام من تاريخ تقديم الطعن واستدعاء الأطراف بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا والتنبيه على الجهة المدعى عليها للإدلاء بملحوظاتها الكتابية وبما يفيد تبليغ نسخة منها إلى الطرف الآخر وذلك في أجل أقصاه 48 ساعة قبل جلسة المرافعة، وتتولى الدائرة إثر المرافعة حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالقرار في أجل خمسة أيام من تاريخ جلسة المرافعة. وتأذن المحكمة بالتنفيذ على المسودة. وتكون قراراتها باتة وغير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن وتتولى كتبة المحكمة إعلام الأطراف بقرار المحكمة بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا وذلك في أجل 48 ساعة من تاريخ التصريح به.
مراقبة تمويل الحملة
تضمن القانون الأساسي الجديد المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي وإتمامه أحكاما تتعلق بالحملة الانتخابية وتمويلها، ونص بالخصوص على الواجبات المحمولة على كل مترشح أو قائمة مترشحة أو حزب في علاقة بإحالة نسخ أصلية من قائمة التظاهرات والأنشطة والملتقيات المؤشر عليها من قبل الهيئة ومن القائمة التأليفية للمداخيل والمصاريف الانتخابية والحسابية لكل دائرة انتخابية والحسابية الجامعة، إلى محكمة الاستئناف بتونس في أجل أقصاه خمسة وأربعون يوما من تاريخ التصريح النهائي بنتائج الانتخابات مرفقة بكشف الحساب البنكي الوحيد المفتوح بعنوان الحملة، ويجب تسليم هذه الوثائق دفعة واحدة مباشرة إلى كتابة محكمة الاستئناف بتونس مقابل وصل. ويجب نشر تلك الحسابات المالية بإحدى الجرائد اليومية الصادرة بالبلاد التونسية في ظرف شهرين من تاريخ إعلان النتائج النهائية للانتخابات أو الاستفتاء وفق نموذج مختصر تعده محكمة الاستئناف بتونس وتضعه على موقعها الالكتروني على ذمة القائمات المترشحة والمترشحين والأحزاب.
وتتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات خلال الحملة مراقبة التزام المترشح أو القائمة المترشحة أو الحزب بقواعد تمويل الحملة الانتخابية أو حملة الاستفتاء ووسائلها وفرض احترامها بالتعاون مع مختلف الهياكل العمومية بما في ذلك البنك المركزي التونسي ومحكمة الاستئناف بتونس ووزارة المالية، ويشرف البنك المركزي التونسي على عملية فتح الحسابات البنكية المذكورة ويسهر على عدم فتح أكثر من حساب بنكي لكل مترشح أو قائمة مترشحه أو حزب ويتولى مد هيئة الانتخابات ومحكمة الاستئناف بتونس بكشف في هذه الحسابات ..
وتتولى محكمة الاستئناف بتونس إنجاز رقابتها على موارد ومصاريف كلّ قائمة مترشّحة أو مترشّح أو حزب، والمخصّصة للحملة، والتثبت من الالتزام بوحدة الحساب وإنجاز رقابتها على موارد الحساب البنكي الوحيد ومصاريفه. وتراقب محكمة الاستئناف بتونس تمويل الحملة للمترشحين والأحزاب السياسية وقائمات المترشحين وتكون هذه الرقابة مستنديّة أو ميدانيّة وشاملة أو انتقائيّة ولاحقة أو متزامنة مع الحملة. وتكون وجوبيّة بالنسبة إلى المترشّحين والقائمات المترشّحة التي تفوز في الانتخابات. وتنجز هذه الرقابة بالتزامن مع الرقابة المالية للحزب بالنسبة إلى الأحزاب والقائمات الفائزة.
وتهدف رقابة محكمة الاستئناف بتونس على تمويل الحملة، إلى التثبت من: إنجاز كل المصاريف المتعلّقة بالحملة بالنسبة إلى المترشّحين أو الأحزاب السياسية أو القائمات المترشّحة من خلال الحساب البنكي الوحيد المفتوح للغرض والمصرّح به لدى الهيئة، مسك كلّ مترشح أو حزب سياسيّ أو قائمة مترشّحة حسابيّة ذات مصداقيّة تتضمّن بيانات شاملة ودقيقة حول كلّ عمليّات القبض والصرف المتّصلة بتمويل الحملة، تحقيق المداخيل من مصادر مشروعة، الطابع الانتخابي للنفقة، احترام المترشّحين أو القائمات أو الأحزاب لسقف الإنفاق الانتخابي، عدم ارتكاب المترشحين لجرائم انتخابية.
وتمدّ هيئة الانتخابات محكمة الاستئناف بتونس في أجل لا يتجاوز ثلاثة أيّام من انطلاق الحملة بما يلي: قائمة الأحزاب وقائمات المترشحين والقائمات المترشحة، قائمة الحسابات البنكية المفتوحة من قبل القائمات المترشحة أو المترشحين أو الأحزاب، قائمة الأشخاص المخوّل لهم التصرّف في الحسابات البنكية باسم كلّ حزب سياسي أو قائمة مترشّحة. وتتولّى الهيئة إعلام محكمة الاستئناف بتونس بكلّ تغيير يمكن أن يطرأ على القائمات المذكورة. ويمكن لمحكمة الاستئناف بتونس أن تطلب من السلطات الإداريّة ذات النظر مدّها ببيان تفصيلي حول التصاريح المقدّمة لإقامة التظاهرات والأنشطة المنجزة خلال الحملة، وأن تطلب من أية جهة كانت كلّ وثيقة ذات علاقة بتمويل الحملة يمكن أن تكون لها جدوى في إنجاز العمل الرقابي الموكول إلى المحكمة في هذا الإطار. ولا يجوز للمؤسسات البنكيّة المعنية أو أي هيكل عمومي معارضة محكمة الاستئناف بتونس والهيئة بالسرّ البنكي للامتناع عن مدّها بالمعلومات والوثائق اللازمة لإنجاز عملها. وتقوم محكمة الاستئناف بتونس بإعداد تقرير عام يتضمّن نتائج رقابتها على تمويل الحملة في أجل أقصاه ستّة أشهر من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات. وينشر تقريرها مباشرة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وبموقعها الالكتروني.
ونص القانون الجديد على العقوبات التي تسلطها محكمة الاستئناف بتونس في صورة مخالفة أحكام تمويل الحملة الانتخابية وهي نفس العقوبات التي كانت تسلطها محكمة المحاسبات تبعا للرقابة اللاحقة التي كانت تقوم بها على تمويل الحملات الانتخابية..
نزاعات النتائج
من أبرز التنقيحات التي أدخلها مجلس نواب الشعب على القانون الانتخابي تلك المتعلقة بنزاعات النتائج للانتخابات الرئاسية، وبمقتضى القانون الأساسي الجديد الصادر أمس بالرائد الرسمي، يتم الطعن في النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية أمام محكمة الاستئناف بتونس في أجل أقصاه يومان أمن تاريخ تعليقها وتعين جلسة مرافعة في أجل أقصاه يومان من تاريخ تقديم الطعن والتصريح بالحكم في اجل أقصاه يومان من تاريخ جلسة المرافعة وإعلام الأطراف بالقرار في أجل أقصاه 24 ساعة من تاريخ التصريح به. ويتم الطعن في القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف بتونس أمام محكمة التعقيب في أجل أقصاه يومان ويتم تعيين جلسة مرافعة في أجل أقصاه يومان من تاريخ تقديم الطعن وتدلي الجهة المدعى عليها بملحوظاتها الكتابية في أجل أقصاه يوم جلسة المرافعة ويتم التصريح بالحكم في أجل أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ جلسة المرافعة وإعلام الأطراف بالحكم في أجل أقصاه 24 ساعة من تاريخ التصريح به.
وبالنسبة إلى التصريح بالنتائج، نص القانون الجديد على أنه بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية تصرح الهيئة بالنتائج النهائية للانتخابات في أجل 48 ساعة من توصلها بآخر قرار صادر عن محكمة التعقيب بخصوص الطعون المتعلقة بالنتائج الأولية لهذه الانتخابات أو بعد انقضاء أجل الطعن وذلك بقرار ينشر بالموقع الالكتروني للهيئة وبالرائد الرسمي..
وستنطبق أحكام القانون الجديد على كل النزاعات التي تم البت فيها أو النزاعات التي مازالت جارية في تاريخ صدوره والمتعلقة بالانتخابات الرئاسية لسنة 2024 مهما كانت الجهة القضائية المتعهدة بها أو التي لا تزال متعهدة بها وفي أي طور من أطوار التقاضي.. ولا يجوز لأي جهة قضائية غير تلك المحددة بالقانون الجديد أن تتعد أو تواصل التعهد بالنزاعات والطعون والقرارات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية لسنة 2024. ودخل القانون الجديد حيز النفاذ بمجرد نشره أمس بالرائد الرسمي.
سعيدة بوهلال
تونس-الصباح
صدر أمس بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية القانون الأساسي عدد 45 لسنة 2024 المؤرخ في 28 سبتمبر 2024 المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامها بعد أن تولى رئيس الجمهورية قيس سعيد ختمه.
وجاء هذا القانون لحسم المعركة القائمة بين المحكمة الإدارية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول مآل أحكام صادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية لفائدة عماد الدائمي ومنذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي المترشحين للانتخابات الرئاسية 2024 .
وكان مجلس نواب الشعب صادق على هذا القانون خلال جلسته العامة المنعقدة في دورة استثنائية يوم الجمعة 27 سبتمبر 2024 وتولى المجلس إدخال تعديلات جوهرية على القانون الانتخابي حيث تم المساس باختصاصات المحاكم الإدارية والمالية والعدلية في علاقة بالنزاع الانتخابي ومراقبة تمويل الحملة الانتخابية.
وتضمن القانون الأساسي الجديد ستة فصول مبثوثة في عدة أبواب وتحديدا إجراءات الطعن في قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلقة بالترشحات للانتخابات الرئاسية، والإعلان عن قائمة المترشحين المقبولين، وتمويل الحملة الانتخابية، والرقابة على تمويل الحملة، والمخالفات المالية والانتخابية، ونزاعات النتائج، والجرائم الانتخابية، وبموجب الفصول الستة تم إسناد الاختصاصات الموكولة للمحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات في النزاع الانتخابي، للقضاء العدلي وتحديدا لمحكمة الاستئناف بتونس ومحكمة التعقيب .
وجاء تنقيح القانون الانتخابي على خلفية ما ملاحظه النواب الذين تقدموا بمبادرة التشريعية في الغرض "من تصريحات خطيرة خرقت مبدأ التزام القضاة بالحياد وتمسكهم بواجب التحفظ لاسيما في مثل هذه الحالات، فضلا عن كونها تصريحات توحي بإمكانية اتخاذ قرارات مسبقة في المستقبل في اتجاه معين قبل التعهد أصلا بأي قضية في الغرض". وفي نفس السياق أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودبالة عقب المصادقة على مقترح القانون المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي إلى خطورة تصريحات بعض القضاة الإداريين الذين انحازوا إلى رأي دون آخر، والحال أنه من المفروض أن يلتزم القاضي بواجب التحفظ عندما يصدر حكمه، وأضاف رئيس المجلس أن الأحكام تناقش في المحاكم على أعلى درجة ولا تناقش في الإعلام وفي الفضاء العام، وأكد أن الأخطر من ذلك هو تصريح بعض القضاة بأنهم سيبادرون بإبطال الانتخابات، حتى قبل رفع دعوى في هذا الشأن ودون تحديد أساس قانوني لإبطالها، واعتبر بودبالة أنه من واجب الوظيفة التشريعية أن تستشعر الخطر، وبين أن دور الوظيفة التشريعية لا يقتصر على سن القوانين والرقابة البرلمانية بل أنها مثل بقية المؤسسات تستشعر الخطر وتقوم بمبادرات وفق الصلاحيات التي منحها لها الدستور.
وبالنظر إلى مضامين القانون الجديد يمكن الإشارة إلى أن أهم أحكامه تعلقت بنزاعات الترشح أمام محكمة الاستئناف بتونس في الطور الأول من التقاضي وأمام محكمة التعقيب في الطور الثاني، وبمراقبة تمويل الحملة الانتخابية من قبل محكمة الاستئناف بتونس وبنزاعات النتائج للانتخابات الرئاسية أمام محكمة الاستئناف في الطور الأول وأمام محكمة التعقيب في الطور الثاني. .
ففي ما يتعلق بنزاعات الترشح للانتخابات أصبح الطعن في قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلقة بالترشحات يتم أمام محكمة الاستئناف بتونس ويرفع الطعن من قبل المترشحين المقبولين في أجل أقصاه 48 ساعة من تاريخ التعليق أو الإعلام، وتتولى كتابة المحكمة حال توصلها بالعريضة ترسيمها وإحالتها فورا إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس الذي يتولى تعيينها حالا بإحدى دوائرها، وتتولى كتابة المحكمة إعلام الأطراف بقرار المحكمة بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا وذلك في أجل أقصاه 48 ساعة من تاريخ التصريح به، ويتم الطعن في القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف بتونس من قبل المترشحين المشمولين بالقرارات المذكورة أو من قبل هيئة الانتخابات أمام محكمة التعقيب في أجل 48 ساعة من تاريخ الإعلام به. وعلى الطرف الراغب في ممارسة الطعن أن يوجه إلى الهيئة والأطراف المشمولة بالطعن إعلاما به بواسطة عدل تنفيذ يكون مصحوبا بنظير من العريضة ومؤيداتها. ويرفع الطعن بموجب عريضة، يتولى المترشح أو من يمثله إيداعها بكتابة المحكمة بواسطة محام لدى التعقيب. وتكون العريضة معللة ومصحوبة بالمؤيدات وبنسخة من القرار المطعون فيه ومحضر الإعلام بالطعن وإلا يرفض الطعن, تتولى كتابة المحكمة حال توصلها بالعريضة ترسيمها وإحالتها فورا إلى الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الذي يتولى تعيينها حالا لدى إحدى دوائرها.
ويعين رئيس الدائرة جلسة المرافعة في أجل أقصاه 3 أيام من تاريخ تقديم الطعن واستدعاء الأطراف بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا والتنبيه على الجهة المدعى عليها للإدلاء بملحوظاتها الكتابية وبما يفيد تبليغ نسخة منها إلى الطرف الآخر وذلك في أجل أقصاه 48 ساعة قبل جلسة المرافعة، وتتولى الدائرة إثر المرافعة حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالقرار في أجل خمسة أيام من تاريخ جلسة المرافعة. وتأذن المحكمة بالتنفيذ على المسودة. وتكون قراراتها باتة وغير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن وتتولى كتبة المحكمة إعلام الأطراف بقرار المحكمة بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا وذلك في أجل 48 ساعة من تاريخ التصريح به.
مراقبة تمويل الحملة
تضمن القانون الأساسي الجديد المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي وإتمامه أحكاما تتعلق بالحملة الانتخابية وتمويلها، ونص بالخصوص على الواجبات المحمولة على كل مترشح أو قائمة مترشحة أو حزب في علاقة بإحالة نسخ أصلية من قائمة التظاهرات والأنشطة والملتقيات المؤشر عليها من قبل الهيئة ومن القائمة التأليفية للمداخيل والمصاريف الانتخابية والحسابية لكل دائرة انتخابية والحسابية الجامعة، إلى محكمة الاستئناف بتونس في أجل أقصاه خمسة وأربعون يوما من تاريخ التصريح النهائي بنتائج الانتخابات مرفقة بكشف الحساب البنكي الوحيد المفتوح بعنوان الحملة، ويجب تسليم هذه الوثائق دفعة واحدة مباشرة إلى كتابة محكمة الاستئناف بتونس مقابل وصل. ويجب نشر تلك الحسابات المالية بإحدى الجرائد اليومية الصادرة بالبلاد التونسية في ظرف شهرين من تاريخ إعلان النتائج النهائية للانتخابات أو الاستفتاء وفق نموذج مختصر تعده محكمة الاستئناف بتونس وتضعه على موقعها الالكتروني على ذمة القائمات المترشحة والمترشحين والأحزاب.
وتتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات خلال الحملة مراقبة التزام المترشح أو القائمة المترشحة أو الحزب بقواعد تمويل الحملة الانتخابية أو حملة الاستفتاء ووسائلها وفرض احترامها بالتعاون مع مختلف الهياكل العمومية بما في ذلك البنك المركزي التونسي ومحكمة الاستئناف بتونس ووزارة المالية، ويشرف البنك المركزي التونسي على عملية فتح الحسابات البنكية المذكورة ويسهر على عدم فتح أكثر من حساب بنكي لكل مترشح أو قائمة مترشحه أو حزب ويتولى مد هيئة الانتخابات ومحكمة الاستئناف بتونس بكشف في هذه الحسابات ..
وتتولى محكمة الاستئناف بتونس إنجاز رقابتها على موارد ومصاريف كلّ قائمة مترشّحة أو مترشّح أو حزب، والمخصّصة للحملة، والتثبت من الالتزام بوحدة الحساب وإنجاز رقابتها على موارد الحساب البنكي الوحيد ومصاريفه. وتراقب محكمة الاستئناف بتونس تمويل الحملة للمترشحين والأحزاب السياسية وقائمات المترشحين وتكون هذه الرقابة مستنديّة أو ميدانيّة وشاملة أو انتقائيّة ولاحقة أو متزامنة مع الحملة. وتكون وجوبيّة بالنسبة إلى المترشّحين والقائمات المترشّحة التي تفوز في الانتخابات. وتنجز هذه الرقابة بالتزامن مع الرقابة المالية للحزب بالنسبة إلى الأحزاب والقائمات الفائزة.
وتهدف رقابة محكمة الاستئناف بتونس على تمويل الحملة، إلى التثبت من: إنجاز كل المصاريف المتعلّقة بالحملة بالنسبة إلى المترشّحين أو الأحزاب السياسية أو القائمات المترشّحة من خلال الحساب البنكي الوحيد المفتوح للغرض والمصرّح به لدى الهيئة، مسك كلّ مترشح أو حزب سياسيّ أو قائمة مترشّحة حسابيّة ذات مصداقيّة تتضمّن بيانات شاملة ودقيقة حول كلّ عمليّات القبض والصرف المتّصلة بتمويل الحملة، تحقيق المداخيل من مصادر مشروعة، الطابع الانتخابي للنفقة، احترام المترشّحين أو القائمات أو الأحزاب لسقف الإنفاق الانتخابي، عدم ارتكاب المترشحين لجرائم انتخابية.
وتمدّ هيئة الانتخابات محكمة الاستئناف بتونس في أجل لا يتجاوز ثلاثة أيّام من انطلاق الحملة بما يلي: قائمة الأحزاب وقائمات المترشحين والقائمات المترشحة، قائمة الحسابات البنكية المفتوحة من قبل القائمات المترشحة أو المترشحين أو الأحزاب، قائمة الأشخاص المخوّل لهم التصرّف في الحسابات البنكية باسم كلّ حزب سياسي أو قائمة مترشّحة. وتتولّى الهيئة إعلام محكمة الاستئناف بتونس بكلّ تغيير يمكن أن يطرأ على القائمات المذكورة. ويمكن لمحكمة الاستئناف بتونس أن تطلب من السلطات الإداريّة ذات النظر مدّها ببيان تفصيلي حول التصاريح المقدّمة لإقامة التظاهرات والأنشطة المنجزة خلال الحملة، وأن تطلب من أية جهة كانت كلّ وثيقة ذات علاقة بتمويل الحملة يمكن أن تكون لها جدوى في إنجاز العمل الرقابي الموكول إلى المحكمة في هذا الإطار. ولا يجوز للمؤسسات البنكيّة المعنية أو أي هيكل عمومي معارضة محكمة الاستئناف بتونس والهيئة بالسرّ البنكي للامتناع عن مدّها بالمعلومات والوثائق اللازمة لإنجاز عملها. وتقوم محكمة الاستئناف بتونس بإعداد تقرير عام يتضمّن نتائج رقابتها على تمويل الحملة في أجل أقصاه ستّة أشهر من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات. وينشر تقريرها مباشرة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وبموقعها الالكتروني.
ونص القانون الجديد على العقوبات التي تسلطها محكمة الاستئناف بتونس في صورة مخالفة أحكام تمويل الحملة الانتخابية وهي نفس العقوبات التي كانت تسلطها محكمة المحاسبات تبعا للرقابة اللاحقة التي كانت تقوم بها على تمويل الحملات الانتخابية..
نزاعات النتائج
من أبرز التنقيحات التي أدخلها مجلس نواب الشعب على القانون الانتخابي تلك المتعلقة بنزاعات النتائج للانتخابات الرئاسية، وبمقتضى القانون الأساسي الجديد الصادر أمس بالرائد الرسمي، يتم الطعن في النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية أمام محكمة الاستئناف بتونس في أجل أقصاه يومان أمن تاريخ تعليقها وتعين جلسة مرافعة في أجل أقصاه يومان من تاريخ تقديم الطعن والتصريح بالحكم في اجل أقصاه يومان من تاريخ جلسة المرافعة وإعلام الأطراف بالقرار في أجل أقصاه 24 ساعة من تاريخ التصريح به. ويتم الطعن في القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف بتونس أمام محكمة التعقيب في أجل أقصاه يومان ويتم تعيين جلسة مرافعة في أجل أقصاه يومان من تاريخ تقديم الطعن وتدلي الجهة المدعى عليها بملحوظاتها الكتابية في أجل أقصاه يوم جلسة المرافعة ويتم التصريح بالحكم في أجل أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ جلسة المرافعة وإعلام الأطراف بالحكم في أجل أقصاه 24 ساعة من تاريخ التصريح به.
وبالنسبة إلى التصريح بالنتائج، نص القانون الجديد على أنه بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية تصرح الهيئة بالنتائج النهائية للانتخابات في أجل 48 ساعة من توصلها بآخر قرار صادر عن محكمة التعقيب بخصوص الطعون المتعلقة بالنتائج الأولية لهذه الانتخابات أو بعد انقضاء أجل الطعن وذلك بقرار ينشر بالموقع الالكتروني للهيئة وبالرائد الرسمي..
وستنطبق أحكام القانون الجديد على كل النزاعات التي تم البت فيها أو النزاعات التي مازالت جارية في تاريخ صدوره والمتعلقة بالانتخابات الرئاسية لسنة 2024 مهما كانت الجهة القضائية المتعهدة بها أو التي لا تزال متعهدة بها وفي أي طور من أطوار التقاضي.. ولا يجوز لأي جهة قضائية غير تلك المحددة بالقانون الجديد أن تتعد أو تواصل التعهد بالنزاعات والطعون والقرارات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية لسنة 2024. ودخل القانون الجديد حيز النفاذ بمجرد نشره أمس بالرائد الرسمي.