إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

طرقات الموت وتهوّر السوّاق .. لابدّ من الاستثمار في الحياة ...

 

 

 

لابد من مضاعفة ميزانية وزارة التجهيز والإسكان و البحث عن تمويلات خارجية لتجديد شبكة ما يعرف بالطرقات الوطنية التي تربط بين المدن

بقلم ريم بالخذيري

تعدّ حوادث المرور السبب الثاني للوفيات في العالم وهي تحصد أرواح ما لا يقلّ عن مليون و 500ألف حالة وفاة سنويا و50 مليون إصابة. أمّا في تونس ورغم صغر المساحة و الجغرافيا المنبسطة في أغلبها فحوادث المرور تحتل المرتبة الأولى في الوفيات لعديد الأسباب سنتعرض لها لاحقا.

 وللسلامة على الطرق تداعياتها الشديدة، حتى وإن كانت خفية، على الاقتصادات النامية فحوادث الطرق تكلف البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ما يعادل نحو 6% من إجمالي الناتج المحلي السنوي، في المتوسط، بسبب خسائر النشاط الاقتصادي ونفقات الرعاية الصحية العامة الكبيرة.

طرقات الموت..

لا تكاد تخلو ولاية أو معتمدية من طريق يسميها الأهالي طريق الموت لكثرة الحوادث فيها و جزء كبير من طرقات الموت هذه قدر لها أن تكون شريان الحياة بين جملة من الولايات سواء في الشمال أو الجنوب.

طرق الموت هذه حصدت في سنة 2023 ما لا يقل عن 1185 قتيلا من مجموع 5525 حادث مرور فضلا عن ألاف المصابين.

والسبب الأول لهذه الحوادث هو التصميم البدائي لهذه الطرقات واهتراء بنيتها التحتية حيث تم وضع أغلبها منذ زمن الاستعمار ولازالت تستعمل الى اليوم والأصل في الأشياء أن يتم التخلي عنها تماما لصعوبة إصلاحها. وهي بالتالي تعد خطرا قاتلا على السواق و المترجلين فضلا عن تقاطع أغلبها مع سكك القطار دون تجهيزها بإشارات المرور.

كما أن سلوك السواق المتهور وعدم احترام إشارات الطريق يزيد الطين بلة ويضاعف من حوادث المرور القاتلة.

ويبقى الأسطول المستعمل من السيارات في أغلبه غير معد أصلا لهذه الطرقات فالسيارات الصغيرة الأكثر انتشارا في تونس هي الأكثر عرضة للحوادث لأن تصميمها غير معد لهذه الطرقات الملتوية و الضيقة.

وقد تحوّلت طرقات الموت هذه إلى كابوس يؤرق المتساكنين و المواطنين إضافة إلى دخول طرقات جديدة لقائمة طرقات الموت هذه. حتى لكأن كل طرقاتنا تحولت إلى طرقات للموت.

الاستثمار في الحياة..

تبقى ميزانية وزارة التجهيز والإسكان ضعيفة مقارنة بحجم التحديات التي تواجهها والحالة الرثة لطرقاتنا وبالتالي لابد من مضاعفة هذه الميزانية و البحث عن تمويلات خارجية لتجديد شبكة ما يعرف بالطرقات الوطنية التي تربط بين المدن. كذلك من المهم مراجعة تعريفة الطرقات السيارة فهي مصدر تنفير للسواق. وعلميا حوادث الطرقات تنخفض لأكثر من 60 بالمائة في الطرقات السيارة غير أن غلاء تعريفتها في تونس يجعل الكثيرين يتجنبونها مما يحدث ضغطا مروريا على الطرقات العادية فتكثر بذلك الحوادث.

إن الاستثمار في الطرقات هو استثمار في الحياة بامتياز. لكن ذلك غير كاف في ظل غياب ثقافة الطريق.

الردع و التوعية..

لاشك أن الدول التي تسجل أقل عدد من حوادث المرور هي تلك التي تعتمد قانون طرقات صارم وهو ليس واقع الحال في بلادنا حيث أن مجلة الطرقات والعقوبات المضمنة فيها لم تعد ترتقي إلى حجم الجرائم المرورية المرتكبة و لابد من تنقيح هذه المجلة و تشديد العقوبات فيها على جريمة السرعة و المجاوزة الممنوعة خاصة فهي أكثر سببين للحوادث وطبيعتهما تكون قاتلة بنسبة تفوق 90 في المائة.

كما أن إطلاق حملات توعوية للسواق بصفة دورية ضرورية لتذكيرهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم. وأهم شيء في هذا الخصوص احترام إشارات المرور وتقديسها و التخلي عن الأنانية في الطريق.

 الأطفال الأكثر ضحايا..

ضمن حوادث السير يعد الأطفال الفئة الأكثر عرضة للحوادث القاتلة و غيرها حيث يسجل سنويا مئات الحالات بين قتيل ومصاب والسبب في ذلك يعود الى تهور السواق في محيط المؤسسات التعليمية و في الانهج و المسالك المؤدية إليها وبالتالي لابد من إفراد هذه الأماكن بقانون سير ومرور خاصين وتشديد العقوبة على المخالفين.

ومن المهم أيضا إدراج مادة الثقافة المرورية في المرحلة الابتدائية فكثير من الحوادث أيضا تنتج عن جهل الأطفال بكيفية قطع الطريق و إتّباع الإشارات والأضواء و في كيفية تجنب الخطر.

تجارب ملهمة

في الوقت الذي يتجنّد فيه العالم و الأمم المتحدة لمجابهة خطر حوادث المرور تسجّل دولا أقل الأرقام .

وتحتل ليبيا المرتبة الأولى عربيا في السنة الحالية اذ تشير الإحصائيات إلى أن معدل الوفيات في ليبيا وصل إلى 73 وفاة لكل 100 ألف نسمة، مقارنة بالمعيار العالمي الذي يبلغ 20 وفاة لكل 100 ألف نسمة فقط.وفي تونس يبلغ الرقم حوالي 23قتيلا لكل 100ألف ساكن.

وقد أظهرت دراسة أوروبية أن طرق السويد وبريطانيا وألمانيا هي الأكثر أمناً بالنسبة للأطفال في أوروبا. وأشارت الدراسة أن أقل من عشرة أطفال من كل مليون طفل في هذه البلدان كانوا ضحية لحوادث مرورية في الاتحاد الأوروبي.

أرقام و إحصائيات كارثية(2023/2024)

- إحصائيات المرصد الوطني للمرور الخاصة بعام 2023 تشير إلى أن أهم الأسباب المؤدية إلى حوادث الطرقات هي السهو وعدم الانتباه بنسبة 40.16 % ثم السرعة بنسبة 16.18 % ثم عدم احترام الأولوية والمداهمة.

-تحتل ولاية تونس المرتبة الأولى في حوادث الطرقات بـ502 حادث وعدد القتلى بـ90 قتيلا وعدد الجرحى بـ623 جريحا. فولاية المهدية في المرتبة الثانية بـ321 حادثا و454جريحا، في حين احتلت ولاية صفاقس المرتبة الثالثة في عدد قتلى حوادث الطرقات بتسجيل 70 قتيلا.

- شهر جويلية المنقضي من السنة الجارية يعدّ من أكثر الأشهر التي سجّلت حوادث طرقات وذلك بـ469 حادثا وأيضا في عدد القتلى.

-بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، تسجل القارة الأفريقية أعلى معدل للوفيات على الطرق بمعدل 19.45 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة سنويا، وتضم الدولة صاحبة أعلى معدل للوفيات، غينيا بمعدل 37.4 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة. وتحتل غينيا المرتبة الأولى في حين تحتل تونس المرتبة 35 على 52دولة.

-لبنان يتصدر لائحة البلدان الأخطر حول العالم لقيادة السيارات. الدراسة اعتمدت على الإحصائيات الوطنية لأكثر من 60 بلدا، وأخذت بالاعتبار ثلاثة مؤشرات هي جودة الطرقات وعدد الوفيات في حوادث السير وإحصائيات جرائم سرقة السيارات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

طرقات الموت وتهوّر السوّاق ..  لابدّ من الاستثمار في الحياة ...

 

 

 

لابد من مضاعفة ميزانية وزارة التجهيز والإسكان و البحث عن تمويلات خارجية لتجديد شبكة ما يعرف بالطرقات الوطنية التي تربط بين المدن

بقلم ريم بالخذيري

تعدّ حوادث المرور السبب الثاني للوفيات في العالم وهي تحصد أرواح ما لا يقلّ عن مليون و 500ألف حالة وفاة سنويا و50 مليون إصابة. أمّا في تونس ورغم صغر المساحة و الجغرافيا المنبسطة في أغلبها فحوادث المرور تحتل المرتبة الأولى في الوفيات لعديد الأسباب سنتعرض لها لاحقا.

 وللسلامة على الطرق تداعياتها الشديدة، حتى وإن كانت خفية، على الاقتصادات النامية فحوادث الطرق تكلف البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ما يعادل نحو 6% من إجمالي الناتج المحلي السنوي، في المتوسط، بسبب خسائر النشاط الاقتصادي ونفقات الرعاية الصحية العامة الكبيرة.

طرقات الموت..

لا تكاد تخلو ولاية أو معتمدية من طريق يسميها الأهالي طريق الموت لكثرة الحوادث فيها و جزء كبير من طرقات الموت هذه قدر لها أن تكون شريان الحياة بين جملة من الولايات سواء في الشمال أو الجنوب.

طرق الموت هذه حصدت في سنة 2023 ما لا يقل عن 1185 قتيلا من مجموع 5525 حادث مرور فضلا عن ألاف المصابين.

والسبب الأول لهذه الحوادث هو التصميم البدائي لهذه الطرقات واهتراء بنيتها التحتية حيث تم وضع أغلبها منذ زمن الاستعمار ولازالت تستعمل الى اليوم والأصل في الأشياء أن يتم التخلي عنها تماما لصعوبة إصلاحها. وهي بالتالي تعد خطرا قاتلا على السواق و المترجلين فضلا عن تقاطع أغلبها مع سكك القطار دون تجهيزها بإشارات المرور.

كما أن سلوك السواق المتهور وعدم احترام إشارات الطريق يزيد الطين بلة ويضاعف من حوادث المرور القاتلة.

ويبقى الأسطول المستعمل من السيارات في أغلبه غير معد أصلا لهذه الطرقات فالسيارات الصغيرة الأكثر انتشارا في تونس هي الأكثر عرضة للحوادث لأن تصميمها غير معد لهذه الطرقات الملتوية و الضيقة.

وقد تحوّلت طرقات الموت هذه إلى كابوس يؤرق المتساكنين و المواطنين إضافة إلى دخول طرقات جديدة لقائمة طرقات الموت هذه. حتى لكأن كل طرقاتنا تحولت إلى طرقات للموت.

الاستثمار في الحياة..

تبقى ميزانية وزارة التجهيز والإسكان ضعيفة مقارنة بحجم التحديات التي تواجهها والحالة الرثة لطرقاتنا وبالتالي لابد من مضاعفة هذه الميزانية و البحث عن تمويلات خارجية لتجديد شبكة ما يعرف بالطرقات الوطنية التي تربط بين المدن. كذلك من المهم مراجعة تعريفة الطرقات السيارة فهي مصدر تنفير للسواق. وعلميا حوادث الطرقات تنخفض لأكثر من 60 بالمائة في الطرقات السيارة غير أن غلاء تعريفتها في تونس يجعل الكثيرين يتجنبونها مما يحدث ضغطا مروريا على الطرقات العادية فتكثر بذلك الحوادث.

إن الاستثمار في الطرقات هو استثمار في الحياة بامتياز. لكن ذلك غير كاف في ظل غياب ثقافة الطريق.

الردع و التوعية..

لاشك أن الدول التي تسجل أقل عدد من حوادث المرور هي تلك التي تعتمد قانون طرقات صارم وهو ليس واقع الحال في بلادنا حيث أن مجلة الطرقات والعقوبات المضمنة فيها لم تعد ترتقي إلى حجم الجرائم المرورية المرتكبة و لابد من تنقيح هذه المجلة و تشديد العقوبات فيها على جريمة السرعة و المجاوزة الممنوعة خاصة فهي أكثر سببين للحوادث وطبيعتهما تكون قاتلة بنسبة تفوق 90 في المائة.

كما أن إطلاق حملات توعوية للسواق بصفة دورية ضرورية لتذكيرهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم. وأهم شيء في هذا الخصوص احترام إشارات المرور وتقديسها و التخلي عن الأنانية في الطريق.

 الأطفال الأكثر ضحايا..

ضمن حوادث السير يعد الأطفال الفئة الأكثر عرضة للحوادث القاتلة و غيرها حيث يسجل سنويا مئات الحالات بين قتيل ومصاب والسبب في ذلك يعود الى تهور السواق في محيط المؤسسات التعليمية و في الانهج و المسالك المؤدية إليها وبالتالي لابد من إفراد هذه الأماكن بقانون سير ومرور خاصين وتشديد العقوبة على المخالفين.

ومن المهم أيضا إدراج مادة الثقافة المرورية في المرحلة الابتدائية فكثير من الحوادث أيضا تنتج عن جهل الأطفال بكيفية قطع الطريق و إتّباع الإشارات والأضواء و في كيفية تجنب الخطر.

تجارب ملهمة

في الوقت الذي يتجنّد فيه العالم و الأمم المتحدة لمجابهة خطر حوادث المرور تسجّل دولا أقل الأرقام .

وتحتل ليبيا المرتبة الأولى عربيا في السنة الحالية اذ تشير الإحصائيات إلى أن معدل الوفيات في ليبيا وصل إلى 73 وفاة لكل 100 ألف نسمة، مقارنة بالمعيار العالمي الذي يبلغ 20 وفاة لكل 100 ألف نسمة فقط.وفي تونس يبلغ الرقم حوالي 23قتيلا لكل 100ألف ساكن.

وقد أظهرت دراسة أوروبية أن طرق السويد وبريطانيا وألمانيا هي الأكثر أمناً بالنسبة للأطفال في أوروبا. وأشارت الدراسة أن أقل من عشرة أطفال من كل مليون طفل في هذه البلدان كانوا ضحية لحوادث مرورية في الاتحاد الأوروبي.

أرقام و إحصائيات كارثية(2023/2024)

- إحصائيات المرصد الوطني للمرور الخاصة بعام 2023 تشير إلى أن أهم الأسباب المؤدية إلى حوادث الطرقات هي السهو وعدم الانتباه بنسبة 40.16 % ثم السرعة بنسبة 16.18 % ثم عدم احترام الأولوية والمداهمة.

-تحتل ولاية تونس المرتبة الأولى في حوادث الطرقات بـ502 حادث وعدد القتلى بـ90 قتيلا وعدد الجرحى بـ623 جريحا. فولاية المهدية في المرتبة الثانية بـ321 حادثا و454جريحا، في حين احتلت ولاية صفاقس المرتبة الثالثة في عدد قتلى حوادث الطرقات بتسجيل 70 قتيلا.

- شهر جويلية المنقضي من السنة الجارية يعدّ من أكثر الأشهر التي سجّلت حوادث طرقات وذلك بـ469 حادثا وأيضا في عدد القتلى.

-بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، تسجل القارة الأفريقية أعلى معدل للوفيات على الطرق بمعدل 19.45 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة سنويا، وتضم الدولة صاحبة أعلى معدل للوفيات، غينيا بمعدل 37.4 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة. وتحتل غينيا المرتبة الأولى في حين تحتل تونس المرتبة 35 على 52دولة.

-لبنان يتصدر لائحة البلدان الأخطر حول العالم لقيادة السيارات. الدراسة اعتمدت على الإحصائيات الوطنية لأكثر من 60 بلدا، وأخذت بالاعتبار ثلاثة مؤشرات هي جودة الطرقات وعدد الوفيات في حوادث السير وإحصائيات جرائم سرقة السيارات.