احتفل الشاعر سمير العبدلي منذ أيام بصدور ديوانه الشعري الجديد " شباك ميرا" الذي جاء ليعزز مجموعة اصداراته الشعرية على امتداد اكثر من أربعين سنة في رحاب الشعر ودلالاته ومقاصده وتوجهاته.
سمير العبدلي واحد من أبرز شعراء التسعينات الى جانب عادل معيزي وشمس الدين العوني ومحمد الهادي الجزيري ومحفوظ الجراحي وعادل الجريدي وفوزية العكرمي وسامي السنوسي والطيب شلبي وغيرهم كثير من الذين أضافوا مسحة جمالية جديدة في علاقة بالشعر.
برز سمير العبدلي بانتاجه في عديد البرامج الاذاعية الثقافية الى جانب مساهمته في تأسيس تظاهرات ثقافية وطنية كما كان له حضور هام وبارز في أكثر من تظاهرة ثقافية دولية.
من اصداراته الشعرية على سبيل الذكر لا الحصر"موعد الريح"2003 -"العراف" 2014 –"كن واقفا لترى حجم الخراب" 2015 - "أجراس القصيد"2016
في هذا اللقاء تحدث سمير العبدلي عن الكثير من هواجسه التي لها علاقة بالشعر والشعراء مبرزا موقفه من زمن ابداعي اختلطت فيه المفاهيم ... وهذه الحصيلة.
*سمير العبدلي أحد أبرز عناصر جيل التسعينات الشعري ماذا بقي في الذاكرة من هذه المرحلة؟
-هي تجربة جيل أدبي عشناها ككتّاب بأحلامنا ورؤانا المختلفة للسائد الثقافيّ والسياسي في تلك الفترة. كنّا مجموعة من الكتّاب الشبّان جئنا على أنقاض حركات ثقافية عديدة تعلّمنا منهم الكثير وحاولنا التجاوز..التقينا حول مشاريع مختلفة وجلسنا إلى كبار الأدباء في تلك الفترة واختلفنا معهم وحاولنا التأسيس لتجارب إبداعية جديدة. جرّبنا في أنماط أدبية مختلفة وحلمنا بواقع ثقافيّ وأدبيّ مختلف ثمّ افترقنا وانشغل كل واحد بتجربته الخاصّة إيمانا منّا بأن الكتابة هي مشغل ذاتيّ شخصيّ، استفدت كثيرا من هذه التجربة لأني جايلت اسماء أدبية مهمّة تتصدّر اليوم المشهد الأدبي التونسي بما أنجزته من أعمال أدبية حقّقت النجاح ولفتت الانتباه لها في الداخل وفي الخارج لذلك مازلت افتخر بانتمائي لهذا الجيل الأدبي برغم الانكسارات التي عرفتها هذه التجربة.
*من وجهة نظرك ماذا قدم جيل التسعينات للشعر التونسي؟
-الحقيقة أنّنا لم نحقّق ما حلمنا به ..كانت هناك عوائق عديدة ابتدعناها ككتّاب بنرجسية بعضنا وبالأمراض المزمنة التي توارثناها جيلا بعد جيل... ظلّ الكاتب التونسي يعيش حالة الفشل الإبداعي لذلك لم يتجاوز هذا المنجز المتواضع حدود الوطن.. ثمّة حالة إخفاق جماعي باستثناء بعض المحاولات هنا وهناك لم نتجاوز منجز حركة الطليعة الأدبية ولم نتجاوز منجز شعراء الثمانينات ولم نتجاوز منجز من كتبوا قبلهم .. هناك ظاهرة إبداعية تونسية اسمها الفشل والإخفاق.
*ما الذي تغير في سمير العبدلي الشاعر بين الأمس واليوم؟
- لا شيء .. ظللت حبيس تجربة أدبية تنتمي إلى جيل مهزوم.. دخلنا تجربة اتحاد الكتّاب وانسحبنا منها بمرارة عميقة.. مشهد أدبي بائس تحكمه العلاقات الذاتية المشبوهة وتظاهرات ثقافية متناسبة ومتشابهة ومتكرّرة. لم أتغيّر، القيٓم والمفاهيم والطقوس والنواميس هي التي تغيّرت.. لذلك أشعر بغربة وأنا ألجُ هذا المشهد الأدبي المكتضّ بالمزيّفين والمتورّمين والمتسلّقين والمرضى...
*انت قليل التواجد والظهور في الملتقيات والتظاهرات الشعرية هل هذا اختيار منك؟
-هو اختيار لا تنازل عنه. لقد أسّست عديد التظاهرات الوطنية وأدرتُ عديد المهرجانات الدولية والوطنية وخبرتُ خبايا هذا المشهد الثقافيّ وأعرف كيف تنظّم التظاهرات الثقافية والأمسيات الشّعرية وغيرها من الفعاليات ولا أريد أن أظلّ بكرامتي كمواطن وكشاعر أقبل بأن ألتمس من أحد أن يدعوني لحفل ثقافي أو لمأتم. أنا بخير أكتب نصوصي في سلام وأشعر بكامل الاطمئنان .
*صدر لك منذ أيام ديوان شعري جديد "شبّاكُ ميرا" كيف تقدمه للقارئ؟
-محاولة جديدة في الخروج عن النصّ. هي جهد سنوات طويلة من البحث والتجريب والحفر، أزعمُ أنّها عمل شعري يستحقّ القراءة.. أنا سعيد بهذه التجربة الجديدة في الكتابة.
*قلت في احد حواراتك " اصدق الأشعار اكتبها صيفا" أي فعل لفصول السنة في بناء القصيد؟
-أنا من مواليد قرية جميلة وسط البلاد اسمها سيدي علي بن عون ..نشأت في تضاريس جبلية قاسية وكانت زياراتي القليلة الى المدن الساحلية دافعا حقيقيا لكتابة الشّعر. اغلب قصائدي التي أحبّها كتبتها صيفا وأنا أغازل البحر في مدن الصيف...
*هل من الضروري العودة الى الذاكرة والاستئناس بها لحظة البوح الشعري؟
-ذاكرتي تقتلني كإنسان وكشاعر. أريد أن أكتب نصّا بلا ذاكرة... قصائدي ملتبسة بهذا الماضي بخيباته وانكساراته وهزائمه... لم أنجُ بعدُ من ذاكرتي.
*ماهي نظرتك للمشهد الشعري التونسي اليوم؟
المشهد الشعري التونسي يعيش حالة مخاض مزمنة ..هناك محاولات جادّة انخرطت في تجربة الحداثة بكلّ صرامة وهي تنتج نصّا أدبيّا مُلفتا وهناك تجارب متكرّرة لا تحقّق الإضافة... المناخ الثقافيّ عامل من العوامل الفاعلة والمؤثرة لذلك ربّما يبقى بعض الكتّاب التونسيون في حبس السائد والمتداول دون وعي بما يحدث خارج خارطة الوطن .. الكتابة فعل ثوريّ متجاوز وعابر للحدود وللأسلاك الشائكة.. علينا أن نمتلك هذا الوعي وأن نتقبّله بكلّ هدوء بعيدا عن الغرور والتضخّم
*إلى أي مدى يمكن القول ان النقد أنصف تجربتك الشعرية؟
-أعتقد أني من المحظوظين نقديا. كتبي نشرها نقّاد لهم شأنهم في المشهد الأدبي التونسي من أمثال الدكتور الراحل محمد الصالح بن عمر والناقد التوهامي الهاني وغيرهم مع ذلك تلقى كتبي متابعة نقدية من طرف النقّاد الثقافيين. المسألة النقدية شائكة . غياب النقد الأكاديمي فسح المجال لأعمال نقدية ثقافية تمثّل خطرا كبيرا على المنجز النقدي التونسي. نحتاج لصحوة نقدية يقودها الأكاديميون دفاعا عن الأدب التونسي.
حوار محسن بن احمد
احتفل الشاعر سمير العبدلي منذ أيام بصدور ديوانه الشعري الجديد " شباك ميرا" الذي جاء ليعزز مجموعة اصداراته الشعرية على امتداد اكثر من أربعين سنة في رحاب الشعر ودلالاته ومقاصده وتوجهاته.
سمير العبدلي واحد من أبرز شعراء التسعينات الى جانب عادل معيزي وشمس الدين العوني ومحمد الهادي الجزيري ومحفوظ الجراحي وعادل الجريدي وفوزية العكرمي وسامي السنوسي والطيب شلبي وغيرهم كثير من الذين أضافوا مسحة جمالية جديدة في علاقة بالشعر.
برز سمير العبدلي بانتاجه في عديد البرامج الاذاعية الثقافية الى جانب مساهمته في تأسيس تظاهرات ثقافية وطنية كما كان له حضور هام وبارز في أكثر من تظاهرة ثقافية دولية.
من اصداراته الشعرية على سبيل الذكر لا الحصر"موعد الريح"2003 -"العراف" 2014 –"كن واقفا لترى حجم الخراب" 2015 - "أجراس القصيد"2016
في هذا اللقاء تحدث سمير العبدلي عن الكثير من هواجسه التي لها علاقة بالشعر والشعراء مبرزا موقفه من زمن ابداعي اختلطت فيه المفاهيم ... وهذه الحصيلة.
*سمير العبدلي أحد أبرز عناصر جيل التسعينات الشعري ماذا بقي في الذاكرة من هذه المرحلة؟
-هي تجربة جيل أدبي عشناها ككتّاب بأحلامنا ورؤانا المختلفة للسائد الثقافيّ والسياسي في تلك الفترة. كنّا مجموعة من الكتّاب الشبّان جئنا على أنقاض حركات ثقافية عديدة تعلّمنا منهم الكثير وحاولنا التجاوز..التقينا حول مشاريع مختلفة وجلسنا إلى كبار الأدباء في تلك الفترة واختلفنا معهم وحاولنا التأسيس لتجارب إبداعية جديدة. جرّبنا في أنماط أدبية مختلفة وحلمنا بواقع ثقافيّ وأدبيّ مختلف ثمّ افترقنا وانشغل كل واحد بتجربته الخاصّة إيمانا منّا بأن الكتابة هي مشغل ذاتيّ شخصيّ، استفدت كثيرا من هذه التجربة لأني جايلت اسماء أدبية مهمّة تتصدّر اليوم المشهد الأدبي التونسي بما أنجزته من أعمال أدبية حقّقت النجاح ولفتت الانتباه لها في الداخل وفي الخارج لذلك مازلت افتخر بانتمائي لهذا الجيل الأدبي برغم الانكسارات التي عرفتها هذه التجربة.
*من وجهة نظرك ماذا قدم جيل التسعينات للشعر التونسي؟
-الحقيقة أنّنا لم نحقّق ما حلمنا به ..كانت هناك عوائق عديدة ابتدعناها ككتّاب بنرجسية بعضنا وبالأمراض المزمنة التي توارثناها جيلا بعد جيل... ظلّ الكاتب التونسي يعيش حالة الفشل الإبداعي لذلك لم يتجاوز هذا المنجز المتواضع حدود الوطن.. ثمّة حالة إخفاق جماعي باستثناء بعض المحاولات هنا وهناك لم نتجاوز منجز حركة الطليعة الأدبية ولم نتجاوز منجز شعراء الثمانينات ولم نتجاوز منجز من كتبوا قبلهم .. هناك ظاهرة إبداعية تونسية اسمها الفشل والإخفاق.
*ما الذي تغير في سمير العبدلي الشاعر بين الأمس واليوم؟
- لا شيء .. ظللت حبيس تجربة أدبية تنتمي إلى جيل مهزوم.. دخلنا تجربة اتحاد الكتّاب وانسحبنا منها بمرارة عميقة.. مشهد أدبي بائس تحكمه العلاقات الذاتية المشبوهة وتظاهرات ثقافية متناسبة ومتشابهة ومتكرّرة. لم أتغيّر، القيٓم والمفاهيم والطقوس والنواميس هي التي تغيّرت.. لذلك أشعر بغربة وأنا ألجُ هذا المشهد الأدبي المكتضّ بالمزيّفين والمتورّمين والمتسلّقين والمرضى...
*انت قليل التواجد والظهور في الملتقيات والتظاهرات الشعرية هل هذا اختيار منك؟
-هو اختيار لا تنازل عنه. لقد أسّست عديد التظاهرات الوطنية وأدرتُ عديد المهرجانات الدولية والوطنية وخبرتُ خبايا هذا المشهد الثقافيّ وأعرف كيف تنظّم التظاهرات الثقافية والأمسيات الشّعرية وغيرها من الفعاليات ولا أريد أن أظلّ بكرامتي كمواطن وكشاعر أقبل بأن ألتمس من أحد أن يدعوني لحفل ثقافي أو لمأتم. أنا بخير أكتب نصوصي في سلام وأشعر بكامل الاطمئنان .
*صدر لك منذ أيام ديوان شعري جديد "شبّاكُ ميرا" كيف تقدمه للقارئ؟
-محاولة جديدة في الخروج عن النصّ. هي جهد سنوات طويلة من البحث والتجريب والحفر، أزعمُ أنّها عمل شعري يستحقّ القراءة.. أنا سعيد بهذه التجربة الجديدة في الكتابة.
*قلت في احد حواراتك " اصدق الأشعار اكتبها صيفا" أي فعل لفصول السنة في بناء القصيد؟
-أنا من مواليد قرية جميلة وسط البلاد اسمها سيدي علي بن عون ..نشأت في تضاريس جبلية قاسية وكانت زياراتي القليلة الى المدن الساحلية دافعا حقيقيا لكتابة الشّعر. اغلب قصائدي التي أحبّها كتبتها صيفا وأنا أغازل البحر في مدن الصيف...
*هل من الضروري العودة الى الذاكرة والاستئناس بها لحظة البوح الشعري؟
-ذاكرتي تقتلني كإنسان وكشاعر. أريد أن أكتب نصّا بلا ذاكرة... قصائدي ملتبسة بهذا الماضي بخيباته وانكساراته وهزائمه... لم أنجُ بعدُ من ذاكرتي.
*ماهي نظرتك للمشهد الشعري التونسي اليوم؟
المشهد الشعري التونسي يعيش حالة مخاض مزمنة ..هناك محاولات جادّة انخرطت في تجربة الحداثة بكلّ صرامة وهي تنتج نصّا أدبيّا مُلفتا وهناك تجارب متكرّرة لا تحقّق الإضافة... المناخ الثقافيّ عامل من العوامل الفاعلة والمؤثرة لذلك ربّما يبقى بعض الكتّاب التونسيون في حبس السائد والمتداول دون وعي بما يحدث خارج خارطة الوطن .. الكتابة فعل ثوريّ متجاوز وعابر للحدود وللأسلاك الشائكة.. علينا أن نمتلك هذا الوعي وأن نتقبّله بكلّ هدوء بعيدا عن الغرور والتضخّم
*إلى أي مدى يمكن القول ان النقد أنصف تجربتك الشعرية؟
-أعتقد أني من المحظوظين نقديا. كتبي نشرها نقّاد لهم شأنهم في المشهد الأدبي التونسي من أمثال الدكتور الراحل محمد الصالح بن عمر والناقد التوهامي الهاني وغيرهم مع ذلك تلقى كتبي متابعة نقدية من طرف النقّاد الثقافيين. المسألة النقدية شائكة . غياب النقد الأكاديمي فسح المجال لأعمال نقدية ثقافية تمثّل خطرا كبيرا على المنجز النقدي التونسي. نحتاج لصحوة نقدية يقودها الأكاديميون دفاعا عن الأدب التونسي.