إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في نظام الحصة الواحدة كما الحصتين.. "التذمر" من الإدارة لا يتوقف في انتظار الإصلاحات "المنشودة"؟

 

تونس-الصباح

التذمر من مستوى الخدمات الإدارية ومن أداء الموظف التونسي في مختلف المصالح الإدارية لا يكاد يتوقف. فبعد فترة نظام الحصة الواحدة، وما رافقها من تشكيات وانتقادات سُجلت باستمرار على مواقع التواصل الاجتماعي بأساليب شتى منها اللاذعة والساخرة، تتواصل هذه التذمرات اثر عودة العمل بنظام الحصتين حيث يكاد يتفق الجميع أن ممارسات الإدارة وسلوك الموظف التونسي لا تتغير مهما اختلفت الفصول والأوقات ومهما كانت الإجراءات وبرامج التغيير والإصلاح التي يتم الإعلان عنها لتغيير وجه الإدارة التونسية وتحسين علاقتها مع المواطن والباعث الشاب والمستثمر.

"دار لقمان على حالها" بهذا الاستنتاج تخرج اثر طرحك سؤال بسيط على محيطك القريب حول تقييم مدى تحسن مستوى الإدارة في تونس وخدماتها. الكل تقريبا يشتكى بصيغ مختلفة بين من ينتقد كثرة الأوراق المطلوبة في ابسط الخدمات المقدمة وبين من يؤرقه بطء الإجراءات وتلكؤ الموظف والمسؤول وهو يعيد على أسماعك الجملة المعتادة "أرجع غدوة".

انتقادات

آخرون ينتقدون مشاهد الشبابيك الشاغرة من موظفيها أثناء أوقات الدوام أمام صفوف انتظار طويلة والغيابات والتأخير في الالتحاق بمواقع العمل و"التكركير" تلك الرياضة الوطنية بامتياز، دون أن نغفل سوء المعاملة والاستقبال أحيانا ومظاهر التشنج والتوتر بين المواطن ومسدي الخدمة الإدارية.

ولعل ما كشفته سابقا دراسة قامت بها الجمعية التونسية لمكافحة الفساد من أرقام صادمة، هي في الحقيقة ليست إلا انعكاسا للواقع وتأكيدا لتذمرات البعض وانتقاداتهم الساخرة لعلاقة الموظف التونسي والإدارة عموما بثقافة العمل والانضباط والتفاني وقيمة الوقت ..

كشفت الدراسة آنفة الذكر أن "معدل وقت العمل الفعلي للموظف التونسي الذي يقضيه في وظيفته لا يتجاوز 8 دقائق في اليوم، وهو ما يعتبر معدلاً دون المستويات العالمية".

كما بينت الدراسة أن "أيام عمل الموظف التونسي سنويا لا تتجاوز 105 من أصل 356، وأن نسبة غياب الموظفين داخل الإدارة التونسية ارتفعت بنسبة تقدر بـ6 في المائة". بالإضافة إلى أن" نسبة الموظفين الحاضرين بصفة قانونية في مراكز عملهم والذين لا يقدمون الإضافة قدرت بنحو 80 في المائة وموظف فقط من بين 5 موظفين يعمل والباقين يكتفون بالحضور".

إشكاليات

قطعا لا تختزل مظاهر الخلل في الإدارة التونسية فقط في أداء الموظف والغيابات وكثرة الإجراءات بل تتعداه إلى أعمق من ذلك وهي تتطلب إصلاحات جذرية وشاملة لتكون فعلا إدارة قادرة على المساهمة في النمو والتنمية وتقدم البلاد على أكثر من صعيد.

في تصريح له أمس قال عبيد البريكي، الأمين العام لحزب حركة تونس والذي شغل سابقا منصب وزير للوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد كما يعد من أكثر المتحدثين والرافعين للواء الإصلاح الإداري، قال إن “الإصلاح الإداري فيه عديد الجوانب.. والنظام الجبائي الحالي غير عادل ويمكن أن يساهم في مداخيل بآلاف المليارات في حال إصلاحه وتطبيقه بمرونة، وآن الأوان لمراجعة قانون الصفقات لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة..” .

وقبل ذلك صرح البريكي أيضا مباشرة اثر التحوير الوزاري الأخير أنه" كان يأمل أن يعلن رئيس الدولة في التحوير الوزاري الأخير عن بعث وزارة للإصلاحات الكبرى، ومن بينها بالخصوص إصلاح المؤسسات العمومية ومنظومة الدعم والإدارة وقطاعات الصحة والنقل والتعليم، والتي قال إنها "تحتاج الى وضع تصور كامل ومتابعة يومية".

واعتبر البريكي أن "بوابة كل إصلاح في تونس هو الإدارة التونسية، قائلا ” اليوم لا بد من إعادة توزيع الأعوان بامتيازاتهم في مختلف الإدارات من أجل خلق التوازن وتوفير الخدمات في جميع القطاعات دون استثناء.. هذا محوري في الإصلاح الإداري..”.

كما يعتبر البريكي أن وضعية الإدارة التونسية تتطلب الإصلاح لتجاوز ما وصفها ”بالمعرقلات والشوائب المتواجدة في القطاع العام.. وهناك العديد من المسائل المتشعبة التي وجب طرحها حتى مسألة الانضباط داخل الإدارة.. ويجب إعادة النظر في مسألة العطلة نهاية الأسبوع.. لم لا يقع التراجع عن عطلة يوم السبت ومراجعة القرار..؟" .

برامج إصلاح

في المقابل لا يتوقف الحديث عن برامج وإجراءات ومشاريع وتشريعات لتحسين مردود الإدارة في مختلف جوانبها. ونشير هنا إلى اجتماع سابق عقدت لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد بمجلس النواب خصصتها للاستماع الى ممثلي رئاسة الحكومة حول مدى التقدم في مراجعة النصوص القانونية المتعلقة بالتطوير الإداري والوظيفة العمومية والصفقات العمومية.

وقد تم خلال هذه الجلسة تناول "سياقات مراجعة القانون المتعلق بالوظيفة العمومية وخاصة منها الدستورية. إذ أكد ممثلو رئاسة الحكومة أن الإصلاح أضحى ضروريا لمواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية خاصة بعد مرور 10 سنوات على إصدار هذا القانون".

كما تم "تقديم لمحة عن منهج ومسار مراجعة هذا القانون الذي انطلق منذ سنة 2015 الى غاية سبتمبر 2023 عبر تشريك كل الأطراف المعنية واستشارة الوزارات حول النسخة الأولية وذلك في شهر أكتوبر 2023 وتنظيم عدد من الأيام الدراسية".

وفي مجال التطوير الإداري تم التطرق الى "مشروع مراجعة الأمر 982 لسنة 1993 المؤرخ في 3 ماي 1993 والذي سيمكن من تيسير المعاملات الإدارية والتقليص من الشكليات المستوجبة على المواطن وعلى المؤسسة. كما تمت الإشارة الى مشروع إطلاق المنصة الوطنية الموحدة للإجراءات الإدارية خلال الفترة المقبلة مع تأكيد ضرورة الترابط بين الوزارات والهياكل في مجال تبادل الوثائق".

م.ي

 

 

 

 

 

 

 

 

في نظام الحصة الواحدة كما الحصتين..   "التذمر" من الإدارة لا يتوقف في انتظار الإصلاحات "المنشودة"؟

 

تونس-الصباح

التذمر من مستوى الخدمات الإدارية ومن أداء الموظف التونسي في مختلف المصالح الإدارية لا يكاد يتوقف. فبعد فترة نظام الحصة الواحدة، وما رافقها من تشكيات وانتقادات سُجلت باستمرار على مواقع التواصل الاجتماعي بأساليب شتى منها اللاذعة والساخرة، تتواصل هذه التذمرات اثر عودة العمل بنظام الحصتين حيث يكاد يتفق الجميع أن ممارسات الإدارة وسلوك الموظف التونسي لا تتغير مهما اختلفت الفصول والأوقات ومهما كانت الإجراءات وبرامج التغيير والإصلاح التي يتم الإعلان عنها لتغيير وجه الإدارة التونسية وتحسين علاقتها مع المواطن والباعث الشاب والمستثمر.

"دار لقمان على حالها" بهذا الاستنتاج تخرج اثر طرحك سؤال بسيط على محيطك القريب حول تقييم مدى تحسن مستوى الإدارة في تونس وخدماتها. الكل تقريبا يشتكى بصيغ مختلفة بين من ينتقد كثرة الأوراق المطلوبة في ابسط الخدمات المقدمة وبين من يؤرقه بطء الإجراءات وتلكؤ الموظف والمسؤول وهو يعيد على أسماعك الجملة المعتادة "أرجع غدوة".

انتقادات

آخرون ينتقدون مشاهد الشبابيك الشاغرة من موظفيها أثناء أوقات الدوام أمام صفوف انتظار طويلة والغيابات والتأخير في الالتحاق بمواقع العمل و"التكركير" تلك الرياضة الوطنية بامتياز، دون أن نغفل سوء المعاملة والاستقبال أحيانا ومظاهر التشنج والتوتر بين المواطن ومسدي الخدمة الإدارية.

ولعل ما كشفته سابقا دراسة قامت بها الجمعية التونسية لمكافحة الفساد من أرقام صادمة، هي في الحقيقة ليست إلا انعكاسا للواقع وتأكيدا لتذمرات البعض وانتقاداتهم الساخرة لعلاقة الموظف التونسي والإدارة عموما بثقافة العمل والانضباط والتفاني وقيمة الوقت ..

كشفت الدراسة آنفة الذكر أن "معدل وقت العمل الفعلي للموظف التونسي الذي يقضيه في وظيفته لا يتجاوز 8 دقائق في اليوم، وهو ما يعتبر معدلاً دون المستويات العالمية".

كما بينت الدراسة أن "أيام عمل الموظف التونسي سنويا لا تتجاوز 105 من أصل 356، وأن نسبة غياب الموظفين داخل الإدارة التونسية ارتفعت بنسبة تقدر بـ6 في المائة". بالإضافة إلى أن" نسبة الموظفين الحاضرين بصفة قانونية في مراكز عملهم والذين لا يقدمون الإضافة قدرت بنحو 80 في المائة وموظف فقط من بين 5 موظفين يعمل والباقين يكتفون بالحضور".

إشكاليات

قطعا لا تختزل مظاهر الخلل في الإدارة التونسية فقط في أداء الموظف والغيابات وكثرة الإجراءات بل تتعداه إلى أعمق من ذلك وهي تتطلب إصلاحات جذرية وشاملة لتكون فعلا إدارة قادرة على المساهمة في النمو والتنمية وتقدم البلاد على أكثر من صعيد.

في تصريح له أمس قال عبيد البريكي، الأمين العام لحزب حركة تونس والذي شغل سابقا منصب وزير للوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد كما يعد من أكثر المتحدثين والرافعين للواء الإصلاح الإداري، قال إن “الإصلاح الإداري فيه عديد الجوانب.. والنظام الجبائي الحالي غير عادل ويمكن أن يساهم في مداخيل بآلاف المليارات في حال إصلاحه وتطبيقه بمرونة، وآن الأوان لمراجعة قانون الصفقات لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة..” .

وقبل ذلك صرح البريكي أيضا مباشرة اثر التحوير الوزاري الأخير أنه" كان يأمل أن يعلن رئيس الدولة في التحوير الوزاري الأخير عن بعث وزارة للإصلاحات الكبرى، ومن بينها بالخصوص إصلاح المؤسسات العمومية ومنظومة الدعم والإدارة وقطاعات الصحة والنقل والتعليم، والتي قال إنها "تحتاج الى وضع تصور كامل ومتابعة يومية".

واعتبر البريكي أن "بوابة كل إصلاح في تونس هو الإدارة التونسية، قائلا ” اليوم لا بد من إعادة توزيع الأعوان بامتيازاتهم في مختلف الإدارات من أجل خلق التوازن وتوفير الخدمات في جميع القطاعات دون استثناء.. هذا محوري في الإصلاح الإداري..”.

كما يعتبر البريكي أن وضعية الإدارة التونسية تتطلب الإصلاح لتجاوز ما وصفها ”بالمعرقلات والشوائب المتواجدة في القطاع العام.. وهناك العديد من المسائل المتشعبة التي وجب طرحها حتى مسألة الانضباط داخل الإدارة.. ويجب إعادة النظر في مسألة العطلة نهاية الأسبوع.. لم لا يقع التراجع عن عطلة يوم السبت ومراجعة القرار..؟" .

برامج إصلاح

في المقابل لا يتوقف الحديث عن برامج وإجراءات ومشاريع وتشريعات لتحسين مردود الإدارة في مختلف جوانبها. ونشير هنا إلى اجتماع سابق عقدت لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد بمجلس النواب خصصتها للاستماع الى ممثلي رئاسة الحكومة حول مدى التقدم في مراجعة النصوص القانونية المتعلقة بالتطوير الإداري والوظيفة العمومية والصفقات العمومية.

وقد تم خلال هذه الجلسة تناول "سياقات مراجعة القانون المتعلق بالوظيفة العمومية وخاصة منها الدستورية. إذ أكد ممثلو رئاسة الحكومة أن الإصلاح أضحى ضروريا لمواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية خاصة بعد مرور 10 سنوات على إصدار هذا القانون".

كما تم "تقديم لمحة عن منهج ومسار مراجعة هذا القانون الذي انطلق منذ سنة 2015 الى غاية سبتمبر 2023 عبر تشريك كل الأطراف المعنية واستشارة الوزارات حول النسخة الأولية وذلك في شهر أكتوبر 2023 وتنظيم عدد من الأيام الدراسية".

وفي مجال التطوير الإداري تم التطرق الى "مشروع مراجعة الأمر 982 لسنة 1993 المؤرخ في 3 ماي 1993 والذي سيمكن من تيسير المعاملات الإدارية والتقليص من الشكليات المستوجبة على المواطن وعلى المؤسسة. كما تمت الإشارة الى مشروع إطلاق المنصة الوطنية الموحدة للإجراءات الإدارية خلال الفترة المقبلة مع تأكيد ضرورة الترابط بين الوزارات والهياكل في مجال تبادل الوثائق".

م.ي