بشير الجويني لـ"الصباح": هذا المطلوب من القائمين على السياسة الخارجية لبلادنا للقيام بدور عملي في حل الأزمة الليبية
تونس – الصباح
تتجه أنظار عديد الجهات الداخلية والخارجية إلى السياسة الخارجية لتونس خلال المرحلة القادمة لاسيما بعد التحوير الوزاري الذي شمل وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج في حكومة كمال المدّوري قبل نهاية الشهر الماضي وتعيين محمد علي النفطي خلفا لنبيل عمار، وذلك بمراهنة سياسة تونس الخارجية على لعب دور ريادي وفاعل لحلحلة الأزمة المتشعبة القائمة في ليبيا، وإجماع عديد الأطراف على الدور الممكن لتونس في حل هذه الأزمة.
وقد شكلت المسألة الليبية محور لقاءات عديدة لوزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج منذ تقلده مهامه من أبرزها لقاءه بستيفاني خوري القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ونائب الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية، منذ أسبوع تقريبا وتأكيده التزام تونس بمواصلة دعم جهود الأمم المتّحدة وولاية البعثة الأمميّة في ليبيا. واعتراف هذه الأخيرة بدعم تونس المستمرّ للوساطة الأممية في ليبيا وما تقدمه من مساعدة ومساندة لجهود بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا وتوفيرها لكافة التسهيلات اللازمة لتيسير اضطلاع البعثة الأممية بمهامّها.
ورغم تأكيد رئيس الجمهورية قيس سعيد في عديد المناسبات على تمسك والتزام بلادنا في سياستها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأجنبية مقابل رفض أي تدخل أجنبي في الشؤون الوطنية التونسية وتأكيده في عديد المناسبات على أن بلادنا تدفع ليكون الحل في علاقة بالأزمة الليبية حلا ليبيا -ليبيا، إلا أن البعض يرى أن اضطلاع تونس بدور عملي لتقريب وجهات نظر الفرقاء السياسيين والقوى المتنازعة في ليبيا ضروري في هذه المرحلة وقبل أي وقت مضى، نظرا لتداعيات تأزم الوضع والتوتر القائم على الأراضي الليبية، اقتصادية واجتماعية وأمنية بالأساس. ويكفي الإشارة إلى ما خلفه لجوء الجانب الليبي إلى غلق المعابر الحدودية منذ مدة من تعطل مصالح عديد المواطنين والمؤسسات من الجانبين الليبي والتونسي. وقد عبر النفطي عن استعداد تونس التّام للمساهمة في ما من شأنه أن يدعم الحوار والتوافق وجهود المصالحة من أجل الوصول إلى حلّ سياسي دائم ليبي- ليبي، بما يمكّن من استعادة هذا البلد الشقيق لأمنه واستقراره.
صفحة جديدة
من جانبه اعتبر بشير الجويني، الباحث في العلاقات الدولية والمختص في الشأن الليبي في حديثه لـ"الصباح"، أن الجميع يراهن على فتح بلادنا صفحة جديدة وتركيز جهودها في سياستها الخارجية للمساهمة في حلحلة الأزمة في ليبيا لعدة اعتبارات. وضع المخاطر والصعوبات التي تواجهها بلادنا بسبب تفاقم وتوتر الأوضاع والأزمات في القطر الليبي. وأضاف قائلا:"الكل يعتبر أن محمد علي النفطي أحد أبناء الديبلوماسية التونسية الذي يتمتع بدراية ومتابعة للشؤون والعلاقات الخارجية عامة والعربية تحديدا، وهو على يقين أيضا أن تونس تمثل جزءا كبيرا وفاعلا في حل الملف الليبي طال الزمن أم قصر، لأن العلاقات التونسية- الليبية مترسخة في القدم بين الشعبين وأنظمة البلدين وهي تظل بمنأى عن كل أنواع التجاذبات والتوظيف ودون تحيز لأي جهة كانت".
ويرى الجويني أن بلادنا مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى العمل على تعزيز العلاقات بين البلدين والدفع لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء المتنازعين على الحكم في القطر الليبي. وأوضح قائلا: "أعتقد أن الأداء في الجانب الاقتصادي يحتاج إلى مزيد العمل والحرص من الجانب التونسي تحديدا حكومة كانت أو عبر تركيز سياسة الدولة الخارجية على العناية بهذا الجانب. وقد كلفت قرارات غلق المعبر الحدودي التونسي الليبي الأخيرة أضرارا اقتصادية كبيرة تمثلت في تراجع المؤسسات التونسية التي تشتغل في ليبيا إلى الثلثين". وهو يرى أيضا أنه "على بلادنا إعادة النظر في إستراتجيتها في هذا الجانب عبر دعم الوجود الاقتصادي هناك كما في القارة الإفريقية والعمل وفق منطق أن لليبيا اقتصاد حيوي يتطلب اعتماد رؤية حيوية عملية سواء في القطاعين العمومي أو الخاص"، وفق تأكيده.
كما يعتبر الباحث في العلاقات الدولية أن هناك بوادر ومؤشرات تبين أن بلادنا قادرة على المساهمة في إيجاد الحلول للأزمات ووضع استراتيجيات واضحة المعالم والأهداف بين البلدين وصفها بقوله:"ستكون بوادر لإستراتيجية جديدة هادفة لا تقدر ولا ترتبط بمسألة تحقيق المصالح الآنية والضيقة وإنما تذهب وتراعي في أبعادها عمق العلاقات بين البلدين وارتباط مصالحهما الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية ومساعي جميع الأطراف في البلدين لتحقيق السلم والتطور والنماء للبلدين".
في جانب آخر من حديثه قال بشير الجويني: "الوضع الآن يتطلب من القائمين على السياسية الخارجية في الدولة وضع إستراتيجية واضحة فيما يتعلق بالدور الذي يجب أن تلعبه تونس في الدفع لإيجاد الحلول للوضع المتردي في ليبيا، وانتهاج سياسية عمل براغماتية تراعي المصالح في المديين القريب والبعيد على حد السواء. لأنه انطلاقا من ذلك يمكن لبلادنا أن تواصل انتهاج نفس السياسة للدخول في العمق الإفريقي ومزايا ذلك في فتح آفاق استثمار وتشغيل وأسواق داخلية وخارجية وغيرها".
نزيهة الغضباني
بشير الجويني لـ"الصباح": هذا المطلوب من القائمين على السياسة الخارجية لبلادنا للقيام بدور عملي في حل الأزمة الليبية
تونس – الصباح
تتجه أنظار عديد الجهات الداخلية والخارجية إلى السياسة الخارجية لتونس خلال المرحلة القادمة لاسيما بعد التحوير الوزاري الذي شمل وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج في حكومة كمال المدّوري قبل نهاية الشهر الماضي وتعيين محمد علي النفطي خلفا لنبيل عمار، وذلك بمراهنة سياسة تونس الخارجية على لعب دور ريادي وفاعل لحلحلة الأزمة المتشعبة القائمة في ليبيا، وإجماع عديد الأطراف على الدور الممكن لتونس في حل هذه الأزمة.
وقد شكلت المسألة الليبية محور لقاءات عديدة لوزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج منذ تقلده مهامه من أبرزها لقاءه بستيفاني خوري القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ونائب الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية، منذ أسبوع تقريبا وتأكيده التزام تونس بمواصلة دعم جهود الأمم المتّحدة وولاية البعثة الأمميّة في ليبيا. واعتراف هذه الأخيرة بدعم تونس المستمرّ للوساطة الأممية في ليبيا وما تقدمه من مساعدة ومساندة لجهود بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا وتوفيرها لكافة التسهيلات اللازمة لتيسير اضطلاع البعثة الأممية بمهامّها.
ورغم تأكيد رئيس الجمهورية قيس سعيد في عديد المناسبات على تمسك والتزام بلادنا في سياستها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأجنبية مقابل رفض أي تدخل أجنبي في الشؤون الوطنية التونسية وتأكيده في عديد المناسبات على أن بلادنا تدفع ليكون الحل في علاقة بالأزمة الليبية حلا ليبيا -ليبيا، إلا أن البعض يرى أن اضطلاع تونس بدور عملي لتقريب وجهات نظر الفرقاء السياسيين والقوى المتنازعة في ليبيا ضروري في هذه المرحلة وقبل أي وقت مضى، نظرا لتداعيات تأزم الوضع والتوتر القائم على الأراضي الليبية، اقتصادية واجتماعية وأمنية بالأساس. ويكفي الإشارة إلى ما خلفه لجوء الجانب الليبي إلى غلق المعابر الحدودية منذ مدة من تعطل مصالح عديد المواطنين والمؤسسات من الجانبين الليبي والتونسي. وقد عبر النفطي عن استعداد تونس التّام للمساهمة في ما من شأنه أن يدعم الحوار والتوافق وجهود المصالحة من أجل الوصول إلى حلّ سياسي دائم ليبي- ليبي، بما يمكّن من استعادة هذا البلد الشقيق لأمنه واستقراره.
صفحة جديدة
من جانبه اعتبر بشير الجويني، الباحث في العلاقات الدولية والمختص في الشأن الليبي في حديثه لـ"الصباح"، أن الجميع يراهن على فتح بلادنا صفحة جديدة وتركيز جهودها في سياستها الخارجية للمساهمة في حلحلة الأزمة في ليبيا لعدة اعتبارات. وضع المخاطر والصعوبات التي تواجهها بلادنا بسبب تفاقم وتوتر الأوضاع والأزمات في القطر الليبي. وأضاف قائلا:"الكل يعتبر أن محمد علي النفطي أحد أبناء الديبلوماسية التونسية الذي يتمتع بدراية ومتابعة للشؤون والعلاقات الخارجية عامة والعربية تحديدا، وهو على يقين أيضا أن تونس تمثل جزءا كبيرا وفاعلا في حل الملف الليبي طال الزمن أم قصر، لأن العلاقات التونسية- الليبية مترسخة في القدم بين الشعبين وأنظمة البلدين وهي تظل بمنأى عن كل أنواع التجاذبات والتوظيف ودون تحيز لأي جهة كانت".
ويرى الجويني أن بلادنا مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى العمل على تعزيز العلاقات بين البلدين والدفع لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء المتنازعين على الحكم في القطر الليبي. وأوضح قائلا: "أعتقد أن الأداء في الجانب الاقتصادي يحتاج إلى مزيد العمل والحرص من الجانب التونسي تحديدا حكومة كانت أو عبر تركيز سياسة الدولة الخارجية على العناية بهذا الجانب. وقد كلفت قرارات غلق المعبر الحدودي التونسي الليبي الأخيرة أضرارا اقتصادية كبيرة تمثلت في تراجع المؤسسات التونسية التي تشتغل في ليبيا إلى الثلثين". وهو يرى أيضا أنه "على بلادنا إعادة النظر في إستراتجيتها في هذا الجانب عبر دعم الوجود الاقتصادي هناك كما في القارة الإفريقية والعمل وفق منطق أن لليبيا اقتصاد حيوي يتطلب اعتماد رؤية حيوية عملية سواء في القطاعين العمومي أو الخاص"، وفق تأكيده.
كما يعتبر الباحث في العلاقات الدولية أن هناك بوادر ومؤشرات تبين أن بلادنا قادرة على المساهمة في إيجاد الحلول للأزمات ووضع استراتيجيات واضحة المعالم والأهداف بين البلدين وصفها بقوله:"ستكون بوادر لإستراتيجية جديدة هادفة لا تقدر ولا ترتبط بمسألة تحقيق المصالح الآنية والضيقة وإنما تذهب وتراعي في أبعادها عمق العلاقات بين البلدين وارتباط مصالحهما الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية ومساعي جميع الأطراف في البلدين لتحقيق السلم والتطور والنماء للبلدين".
في جانب آخر من حديثه قال بشير الجويني: "الوضع الآن يتطلب من القائمين على السياسية الخارجية في الدولة وضع إستراتيجية واضحة فيما يتعلق بالدور الذي يجب أن تلعبه تونس في الدفع لإيجاد الحلول للوضع المتردي في ليبيا، وانتهاج سياسية عمل براغماتية تراعي المصالح في المديين القريب والبعيد على حد السواء. لأنه انطلاقا من ذلك يمكن لبلادنا أن تواصل انتهاج نفس السياسة للدخول في العمق الإفريقي ومزايا ذلك في فتح آفاق استثمار وتشغيل وأسواق داخلية وخارجية وغيرها".