إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الشاعر الغنائي حاتم القيزاني لـ"الصباح": معضلة الميدان الفني تنظيمية وليست إبداعية

 

تونس-الصباح

مماطلة وتسويف في سن قانون الفنان.. استبشار بعودة الفنانة نجاة عطية بعد غياب مطول.. إمكانية استئناف نشاط الفنانة صوفية صادق.. تقلص الإنتاجات الموسيقية.. أحداث وإن اختلفت أسبابها ومضامينها فهي تدل على العديد من العوائق التي طالت الميدان الفني والمجال الموسيقي على وجه الخصوص، باعتبار أن الأغنية التونسية عانت الكثير طيلة عقود في ظل غياب ثلة من النجوم على مستوى التأليف والتلحين، فضلا عن بروز أسباب اخرى على غرار غياب شركات الإنتاج وتأثير مواقع التواصل الواضح...

"الصباح" كان لها اتصال بالشاعر الغنائي حاتم القيزاني للوقوف عند اهم أسباب تراجع الاغنية التونسية رغم بوادر التعافي مؤخرا، والحديث عن أهم انتاجاته الحديثة مع ابرز الفنانين التونسيين.. فكان الحوار التالي:

حاوره وليد عبد اللاوي 

*ما جديد حاتم القيزاني؟

مؤخرا كان لي العديد من المشاريع الفنية مع ثلة من الفنانين على غرار الفنان الكبير صابر الرباعي، وكلمات الأغنية الأخيرة رقم 36 التي جمعتني به من توزيع حمدي المهيري الحان صابر وكلمات حاتم القيزاني.. أما الأغنية الثانية فهي للفنانة المتميزة نجاة عطية التي عادت من الباب الكبير، مبدئيا توزيع سامي المعتوقي الى أن يستقر الرأي عند المطربة نجاة مع اغنية. فضلا عن اضافة أغنية وطنية لرصيدها الفني..

كما تم التواصل مع الفنانة ٱمال المقيمة بفرنسا من خلال اغنيتين تونسيتين حديثتين.. ولئن تقلصت إنتاجات المؤلفين الغنائيين والملحنين في الموسم الصيفي نتيجة فعاليات المهرجانات والحفلات الخاصة، فقد كنت حريصا على أن تكون كل الأغاني التونسية التي قمت بكتابة كلماتها بارزة في الموسم القادم ، علما وان لي تجربة جديدة مع الفنان الشعبي وليد التونسي الذي تربطني به علاقة زمالة طيلة أكثر من عقدين من الزمن من خلال أغنية "شوف شوف" بعد غياب مطول على هذا العالم والنمط الموسيقي، وستكون الأغنية بروح معاصرة من حيث التصوير واللباس وتوظيف الٱلات الموسيقية.. لأول مرة سيكون التعامل مع وليد التونسي رغم ان حصيلة تجربتي مع عمالقة الفن الشعبي على غرار لطفي جرمانة والهادي حبوبة ولطفي البنزرتي وسمير الوصيف والهادي دنيا واصوات أخرى فاقت ثمانين أغنية.. في المقابل وفي ظل غياب شركات الانتاج التي كانت تعتني بالفنانين الشعبيين وتنتج لهم العديد من الأعمال الهامة نلاحظ تأثير ذلك الغياب على الأعمال الفنية في هذا المجال على وجه الخصوص بنسبة كبيرة.. ولا أخفي أني متفائل من حيث استعادة الاغنية الشعبية مجدها على مستوى الكلمة واللحن مع المحافظة على خصوصيتها..

*عامة، كيف ترى حال الوضع الراهن للأغنية التونسية ؟

بالنسبة للأغنية التونسية أصبحت الساحة الفنية تشهد أكثر من نمط موسيقي مثل الوتري ودخول الراب على الخط والنمط الشعبي الذي كان يوازي النمط الوتري، ولا يمكن أن نتجاهل مدى تأثير التغيرات طيلة العشرة او الخمسة عشرة سنة الأخيرة على جميع الفنون فضلا عن مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات الحديثة التي اصبحت أحد المصادر الرئيسية بالنسبة للمتلقي، المعوضة لوسائل تواصل وانتاج قديمة، إذ يبدو أن الناشطين في المجال الوطني -حسب رأيي- لم يكونوا على اتم الاستعداد لمثل هكذا متغيرات من حيث طريقة التوزيع والتسويق التي طالت الوسط الفني واستقطبت جماهير واسعة بمختلف الفئات وتنوع الأذواق..

ومن الواضح أن العديد من الفنانين تفطنوا الى هذه المسألة ولم يجدوا سبلا سوى الانسياق مع قناة "اليوتيوب" و"الانستغرام" وغيرها من وسائل الاتصال..

نقطة أخرى لا بد من الإشارة إليها وهي انه رغم تمكن رواد "الراب" من الاستحواذ على حيز كبير في الساحة الفنية التونسية وانتشار الأعمال في الوسائل السالف ذكرها وربما "الحجب" الذي تتعرض له الأعمال الوترية والشعبية، فإن تلك السيطرة لا يمكن أن تدوم لأن المسألة مسألة وقت.. وستعود الأغنية التونسية الى سالف نشاطها وإشعاعها..

*بم تفسر غياب النقاد الموسيقيين ؟

نحن بأمس الحاجة الى مختصين ومضطلعين في المجال الموسيقي، على بينة من "الماكينة" من الداخل وعلى كل الظروف التي مرت بها الأغنية التونسية.. وهنا لا بد من الإشارة الى أن الارضية غير سانحة للانتاج وأغلب الفنانين هم منتجون لاعمالهم بالأساس علما وأن كلفة انتاج الأغنية الواحدة لا تقل عن سبعة ٱلاف دينار ، فضلا عن ان الاعلام الخاص أو بعض المحطات الإعلامية أصبحت تعول أكثر على الأغنية الشرقية الواردة علينا عبر الفضائيات والكليبات الموسيقية الموجودة..

وليس عيبا أن نقول أن تلك المحطات ذات منحى تجاري لان الأمر مشروع، لكن نستشعر أنه ثمة تقصير على مستوى السند ودعم المبدعين لاشعاع الأغنية التونسية وتوزيعها..

أرى أن المشكل الكبير في تونس ليس إبداعيا بقدر ما هو تنظيميا ..مشكلنا تسويقي قانوني على مستوى حقوق التأليف وغيرها من القوانين التي لم يفعل اغلبها رغم قدمها، ذلك أن العديد من القوانين مازالت شكلية رغم سنها في التسعينات!

في ظل غياب مجهود وإرادة الإدارة لتحيين بعض القوانين التي من شانها أن تساهم في تنظيم الميدان الفني، ومن ثمة يدرك الفنان حقوقه وواجباته .. لأن الساحة الفنية تزخر بالطاقات الإبداعية "شاربين من واد مجردة" ولنا الكثير ممن اصبح لهم اثر واضح خارج الوطن..

* الا ترى أن قانون الفنان الذي لم ير النور الى الآن من بين أسباب مشاكل الأغنية التونسية ؟

للاسف لدينا ثلاث نقابات فنية وساهمت في تأسيس نقابتين ليتضح لي اننا بصدد خوض معارك تتعلق بالعقلية بالأساس قبل المشاكل والعوائق الرئيسية، لأنه كلما طرأ مشكل نتج عنه بالضرورة "ازمة نفوس وكل واحد يجبد لروحو" ..كما لا يخفى على متابعي الميدان الفني ان العديد من الأطراف والهيئات ذات الصلة بمجلس النواب لا تتسم بالجدية المطلوبة لحلحلة المشاكل، باعتبار أن نقابة الفنون والمهن المجاورة كانت قد اعدت ملفا كاملا من أجل سن قانون للفنان وكل ما يتعلق بالواقع الجديد وعرضه على لجان مختصة لكن لم يقع الاستجابة الى المطالب رغم الوعود .. ولم افهم الى الآن سر المماطلة التي لا تخدم لا الدخل الفردي ولا الوطني باعتبار أن المجال الفني يبقى مجال استثمار ..

أنا شخصيا ازكي كل تحركات نقابة الفنون والمهن المجاورة لكن الكاتب العام ماهر الهمامي في ظل غياب قوانين واضحة سيظل نشاطه خارج دائرة المصلحة العامة للفنان ولا يتعدى التكريمات وجمع الأموال لإغاثة ثلة من الفنانين الذين ضاق بهم الحال..

إضافة الى عدم تمكنه من ضمان حقوق العازفين على سبيل المثال وتمكين العديد منهم من بطاقة الفنان المحترف وغيرها من العوائق التي حال عدم سن قانون واضح من تجاوزها...

 

 

 

 

 

الشاعر الغنائي حاتم القيزاني لـ"الصباح":  معضلة الميدان الفني تنظيمية وليست إبداعية

 

تونس-الصباح

مماطلة وتسويف في سن قانون الفنان.. استبشار بعودة الفنانة نجاة عطية بعد غياب مطول.. إمكانية استئناف نشاط الفنانة صوفية صادق.. تقلص الإنتاجات الموسيقية.. أحداث وإن اختلفت أسبابها ومضامينها فهي تدل على العديد من العوائق التي طالت الميدان الفني والمجال الموسيقي على وجه الخصوص، باعتبار أن الأغنية التونسية عانت الكثير طيلة عقود في ظل غياب ثلة من النجوم على مستوى التأليف والتلحين، فضلا عن بروز أسباب اخرى على غرار غياب شركات الإنتاج وتأثير مواقع التواصل الواضح...

"الصباح" كان لها اتصال بالشاعر الغنائي حاتم القيزاني للوقوف عند اهم أسباب تراجع الاغنية التونسية رغم بوادر التعافي مؤخرا، والحديث عن أهم انتاجاته الحديثة مع ابرز الفنانين التونسيين.. فكان الحوار التالي:

حاوره وليد عبد اللاوي 

*ما جديد حاتم القيزاني؟

مؤخرا كان لي العديد من المشاريع الفنية مع ثلة من الفنانين على غرار الفنان الكبير صابر الرباعي، وكلمات الأغنية الأخيرة رقم 36 التي جمعتني به من توزيع حمدي المهيري الحان صابر وكلمات حاتم القيزاني.. أما الأغنية الثانية فهي للفنانة المتميزة نجاة عطية التي عادت من الباب الكبير، مبدئيا توزيع سامي المعتوقي الى أن يستقر الرأي عند المطربة نجاة مع اغنية. فضلا عن اضافة أغنية وطنية لرصيدها الفني..

كما تم التواصل مع الفنانة ٱمال المقيمة بفرنسا من خلال اغنيتين تونسيتين حديثتين.. ولئن تقلصت إنتاجات المؤلفين الغنائيين والملحنين في الموسم الصيفي نتيجة فعاليات المهرجانات والحفلات الخاصة، فقد كنت حريصا على أن تكون كل الأغاني التونسية التي قمت بكتابة كلماتها بارزة في الموسم القادم ، علما وان لي تجربة جديدة مع الفنان الشعبي وليد التونسي الذي تربطني به علاقة زمالة طيلة أكثر من عقدين من الزمن من خلال أغنية "شوف شوف" بعد غياب مطول على هذا العالم والنمط الموسيقي، وستكون الأغنية بروح معاصرة من حيث التصوير واللباس وتوظيف الٱلات الموسيقية.. لأول مرة سيكون التعامل مع وليد التونسي رغم ان حصيلة تجربتي مع عمالقة الفن الشعبي على غرار لطفي جرمانة والهادي حبوبة ولطفي البنزرتي وسمير الوصيف والهادي دنيا واصوات أخرى فاقت ثمانين أغنية.. في المقابل وفي ظل غياب شركات الانتاج التي كانت تعتني بالفنانين الشعبيين وتنتج لهم العديد من الأعمال الهامة نلاحظ تأثير ذلك الغياب على الأعمال الفنية في هذا المجال على وجه الخصوص بنسبة كبيرة.. ولا أخفي أني متفائل من حيث استعادة الاغنية الشعبية مجدها على مستوى الكلمة واللحن مع المحافظة على خصوصيتها..

*عامة، كيف ترى حال الوضع الراهن للأغنية التونسية ؟

بالنسبة للأغنية التونسية أصبحت الساحة الفنية تشهد أكثر من نمط موسيقي مثل الوتري ودخول الراب على الخط والنمط الشعبي الذي كان يوازي النمط الوتري، ولا يمكن أن نتجاهل مدى تأثير التغيرات طيلة العشرة او الخمسة عشرة سنة الأخيرة على جميع الفنون فضلا عن مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات الحديثة التي اصبحت أحد المصادر الرئيسية بالنسبة للمتلقي، المعوضة لوسائل تواصل وانتاج قديمة، إذ يبدو أن الناشطين في المجال الوطني -حسب رأيي- لم يكونوا على اتم الاستعداد لمثل هكذا متغيرات من حيث طريقة التوزيع والتسويق التي طالت الوسط الفني واستقطبت جماهير واسعة بمختلف الفئات وتنوع الأذواق..

ومن الواضح أن العديد من الفنانين تفطنوا الى هذه المسألة ولم يجدوا سبلا سوى الانسياق مع قناة "اليوتيوب" و"الانستغرام" وغيرها من وسائل الاتصال..

نقطة أخرى لا بد من الإشارة إليها وهي انه رغم تمكن رواد "الراب" من الاستحواذ على حيز كبير في الساحة الفنية التونسية وانتشار الأعمال في الوسائل السالف ذكرها وربما "الحجب" الذي تتعرض له الأعمال الوترية والشعبية، فإن تلك السيطرة لا يمكن أن تدوم لأن المسألة مسألة وقت.. وستعود الأغنية التونسية الى سالف نشاطها وإشعاعها..

*بم تفسر غياب النقاد الموسيقيين ؟

نحن بأمس الحاجة الى مختصين ومضطلعين في المجال الموسيقي، على بينة من "الماكينة" من الداخل وعلى كل الظروف التي مرت بها الأغنية التونسية.. وهنا لا بد من الإشارة الى أن الارضية غير سانحة للانتاج وأغلب الفنانين هم منتجون لاعمالهم بالأساس علما وأن كلفة انتاج الأغنية الواحدة لا تقل عن سبعة ٱلاف دينار ، فضلا عن ان الاعلام الخاص أو بعض المحطات الإعلامية أصبحت تعول أكثر على الأغنية الشرقية الواردة علينا عبر الفضائيات والكليبات الموسيقية الموجودة..

وليس عيبا أن نقول أن تلك المحطات ذات منحى تجاري لان الأمر مشروع، لكن نستشعر أنه ثمة تقصير على مستوى السند ودعم المبدعين لاشعاع الأغنية التونسية وتوزيعها..

أرى أن المشكل الكبير في تونس ليس إبداعيا بقدر ما هو تنظيميا ..مشكلنا تسويقي قانوني على مستوى حقوق التأليف وغيرها من القوانين التي لم يفعل اغلبها رغم قدمها، ذلك أن العديد من القوانين مازالت شكلية رغم سنها في التسعينات!

في ظل غياب مجهود وإرادة الإدارة لتحيين بعض القوانين التي من شانها أن تساهم في تنظيم الميدان الفني، ومن ثمة يدرك الفنان حقوقه وواجباته .. لأن الساحة الفنية تزخر بالطاقات الإبداعية "شاربين من واد مجردة" ولنا الكثير ممن اصبح لهم اثر واضح خارج الوطن..

* الا ترى أن قانون الفنان الذي لم ير النور الى الآن من بين أسباب مشاكل الأغنية التونسية ؟

للاسف لدينا ثلاث نقابات فنية وساهمت في تأسيس نقابتين ليتضح لي اننا بصدد خوض معارك تتعلق بالعقلية بالأساس قبل المشاكل والعوائق الرئيسية، لأنه كلما طرأ مشكل نتج عنه بالضرورة "ازمة نفوس وكل واحد يجبد لروحو" ..كما لا يخفى على متابعي الميدان الفني ان العديد من الأطراف والهيئات ذات الصلة بمجلس النواب لا تتسم بالجدية المطلوبة لحلحلة المشاكل، باعتبار أن نقابة الفنون والمهن المجاورة كانت قد اعدت ملفا كاملا من أجل سن قانون للفنان وكل ما يتعلق بالواقع الجديد وعرضه على لجان مختصة لكن لم يقع الاستجابة الى المطالب رغم الوعود .. ولم افهم الى الآن سر المماطلة التي لا تخدم لا الدخل الفردي ولا الوطني باعتبار أن المجال الفني يبقى مجال استثمار ..

أنا شخصيا ازكي كل تحركات نقابة الفنون والمهن المجاورة لكن الكاتب العام ماهر الهمامي في ظل غياب قوانين واضحة سيظل نشاطه خارج دائرة المصلحة العامة للفنان ولا يتعدى التكريمات وجمع الأموال لإغاثة ثلة من الفنانين الذين ضاق بهم الحال..

إضافة الى عدم تمكنه من ضمان حقوق العازفين على سبيل المثال وتمكين العديد منهم من بطاقة الفنان المحترف وغيرها من العوائق التي حال عدم سن قانون واضح من تجاوزها...