مع بدء العد التنازلي ليوم الاقتراع للانتخابات الرئاسية المقررة ليوم 6 أكتوبر 2024، وانطلاق الحملة الانتخابية لثلاثة مرشحين نهائيين قبلت اعتمادهم الهيئة المستقلة للانتخابات، ما يزال الغموض مسيطرا بخصوص إمكانية التكهن بنسبة إقبال الناخبين التونسيين للتصويت، هل ستكون متماهية مع نسبة المشاركة المتدنية التي سجلت خلال ثلاث محطات انتخابية عرفتها تونس في السنوات الثلاث الأخيرة، أم ستقطع مع حالة العزوف واللامبالاة وتعيد للانتخابات رونقها على غرار ما حصل في رئاسية 2014، ورئاسية 2019؟
كانت آخر انتخابات رئاسية عرفتها تونس وانتظمت خلال الثلاثي الأخير من سنة 2019، قد شهدت نسبة إقبال محترمة ناهزت 48 بالمائة من مجمل الناخبين آنذاك خلال الدورة الأولى أي حوالي 3.46 مليون صوت، و55 بالمائة في الدور الثاني منها أي بعدد ناخبين فاق 3.8 مليون ناخب.
لكن ما حدث بعد ذلك، ملفت للانتباه وحرّي بالدراسة والتقييم والتأمل، أي خلال المحطات الانتخابية التي تلت الإعلان عن مسار 25 جويلية 2021، ونعني بها الاستفتاء على مشروع الدستور سنة 2022، (نسبة مشاركة ناهزت30 بالمائة ما يعادل 2.830 مليون ناخب) والانتخابات التشريعية في دورتيها الأولى (11.22 بالمائة) والثانية (11.40 بالمائة) وانتخابات المجالس المحلية التي انبثق عنها انتخاب أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
إذ هوت بشكل تدريجي نسب المشاركة حتى وصلت إلى أدنى مستوى لها بما يناهز 12 بالمائة، وبعدد مشاركين يقارب 520 ألفا خلال الدور الثاني من انتخابات المجالس المحلية.
ورغم وجود مخاوف من تكرر ظاهرة عزوف الناخبين عن المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي، عبر عنها خبراء ونشطاء في الشأن الانتخابي، إلا أن التفاؤل ميز توقعات هيئة الانتخابات في هذا الأمر، إذ عبر رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر قبل فترة في تصريح إعلامي، أن تقارب نسبة مشاركة الناخبين التونسيين في الانتخابات الرئاسية نسبة المشاركة المسجلة في رئاسية 2019.
وقال بوعسكر في تصريح سابق لـ(وات) بتاريخ 4 أوت 2024 "الثابت أن الناخب التونسي يهتم أكثر بالإقبال على الانتخابات الرئاسية مقارنة بالانتخابات التشريعية".
ولعل ما يعزز فكرة تحسن نسبة الإقبال في رئاسية 2024، ربما توفر مجموعة من العوامل المؤثرة التي قد تقلص من حالة العزوف واللامبالاة، مثل قيمة الرهان الانتخابي، وتقلص دعوات المقاطعة على المشاركة الانتخابية، وارتفاع عدد الناخبين الجملي مقارنة بالانتخابات السابقة ( أكثر من تسعة ملايين ناخب).
لكن في المقابل هناك من يحذّر من توفر عوامل مضادة قد تؤثر سلبا على نسبة المشاركة مثل نقص عدد المرشحين النهائيين في السباق الانتخابي، ونقص الدعاية الاتصالية التي تحث على المشاركة الانتخابية، وضعف الحملة الانتخابية للمترشحين في الفضاء العام الكلاسيكي (الشارع، منابر إعلامية، الاتصال المباشر..) وتركزها على المواقع الافتراضية الرقمية، علما أن محدودية سقف الإنفاق القانوني الخاص المسموح به لتمويل الحملات الانتخابية، وغياب التمويل العمومي سيؤثر على تحركات المترشحين في مختلف الجهات للقيام بحملاتهم الانتخابية.
ويلاحظ الخبير في الشأن الانتخابي محمد ضيفي، في هذا الشأن أن ثلاثة عناصر أساسية ستكون محددة لنسبة المشاركة في الانتخابات، وهي: العزوف (يمكن توصيفها بحالة إحباط ورفض وهي تعبر عن موقف جزء من الناخبين)، واللامبالاة (جزء من الناخبين غير مهتمين أصلا بما يجري في المشهد السياسي وغير مهتمين بجدوى المشاركة في الشأن العام) وأخيرا المقاطعة (وهي تعبير عن موقف سياسي عادة ما تؤطرها أحزاب سياسية وتدعو لها أنصارها).
وأوضح ضيفي في تصريح لـ"الصباح" أن عوامل أخرى ستكون حتما مؤثرة على طبيعة المشاركة في الانتخابية، مثل المناخ الانتخابي العام، والوضع الاقتصادي الاجتماعي، متوقعا أن تكون نسبة المشاركة ضعيفة، مبررا ذلك بأن بقلة عدد المرشحين في الانتخابات الرئاسية الحالية مقارنة بالانتخابات الرئاسية السابقة سيكون له تأثير سلبي على نسبة الإقبال، وقال:"طالما تعددت العائلات السياسية الممثلة في الترشحات تكون المشاركة الانتخابية أكثر والعكس صحيح"...
ومعلوم أنه وخلافا للانتخابات التشريعية والمحلية، وحتى الاستفتاء على الدستور، التي كانت فيها دعوات المقاطعة الصادرة عن أحزاب معارضة بينة وصريحة، فإن الأمر مختلف بالنسبة للانتخابات الرئاسية الحالية، إذ لم تصدر لحد الآن دعوات للمقاطعة السياسية والحزبية سوى عن حزب العمال، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي.. في حين أن أحزاب أخرى أو جبهات حزبية معارضة لم تصدر عنها أية دعوات صريحة للمقاطعة على غرار جبهة الخلاص الوطني رغم عدم تقديمها لمرشح للانتخابات ولم تعلن دعمها لأي مرشح لحد الآن..
يذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت عن قبولها لثلاثة مرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة ليوم 6 أكتوبر 2024، وهم على التوالي، العياشي زمال أمين عام "حركة عازمون"، وزهير المغزاوي أمين عام "حركة الشعب"، والرئيس الحالي قيس سعيد. في حين رفضت تطبيق الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بخصوص إعادة ثلاثةمرشحين كانت الهيئة رفضت قبول ملفاتهم..
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
مع بدء العد التنازلي ليوم الاقتراع للانتخابات الرئاسية المقررة ليوم 6 أكتوبر 2024، وانطلاق الحملة الانتخابية لثلاثة مرشحين نهائيين قبلت اعتمادهم الهيئة المستقلة للانتخابات، ما يزال الغموض مسيطرا بخصوص إمكانية التكهن بنسبة إقبال الناخبين التونسيين للتصويت، هل ستكون متماهية مع نسبة المشاركة المتدنية التي سجلت خلال ثلاث محطات انتخابية عرفتها تونس في السنوات الثلاث الأخيرة، أم ستقطع مع حالة العزوف واللامبالاة وتعيد للانتخابات رونقها على غرار ما حصل في رئاسية 2014، ورئاسية 2019؟
كانت آخر انتخابات رئاسية عرفتها تونس وانتظمت خلال الثلاثي الأخير من سنة 2019، قد شهدت نسبة إقبال محترمة ناهزت 48 بالمائة من مجمل الناخبين آنذاك خلال الدورة الأولى أي حوالي 3.46 مليون صوت، و55 بالمائة في الدور الثاني منها أي بعدد ناخبين فاق 3.8 مليون ناخب.
لكن ما حدث بعد ذلك، ملفت للانتباه وحرّي بالدراسة والتقييم والتأمل، أي خلال المحطات الانتخابية التي تلت الإعلان عن مسار 25 جويلية 2021، ونعني بها الاستفتاء على مشروع الدستور سنة 2022، (نسبة مشاركة ناهزت30 بالمائة ما يعادل 2.830 مليون ناخب) والانتخابات التشريعية في دورتيها الأولى (11.22 بالمائة) والثانية (11.40 بالمائة) وانتخابات المجالس المحلية التي انبثق عنها انتخاب أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
إذ هوت بشكل تدريجي نسب المشاركة حتى وصلت إلى أدنى مستوى لها بما يناهز 12 بالمائة، وبعدد مشاركين يقارب 520 ألفا خلال الدور الثاني من انتخابات المجالس المحلية.
ورغم وجود مخاوف من تكرر ظاهرة عزوف الناخبين عن المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي، عبر عنها خبراء ونشطاء في الشأن الانتخابي، إلا أن التفاؤل ميز توقعات هيئة الانتخابات في هذا الأمر، إذ عبر رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر قبل فترة في تصريح إعلامي، أن تقارب نسبة مشاركة الناخبين التونسيين في الانتخابات الرئاسية نسبة المشاركة المسجلة في رئاسية 2019.
وقال بوعسكر في تصريح سابق لـ(وات) بتاريخ 4 أوت 2024 "الثابت أن الناخب التونسي يهتم أكثر بالإقبال على الانتخابات الرئاسية مقارنة بالانتخابات التشريعية".
ولعل ما يعزز فكرة تحسن نسبة الإقبال في رئاسية 2024، ربما توفر مجموعة من العوامل المؤثرة التي قد تقلص من حالة العزوف واللامبالاة، مثل قيمة الرهان الانتخابي، وتقلص دعوات المقاطعة على المشاركة الانتخابية، وارتفاع عدد الناخبين الجملي مقارنة بالانتخابات السابقة ( أكثر من تسعة ملايين ناخب).
لكن في المقابل هناك من يحذّر من توفر عوامل مضادة قد تؤثر سلبا على نسبة المشاركة مثل نقص عدد المرشحين النهائيين في السباق الانتخابي، ونقص الدعاية الاتصالية التي تحث على المشاركة الانتخابية، وضعف الحملة الانتخابية للمترشحين في الفضاء العام الكلاسيكي (الشارع، منابر إعلامية، الاتصال المباشر..) وتركزها على المواقع الافتراضية الرقمية، علما أن محدودية سقف الإنفاق القانوني الخاص المسموح به لتمويل الحملات الانتخابية، وغياب التمويل العمومي سيؤثر على تحركات المترشحين في مختلف الجهات للقيام بحملاتهم الانتخابية.
ويلاحظ الخبير في الشأن الانتخابي محمد ضيفي، في هذا الشأن أن ثلاثة عناصر أساسية ستكون محددة لنسبة المشاركة في الانتخابات، وهي: العزوف (يمكن توصيفها بحالة إحباط ورفض وهي تعبر عن موقف جزء من الناخبين)، واللامبالاة (جزء من الناخبين غير مهتمين أصلا بما يجري في المشهد السياسي وغير مهتمين بجدوى المشاركة في الشأن العام) وأخيرا المقاطعة (وهي تعبير عن موقف سياسي عادة ما تؤطرها أحزاب سياسية وتدعو لها أنصارها).
وأوضح ضيفي في تصريح لـ"الصباح" أن عوامل أخرى ستكون حتما مؤثرة على طبيعة المشاركة في الانتخابية، مثل المناخ الانتخابي العام، والوضع الاقتصادي الاجتماعي، متوقعا أن تكون نسبة المشاركة ضعيفة، مبررا ذلك بأن بقلة عدد المرشحين في الانتخابات الرئاسية الحالية مقارنة بالانتخابات الرئاسية السابقة سيكون له تأثير سلبي على نسبة الإقبال، وقال:"طالما تعددت العائلات السياسية الممثلة في الترشحات تكون المشاركة الانتخابية أكثر والعكس صحيح"...
ومعلوم أنه وخلافا للانتخابات التشريعية والمحلية، وحتى الاستفتاء على الدستور، التي كانت فيها دعوات المقاطعة الصادرة عن أحزاب معارضة بينة وصريحة، فإن الأمر مختلف بالنسبة للانتخابات الرئاسية الحالية، إذ لم تصدر لحد الآن دعوات للمقاطعة السياسية والحزبية سوى عن حزب العمال، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي.. في حين أن أحزاب أخرى أو جبهات حزبية معارضة لم تصدر عنها أية دعوات صريحة للمقاطعة على غرار جبهة الخلاص الوطني رغم عدم تقديمها لمرشح للانتخابات ولم تعلن دعمها لأي مرشح لحد الآن..
يذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت عن قبولها لثلاثة مرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة ليوم 6 أكتوبر 2024، وهم على التوالي، العياشي زمال أمين عام "حركة عازمون"، وزهير المغزاوي أمين عام "حركة الشعب"، والرئيس الحالي قيس سعيد. في حين رفضت تطبيق الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بخصوص إعادة ثلاثةمرشحين كانت الهيئة رفضت قبول ملفاتهم..