بعد انتظار طويل صدر المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرخ في 13 سبتمبر 2024 المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ليوضح الرؤية أمام أعضاء الغرفتين النيابيتين قبل النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2025 الذي يجب تقديمه لهم في أجل أقصاه يوم 15 أكتوبر والمصادقة عليه في أجل أقصاه يوم 10 ديسمبر.
وتضمن هذا المرسوم ثلاثة أبواب يتعلق أولها بكيفية النظر في مشاريع القوانين، أما الباب الثاني فجاء تحت عنوان جلسة أداء اليمين الدستورية في حين يتعلق الباب الثالث بالعمل الرقابي.
ويرى ناجي بن كيلاني النائب المساعد لرئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم المكلف بالمشاريع التنموية والمسائل القانونية أن هذا المرسوم جاء لتنزيل الأحكام الواردة في دستور 2022 سواء في علاقة بكيفية النظر في مشاريع القوانين المتعلقة بمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية أو مشاريع قوانين المالية وكذلك مشاريع الاتفاقيات وعقود الاستثمار، أو في علاقة بجلسة أداء رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية أو أداء القائم بمهام رئيس الجمهورية لليمين الدستورية، كما تطرق المرسوم إلى العمل الرقابي للمجلسين على الحكومة.
وأضاف عضو مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم في تصريح لـ"الصباح" أن المرسوم أكد على التكامل بين الغرفتين النيابيتين ونص على تنظيم جلسات مشتركة للنظر في مشاريع قوانين المالية وجلسات مشتركة تعقد بمقر مجلس نواب الشعب يؤدي خلالها رئيس الجمهورية المنتخب أو القائم بمهام رئيس الجمهورية اليمين الدستورية، وبين بن كيلاني أن المرسوم أكد على البعد التشريعي للغرفة الأولى، وعلى البعد التنموي للغرفة الثانية من خلال التنصيص بوضوح على اختصاص المجلس الوطني للجهات والأقاليم في مخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية والتي على أساسها يتم وضع ميزانية الدولة.
ولاحظ النائب مساعد للرئيس المكلف بالمشاريع التنموية والمسائل القانونية بمكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أن المرسوم أوجد آلية لحل المواضيع الخلافية حيث نص على إحداث لجنة مشتركة ومتناصفة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم وأوكل لها مهمة النظر في الفصول الخلافية وإعداد مقترح توافقي، وأضاف أن المرسوم نص على أحكام من شأنها تيسير العمل الرقابي لنواب المجلسين حيث يقع تبادل المعلومات والتقارير الرقابية بين المجلسين كما يتولى كل مجلس إطلاع المجلس الآخر على الأسئلة الكتابية لأعضائه وإجابات الحكومة عليها..
وبالعودة إلى مضامين المرسوم المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم تجدر الإشارة إلى أنه أوضح كيفية النظر في مشاريع القوانين، وتحديدا مشاريع القوانين المتعلقة بالاتفاقيات وعقود الاستثمار المتعلقة بالثروات الوطنية والمشاريع المتعلقة بميزانية الدولة وبمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية، فإن رئيس مجلس نواب الشعب مطالب مباشرة بعد مصادقة مجلسه عليها بأن يحيلها فورا إلى رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم ويعلم بذلك رئيس الجمهورية، وينبغي على المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن ينهي النظر فيها في أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ توصله بها، وفي صورة تجاوز هذا الأجل دون أن يتلقى رئيس مجلس نواب الشعب إعلاما خلال يومي العمل اللاحقين فإنه مطالب بإحالة المشروع إلى رئيس الجمهورية لختمه، ولا ينطبق أجل الخمسة عشر يوما على مشاريع القوانين المتعلقة بمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية. وفي صورة مصادقة المجلس الوطني للجهات والأقاليم على المشروع المعروض عليه دون تعديل فيتولى إحالته فورا إلى رئيس مجلس نواب الشعب الذي يحيله إلى رئيس الجمهورية لختمه. ويحيل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم مشاريع القوانين المتعلقة بمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية فور المصادقة عليها دون تعديل إلى رئيس الجمهورية لختمها ويعلم بذلك رئيس مجلس نواب الشعب مع إرفاق الإعلام بالنص المصادق عليه، ولكن في صورة عدم المصادقة على المشروع أو تعديله فيحليه رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب فورا مع إرفاقه بوثيقة تبين سبب عدم المصادقة أو التعديل.
ولحل المسائل الخلافية نص المرسوم على إحداث لجنة متناصفة وذلك بمبادرة من رئيسي المجلسين معا وهي تتركب من 10 أعضاء يتم اختيارهم مناصفة من بين نواب المجلسين ويتم انتخاب رئيسها ونائبيه ومقررها من بين أعضائها ويكون نائب الرئيس من المجلس الذي لا ينتمي إليه رئيس اللجنة وفي صورة تساوي الأصوات عند الانتخاب يتم الاختيار عن طريق القرعة وتعقد اللجنة جلساتها بالتناوب مرة في مجلس نواب الشعب ومرة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم والمطلوب من رئيس المجلس المعني دعوة أعضاء الحكومة المعنيين بالمسألة الخلافية للمشاركة في أشغال اللجنة، ولكن إذا كان موضوع الخلاف يتصل بمخططات التنمية فإن اللجنة المتناصفة تنعقد بالضرورة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم. وتتم دراسة المسائل الخلافية طبقا للإجراءات العادية المعمول بها من قبل اللجان القارة بالمجلس الذي تجتمع اللجنة المتناصفة بمقره، ويمكن لهذه اللجنة أن تطلب عن طريق رئيس المجلس الذي تجتمع بمقره الاستماع إلى كل عضو من أعضاء المجلسين ويمكنها الاستئناس بمن ترى فائدة في رأيه.
اقتراح الحلول
وتتمثل الغاية من إحداث اللجنة المتناصفة في التوصل إلى حل لموضوع الخلاف القائم بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم فهي مطالبة بأن تقترح حلا في أجل 7 أيام من تاريخ تعهدها بالنظر في موضوع الخلاف، وعند التوافق يجيل رئيس اللجنة المذكورة مشروع القانون إلى رئيس مجلس نواب الشعب ليتولى عرضه على الجلسة العامة في غضون ثلاثة أيام ولكن إذا تعلقت أعمال اللجنة بمشاريع قوانين المخططات التنموية الجهوية والإقليمية والوطنية فيجب على رئيس اللجنة إحالته هذه المشاريع التي تم الاتفاق عليها إلى رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم لكي يعرضها على الجلسة العامة، وفي صورة موافقة المجلس النيابي حسب الحالة سواء مجلس نواب الشعب أو المجلس الوطني للجهات والأقاليم على الحل المقترح من قبل اللجنة المتناصفة فيتولى رئيس المجلس المعني إرسال المشروع إلى رئيس الجمهورية لختمه.
ولكن في صورة عدم توصل اللجنة المتناصفة إلى حل لموضوع الخلاف بين المجلسين في أجل سبعة أيام فتولى رئيس مجلس نواب الشعب إحالة مشروع القانون الذي سبق أن صادق عليه مجلسه إلى رئيس الجمهورية لختمه، وفي حال عدم موافقة الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب على الحل الذي اقترحته اللجنة المتناصفة يتولى رئيس المجلس إحالة المشروع الذي كان قد صادق عليه سابقا إلى رئيس الجمهورية لختمه. وإذا كان موضوع الخلاف يتعلق بمخططات التنمية وفي صورة عدم توصل اللجنة المتناصفة إلى حل لموضوع الخلاف في أجل سبعة أيام فيتولى رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم إحالة المشروع الذي كان قد صادق عليه مجلسه إلى رئيس الجمهورية لختمه وإذا توصلت اللجنة المتناصفة إلى توافق لكن الجلسة العامة للمجلس الوطني للجهات والأقاليم رفضت هذا الحل فعندها يحيل رئيس المجلس المشروع إلى رئيس الجمهورية لختمه.
مشاريع قوانين المالية
أفرد المرسوم المتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مشاريع قوانين المالية بأحكام خاصة وبموجبها يعرض رئيس الجمهورية على كل مجلس منها المشروع طبقا للآجال الدستورية أي في أجل لا يتجاوز 15 أكتوبر وستكون هناك جلسات مشتركة للجان المجلسين المعنية بالنظر في مشاريع قوانين المالية يتم عقدها بمقر مجلس نواب الشعب ويتم اعتماد التناوب في رئاستها بين أعضاء المجلسين، كما ستكون هناك جلسة عامة مشتركة للمجلسين النيابيين لناقشة مشاريع قوانين المالية والمصادقة عليها تنعقد بمجلس نواب الشعب ويناوب على رئاستها رئيسا المجلسين. ويتولى أعضاء مجلس نواب الشعب ثم أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم التصويت علنيا على فصول المشروع فصلا فصلا ثم على المشروع برمته وتلعن نتيجة التصويت بصفة متزامنة، وفي صورة مصادقة مجلس نواب الشعب على المشروع ومصادقة مجلس الجهات والأقاليم عليه معدلا فيتم اللجوء إلى اللجنة المتناصفة سالفة الذكر لكي تتولى أعداد نص موحد للفصول الخلافية في أجل لا يتجاوز 3 أيام وفي صورة المصادقة في الجلسة العامة المشتركة الثانية على مشروع النص الموحد يحيل رئيس مجلس نواب الشعب مشروع قانون المالية المعدل لرئيس الجمهورية لختمه. ولكن في صورة عدم المصادقة عليه فيتولى رئيس مجلس نواب الشعب إحالة المشروع في صيغته التي صادق عليها مجلسه إلى رئيس الجمهورية لختمه. ونفس الشيء إذا لم تتوصل اللجنة المتناصفة في أجل لا يتجاوز ثلاثة أيام إلى التوافق على مشروع نص موحد يتولى رئيس مجلس نواب الشعب إحالة المشروع الذي صادق عليه مجلسه إلى رئيس الجمهورية لختمه.
وفي صورة عدم المصادقة على مشروع قانون المالية في أجل 31 ديسمبر فيتم تنفيذ المشروع، فيما يتعلّق بالنّفقات، بأقساط ذات ثلاثة أشهر قابلة للتّجديد بمقتضى أمر. وتستخلص الموارد طبقا للقوانين الجاري بها العمل.. وإذا قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية مشروع قانون المالية يحيل رئيس الجمهورية قرار المحكمة إلى رئيسي المجلسين في أجل لا يتجاوز يومين اثنين من تاريخ قرار المحكمة. ويصادق المجلسان على المشروع خلال الأيّام الثّلاثة الموالية لتوصّلهما بقرار المحكمة الدّستوريّة. ويضبط رئيسا المجلسين إجراءات انعقاد الجلسة العامة المشتركة للمصادقة على مشروع قانون المالية.
وإضافة إلى الأحكام الخاصة بمشاريع قوانين المالية تضمن المرسوم المنظم للعلاقة بين المجلسين فصلا حول تعليق الآجال خلال العطلة البرلمانية أي أن عطلة المجلسين التي تنطلق موفى جويلية وتتواصل إلى غاية شهر أكتوبر توقف سريان الآجال المتعلقة بالمصادقة على مشاريع القوانين المعروضة على كليهما ويتم استئناف احتسابها بعد أسبوع من افتتاح الدورة النيابية الجديدة لكل من المجلسين.
أداء اليمين
ضبط الباب الثاني من المرسوم الجديد الذي أصدره رئيس الجمهورية خلال العطلة البرلمانية والذي يجب عرضه على مصادقة مجلس نواب الشعب في الدورة العادية القادمة، الأحكام المتعلقة بجلسة أداء اليمين الدستورية سواء من قبل رئيس الجمهورية المنتخب أو من قبل القائم بمهام رئيس الجمهورية. ففي ما يتعلق برئيس الجمهورية المنتخب فإنه يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين بمقر مجلس نواب الشعب ويرأس الجلسة رئيس مجلس نواب الشعب ونفس الشيء بالنسبة إلى القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة وتنعقد الجلسة المشتركة بين المجلسين المخصصة لأداء اليمين الدستورية بدعوة رسمية من رئيس مجلس نواب الشعب بالتنسيق مع رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
وفي علاقة بالجلسات المشتركة المخصصة لأداء اليمين الدستورية، تجدر الإشارة إلى أن اليمين الدستورية تنص على ما يلي:" أقسم بالله العظيم أن أحافظ على استقلال الوطن وسلامته وأن أحترم دستور الدّولة وتشريعها وأن أرعى مصالح الوطن رعاية كاملة".. كما نص الدستور على أنه إذا تعذّر أداء هذه اليمين أمام مجلس نوّاب الشّعب والمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم، لأيّ سبب من الأسباب، فإنّ رئيس الجمهوريّة يؤدّيها أمام المحكمة الدّستوريّة.
الرقابة البرلمانية
تنزيلا لأحكام الدستور المتصلة برقابة مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على الحكومة، أفرد المرسوم المنظم للعلاقة بين المجلسين العمل الرقابي بباب كامل وهو الباب الثالث وتضمن فصلا ألزم المجلسين بتبادل المعلومات والتقارير الرقابية بشكل دوري وفصلا آخر نص على أنه في صورة توجيه سؤال كتابي من قبل نائب بأحد المجلسين إلى أحد أعضاء الحكومة يتولى رئيس المجلس المعني بعد تلقي الإجابة إحالة نسخة من السؤال مصحوبا بالإجابة إلى رئيس المجلس الآخر لإحاطة النواب بمحتواها.
وبعد صدور المرسوم المنظم للعلاقة بين المجلسين قد يضطر كلاهما إلى تعديل نظامه الداخلي لملاءمته مع مقتضيات هذا المرسوم خاصة في علاقة باللجان التي تنظر في مشاريع قوانين المالية والميزانية والجلسات العامة المشتركة..
ويذكر أنه بالعودة إلى دستور 2022 يمكن الإشارة إلى أن المرسوم سالف الذكر لم يتضمن على سبيل الذكر أحكاما تتعلق بعقد جلسات عامة مشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم للحوار مع الحكومة أو مع عضو منها حول السياسة التي تم إتباعها والنتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل على تحقيقها، كما لم يشر المرسوم إلى الجلسات العامة المخصصة للمصادقة على لائحة لوم ضد الحكومة بأغلبية الثلثين لأعضاء المجلسين مجتمعين، ولم يشر إلى الجلسة العامة التي يخاطب فيها رئيس الجمهورية مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم معا بصفة مباشرة.
سعيدة بوهلال
تونس-الصباح
بعد انتظار طويل صدر المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرخ في 13 سبتمبر 2024 المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ليوضح الرؤية أمام أعضاء الغرفتين النيابيتين قبل النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2025 الذي يجب تقديمه لهم في أجل أقصاه يوم 15 أكتوبر والمصادقة عليه في أجل أقصاه يوم 10 ديسمبر.
وتضمن هذا المرسوم ثلاثة أبواب يتعلق أولها بكيفية النظر في مشاريع القوانين، أما الباب الثاني فجاء تحت عنوان جلسة أداء اليمين الدستورية في حين يتعلق الباب الثالث بالعمل الرقابي.
ويرى ناجي بن كيلاني النائب المساعد لرئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم المكلف بالمشاريع التنموية والمسائل القانونية أن هذا المرسوم جاء لتنزيل الأحكام الواردة في دستور 2022 سواء في علاقة بكيفية النظر في مشاريع القوانين المتعلقة بمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية أو مشاريع قوانين المالية وكذلك مشاريع الاتفاقيات وعقود الاستثمار، أو في علاقة بجلسة أداء رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية أو أداء القائم بمهام رئيس الجمهورية لليمين الدستورية، كما تطرق المرسوم إلى العمل الرقابي للمجلسين على الحكومة.
وأضاف عضو مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم في تصريح لـ"الصباح" أن المرسوم أكد على التكامل بين الغرفتين النيابيتين ونص على تنظيم جلسات مشتركة للنظر في مشاريع قوانين المالية وجلسات مشتركة تعقد بمقر مجلس نواب الشعب يؤدي خلالها رئيس الجمهورية المنتخب أو القائم بمهام رئيس الجمهورية اليمين الدستورية، وبين بن كيلاني أن المرسوم أكد على البعد التشريعي للغرفة الأولى، وعلى البعد التنموي للغرفة الثانية من خلال التنصيص بوضوح على اختصاص المجلس الوطني للجهات والأقاليم في مخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية والتي على أساسها يتم وضع ميزانية الدولة.
ولاحظ النائب مساعد للرئيس المكلف بالمشاريع التنموية والمسائل القانونية بمكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أن المرسوم أوجد آلية لحل المواضيع الخلافية حيث نص على إحداث لجنة مشتركة ومتناصفة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم وأوكل لها مهمة النظر في الفصول الخلافية وإعداد مقترح توافقي، وأضاف أن المرسوم نص على أحكام من شأنها تيسير العمل الرقابي لنواب المجلسين حيث يقع تبادل المعلومات والتقارير الرقابية بين المجلسين كما يتولى كل مجلس إطلاع المجلس الآخر على الأسئلة الكتابية لأعضائه وإجابات الحكومة عليها..
وبالعودة إلى مضامين المرسوم المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم تجدر الإشارة إلى أنه أوضح كيفية النظر في مشاريع القوانين، وتحديدا مشاريع القوانين المتعلقة بالاتفاقيات وعقود الاستثمار المتعلقة بالثروات الوطنية والمشاريع المتعلقة بميزانية الدولة وبمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية، فإن رئيس مجلس نواب الشعب مطالب مباشرة بعد مصادقة مجلسه عليها بأن يحيلها فورا إلى رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم ويعلم بذلك رئيس الجمهورية، وينبغي على المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن ينهي النظر فيها في أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ توصله بها، وفي صورة تجاوز هذا الأجل دون أن يتلقى رئيس مجلس نواب الشعب إعلاما خلال يومي العمل اللاحقين فإنه مطالب بإحالة المشروع إلى رئيس الجمهورية لختمه، ولا ينطبق أجل الخمسة عشر يوما على مشاريع القوانين المتعلقة بمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية. وفي صورة مصادقة المجلس الوطني للجهات والأقاليم على المشروع المعروض عليه دون تعديل فيتولى إحالته فورا إلى رئيس مجلس نواب الشعب الذي يحيله إلى رئيس الجمهورية لختمه. ويحيل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم مشاريع القوانين المتعلقة بمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية فور المصادقة عليها دون تعديل إلى رئيس الجمهورية لختمها ويعلم بذلك رئيس مجلس نواب الشعب مع إرفاق الإعلام بالنص المصادق عليه، ولكن في صورة عدم المصادقة على المشروع أو تعديله فيحليه رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب فورا مع إرفاقه بوثيقة تبين سبب عدم المصادقة أو التعديل.
ولحل المسائل الخلافية نص المرسوم على إحداث لجنة متناصفة وذلك بمبادرة من رئيسي المجلسين معا وهي تتركب من 10 أعضاء يتم اختيارهم مناصفة من بين نواب المجلسين ويتم انتخاب رئيسها ونائبيه ومقررها من بين أعضائها ويكون نائب الرئيس من المجلس الذي لا ينتمي إليه رئيس اللجنة وفي صورة تساوي الأصوات عند الانتخاب يتم الاختيار عن طريق القرعة وتعقد اللجنة جلساتها بالتناوب مرة في مجلس نواب الشعب ومرة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم والمطلوب من رئيس المجلس المعني دعوة أعضاء الحكومة المعنيين بالمسألة الخلافية للمشاركة في أشغال اللجنة، ولكن إذا كان موضوع الخلاف يتصل بمخططات التنمية فإن اللجنة المتناصفة تنعقد بالضرورة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم. وتتم دراسة المسائل الخلافية طبقا للإجراءات العادية المعمول بها من قبل اللجان القارة بالمجلس الذي تجتمع اللجنة المتناصفة بمقره، ويمكن لهذه اللجنة أن تطلب عن طريق رئيس المجلس الذي تجتمع بمقره الاستماع إلى كل عضو من أعضاء المجلسين ويمكنها الاستئناس بمن ترى فائدة في رأيه.
اقتراح الحلول
وتتمثل الغاية من إحداث اللجنة المتناصفة في التوصل إلى حل لموضوع الخلاف القائم بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم فهي مطالبة بأن تقترح حلا في أجل 7 أيام من تاريخ تعهدها بالنظر في موضوع الخلاف، وعند التوافق يجيل رئيس اللجنة المذكورة مشروع القانون إلى رئيس مجلس نواب الشعب ليتولى عرضه على الجلسة العامة في غضون ثلاثة أيام ولكن إذا تعلقت أعمال اللجنة بمشاريع قوانين المخططات التنموية الجهوية والإقليمية والوطنية فيجب على رئيس اللجنة إحالته هذه المشاريع التي تم الاتفاق عليها إلى رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم لكي يعرضها على الجلسة العامة، وفي صورة موافقة المجلس النيابي حسب الحالة سواء مجلس نواب الشعب أو المجلس الوطني للجهات والأقاليم على الحل المقترح من قبل اللجنة المتناصفة فيتولى رئيس المجلس المعني إرسال المشروع إلى رئيس الجمهورية لختمه.
ولكن في صورة عدم توصل اللجنة المتناصفة إلى حل لموضوع الخلاف بين المجلسين في أجل سبعة أيام فتولى رئيس مجلس نواب الشعب إحالة مشروع القانون الذي سبق أن صادق عليه مجلسه إلى رئيس الجمهورية لختمه، وفي حال عدم موافقة الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب على الحل الذي اقترحته اللجنة المتناصفة يتولى رئيس المجلس إحالة المشروع الذي كان قد صادق عليه سابقا إلى رئيس الجمهورية لختمه. وإذا كان موضوع الخلاف يتعلق بمخططات التنمية وفي صورة عدم توصل اللجنة المتناصفة إلى حل لموضوع الخلاف في أجل سبعة أيام فيتولى رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم إحالة المشروع الذي كان قد صادق عليه مجلسه إلى رئيس الجمهورية لختمه وإذا توصلت اللجنة المتناصفة إلى توافق لكن الجلسة العامة للمجلس الوطني للجهات والأقاليم رفضت هذا الحل فعندها يحيل رئيس المجلس المشروع إلى رئيس الجمهورية لختمه.
مشاريع قوانين المالية
أفرد المرسوم المتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مشاريع قوانين المالية بأحكام خاصة وبموجبها يعرض رئيس الجمهورية على كل مجلس منها المشروع طبقا للآجال الدستورية أي في أجل لا يتجاوز 15 أكتوبر وستكون هناك جلسات مشتركة للجان المجلسين المعنية بالنظر في مشاريع قوانين المالية يتم عقدها بمقر مجلس نواب الشعب ويتم اعتماد التناوب في رئاستها بين أعضاء المجلسين، كما ستكون هناك جلسة عامة مشتركة للمجلسين النيابيين لناقشة مشاريع قوانين المالية والمصادقة عليها تنعقد بمجلس نواب الشعب ويناوب على رئاستها رئيسا المجلسين. ويتولى أعضاء مجلس نواب الشعب ثم أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم التصويت علنيا على فصول المشروع فصلا فصلا ثم على المشروع برمته وتلعن نتيجة التصويت بصفة متزامنة، وفي صورة مصادقة مجلس نواب الشعب على المشروع ومصادقة مجلس الجهات والأقاليم عليه معدلا فيتم اللجوء إلى اللجنة المتناصفة سالفة الذكر لكي تتولى أعداد نص موحد للفصول الخلافية في أجل لا يتجاوز 3 أيام وفي صورة المصادقة في الجلسة العامة المشتركة الثانية على مشروع النص الموحد يحيل رئيس مجلس نواب الشعب مشروع قانون المالية المعدل لرئيس الجمهورية لختمه. ولكن في صورة عدم المصادقة عليه فيتولى رئيس مجلس نواب الشعب إحالة المشروع في صيغته التي صادق عليها مجلسه إلى رئيس الجمهورية لختمه. ونفس الشيء إذا لم تتوصل اللجنة المتناصفة في أجل لا يتجاوز ثلاثة أيام إلى التوافق على مشروع نص موحد يتولى رئيس مجلس نواب الشعب إحالة المشروع الذي صادق عليه مجلسه إلى رئيس الجمهورية لختمه.
وفي صورة عدم المصادقة على مشروع قانون المالية في أجل 31 ديسمبر فيتم تنفيذ المشروع، فيما يتعلّق بالنّفقات، بأقساط ذات ثلاثة أشهر قابلة للتّجديد بمقتضى أمر. وتستخلص الموارد طبقا للقوانين الجاري بها العمل.. وإذا قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية مشروع قانون المالية يحيل رئيس الجمهورية قرار المحكمة إلى رئيسي المجلسين في أجل لا يتجاوز يومين اثنين من تاريخ قرار المحكمة. ويصادق المجلسان على المشروع خلال الأيّام الثّلاثة الموالية لتوصّلهما بقرار المحكمة الدّستوريّة. ويضبط رئيسا المجلسين إجراءات انعقاد الجلسة العامة المشتركة للمصادقة على مشروع قانون المالية.
وإضافة إلى الأحكام الخاصة بمشاريع قوانين المالية تضمن المرسوم المنظم للعلاقة بين المجلسين فصلا حول تعليق الآجال خلال العطلة البرلمانية أي أن عطلة المجلسين التي تنطلق موفى جويلية وتتواصل إلى غاية شهر أكتوبر توقف سريان الآجال المتعلقة بالمصادقة على مشاريع القوانين المعروضة على كليهما ويتم استئناف احتسابها بعد أسبوع من افتتاح الدورة النيابية الجديدة لكل من المجلسين.
أداء اليمين
ضبط الباب الثاني من المرسوم الجديد الذي أصدره رئيس الجمهورية خلال العطلة البرلمانية والذي يجب عرضه على مصادقة مجلس نواب الشعب في الدورة العادية القادمة، الأحكام المتعلقة بجلسة أداء اليمين الدستورية سواء من قبل رئيس الجمهورية المنتخب أو من قبل القائم بمهام رئيس الجمهورية. ففي ما يتعلق برئيس الجمهورية المنتخب فإنه يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين بمقر مجلس نواب الشعب ويرأس الجلسة رئيس مجلس نواب الشعب ونفس الشيء بالنسبة إلى القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة وتنعقد الجلسة المشتركة بين المجلسين المخصصة لأداء اليمين الدستورية بدعوة رسمية من رئيس مجلس نواب الشعب بالتنسيق مع رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
وفي علاقة بالجلسات المشتركة المخصصة لأداء اليمين الدستورية، تجدر الإشارة إلى أن اليمين الدستورية تنص على ما يلي:" أقسم بالله العظيم أن أحافظ على استقلال الوطن وسلامته وأن أحترم دستور الدّولة وتشريعها وأن أرعى مصالح الوطن رعاية كاملة".. كما نص الدستور على أنه إذا تعذّر أداء هذه اليمين أمام مجلس نوّاب الشّعب والمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم، لأيّ سبب من الأسباب، فإنّ رئيس الجمهوريّة يؤدّيها أمام المحكمة الدّستوريّة.
الرقابة البرلمانية
تنزيلا لأحكام الدستور المتصلة برقابة مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على الحكومة، أفرد المرسوم المنظم للعلاقة بين المجلسين العمل الرقابي بباب كامل وهو الباب الثالث وتضمن فصلا ألزم المجلسين بتبادل المعلومات والتقارير الرقابية بشكل دوري وفصلا آخر نص على أنه في صورة توجيه سؤال كتابي من قبل نائب بأحد المجلسين إلى أحد أعضاء الحكومة يتولى رئيس المجلس المعني بعد تلقي الإجابة إحالة نسخة من السؤال مصحوبا بالإجابة إلى رئيس المجلس الآخر لإحاطة النواب بمحتواها.
وبعد صدور المرسوم المنظم للعلاقة بين المجلسين قد يضطر كلاهما إلى تعديل نظامه الداخلي لملاءمته مع مقتضيات هذا المرسوم خاصة في علاقة باللجان التي تنظر في مشاريع قوانين المالية والميزانية والجلسات العامة المشتركة..
ويذكر أنه بالعودة إلى دستور 2022 يمكن الإشارة إلى أن المرسوم سالف الذكر لم يتضمن على سبيل الذكر أحكاما تتعلق بعقد جلسات عامة مشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم للحوار مع الحكومة أو مع عضو منها حول السياسة التي تم إتباعها والنتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل على تحقيقها، كما لم يشر المرسوم إلى الجلسات العامة المخصصة للمصادقة على لائحة لوم ضد الحكومة بأغلبية الثلثين لأعضاء المجلسين مجتمعين، ولم يشر إلى الجلسة العامة التي يخاطب فيها رئيس الجمهورية مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم معا بصفة مباشرة.