إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بالبنط العريض.. ما الذي يشغل بال بايدن؟

 

بقلم: نزار مقني

"لا أفكر في بوتين" (الرئيس الروسي فلادمير بوتين) هكذا أجاب الرئيس اﻷمريكي جو بايدن، عندما سئل عن رده على سؤال حول المطالبات اﻷوكرانية الملحة بتسليمها صواريخ بعيدة المدى من نوع "ستروم شادو" لضرب أهداف عسكرية داخل اﻷراضي الروسية.

وبعيدا عما يحدث على الميدان في أوكرانيا، فإن إجابة بايدن، لا يبدو أنها تجانب الصواب، أو أنها لا تعبر، بالضرورة، عن حالته الذهنية من عدمها، خصوصا وأن أولويات الرئيس اﻷمريكي اليوم تختلف عن مثلها التي كانت تحدد سياسته الخارجية منذ سنة.

ولعل أن أكثر ما يشغل بال الرئيس اﻷمريكي، الذي تحول إلى بطة عرجاء بعد سحب حزبه لترشيحه لولاية جديدة في البيت اﻷبيض، أضحت البحث عن حل لـ"الدخول إلى التاريخ" من أوسع أبوابه، أو الخروج منه من أصغر نافذة في مرآب قصر الرؤساء اﻷمريكيين.

ويبدو أن بايدن يفكر في التاريخ من "معبر رفح"، أو عبر تهدئة لـ"الخط اﻷزرق" بين لبنان واﻷراضي الفلسطينية المحتلة، لا عبر أوكرانيا، فهو يعلم أن درجة تشعب الحرب اﻷوكرانية ـ والذي ساهم هو مباشرة فيها- لا يمكن أن تجد طريقها للحل إلا عبر السلاح من وجهة نظره، خصوصا وأن التحدي بين روسيا والولايات المتحدة كان ومازال حول من يحافظ على نفوذه في القارة العجوز، ومن يستطيع مواصلة قيادة قاطرة اقتصادها والاستفادة منه، وهو ما حققته واشنطن، طوال العامين الماضيين وباﻷخص من خلال بيع الغاز اﻷمريكي الصخري المسال للدول اﻷوروبية بأثمان أعلى من تلك التي كانت روسيا تبيع بها أوروبا.

ولعل هذه الزاوية هي التي تعتبر بالنسبة لبايدن، نقطة ارتكاز في سياسته مع أوروبا التي كانت قبل الغزو الروسي ﻷوكرانيا، في شبه ابتعاد عن فلك واشنطن، خاصة مع المقاربة "الانعزالية" التي فرضها الرئيس اﻷمريكي اﻷسبق دونالد ترامب في علاقته مع اﻷوروبيين ودول حلف "الناتو".

إن تفكير بايدن في دخول التاريخ من باب إنهاء الحرب على غزة، أو بمحاولة تبريد جبهة جنوب لبنان-شمال اﻷراضي الفلسطينية المحتلة، لن ينجح.

فالمدة الرئاسية الجديدة للرئيس اﻷمريكي شارفت على الانتهاء، مع إعلان نتائج الرئاسية الجديدة، ومع الرهان اﻹسرائيلي -وخصوصا من رئيس وزراء اﻹحتلال بنيامين نتنياهو- على إطالة زمن الحرب، وعلى حصان ترامب في السباق الرئاسي اﻷمريكي القادم، خاصة وأن مقاربة هذا اﻷخير له، للصراع في الشرق اﻷوسط، يميل ميزانه بكلا كفتيه لصالح اﻷجندة الصهيونية في المنطقة، والداعية لتصفية القضية الفلسطينية، تضيع فيه كل الحقوق الفلسطينية التي ناضلت عليها أجيال من المقاومين الفلسطينيين منذ ما قبل قيام الكيان سنة 1948.

إن بايدن لا يفكر اليوم إلا في نتنياهو، وما يفعله به في أشواط المفاوضات حول هدنة في غزة، فهو يعده ومن ثم يخلف بوعوده طارحا أفكارا جديدة تبعثر أوراق المفاوضين، وهو كذلك تعلم كيف يحذق لعبة "حافة الهاوية" مع اﻷطراف المتداخلة في الصراع في الشرق اﻷوسط، وتعلم خصاصة كيف يستعمل الزمن السياسي اﻷمريكي ليلعب به لصالحه -ولصالحه فقط- ولتحصين نفسه من إسقاط الحكومة بفعل ابتزاز أحزاب الصهيونية الدينية المتحكمة في قراراته، أو من خلال مداعبة اﻷمريكيين بلعبة القط الفأر فيما يتعلق بالمفاوضات، أو من خلال محاولة تأجيل التحقيقات المتعلقة بقضايا الفساد التي يحاكم فيها، ومن ذلك استقالة كبير المحققين في هذا الملف، وقرب تغيير من قبل وزير اﻷمن الصهيوني ايتمار بن غفير.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بالبنط العريض..   ما الذي يشغل بال بايدن؟

 

بقلم: نزار مقني

"لا أفكر في بوتين" (الرئيس الروسي فلادمير بوتين) هكذا أجاب الرئيس اﻷمريكي جو بايدن، عندما سئل عن رده على سؤال حول المطالبات اﻷوكرانية الملحة بتسليمها صواريخ بعيدة المدى من نوع "ستروم شادو" لضرب أهداف عسكرية داخل اﻷراضي الروسية.

وبعيدا عما يحدث على الميدان في أوكرانيا، فإن إجابة بايدن، لا يبدو أنها تجانب الصواب، أو أنها لا تعبر، بالضرورة، عن حالته الذهنية من عدمها، خصوصا وأن أولويات الرئيس اﻷمريكي اليوم تختلف عن مثلها التي كانت تحدد سياسته الخارجية منذ سنة.

ولعل أن أكثر ما يشغل بال الرئيس اﻷمريكي، الذي تحول إلى بطة عرجاء بعد سحب حزبه لترشيحه لولاية جديدة في البيت اﻷبيض، أضحت البحث عن حل لـ"الدخول إلى التاريخ" من أوسع أبوابه، أو الخروج منه من أصغر نافذة في مرآب قصر الرؤساء اﻷمريكيين.

ويبدو أن بايدن يفكر في التاريخ من "معبر رفح"، أو عبر تهدئة لـ"الخط اﻷزرق" بين لبنان واﻷراضي الفلسطينية المحتلة، لا عبر أوكرانيا، فهو يعلم أن درجة تشعب الحرب اﻷوكرانية ـ والذي ساهم هو مباشرة فيها- لا يمكن أن تجد طريقها للحل إلا عبر السلاح من وجهة نظره، خصوصا وأن التحدي بين روسيا والولايات المتحدة كان ومازال حول من يحافظ على نفوذه في القارة العجوز، ومن يستطيع مواصلة قيادة قاطرة اقتصادها والاستفادة منه، وهو ما حققته واشنطن، طوال العامين الماضيين وباﻷخص من خلال بيع الغاز اﻷمريكي الصخري المسال للدول اﻷوروبية بأثمان أعلى من تلك التي كانت روسيا تبيع بها أوروبا.

ولعل هذه الزاوية هي التي تعتبر بالنسبة لبايدن، نقطة ارتكاز في سياسته مع أوروبا التي كانت قبل الغزو الروسي ﻷوكرانيا، في شبه ابتعاد عن فلك واشنطن، خاصة مع المقاربة "الانعزالية" التي فرضها الرئيس اﻷمريكي اﻷسبق دونالد ترامب في علاقته مع اﻷوروبيين ودول حلف "الناتو".

إن تفكير بايدن في دخول التاريخ من باب إنهاء الحرب على غزة، أو بمحاولة تبريد جبهة جنوب لبنان-شمال اﻷراضي الفلسطينية المحتلة، لن ينجح.

فالمدة الرئاسية الجديدة للرئيس اﻷمريكي شارفت على الانتهاء، مع إعلان نتائج الرئاسية الجديدة، ومع الرهان اﻹسرائيلي -وخصوصا من رئيس وزراء اﻹحتلال بنيامين نتنياهو- على إطالة زمن الحرب، وعلى حصان ترامب في السباق الرئاسي اﻷمريكي القادم، خاصة وأن مقاربة هذا اﻷخير له، للصراع في الشرق اﻷوسط، يميل ميزانه بكلا كفتيه لصالح اﻷجندة الصهيونية في المنطقة، والداعية لتصفية القضية الفلسطينية، تضيع فيه كل الحقوق الفلسطينية التي ناضلت عليها أجيال من المقاومين الفلسطينيين منذ ما قبل قيام الكيان سنة 1948.

إن بايدن لا يفكر اليوم إلا في نتنياهو، وما يفعله به في أشواط المفاوضات حول هدنة في غزة، فهو يعده ومن ثم يخلف بوعوده طارحا أفكارا جديدة تبعثر أوراق المفاوضين، وهو كذلك تعلم كيف يحذق لعبة "حافة الهاوية" مع اﻷطراف المتداخلة في الصراع في الشرق اﻷوسط، وتعلم خصاصة كيف يستعمل الزمن السياسي اﻷمريكي ليلعب به لصالحه -ولصالحه فقط- ولتحصين نفسه من إسقاط الحكومة بفعل ابتزاز أحزاب الصهيونية الدينية المتحكمة في قراراته، أو من خلال مداعبة اﻷمريكيين بلعبة القط الفأر فيما يتعلق بالمفاوضات، أو من خلال محاولة تأجيل التحقيقات المتعلقة بقضايا الفساد التي يحاكم فيها، ومن ذلك استقالة كبير المحققين في هذا الملف، وقرب تغيير من قبل وزير اﻷمن الصهيوني ايتمار بن غفير.