إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. الوالي.. منصب ورهانات !

 

حركة جذرية في سلك الولاة ، شملت كل ولايات الجمهورية، إمّا بالتغيير أو بسدّ الشغور، الذي تواصل في بعض الولايات لمدّة أشهر طويلة، وأثّر على الأوضاع الجهوية والمحلية. ولئن كان متوقعا أن يتم سدّ الشغور ببعض الولايات التي لم تعد تحتمل الفراغ في هذا المنصب المهم والحسّاس، فإن حركة التغيير هذه لم تخل من المفاجآت باستبعاد شخصيات كانت مقرّبة من مسار 25 جويلية .

وقد أثّر هذا الشغور خلال الأشهر الماضية، والذي تواصل لمدة طويلة في بعض الولايات على غرار صفاقس، على بعض الملفات الجهوية الحارقة والتي كانت تتطلّب قرارات جهوية سريعة وحاسمة لا يمكن أن يتخذها إلا الوالي، وكان من الضروري اليوم تدارك هذا الأمر واستكمال تركيبة الولاة بمختلف مناطق الجمهورية، حيث أن الوالي ليس مجرّد منصب وظيفي في التسلسل الإداري للدولة، بل إنه ممثل رئيس الجمهورية والحكومة في ولايته، وصلاحياته تشمل الأمن والجيش والتنمية والاقتصاد والتشغيل والاستثمار وكل ما يتعلّق بالملفات الاجتماعية، وبالتالي فإن أي فراغ في هذه الخطة يمكن أن يؤثّر سلبا على كل هذه الملفات ..

ورغم أن الوالي كخطة وظيفية في التسلسل الإداري للدولة تم تغييبها سواء في دستور 2014 أو حتى في دستور الاستفتاء، إلا أنه كخطة إدارية ذات طابع سياسي، كانت دائما محلّ تجاذب، خاصة بعد الثورة، حيث تم إخضاع هذا المنصب الى المحاصصة الحزبية والأيديولوجية وأنتج ذلك أزمات جهوية خطيرة، مثلما حصل في سليانة في الأحداث المعروفة إعلاميا بـ"أحداث الرشّ"، عندما انتفض الأهالي ضدّ الوالي وغادروا المدينة في حركة احتجاجية رمزية بقيت عالقة في الأذهان، ومع كل حكومة جديدة أو تغيير سياسي لم تخل عمليات تعيين الولاة أو إقالتهم من الجدل، حيث تطرح كل مرة مسألة الولاء على حساب الكفاءة، رغم أن ذلك لا ينفي اجتهاد بعض الولاة وحرصهم على أداء مهامهم وتجاوز حتى الإمكانيات التي تكون في الغالب محدودة وغير متوفّرة لتلبية كل احتياجات الأهالي..

ولمدة عقود كانت المدرسة الوطنية للإدارة تزوّد المرافق العمومية بالكفاءات التي تلقت تكوينا أكاديميا جيدا في إدارة المرفق العام وتقديم الخدمة العمومية دون انحياز سياسي أو أيديولوجي أو حزبي تطبيقا لأهم مبدأ يحكم الإدارة العمومية وهو أن تكون في خدمة المواطن والصالح العام وتعمل وفق الحياد والمساواة واستمرارية المرفق، ولكن خلال السنوات التي تلت الثورة بات هذا المنصب حكرا على السياسيين والموالين حزبيا وتم استبعاد خريجي المدرسة الوطنية للإدارة، وهو ما ساهم في تراجع مؤسسة الوالي في القيام بالدور الموكول لها..

ومن الضروري اليوم أن تعود هذه المؤسسة للعب دورها بكل حياد وتجرّد ودون انحياز لأي طرف، لأنها تعدّ أحد أهم وأبرز مؤسسات الدولة ومهمتها تنفيذ السياسات العامة وفق خصوصيات كل جهة وكذلك من مهام هذه المؤسسة أن تكون قوّة اقتراح وتملك قدرة على استيعاب المشاكل ومعالجتها.. وكذلك من الضروري أن يكون هناك تفاعل سريع وإيجابي بين الحكومة بكل هياكلها ومصالحها وبين هذه المؤسسة، خاصة مع تراكم المشاكل الجهوية وإمكانية تحوّل بعضها إلى أزمات خطيرة على مستوى السلم إذا ما تواصل تجاهلها، كما هو الشأن بالنسبة لملف الأفارقة من جنوب الصحراء وتوافدهم المكثّف على بعض الولايات مثل ولاية صفاقس وغيرها من الولايات الساحلية  .

منية العرفاوي

 

حركة جذرية في سلك الولاة ، شملت كل ولايات الجمهورية، إمّا بالتغيير أو بسدّ الشغور، الذي تواصل في بعض الولايات لمدّة أشهر طويلة، وأثّر على الأوضاع الجهوية والمحلية. ولئن كان متوقعا أن يتم سدّ الشغور ببعض الولايات التي لم تعد تحتمل الفراغ في هذا المنصب المهم والحسّاس، فإن حركة التغيير هذه لم تخل من المفاجآت باستبعاد شخصيات كانت مقرّبة من مسار 25 جويلية .

وقد أثّر هذا الشغور خلال الأشهر الماضية، والذي تواصل لمدة طويلة في بعض الولايات على غرار صفاقس، على بعض الملفات الجهوية الحارقة والتي كانت تتطلّب قرارات جهوية سريعة وحاسمة لا يمكن أن يتخذها إلا الوالي، وكان من الضروري اليوم تدارك هذا الأمر واستكمال تركيبة الولاة بمختلف مناطق الجمهورية، حيث أن الوالي ليس مجرّد منصب وظيفي في التسلسل الإداري للدولة، بل إنه ممثل رئيس الجمهورية والحكومة في ولايته، وصلاحياته تشمل الأمن والجيش والتنمية والاقتصاد والتشغيل والاستثمار وكل ما يتعلّق بالملفات الاجتماعية، وبالتالي فإن أي فراغ في هذه الخطة يمكن أن يؤثّر سلبا على كل هذه الملفات ..

ورغم أن الوالي كخطة وظيفية في التسلسل الإداري للدولة تم تغييبها سواء في دستور 2014 أو حتى في دستور الاستفتاء، إلا أنه كخطة إدارية ذات طابع سياسي، كانت دائما محلّ تجاذب، خاصة بعد الثورة، حيث تم إخضاع هذا المنصب الى المحاصصة الحزبية والأيديولوجية وأنتج ذلك أزمات جهوية خطيرة، مثلما حصل في سليانة في الأحداث المعروفة إعلاميا بـ"أحداث الرشّ"، عندما انتفض الأهالي ضدّ الوالي وغادروا المدينة في حركة احتجاجية رمزية بقيت عالقة في الأذهان، ومع كل حكومة جديدة أو تغيير سياسي لم تخل عمليات تعيين الولاة أو إقالتهم من الجدل، حيث تطرح كل مرة مسألة الولاء على حساب الكفاءة، رغم أن ذلك لا ينفي اجتهاد بعض الولاة وحرصهم على أداء مهامهم وتجاوز حتى الإمكانيات التي تكون في الغالب محدودة وغير متوفّرة لتلبية كل احتياجات الأهالي..

ولمدة عقود كانت المدرسة الوطنية للإدارة تزوّد المرافق العمومية بالكفاءات التي تلقت تكوينا أكاديميا جيدا في إدارة المرفق العام وتقديم الخدمة العمومية دون انحياز سياسي أو أيديولوجي أو حزبي تطبيقا لأهم مبدأ يحكم الإدارة العمومية وهو أن تكون في خدمة المواطن والصالح العام وتعمل وفق الحياد والمساواة واستمرارية المرفق، ولكن خلال السنوات التي تلت الثورة بات هذا المنصب حكرا على السياسيين والموالين حزبيا وتم استبعاد خريجي المدرسة الوطنية للإدارة، وهو ما ساهم في تراجع مؤسسة الوالي في القيام بالدور الموكول لها..

ومن الضروري اليوم أن تعود هذه المؤسسة للعب دورها بكل حياد وتجرّد ودون انحياز لأي طرف، لأنها تعدّ أحد أهم وأبرز مؤسسات الدولة ومهمتها تنفيذ السياسات العامة وفق خصوصيات كل جهة وكذلك من مهام هذه المؤسسة أن تكون قوّة اقتراح وتملك قدرة على استيعاب المشاكل ومعالجتها.. وكذلك من الضروري أن يكون هناك تفاعل سريع وإيجابي بين الحكومة بكل هياكلها ومصالحها وبين هذه المؤسسة، خاصة مع تراكم المشاكل الجهوية وإمكانية تحوّل بعضها إلى أزمات خطيرة على مستوى السلم إذا ما تواصل تجاهلها، كما هو الشأن بالنسبة لملف الأفارقة من جنوب الصحراء وتوافدهم المكثّف على بعض الولايات مثل ولاية صفاقس وغيرها من الولايات الساحلية  .

منية العرفاوي