تونس - الصباح
الزياتين، التمور القوارص من المنتوجات الفلاحية الإستراتيجية التي تمثّل عناوين جودة وتميّز في الخارطة الفلاحية الوطنية، كما تحظى هذه المنتوجات باعتراف دولي بقيمتها الغذائية وجودتها، وكل ذلك جعل من مواسم جنّي هذه النوع من الأشجار المثمرة حدثا سنويا بالنسبة للفلاحين وحتى المستهلك التونسي الذي بات في السنوات الأخيرة يشتكي من ارتفاع أسعار هذه المنتوجات بما لا يسمح له وخاصة الطبقات الفقيرة من التمتع بهذه الخيرات والتي يبقى من حق المستهلك التونسي أن تكون متوفّرة بأسعار مقبولة وتراعي مقدرته الشرائية ..
حيث أن موسم زيت الزيتون رغم أنه كان السنة الفارطة موسما متميزا من حيث المردودية، إلا أن أسعاره شهدت ارتفاعا غريبا كان محلّ تذّمر من المستهلك وقد تدخّل رئيس الجمهورية لفرض تخصيص حصة من زيت الزيتون للسوق المحلّي وبسعر مرجعي وجودة عالية واقل من سعر السوق، ولكن محدودية الكمية جعلت اثر هذه العملية محدودا .. وهذا الموسم يطرح مرة أخرى مسألة تسقيف السعر في هذه المنتوجات أو تخصيص حصص للسوق المحلية في إطار الدور الاجتماعي التعديلي للدولة .
وجودة هذه المنتوجات الفلاحية التي استفادت من خصوصية المناخ التونسي فرضت وجودها في الأسواق العالمية وهي تنافس دولا لها تقاليد عريقة في هذه المنتوجات، وفي الزيارة الأخيرة التي أداها رئيس الحكومة كمال المدّوري إلى جمهورية الصين الشعبية عبّر نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، دينغشيويهشيانغ، عن رغبة الصين في استيراد المزيد من المنتوجات التونسية المتميزة وزيت الزيتون والتمور هي من بين هذه المنتوجات المتميزة ..
وبالنسبة لزيت الزيتون فان أزمة الإنتاج التي تمرّ بها بعض البلدان المتصدّرة للإنتاج العالمي مثل اسبانيا يمكن استغلالها على أكمل وجه هذه السنة بخطة تسويقية ضخمة والسعي إلى ضمان أسواق جديدة .
زيت الزيتون ..إنتاج وعائدات متميزة
أكّد بلاغ للديوان الوطني للزيت أن تونس حققت موفي أوت الماضي عائدات قاربت 4.8 مليار دينار من تصدير زيت الزيتون خلال الموسم، الذي انطلق مطلع شهر نوفمبر 2023 وتواصل إلى غاية 31 أوت الماضي مما شكل زيادة بنحو 62 بالمائة. وأشار ديوان الزيت غالى أن صادرات الزيت المعلب، ساهمت في تعبئة قرابة 692 مليون دينار من إجمالي عائدات تصدير زيت الزيتون علما وأن معدل سعر الزيت المعلب قارب 28899 دينار للطن. وكانت تونس صدرت خلال نفس الفترة من العام الماضي، قرابة 175 ألفا و 669 طنا من زيت الزيتون بقيمة 2.9 مليار دينار من بينها 17 ألفا و559 طنا زيتا معلبا وفرت قرابة 367 مليون دينار. ويذكر أن المرصد الوطني للفلاحة أكد بمناسبة تحقيق الميزان التجاري الغذائي مع موفى جويلية 2024، فائضا بقيمة 1.7 مليار دينار، يعود بالأساس إلى زيادة صادرات زيت الزيتون، بنسبة 73.5 بالمائة ..
وفي السنتين الماضيتين تضررت إسبانيا وهي التي تنتج تقريبا نصف المحصول السنوي من زيت الزيتون في العالم، وذلك بفعل العوامل المناخية واستغلت دول أخرى منتجة مثل تركيا ذلك الضرر لتتوسع في الأسواق العالمية مع منافسة نوعية مع منتجي بلدان شمال إفريقيا وخاصة تونس، ورغم التوقعات بان الصابة هذه السنة لن تكون في مستوى نفس صابة السنة الفارطة إلا أن الإنتاج التونسي سيبقى في مكانة مميزة .
التمور.. صابة واعدة !
وفق أغلب التوقعات فإن صابة التمور هذه السنة ستكون جيدة، وقد أصدر أمس المجمع المهني المشترك للتمور بلاغا تم من خلاله تحديد الأسعار المرجعية لقبول التمور من قبل المصدرين على مستوى التّجميع لموسم 2025/2024 بعد اتفاق مع كل الأطراف المعنية بتحديد السعر الذي سيكون في حدود 5.200 دنانير/كلغ لصنف تمور دقلة بالإضافة إلى بقية الأصناف الأخرى والتي تم أيضا تحديد أسعارها، ومنذ بداية شهر أوت انطلقت حملة التحضير لموسم جمع التمور من خلال حملات مراقبة مركّزة شملت شركات بيع مادة البلاستيك المخصص لحماية صابة التمور، ومع ذلك ومع اقتراب موسم جمع الصابة تطفو على السطح ككل سنة إشكالية ترويج المنتوج، خاصة في ظلّ الصعوبات التي باتت تعترض الفلاحين من سنة إلى أخرى، وفي غياب سوق مركزية كبرى بقبلي لتجميع المنتوج ومدى تقدّم إحداث المشروع باعتباره من المشاريع التي يعلق عليها الفلاحون آمالا كبيرة خاصة وأنها ستجمع بين فضاءات العرض والوحدات الصناعية لتعليب وتثمين التمور. ويذكر انه ووفق بعض الإحصائيات قامت تونس بتصدير 135.2ألف طن من التمور بعائدات ناهزت 839.1 مليون دينار خلال الـ10 أشهر الأولى من موسم 2023/2024 وبزيادة 17.6% على مستوى الكميّات المصدرة، و22.4% على مستوى العائدات.
صابة القوارص.. مشاكل تبحث عن حلول !
عكس الزياتين والتمور عانت القوارص في السنوات الأخيرة من مشاكل عدة سواء مشاكل تتعلّق بالإنتاج والمردودية أو مشاكل تتعلق بالجودة والتسويق بالإضافة إلى المشاكل الهيكلية التي يعاني منها القطاع ..
ومنذ أشهر أثارت إمكانية تأثير الحشرة القرمزية في المحاصيل الهلع في نفوس الفلاحين ولكن الاتحاد المحلي للفلاحة بجهة نابل طمأن منتجي القوارص حيث أكد المختصون أن وجود الحشرة القرمزية في زراعات القوارص والرمان لن يؤثّر عليها.
الاتحاد الجهوي للفلاحين بنابل أكد كذلك أن صابة القوارص لهذه السنة جيدة ولا توجد أي أمراض جديدة تؤثر عليها رغم تواصل التقنيات التقليدية مثل مصائد الذباب لمكافحة الحشرات في زراعات القوارص والرمان والذي سيشهد بدوره هذه السنة صابة قياسية وفق اغلب التوقعات . وقطاع القوارص هو من القطاعات التي يجب ايلاؤها أهمية بالغة والتدخّل العاجل لمعالجة مشاكلها وإيجاد تقنيات حديثة لتجويد الأصناف وإعادتها إلى الجودة التي كانت عليها سنوات خلت .
رئيس النقابة التونسية للفلاحين الميداني الضاوي لـ "الصباح" : لا لتسقيف الأسعار نعم لتخصيص حصة للمستهلك التونسي ..
تحتل الأشجار المثمرة مكانة مميزة في المنتوجات الفلاحية الوطنية خاصة وأن الزيتون والتمور والقوارص تعتبر من المنتجات الإستراتيجية بالنظر إلى عائدات تصديرها والتي تعتبر من أبرز موارد خزينة الدولة.. ولكن في السنوات الأخيرة ورغم بعض المواسم المتميزة على مستوى الإنتاج إلا أن ذلك لم يحجب استياء الفلاحين وانتقادهم لبعض السياسات المتبعة، وفي هذا السياق يقول رئيس النقابة التونسية للفلاحين الميداني الضاوي في تصريح لـ «الصباح»:"في الحقيقة سأمنا أحيانا من تكرار نفس الفكرة وهي أن مشاكل المواسم الفلاحية لا يمكن مناقشتها قبل انطلاق المواسم بأسابيع، لكن النقاش في توقيت الجني أو الحصاد لا معنى له لأن الأولوية وقتها للمحاصيل وللصابة، ولكن ما أؤكد عليه كل مرة أنه ليس هناك استحالات أو صعوبات لا يمكن تذليلها كل ما في الأمر إن الأمر يتطلّب تخطيطا مشتركا من جميع الأطراف وقبل أشهر من بداية أي موسم فلاحي تكون فيه سلطة الإشراف حاضرة والهياكل المعنية والفلاحين المعنيين بذلك النشاط الفلاحي، ويكون بهدف توقّع المخاطر ومعالجتها في متسع من وقت بما لا يضعنا تحت ظرف الضرورة والاستعجال".
ويضيف الميداني الضاوي: "مثلا اليوم من المواضيع الحينية مشكل الأسمدة والتسميد ومسألة استعمال الأدوية المدرجة في القوائم السوداء والتي لا يسمح باستعمالها، حيث كان يفترض أن مسألة الأسمدة تمت معالجتها منذ أشهر والاستعداد لها وليس إبقاء الأمر تحت خانة الضرورة وعدم وجود خيارات أخرى".
محدّثنا أشار كذلك إلى مسألة البحث عن أسواق بديلة وجديدة وقال انه خيار استراتيجي للدولة وكان يفترض أن يكون ضمن أولوية التعاطي مع المواسم الفلاحية، قائلا : "كل سنة تتغيّر الخيارات والمقترحات وتحدث أزمات إنتاج في بعض الدول كما حصل مع اسبانيا وإيطاليا في علاقة بإنتاج زيت الزيتون وهذه الأزمة يجب أن نأخذها بعين الاعتبار في خطتنا التسويقية لمنتوجاتنا في التصدير خاصة وأننا نجد مثلا أن زيت الزيتون التونسي حصد المراتب الأولى في كل المسابقات الدولية وهذا يعود لخصوصيات مناخية نختصّ بها دون بقية المنتجين، وهذه كلها عوامل لاكتساح الأسواق الخارجية وإيجاد أسواق جديدة والتحكّم حتى في جزء من السعر العالمي".
ويعتبر زيت الزيتون من الثروات الوطنية المهمة بأكثر من 107 مليون شجرة متوزعة على قرابة 2 مليون هكتار، حسب معطيات رسمية بما جعل أشجار الزيتون تتربّع على عرش الفلاحة دون منازع، واليوم مع اقتراب بداية موسم الجني تطرح مسألة التسعير والسعر المرجعي، وفي هذا السياق يقول رئيس نقابة الفلاحين الضاوي الميداني:"زيت الزيتون منتوج يحكمه العرض والطلب وبالتالي تحديد سعر مرجعي لن يكون لا عادلا ولا منصفا للفلاح الذي يواجه تحديات وصعوبات كثيرة مع الجفاف والتغييرات المناخية ليؤمّن صابة جيدة، ثم هذه السنة الصابة متوسّطة، ونحن كنقابة ضدّ تسقيف السعر أو وجود سعر مرجعي ولكن مع تخصيص حصة للمستهلك التونسي بالتنسيق مع ديوان الزيت كما حصل في السنة الماضية ".
اتحاد الفلاحين.. الصمت !
اتحاد الفلاحين من المنظمات المهنية والنقابية التي تهتم بكل ما يتعلّق بالأنشطة الفلاحية المختلفة والمتنوعة وكانت حاضرة دائما بمواقفها قبل بداية أي موسم فلاحي ونحن حاولنا تكرار ومرارا الاتصال بعدد من أعضاء المكتب التنفيذي وآخرهم عضو المكتب التنفيذي المكلف بالأشجار المثمرة سالم الرابحي والذي اتفقنا على موعد للتواصل لتوضيح موقف الاتحاد حول تحديد الأسعار المرجعية للأشجار المثمرة وكذلك موقفه من سياسات التصدير والترويج لهذه المنتوجات في الأسواق العالمية وارتفاع أسعار نفس المنتوجات في الأسواق المحلية، إلا انه اخلف بموعد التواصل وظلت كل اتصالاتنا بأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد معلّقة على عدم الرد !
منية العرفاوي
خبير في القطاع الفلاحي لـ"الصباح" : أمطار غسالة النوادر مفيدة لأشجار الزياتين ومبشرة بموسم واعد للزراعات الكبرى
شهدت مختلف معتمديات ولاية القيروان منذ مطلع الأسبوع الجاري نزول كميات من الأمطار استبشر بها الفلاحون بعد أشهر من الجفاف والعطش، تزامنت مع انطلاق موسم الزراعات الكبرى.
وحسب مصطلح فلاحي متوارث يطلق على هذه التساقطات الموسمية يصفها بأنها "غسالة النوادر" التي تأتي مع مطلع شهر سبتمبر من كل سنة، وتتسبب في كثير من الأحيان في بعض الأضرار المادية لما يرافقها من ظواهر كالبرد والرياح وتشكل الأودية، حيث يقول أجدادنا "خرابها ولا جدابها".
وحسب الخبير في القطاع الفلاحي المهندس الحبيب غنام فإن لهذه الأمطار تأثيرا إيجابيا على تغذية المائدة المائية وأشجار الزياتين والأشجار المثمرة، مبينا أن نزول الأمطار في هذه الفترة مفيد جدا لأشجار الزيتون باعتبارها في طور التحضير للموسم المقبل، كما أنها ممتازة لثمار الزيتون بعد درجات الحرارة المرتفعة.
ويشار أن تقديرات أولية أجريت في شهر جوان الفارط من طرف المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بينت مؤشرات إنتاج تقدر بـ195 ألف طن من الزيتون، أي ما يعادل 40 ألف طن من زيت الزيتون بزيادة 32 % عن الموسم الفارط.
يذكر أن صابة الزيتون للموسم الفارط بلغت 147.3 ألف طن أي ما يعادل 30 ألف طن من الزيت.
وتتصدر معتمدية بوحجلة وفق التقديرات الأولية لصابة الزيتون لهذا الموسم بـ45 ألف طن من الزيتون تليها حفوز 31 ألف طن ثم السبيخة 20 ألف طن والشراردة 20 ألف طن والشبيكة 17500 طن والقيروان الجنوبية 17100 طن، نصرالله ومنزل المهيري 16000 طن، الوسلاتية 8175 طن، القيروان الشمالية 7600 طن، حاجب العيون 7275 طن والعلا 4600 طن.
مروان الدعلول
لجأت لها تونس في السبعينات.. ودعوات لإعادة العملية .. هل تكون تقنية الاستمطار حلا لأزمة المياه..؟
بين الصعبة والكارثية توصف الوضعية الحالية للموارد المائية في تونس، فرغم الجدل القائم سواء من قبل الجهات الرسمية أو الخبراء في المياه والقراءات المختلفة وتحميل المسؤوليات تبقى التحولات المناخية وسنوات الجفاف المتتالية الحقيقة الثابتة في الموضوع.
وقد صنّفت تونس منذ سنة 1995 ضمن الدول التي دخلت مرحلة الضغط المائي، وفي سنة 2020 تمّ اعتبارها ضمن الدول التي أصبحت تعاني من الإجهاد المائي، حيث يقلّ معدّل حصة الفرد الواحد سنويا عن 500 متر مكعب من الماء. وهي تعتبر من الدول الأفقر مائيّا في العالم، والأكثر عرضة لآثار التغيّر المناخي.
وشهدت تونس ست سنوات من الجفاف، وهي تعد خامس دولة في العالم الأكثر عرضة لخطر الجفاف ونقص المياه، بحسب آخر تقرير صادر في شهر مارس 2024 عن المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية.
ومع ارتفاع معدل سحب موارد المياه العذبة وانخفاض قدرة السدود، يعد قطاع المياه ثاني أكثر القطاعات عرضة للخطر بعد القطاع الفلاحي، مع درجة ضعف عالية ناتجة عن انخفاض قدرة هذا القطاع على التكيف مع تغير المناخ، كما تشير الوثيقة التي تحمل عنوان "التأثيرات على الاقتصاد الكلي وتحديات تكيف القطاع الفلاحي مع تغير المناخ".
وحذر مؤلفو التقرير من أن عوامل الضعف القطاعية هذه يمكن أن تعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتونس، وأوصوا بمراعاة واقع تغير المناخ وضرورة تعزيز تدابير التكيف، أثناء التخطيط الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل والتي تظل ملحة وضرورية لاقتصاد يعتمد بشكل كبير على الصادرات الفلاحية وواردات الحبوب.
وقد تكون هذه الوضعية التي دفعت إلى البحث عن حلول كخوض تجربة الاستمطار التي كثر الحديث حولها في الفترة الأخيرة حيث تطرق أول أمس وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عز الدين بن الشيخ، بحضور كاتب الدولة المكلف بالمياه وثلة من إطارات الوزارة وأساتذة باحثين في المجال بالإضافة إلى الهياكل المتداخلة من مختلف الوزارات المعنية، على جلسة عمل خصّصت للتّباحث حول إمكانيّة اعتماد الاستمطار الاصطناعي لمجابهة ظاهرة الشح المائي.
وأوصى الوزير بمزيد دراسة كل السيناريوهات المحتملة والاستئناس بالتجارب الناجحة في المجال وإعداد مخطط عمل.
وسبق أن أكد من جانبه وزير الفلاحة الأسبق عبد المنعم بلعاتي أنّ تونس تتجه نحو تقنية الاستمطار بهدف تعويض نقص الموارد المائية ومكافحة الجفاف،بعد أن انخفضت نسبة المياه المخزنة في السدود إلى 29 بالمائة. وقال بلعاتي، في جلسة برلمانية، في جويلية الفارط إنّ "ارتفاع درجات الحرارة تسبب خلال الفترة الماضية في فقدان 600 ألف متر مكعب من مياه السدود التي تبخرت"، مؤكداً أنّ "السلطات تُفكّر في تجربة اعتماد الأمطار الصناعية فوق البحيرات الصغيرة"، مشيراً إلى أن لجنة وطنية تضم كفاءات متخصصة تشكلت من أجل اكتساب الخبرات اللازمة في تقنية الاستمطار التي باتت تعتمدها العديد من البلدان لحل أزمة الجفاف.
وأفاد زهير الحلاوي المختص في علم المناخ أن تونس لجأت إلى تقنية الاستمطار في السبعينات كأول تجربة واليوم تعالت عديد الأصوات للجوء إلى هذه التقنية مرة أخرى لكن عبر استعمال تقنيات جديدة.
وقال الحلاوي لـ"الصباح" إن استمطار السحب عملية استثارة وحفز السحب والغيوم لإسقاط محتواها من المياه الكامنة أو الثلج المتجمد فوق مناطق جغرافية محددة، عن طريق استخدام وسائل صناعية ومواد كيميائية تعمل على تسريع عملية هطول الأمطار أو زيادة إدرار هذه السحب من المياه مقارنة بما يمكن أن تدره بشكل طبيعي.
وحسب محدثنا فإن تقنية الاستمطار تتم عبر توفر مجموعة من العوامل الطبيعية مع إضافة مواد أخرى، مضيفا أن عديد الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والسعودية والإمارات قامت بتطبيق تقنية الاستمطار ونجحت في ذلك..، وعلى مستوى الوضعية المائية قال المختص في علم المناخ إن نسبة تعبئة السدود في حدود 25 بالمائة وهذا مؤشر على أن الوضعية حرجة.
وفي نفس السياق قال السفير الأندونيسي بتونس زهيري المصراوي في تدخل إذاعي على 'إي أف أم'' في جوان 2024 إن بلاده مقبلة على عدة مشاريع شراكة مع تونس في أكثر من مجال، وفي طليعتها تقنية الاستمطار لتلطيف الأجواء المناخية والترفيع من الموارد المائية التي تشكل رافدا من روافد السيادة الغذائية والأمن المائي، مشيرا إلى أن أندونيسيا التي تعد أكثر من 80 مليون نسمة ومنذ اعتمادها على الاستمطار تمكنت من جعل صابة الأرز (مادة أساسية في هذا البلد) ثلاث مرات في السنة، وهي التقنية التي يمكن توظيفها في تونس للترفيع في منسوب السدود بالأخص في الشمال الغربي.
وكان المرصد التونسي للمياه، قد دعا إلى إعلان حالة طوارئ مائية، بعد أن تراجع مخزون السدود إلى 23.2% بتاريخ الثلاثاء 27 أوت 2024، أي ما يعادل 545.683 مليون متر مكعب، مقابل 686.328 مليون متر مكعب، في اليوم نفسه من سنة 2023.
كما أعلن المرصد التونسي للمياه أول أمس الخميس، تلقيه 308 تبليغات من المواطنين، بشأن 272 انقطاعا غير معلن واضطراب في توزيع الماء الصالح للشرب خلال شهر أوت الفارط، في مختلف الولايات التونسية.
ووفقا للمعطيات المنشورة على الموقع الإلكتروني للمرصد، فإن ولاية قفصة تتصدر خارطة العطش بـ50 تبليغا عن انقطاعات غير معلنة واضطرابات في توزيع المياه، تليها ولاية صفاقس بـ35 تبليغا، ثم ولاية نابل بـ29 تبليغا.
كما شهدت بعض المناطق تحركات احتجاجية، بلغ عددها نحو 9 تحركات للتبليغ عن مشاكل متعلّقة بالمياه في تونس.
جهاد الكلبوسي
بعد الاستبشار بالأمطار الأخيرة .. ماذا عن الاستعدادات للموسم الفلاحي..؟
استبشر الفلاحون في العديد من مناطق البلاد بنزول الغيث النافع بكميات هامة خاصة بعد جفاف تواصل لأشهر، فنزول الغيث مع بداية فصل الخريف أدخل الأمل لدى أهل القطاع في موسم فلاحي واعد، لكن إنجاح الموسم يحتاج الاستعداد له كما يجب عبر توفير مستلزمات الإنتاج ورسم الخطط ووضع برامج لإنجاحه، فكيف تسير استعدادات الفلاحين والوزارة للموسم الفلاحي الجديد؟
سؤال طرحته "الصباح" على الضاوي الميداني رئيس نقابة الفلاحين الذي أفادنا أن نزول الأمطار هو مفتاح ومفتتح الموسم الزراعي المقبل خاصة وأن نزولها تزامن مع بداية فصل الخريف وهذا يعتبره الفلاحون مقياس نجاح الموسم.
وبين محدثنا أنه وعلى مستوى المناخ المؤشرات جد إيجابية وخير دليل نزول الغيث النافع في عدة جهات، وبين أن المستلزمات الأساسية على غرار الأمونيتر و "د- أ -ب"، التي كانت عائقا خلال المواسم الفارطة، متوفرة في الوقت الراهن، وأردف أنه على مستوى البذور فإن الأمور لم تتضح بعد خاصة وأن الموسم يفتتح نهاية شهر أكتوبر وبداية شهر نوفمبر والفلاحون لم يقتنوا حاجياتهم من البذور بعد.
ليس هناك أية تشجيعات..؟
وأبرز رئيس نقابة الفلاحين أن كل ما يقوم به الفلاحون من تشبيب لغابات الزيتون في كل المناطق وخاصة في الولايات الداخلية هو بفضل مجهودات ذاتية دون وجود أي دعم أو تشجيعات من قبل سلطة الإشراف، مشيرا إلى أن سعر مشاتل الزيتون بلغت 12 و13 دينارا خاصة وأن تونس تحتل المراتب الأولى من حيث التصدير بالنظر إلى الإقبال الكبير على زيت الزيتون التونسي الذي اقتحم عديد الأسواق العالمية وهناك بوادر لإقبال هام للسوق الصينية.
وأبرز أنه وبالنظر إلى كل هذا يفترض أن توزع وزارة الفلاحة المشاتل مجانا لدعم الفلاح والتسريع أكثر في عملية التشبيب .
وشدد الضاوي الميداني أن الفلاح اليوم أخذ على عاتقه عملية التشبيب وأيضا توسيع غابات الزيتون التي تتقدم بخطى حديثة في كل من قفصة والقيروان وسيدي بوزيد التي شببت أكثر من 15 مليون أصل زيتون دون أي تشجيع من الوزارة.
وأبرز محدثنا أن الظروف غير مناسبة للنهوض بالقطاع الفلاحي حتى يأخذ المكانة التي يستحق.
وبالنسبة لقطاع الزراعات الكبرى فقد أبرز أن كل الظروف غير مشجعة لتعاطي هذا النشاط في ظل غياب أي تشجيع من سلطة الإشراف وخاصة على مستوى سعر قبول الصابة وهو سعر جد متدن ولا يتماشى مع الأسعار العالمية أو الأسعار التي يقتني بها ديوان الحبوب المادة من الأسواق العالمية في ظل ارتفاع كلفة الإنتاج في تونس وهو سبب جعل عددا كبيرا من الفلاحين يتخلون عن الزراعات الكبرى لاسيما مع تتالي سنوات الجفاف وتكبدهم لخسائر فادحة وهو ما ساهم في العزوف في ظل ضعف الإمكانيات.
كفى حلولا ترقيعية
وبين رئيس نقابة الفلاحين أن الإشكال في تونس يتمثل في عدم وضع خطط استباقية لتفادي المشاكل التي قد حصلت خلال السنوات الفارطة، وهو ما يتطلب فتح الحوار مع أهل المهنة ومواكبة الفلاحين من حيث المجهودات التي يقومون بها وتشجيعهم.
ودعا الضاوي الميداني سلطة الإشراف إلى الإحاطة بالفلاحين والاستعداد كما يجب لأي موسم فلاحي قبل قدومه بمدة لتجنب المشاكل ومعالجتها من جذورها عبر برامج فنية بالاعتماد على أراء المختصين وليس باعتماد حلول ترقيعية.
وبين أن القطاع الفلاحي يحتاج لأكثر دعم وتشجيعات وخطط واستراتيجيات للنهوض به وتحقيق الاكتفاء الذاتي باعتباره كان وفي كل المحطات أكبر داعم لموارد الدولة وتوفير المنتوجات الأساسية وخير دليل ما حصل خلال أزمة كوفيد-19.
حنان قيراط
بنزرت .. من ينقذ القطاع الزراعي في المنطقة الشرقية؟
حذرت يوم 16 أكتوبر 2021 النقابة الجهوية للفلاحين ببنزرت من تأثير نسبة ملوحة التربة على ديمومة النشاط الزراعي في منطقة الخرايب من معتمدية منزل جميل التي دفعت طيلة العقود الماضية ضريبة توقف العمل بالمنطقة السقوية بعد قرار متسرع بإغلاق المجمع و تمادي عمليات الحفر العشوائي للآبار للبحث عن الماء على عمق يصل إلى 100 متر.
وكانت النقابة قد نبهت أيضا من تسرب المواد الكيميائية من المصانع المجاورة عبر مياه الأمطار إلى الأراضي الخصبة القادرة نظريا على إنتاج كميات هائلة من الحبوب، والخضراوات، والغلال والأعلاف المتنوعة التي تدعم قطاع تربية الماشية.
بعد أربع سنوات من تحذير النقابة لم تتحسن الأوضاع بل تقلصت المساحات المزروعة بسبب ملوحة التربة والجفاف وارتفاع تكلفة الإنتاج وتراجعت المردودية مما دفع بعض الفلاحين للتخلص من أراضيهم التي حاصرتها التجمعات السكنية.
يقول عماد اوعاضور رئيس النقابة الجهوية للفلاحين ببنزرت كنا نطالب الوزارات المتدخلة بتوفير مستلزمات زراعة منتجات محددة لكن تقلص خصوبة الأراضي وارتفاع نسبة التملح والجفاف و تأثير المواد الكيميائية فرض معطيات جديدة على الأرض لتتحول مطالب الفلاح من توفير مستلزمات الإنتاج إلى البحث عن النباتات القادرة على التأقلم مع الوضعية الجديدة وضمان الحد الأدنى من الدخل للفلاح الصغير لأن الخراب الذي طال جنة "الخرايب" قد يشمل بقية مزارع المنطقة الشرقية من ولاية بنزرت التي تعاني أيضا من نضوب المياه والجفاف وارتفاع نسبة الملوحة في التربة مما يعني خسارة 45 بالمائة من صابة الحبوب الحهوية وتراجع بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 بالمائة من إنتاج الخضراوات والغلال التي تزود أسواق بنزرت والعاصمة وعمليا اندثار قطاع تربية الماشية في معتمديات منزل جميل والعالية وأوتيك وغار الملح وراس الجبل.
وأضاف المتحدث رغم ندرة مستلزمات الإنتاج وارتفاع ثمنها اعتمد المزارعون في المنطقة الشرقية خلال السنوات الماضية على تقنيات مكلفة واستخدموا الأسمدة المتنوعة طوال فترة الإنبات فساهموا بقسط كبير في تحقيق صابة محترمة من الحبوب مكنت الجهة من الحصول على المرتبة الأولى موسم 2022-2023 والثانية موسم 2023-2024 وطنيا لكن تواصل الفترة الجافة و عدم تدخل الإدارات المعنية ومعاهد البحث الفلاحي في الوقت اللازم لمعالجة وتقديم حلول لازمة ملوحة التربة التي تعيق النمو الطبيعي لبذور الحبوب المتوفرة و عن تقلص منسوب مياه السدود التي تغذي المناطق السقوية يعني بكل بساطة التخلي تدريجيا عن الزراعات التقليدية التي تمثل مصدر الغذاء الرئيسي في بلادنا واعتماد منتجات بديلة تتطلب طرق غير معتادة للمتابعة من البذر وصولا إلى الجني والبحث عن أسواق للترويج.
ساسي الطرابلسي
ضبط برنامج لتوفير البذور الممتازة والعادية بنقاط البيع
أفادت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، في بلاغ أصدرته، منذ يومين، بأنّه تمّ ضبط برنامج لتوفير كميّات من البذور الممتازة والعادية بنقاط البيع الرسمية، كما تقرر المحافظة على أسعارها على غرار الموسم الفارط.
وستكون أسعار البذور الممتازة للحبوب كالتالي:
-القمح الصلب: 160 دينارا للقنطار الواحد
-القمح اللين: 130 دينارا/ق
-الشعير والتريتيكال: 120 دينارا/ق
وستكون أسعار البذور التجارية العادية المراقبة كالتالي: /الشعير: 110 دينارات/ق
وذكرت وزارة الفلاحة أنّه يقع تحميل نسبة 3 بالمائة إضافية على سعر بيع القنطار من أصناف البذور الممتازة، الـتي بها عقود استغلال تجاري وذلك بعنوان حقوق الاستنباط.
وفي إطار متابعة انطلاق عملية تزويد الفلاحين بالبذور الممتازة للحبوب، أدى أمس السبت عز الدين بن الشيخ ،وزير الفلاحة الموارد المائية والصيد البحري رفقة حمادي الحبيب كاتب الدولة المكلف بالمياه وبحضور ثلة من إطارات الوزارة، زيارة تفقد لشركات إنتاج البذور الممتازة للحبوب، حيث اطلع على توفر الكميات والأصناف اللازمة من الحبوب.
وقد شدّد الوزير على أن يتم التوزيع في الآجال مع الأخذ بعين الاعتبار الخصائص المناخيّة التي تتلاءم مع أصناف البذور المتوفرة.
كما أوصى بمعاضدة جهود الفلاحين من خلال توفير المرافقة الفنية وتأطيرهم وإرشادهم في عملية البذر خاصة فيما يتعلق بكثافة البذر.