إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الخلافات الداخلية الليبية من أهم الأسباب.. معبر رأس جدير.. شريان اقتصادي يختنق بالأزمة المتكررة !

 

تونس – الصباح

منذ أشهر ومعبر رأس جدير لم يستقرّ النشاط فيه بشكل طبيعي وكما تفرضه الحركية التجارية الاعتيادية وحركة المسافرين العادية للمعبر والذي تأثّر كثيرا في السنوات الأخيرة وخاصة من الجانب الليبي بالوضع السياسي ومحاولات حكومة الدبيبة المتكررة لفرض ما تصفه بالسلطة القانونية للحكومة الليبية على أهم المعابر البينية بين تونس وليبيا .

إدارة الأمن بمعبر رأس جدير أكدت أن حركة العبور بالمعبر متوقفة في اتجاه الخروج من ليبيا لأسباب لا دخل لإدارة المنفذ فيها، كما أكدت الإدارة الأمنية على صفحتها الرسمية أن الحالة الأمنية داخل الحدود الإدارية للمعبر جيدة وأن حركة الخروج من الأراضي الليبية متوقفة إلا بالنسبة للحالات المرضية ولا دخل لإدارة المعبر وأجهزته فيها ..

وبعد عدة أيام مازال غلق الطريق المؤدية إلى المعبر من الجانب الليبي متواصلا وخاصة على مستوى منطقة بوكماش الليبية وهو ما تسبب في توقف حركة عبور المعبر.. ووفق مصادر إعلامية ليبية فإن غلق الطريق هو نتيجة احتجاج أهالي بلدية زوارة لمطالبة الحكومة الليبية بتفعيل قرار استئناف حركة الشاحنات المعدة للمبادلات التجارية والذي كان مقررا يوم 10 أوت الجاري، وفق نص الاتفاق ..

وخلال الأشهر القليلة الماضية ليس هذا أول غلق للمعبر والذي استمر لأشهر في وقت، كما أصبح المعبر في الأسابيع الأخيرة يشهد ازدحاما وتعطّلا في إجراءات العبور يصل الى 9 ساعات خاصة من الجانب الليبي وفق بعض الشهادات لعائدين من التراب الليبي وأحيانا يتم حجز جميع البضائع التي تكون بحوزة المواطن التونسي عند مغادرته الأراضي الليبية إلى جانب تعرضهم لاعتداءات لفظية وغرامات مالية من طرف ما يسمى بـ"قوة نفاذ القانون الليبية"، حسب ما نقلته عدة وسائل إعلام ..

أزمة وظلال على خطّ المعبر

كان وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية عماد الطرابلسي، قد صرّح في وقت سابق عندما تواصل غلق المعبر الى أشهر أن المعبر لن يُعاد فتحه إلا بعد "عودته الى حضن الدولة وتحت سلطة القانون"، كما أشار وقتها الطرابلسي أن الحكومة قد تضطّر لاستخدام القوة لإعادة السيطرة على المعبر، وفي مقابل ذلك هدّدت كذلك بعض الفصائل المنتمية لمدينة زوارة الليبية المجاورة للمعبر بالردّ على الطرابلسي في حال اقتربت أي قوات نظامية من المعبر..

وهذا التوتّر ذو الأبعاد السياسية على الجانب الليبي له أسبابه ومنطقه في الواقع، حيث كان هذا التوتّر موجودا دائما بين مجموعات قبلية ومجتمعية سيطرت لسنوات على المعبر وبين الحكومة الليبية التي تريد أن تفرض سلطتها وهيمنتها على كل المنافذ البرية للدولة الليبية وخاصة في الغرب وترى أن ذلك ضمن صلاحياتها ويرى عدد من المختصين أن منظومة الإعلامية بالمعبر وكل المسائل الإدارية المتعلقة به تحت سيطرة وزارة الداخلية الليبية ولكن ذلك لا يمنع من وجود مجموعات وتكتلات تقوم بإدارة المعبر ولكن ليست خاضعة لسيطرة الداخلية الليبية، كما يرى البعض أن هناك صراعا عرقيا وقبليا بين الأمازيغ وهم سكان منطقة زاورة الليبية المحاذية للمعبر وبعض المتنفذين في حكومة الدبيبة من المنتمين الى قبيلة الزنتان ذات الأصول العربية، وبالتالي هذا الاشتباك هو اشتباك قديم، متجدد يدور الآن حول المعبر الذي يوفّر اعتمادات مالية ضخمة والكثير من النفوذ .

وأمام تواصل حالة الغلق والتي لا يُسمح فيها إلا  للمسافرين العائدين إلى بلدهم وسيارات الإسعاف والحالات الاستعجالية بالعبور، غيّر عدد كبير من المسافرين الليبيين وجهتم الى معبر ذهيبة- وازن الذي بات بدوره يشهد ازدحاما واختناقا كبيرين .

الأهمية الاقتصادية للمعبر

يحظى معبر رأس جدير بأهمية كبيرة ويعتبر شريانا تجاريا واقتصاديا حيويا بالنسبة لتونس، وكان رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، والناشط المدني بالجنوب التونسي، مصطفى عبد الكبير قال في تصريحات إعلامية سابقة إن حجم المداخيل من الجباية في المعبر يفوق 30 مليون دولار سنويا، ويضيف أن إغلاقه يشكّل أزمة حقيقية ويحيل آلاف العاملين من التونسيين والليبيين على البطالة الإجبارية.. عبد الكبير أكّد كذلك أن هناك حوالي 50 ألف تاجر صغير يعملون في التجارة البينية بين تونس وليبيا عبر المسالك غير الرسمية وهو ما يمثّل مصدر رزق لعشرات الآلاف من العائلات في البلدين. كما أشار عبد الكبير أن 70 مدينة تونسية و30 مدينة على الحدود الليبية تؤمن رزقها من هذه التجارة البينية، التي تعد مصدر عيش لنصف مليون مواطن..

وهذه الأهمية الاقتصادية الكبرى للمعبر تحدّث عنها أيضا في وقت سابق، رئيس مجلس الأعمال التونسي الليبي منير قزم حيث قال إن المعبر يوفّر سنويا 30 مليون دولار لميزانية الدولة التونسية تتنوع بين رسوم الجمارك على البضائع وتنقل الأشخاص عبر المعبر الذي يستخدمه يوميا ما بين خمسة إلى عشرة آلاف مسافر فضلا عن أربعة آلاف مركبة وأكثر من 250 شاحنة ثقيلة لنقل البضائع كمعدّل يومي، وهذه الأهمية للمعبر تبرّر باستحواذه على 80 بالمائة من التجارة البينية بين تونس وليبيا خاصة وأن هناك توقعات بأن تبلغ هذه التجارة البينية حدود 1.6 مليار دولار مع أفق 2025 .

ولكن رغم كل هذه الأهمية والضرورة بالنسبة لتونس إلا أن غلقه المتواصل من الجانب الليبي بدا مقلقا في المجمل خاصة وأن تونس لا يمكنها التدخّل في الخلاف الليبي الداخلي ولكن مع ذلك فإن هذا الخلاف يلقي بظلال على مصالحها الاقتصادية .

منية العرفاوي

الخلافات الداخلية الليبية من أهم الأسباب..   معبر رأس جدير.. شريان اقتصادي يختنق بالأزمة المتكررة  !

 

تونس – الصباح

منذ أشهر ومعبر رأس جدير لم يستقرّ النشاط فيه بشكل طبيعي وكما تفرضه الحركية التجارية الاعتيادية وحركة المسافرين العادية للمعبر والذي تأثّر كثيرا في السنوات الأخيرة وخاصة من الجانب الليبي بالوضع السياسي ومحاولات حكومة الدبيبة المتكررة لفرض ما تصفه بالسلطة القانونية للحكومة الليبية على أهم المعابر البينية بين تونس وليبيا .

إدارة الأمن بمعبر رأس جدير أكدت أن حركة العبور بالمعبر متوقفة في اتجاه الخروج من ليبيا لأسباب لا دخل لإدارة المنفذ فيها، كما أكدت الإدارة الأمنية على صفحتها الرسمية أن الحالة الأمنية داخل الحدود الإدارية للمعبر جيدة وأن حركة الخروج من الأراضي الليبية متوقفة إلا بالنسبة للحالات المرضية ولا دخل لإدارة المعبر وأجهزته فيها ..

وبعد عدة أيام مازال غلق الطريق المؤدية إلى المعبر من الجانب الليبي متواصلا وخاصة على مستوى منطقة بوكماش الليبية وهو ما تسبب في توقف حركة عبور المعبر.. ووفق مصادر إعلامية ليبية فإن غلق الطريق هو نتيجة احتجاج أهالي بلدية زوارة لمطالبة الحكومة الليبية بتفعيل قرار استئناف حركة الشاحنات المعدة للمبادلات التجارية والذي كان مقررا يوم 10 أوت الجاري، وفق نص الاتفاق ..

وخلال الأشهر القليلة الماضية ليس هذا أول غلق للمعبر والذي استمر لأشهر في وقت، كما أصبح المعبر في الأسابيع الأخيرة يشهد ازدحاما وتعطّلا في إجراءات العبور يصل الى 9 ساعات خاصة من الجانب الليبي وفق بعض الشهادات لعائدين من التراب الليبي وأحيانا يتم حجز جميع البضائع التي تكون بحوزة المواطن التونسي عند مغادرته الأراضي الليبية إلى جانب تعرضهم لاعتداءات لفظية وغرامات مالية من طرف ما يسمى بـ"قوة نفاذ القانون الليبية"، حسب ما نقلته عدة وسائل إعلام ..

أزمة وظلال على خطّ المعبر

كان وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية عماد الطرابلسي، قد صرّح في وقت سابق عندما تواصل غلق المعبر الى أشهر أن المعبر لن يُعاد فتحه إلا بعد "عودته الى حضن الدولة وتحت سلطة القانون"، كما أشار وقتها الطرابلسي أن الحكومة قد تضطّر لاستخدام القوة لإعادة السيطرة على المعبر، وفي مقابل ذلك هدّدت كذلك بعض الفصائل المنتمية لمدينة زوارة الليبية المجاورة للمعبر بالردّ على الطرابلسي في حال اقتربت أي قوات نظامية من المعبر..

وهذا التوتّر ذو الأبعاد السياسية على الجانب الليبي له أسبابه ومنطقه في الواقع، حيث كان هذا التوتّر موجودا دائما بين مجموعات قبلية ومجتمعية سيطرت لسنوات على المعبر وبين الحكومة الليبية التي تريد أن تفرض سلطتها وهيمنتها على كل المنافذ البرية للدولة الليبية وخاصة في الغرب وترى أن ذلك ضمن صلاحياتها ويرى عدد من المختصين أن منظومة الإعلامية بالمعبر وكل المسائل الإدارية المتعلقة به تحت سيطرة وزارة الداخلية الليبية ولكن ذلك لا يمنع من وجود مجموعات وتكتلات تقوم بإدارة المعبر ولكن ليست خاضعة لسيطرة الداخلية الليبية، كما يرى البعض أن هناك صراعا عرقيا وقبليا بين الأمازيغ وهم سكان منطقة زاورة الليبية المحاذية للمعبر وبعض المتنفذين في حكومة الدبيبة من المنتمين الى قبيلة الزنتان ذات الأصول العربية، وبالتالي هذا الاشتباك هو اشتباك قديم، متجدد يدور الآن حول المعبر الذي يوفّر اعتمادات مالية ضخمة والكثير من النفوذ .

وأمام تواصل حالة الغلق والتي لا يُسمح فيها إلا  للمسافرين العائدين إلى بلدهم وسيارات الإسعاف والحالات الاستعجالية بالعبور، غيّر عدد كبير من المسافرين الليبيين وجهتم الى معبر ذهيبة- وازن الذي بات بدوره يشهد ازدحاما واختناقا كبيرين .

الأهمية الاقتصادية للمعبر

يحظى معبر رأس جدير بأهمية كبيرة ويعتبر شريانا تجاريا واقتصاديا حيويا بالنسبة لتونس، وكان رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، والناشط المدني بالجنوب التونسي، مصطفى عبد الكبير قال في تصريحات إعلامية سابقة إن حجم المداخيل من الجباية في المعبر يفوق 30 مليون دولار سنويا، ويضيف أن إغلاقه يشكّل أزمة حقيقية ويحيل آلاف العاملين من التونسيين والليبيين على البطالة الإجبارية.. عبد الكبير أكّد كذلك أن هناك حوالي 50 ألف تاجر صغير يعملون في التجارة البينية بين تونس وليبيا عبر المسالك غير الرسمية وهو ما يمثّل مصدر رزق لعشرات الآلاف من العائلات في البلدين. كما أشار عبد الكبير أن 70 مدينة تونسية و30 مدينة على الحدود الليبية تؤمن رزقها من هذه التجارة البينية، التي تعد مصدر عيش لنصف مليون مواطن..

وهذه الأهمية الاقتصادية الكبرى للمعبر تحدّث عنها أيضا في وقت سابق، رئيس مجلس الأعمال التونسي الليبي منير قزم حيث قال إن المعبر يوفّر سنويا 30 مليون دولار لميزانية الدولة التونسية تتنوع بين رسوم الجمارك على البضائع وتنقل الأشخاص عبر المعبر الذي يستخدمه يوميا ما بين خمسة إلى عشرة آلاف مسافر فضلا عن أربعة آلاف مركبة وأكثر من 250 شاحنة ثقيلة لنقل البضائع كمعدّل يومي، وهذه الأهمية للمعبر تبرّر باستحواذه على 80 بالمائة من التجارة البينية بين تونس وليبيا خاصة وأن هناك توقعات بأن تبلغ هذه التجارة البينية حدود 1.6 مليار دولار مع أفق 2025 .

ولكن رغم كل هذه الأهمية والضرورة بالنسبة لتونس إلا أن غلقه المتواصل من الجانب الليبي بدا مقلقا في المجمل خاصة وأن تونس لا يمكنها التدخّل في الخلاف الليبي الداخلي ولكن مع ذلك فإن هذا الخلاف يلقي بظلال على مصالحها الاقتصادية .

منية العرفاوي