إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بالبنط العريض.. مستويات الرد الإيراني

 

بقلم: نزار مقني

بينما قام"حزب الله" برده على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، بتوسيع هجماته لتشمل الأراضي الوسطى للأراضي الفلسطينية المحتلة ويستهدف قواعد استخباراتية في ضواحي تل أبيب، أخذ الانتظار يلف منطقة الشرق الأوسط في انتظار رد إيران "المزعوم" على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران، والذي مازال يراوح مكانه.

ويبدو أن الرد الإيراني بقي مصيره محصورا في 3 مستويات أساسية وهي:

-الإطار السياسي الداخلي: الذي وجدت فيه الحكومة الجديدة للرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان الإصلاحي، والذي وصل للحكم في إطار حملة انتخابية عنوانها الأكبر الانفتاح على الآخر لإصلاح الاقتصاد عبر تبني سياسة أكثر انفتاحا في التفاوض على الملف النووي الإيراني الذي يعرض الاقتصاد الإيراني لأزمات متتالية بسبب العقوبات الأممية والغربية المتتالية عليه، وأن أي رد خارج عن "قواعد الاشتباك" المعهودة في الصراع بين إيران وحلفائها والاحتلال الإسرائيلي، قد يتسبب في تعكير إستراتيجية بزشكيان في إعادة طرح الملف النووي مجددا على الطاولة، وقد يدفع ذلك إلى تأجيلها أو إلغائها إذا ما عاد دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية.

-الإطار الجيوسياسي الإقليمي: إذ أن الرد الإيراني سيكون "مقياسا" لمدى قوتها الإستراتيجية في المنطقة، وأن "ردا غير مناسب" قد يتسبب في انكماش نفوذها في المنطقة، خصوصا وأن أهداف رد حزب الله كانت ذات قيمة إستراتيجية كبيرة، لا يمكن للأهداف الإيرانية أن تكون أقل منها أهمية.

-الإطار السياسي العام في الشرق الأوسط: والذي تسعى من خلاله دول الوساطة في مفاوضات وقف إطلاق النار إلى "حصر" الرد الإيراني أو تأجيله، للعمل على سد الفجوات المطروحة في جولات المفاوضات المتتالية بين حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي، وذلك مخافة انفجار الوضع وتوسع الحرب في المنطقة وهو ما لا تريده كل القوى المنخرطة في هذا الصراع وخصوصا الولايات المتحدة التي تريد التوصل لوقف إطلاق النار قبل الانتخابات الأمريكية لتسجيل النقاط الانتخابية لفائدة إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن ضد الخصم مرشح الحزب الجموري الأمريكي للرئاسة ترامب. هذه المستويات الثلاثة الأساسية التي تلعب من خلالها إيران ورقة الرد على اغتيال هنية، وهذه المستويات هي التي تعمل من خلالها السياسة الخارجية الإيرانية على ربح نقاط جديدة في نزاعها مع الدول المناوئة لنفوذها في المنطقة، من خلال العمل على البروز في صورة الدولة التي تسعى للسلام حتى على حساب صورتها ووزنها في المنطقة، ومن خلال جر القوى التي تطالبها باحتواء شرارة الحرب إلى مربع التنازلات في أي مفاوضات ممكنة في الصراعات الموجودة في المنطقة كالعراق واليمن وسوريا، ومستقبل العلاقات الإيرانية السعودية، وعلى مستويات أوسع كتخفيف العقوبات الاقتصادية عليها.

ولعل ما يمكن قراءته من خلال رد حزب الله بأن طهران تسعى لإيصال رسالة أن ورقة "الانتقام لهنية" ولكبريائها، مازالت مطروحة وأن الأمر متروك لواشنطن في إعادة ترتيب أجندتها والقيام بضغط أكبر على نتنياهو وخصوصا على يمين حكومته المتطرفة لإيقاف نزيف غزة، وإعادة توزيع أراق الصراع هناك، خاصة وأن محاولات التهدئة الديبلوماسية أفقدت إيران قدرة الفعل مقابل ازدياد حشرها في مربع رد الفعل الذي ارتفعت وتيرته منذ اغتيال هنية وشكر.

بالبنط العريض..      مستويات الرد الإيراني

 

بقلم: نزار مقني

بينما قام"حزب الله" برده على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، بتوسيع هجماته لتشمل الأراضي الوسطى للأراضي الفلسطينية المحتلة ويستهدف قواعد استخباراتية في ضواحي تل أبيب، أخذ الانتظار يلف منطقة الشرق الأوسط في انتظار رد إيران "المزعوم" على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران، والذي مازال يراوح مكانه.

ويبدو أن الرد الإيراني بقي مصيره محصورا في 3 مستويات أساسية وهي:

-الإطار السياسي الداخلي: الذي وجدت فيه الحكومة الجديدة للرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان الإصلاحي، والذي وصل للحكم في إطار حملة انتخابية عنوانها الأكبر الانفتاح على الآخر لإصلاح الاقتصاد عبر تبني سياسة أكثر انفتاحا في التفاوض على الملف النووي الإيراني الذي يعرض الاقتصاد الإيراني لأزمات متتالية بسبب العقوبات الأممية والغربية المتتالية عليه، وأن أي رد خارج عن "قواعد الاشتباك" المعهودة في الصراع بين إيران وحلفائها والاحتلال الإسرائيلي، قد يتسبب في تعكير إستراتيجية بزشكيان في إعادة طرح الملف النووي مجددا على الطاولة، وقد يدفع ذلك إلى تأجيلها أو إلغائها إذا ما عاد دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية.

-الإطار الجيوسياسي الإقليمي: إذ أن الرد الإيراني سيكون "مقياسا" لمدى قوتها الإستراتيجية في المنطقة، وأن "ردا غير مناسب" قد يتسبب في انكماش نفوذها في المنطقة، خصوصا وأن أهداف رد حزب الله كانت ذات قيمة إستراتيجية كبيرة، لا يمكن للأهداف الإيرانية أن تكون أقل منها أهمية.

-الإطار السياسي العام في الشرق الأوسط: والذي تسعى من خلاله دول الوساطة في مفاوضات وقف إطلاق النار إلى "حصر" الرد الإيراني أو تأجيله، للعمل على سد الفجوات المطروحة في جولات المفاوضات المتتالية بين حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي، وذلك مخافة انفجار الوضع وتوسع الحرب في المنطقة وهو ما لا تريده كل القوى المنخرطة في هذا الصراع وخصوصا الولايات المتحدة التي تريد التوصل لوقف إطلاق النار قبل الانتخابات الأمريكية لتسجيل النقاط الانتخابية لفائدة إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن ضد الخصم مرشح الحزب الجموري الأمريكي للرئاسة ترامب. هذه المستويات الثلاثة الأساسية التي تلعب من خلالها إيران ورقة الرد على اغتيال هنية، وهذه المستويات هي التي تعمل من خلالها السياسة الخارجية الإيرانية على ربح نقاط جديدة في نزاعها مع الدول المناوئة لنفوذها في المنطقة، من خلال العمل على البروز في صورة الدولة التي تسعى للسلام حتى على حساب صورتها ووزنها في المنطقة، ومن خلال جر القوى التي تطالبها باحتواء شرارة الحرب إلى مربع التنازلات في أي مفاوضات ممكنة في الصراعات الموجودة في المنطقة كالعراق واليمن وسوريا، ومستقبل العلاقات الإيرانية السعودية، وعلى مستويات أوسع كتخفيف العقوبات الاقتصادية عليها.

ولعل ما يمكن قراءته من خلال رد حزب الله بأن طهران تسعى لإيصال رسالة أن ورقة "الانتقام لهنية" ولكبريائها، مازالت مطروحة وأن الأمر متروك لواشنطن في إعادة ترتيب أجندتها والقيام بضغط أكبر على نتنياهو وخصوصا على يمين حكومته المتطرفة لإيقاف نزيف غزة، وإعادة توزيع أراق الصراع هناك، خاصة وأن محاولات التهدئة الديبلوماسية أفقدت إيران قدرة الفعل مقابل ازدياد حشرها في مربع رد الفعل الذي ارتفعت وتيرته منذ اغتيال هنية وشكر.