شارفت رئاسة الجمهورية على استكمال النظر في مشروع القانون المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وفي بلاغ صادر عنها إثر اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس بقصر قرطاج برئيس الحكومة كمال المدّوري تمت الإشارة إلى أنه سيتم عرض هذا المشروع على مجلس الوزراء للتداول فيه في أقرب الآجال.
وفي صورة مصادقة مجلس الوزراء على المشروع المذكور قبل شهر أكتوبر 2024 قد يعقد مجلس نواب الشعب خلال الفترة المتبقية من عطلته، دورة استثنائية للنظر فيه، وذلك لأن العديد من نوابه عبروا قبيل العطلة البرلمانية عن استعدادهم لعقد دورة استثنائية للنظر في مشاريع القوانين التي سيقدمها رئيس الجمهورية خاصة إذا تعلق الأمر بالمشروع المنظم للعلاقة بين الغرفتين لأنهم انتظروا قدوم هذا المشروع منذ الإعلان عن موعد الانتخابات المحلية وانطلاق مسار تركيز الغرفة النيابية الثانية، حتى أن أعضاء لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية الممثلين لمختلف الكتل البرلمانية ولغير المنتمين إلى كتل فكروا منذ السنة الماضية في صياغة مبادرة تشريعية للغرض، لكنهم تراجعوا لاحقا عن قرار إعداد المبادرة التشريعية وفضلوا انتظار مشروع القانون الذي سيقدمه رئيس الجمهورية.
عبد القادر بن زينب عضو اللجنة النائب عن كتلة الأحرار أشار في تصريح لـ"الصباح" إلى أن مشروع القانون المتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على غاية من الأهمية، لذلك يمكن أن يقع تنظيم دورة استثنائية للنظر فيه حال تقديمه من قبل رئاسة الجمهورية إلى المجلس النيابي، وأكد أن جميع أعضاء مجلس نواب الشعب على استعداد تام للعمل حتى أثناء العطلة لأن البلاد مقبلة على انتخابات، ولأنه لا يوجد استقرار سياسي إذ هناك شغورات على مستوى الولاة والمعتمدين، وكذلك لأن مشروع قانون المالية لسنة 2025 يتم تقديمه من قبل الوظيفة التنفيذية في أجل أقصاه 15 أكتوبر، ولأن ميزانية الدولة حسب ما نص عليه الدستور يتم النظر فيها من قبل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم معا، وبالتالي فإنه في صورة تقديم طلب لعقد دورة استثنائية سواء من قبل رئيس الجمهورية أو ثلث أعضاء المجلس فستتم بالضرورة الاستجابة لهذا الطلب وسيقع النظر في المشروع وسيكون هناك حضور بالعدد الكافي لتمريره.
وذكر بن زينب أن نواب الشعب كانوا على دراية بأن رئاسة الجمهورية بصدد صياغة مشروع القانون المتعلق بتنظيم العلاقة بين الغرفتين النيابيتين وظلوا ينتظرون إحالته على البرلمان لتلافي الضبابية وتوضيح الرؤية أمام أعضاء مجلس نواب الشعب وكذلك أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأمام الناخبين الذين منحوا أصواتهم للنواب حتى يفهم كل ما له وما عليه. وفسر أنه كانت هناك للأسف شبه قطيعة بين النواب والحكومة وهذا تسبب في الكثير من الضبابية وجعل عضو المجلس النيابي المنتخب لا يقوم بواجبه على النحو المطلوب وبالكيفية التي يريدها.. وأكد النائب في المقابل على وجود تناغم بين أعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وبين أن نواب المجلسين تم انتخابهم على مستوى المعتمديات وهم ينسقون مع بعضهم البعض ويعملون في جهاتهم في انسجام وهو ما يبعث على الارتياح حسب تعبيره ويدل على وجود رغبة مشتركة بين الجميع في خدمة الدولة والمواطن.
مشروع الرئيس سعيد
وقال النائب عبد القادر بن زينب إن لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية فكرت فعلا في صياغة مبادرة تشريعية لتنظيم العلاقة بين الغرفة النيابية الأولى والغرفة النيابية الثانية ولكنها عدلت عن المضي في إعداد هذه المبادرة لأن الأغلبية أرادت أن يكون المشروع مقدما من قبل رئاسة الجمهورية.
وفسر النائب أن مشروع القانون المذكور سيتم من خلاله تنزيل أحكام دستور 2022 الذي أقر نظام الغرفتين وذكر أن الدستور جاء في نهاية الأمر ليعبر عن مشروع رئيس الجمهورية قيس سعيد وعن رؤيته للسلط التنفيذية والتشريعية والقضائية، حيث اختار الرئيس ضمنه تغيير تسمية السلطة بالوظيفة كما اختار أن تكون ممارسة الوظيفة التشريعية في إطار مجلسين نيابيين وليس مجلس واحد فقط، وبالتالي من الأفضل أن تتولى رئاسة الجمهورية بنفسها صياغة مشروع قانون ينظم العلاقة بين المجلسين.
تجارب مقارنة
ويذكر أنه في إطار التفكير في صياغة مبادرة تشريعية تتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم نظمت لجنة النظام الداخلي خلال الدورة النيابية الماضية جلسة حول الثنائية البرلمانية وأسباب اعتماد نظام المجلسين أو الغرفتين في العديد من التجارب المقارنة والدعائم التي يقوم عليها هذا النظام. كما اطلعت اللجنة على تاريخ المجالس الثنائية النيابية في تونس والصلاحيات التي أُفرد بها كل مجلس والصلاحيات المشتركة بينهما. وكان هناك في تونس قبل الثورة مجلس نواب ومجلس مستشارين وتم تنظيم العلاقة بينهما بمقتضى القانون عدد 48 لسنة 2004 المؤرخ في 14 جوان 2004 المتعلق بتنظيم عمل مجلس النواب ومجلس المستشارين وعلاقتهما ببعضهما وتمت الإشارة في باب الأحكام العامة إلى أن الجلسات العامة لمجلس النواب ومجلس المستشارين علنية. ويمكن لكل مجلس أن يعقد جلسات سرية بطلب من رئيس الجمهورية أو من رئيس المجلس أو من ثلث أعضائه ويصون رئيس كل مجلس النظام داخل المجلس وحوله وله أن يستعين بالقوة العامة للغرض ويؤدي رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية أمام المجلسين معا بمقر مجلس النواب ويرأس هذه الجلسة رئيس مجلس النواب. ويؤدي القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة طبقا لأحكام الفصل 57 من الدستور اليمين أمام مجلس النواب ومجلس المستشارين الملتئمين معا بمقر مجلس النواب وعند الاقتضاء أمام مكتبي المجلسين بمقر مجلس النواب. ويرأس هذه الجلسة رئيس مجلس المستشارين. وفي صورة تزامن الشغور النهائي مع حل مجلس النواب تؤدى اليمين الدستورية أمام مجلس المستشارين وبمقره، وعند الاقتضاء أمام مكتب المجلس. وتنشر مداولات ومقررات مجلس النواب ومجلس المستشارين وغيرها من الأعمال بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية المتعلق بمداولات كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين وتعلق الباب الثاني بتنظيم عمل مجلس النواب ومجلس المستشارين
أما الباب الثالث من القانون المذكور فجاء لضبط العلاقة بين مجلس النواب ومجلس المستشارين من حيث النظر في مشاريع القوانين والمصادقة عليها وكذلك التفويض لرئيس الجمهورية في إصدار المراسيم وكيفية المصادقة على تلك المراسيم، كما تم بالخصوص التنصيص على تكوين لجنة مشتركة متناصفة من بين أعضاء المجلسين باقتراح من الحكومة وهي تتكون من ستة أعضاء عن كل مجلس يتم تعيينهم من قبل رئيس المجلس وتتولى اللجنة المذكورة انتخاب من بين أعضائها مكتبا لها، يتكون من رئيس ونائب رئيس ومقررين اثنين وينتخب الرئيس من بين أعضاء المجلس الذي تجتمع اللجنة بمقره. وينتخب نائب الرئيس من ضمن أعضاء المجلس الآخر. وينتخب مقرر عن كل مجلس، وتضطلع اللجنة المشتركة بدراسة المسائل الخلافية وتقوم في أجل أسبوع من تاريخ تكوينها بإعداد نص موحد حول الأحكام موضوع الخلاف توافق عليه الحكومة. ويوجه رئيس اللجنة المشتركة المتناصفة فورا النص الموحد إلى رئيس مجلس النواب الذي يحيله مباشرة إلى الجلسة العامة للبت فيه نهائيا في أجل أسبوع ولا يمكن تعديل النص الموحد إلا بموافقة الحكومة وفي صورة مصادقة مجلس النواب على النص الموحد، يحيل رئيس هذا المجلس المشروع المعدل إلى رئيس الجمهورية، وفي صورة عدم قبول التعديلات المدخلة على مشروع القانون من قبل مجلس النواب، يحيل رئيس هذا المجلس المشروع الذي كان صادق عليه مجلس النواب إلى رئيس الجمهورية، وإذا لم تتوصل اللجنة المشتركة المتناصفة إلى نص موحد في أجل أسبوع من تاريخ تكوينها فإن رئيس مجلس النواب يحيل مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس النواب إلى رئيس الجمهورية وذلك بعد انقضاء يومي عمل على الأقل من تاريخ الأجل المذكور.
ونص الباب الرابع من القانون على حالات عدم الجمع بين عضوية المجلسين وحالات عدم الجمع بين عضوية كل مجلس ومباشرة وظائف أخرى.
وبعد ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي تم التخلي بمقتضى دستور 2014 عن الثنائية البرلمانية، ولكن بمقتضى دستور 2022 تم في الباب الثالث التنصيص على الوظيفة التشريعية التي يفوضها الشعب صاحب السيادة لمجلس نيابي أول يسمى مجلس نواب الشعب ولمجلس نيابي ثان يسمى المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
ونظرا لوجود اختصاصات مشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم نص الفصل 86 من الدستور على أن تنظيم العلاقة بينهما يتم بمقتضى قانون.
وحسب ما ورد في الدستور تعرض وجوبا على المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم. ولا يمكن المصادقة على قانون الماليّة ومخططات التنمية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين. ويمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية.
كما نص الدستور على أن رئيس الجمهوريّة المنتخب يؤدّي أمام مجلس نوّاب الشعب والمجلس الوطـــني للجهات والأقاليم اليمين، وعلى أن تعرض الاتفاقيّات وعقود الاستثمار المتعلّقة بالثروات الوطنيّة على مجلــس نوّاب الشعـــب وعلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم للموافقة عليها. ونص الدستور أيضا على أنه يجوز لثلث أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، خلال الأيام الثلاثة الموالية لمصادقة المجلس للمرة الثانية بعد الرد أو بعد انقضاء آجال ممارسة حق الرد دون حصوله، الطعن بعدم الدستورية في أحكام قانون الماليّة أمام المحكمة الدستورية، وعلى أنه يمكن لنصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم الطعن بعدم دستورية القوانين أمام المحكمة الدستورية، ويمكن لأي عضو بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يتوجه لأعضاء الحكومة بأسئلة كتابية أو شفاهية، ويمكن دعوة الحكومة للحوار حول السياسة التي تم ابتاعها والنتائج التي وقع تحقيقها كما يمكن للمجلس الوطني للجهات والأقاليم بمعية مجلس نواب الشعب توجيه لائحة لوم للحكومة.
وتنزيلا لأحكام الدستور، ضمّن مجلس نواب الشعب في نظامه الداخلي فصولا تتعلق بالجلسات المشتركة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم كما نص النظام الداخلي للمجلس في باب الأحكام الانتقالية على أن " يسنّ مجلس نواب الشعب قانونا ينظّم بمقتضاه العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، ويمارس المجلس صلاحيات المجلس الوطني للجهات والأقاليم إلى حين إرسائه".
وفي نفس السياق نصّص المجلس الوطني للجهات والأقاليم بدوره في نظامه الداخلي على جملة من الفصول المتعلقة بالجلسات العامة المشتركة مع مجلس نواب الشعب والجلسات الممتازة الخاصة بأداء رئيس الجمهورية اليمين أمام المجلسين ولكنه أحال كيفية تنظيم مقتضيات هذه الجلسة إلى القانون المتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وبالتالي فإن مجلس نواب الشعب مدعو إلى تمرير القانون المذكور قبل إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية المرتقبة حتى يؤدي الرئيس المنتخب اليمين أمام المجلسين معا وفق مقتضيات الفصل 92 من دستور 2022. ونص قرار الهيئة المتعلق بروزنامة الانتخابات الرئاسة على آخر أجل للإعلان عن النتائج النهائية لهذه الانتخابات في دورتها الأولى يوم 9 نوفمبر 2024.
سعيدة بوهلال
تونس-الصباح
شارفت رئاسة الجمهورية على استكمال النظر في مشروع القانون المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وفي بلاغ صادر عنها إثر اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس بقصر قرطاج برئيس الحكومة كمال المدّوري تمت الإشارة إلى أنه سيتم عرض هذا المشروع على مجلس الوزراء للتداول فيه في أقرب الآجال.
وفي صورة مصادقة مجلس الوزراء على المشروع المذكور قبل شهر أكتوبر 2024 قد يعقد مجلس نواب الشعب خلال الفترة المتبقية من عطلته، دورة استثنائية للنظر فيه، وذلك لأن العديد من نوابه عبروا قبيل العطلة البرلمانية عن استعدادهم لعقد دورة استثنائية للنظر في مشاريع القوانين التي سيقدمها رئيس الجمهورية خاصة إذا تعلق الأمر بالمشروع المنظم للعلاقة بين الغرفتين لأنهم انتظروا قدوم هذا المشروع منذ الإعلان عن موعد الانتخابات المحلية وانطلاق مسار تركيز الغرفة النيابية الثانية، حتى أن أعضاء لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية الممثلين لمختلف الكتل البرلمانية ولغير المنتمين إلى كتل فكروا منذ السنة الماضية في صياغة مبادرة تشريعية للغرض، لكنهم تراجعوا لاحقا عن قرار إعداد المبادرة التشريعية وفضلوا انتظار مشروع القانون الذي سيقدمه رئيس الجمهورية.
عبد القادر بن زينب عضو اللجنة النائب عن كتلة الأحرار أشار في تصريح لـ"الصباح" إلى أن مشروع القانون المتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على غاية من الأهمية، لذلك يمكن أن يقع تنظيم دورة استثنائية للنظر فيه حال تقديمه من قبل رئاسة الجمهورية إلى المجلس النيابي، وأكد أن جميع أعضاء مجلس نواب الشعب على استعداد تام للعمل حتى أثناء العطلة لأن البلاد مقبلة على انتخابات، ولأنه لا يوجد استقرار سياسي إذ هناك شغورات على مستوى الولاة والمعتمدين، وكذلك لأن مشروع قانون المالية لسنة 2025 يتم تقديمه من قبل الوظيفة التنفيذية في أجل أقصاه 15 أكتوبر، ولأن ميزانية الدولة حسب ما نص عليه الدستور يتم النظر فيها من قبل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم معا، وبالتالي فإنه في صورة تقديم طلب لعقد دورة استثنائية سواء من قبل رئيس الجمهورية أو ثلث أعضاء المجلس فستتم بالضرورة الاستجابة لهذا الطلب وسيقع النظر في المشروع وسيكون هناك حضور بالعدد الكافي لتمريره.
وذكر بن زينب أن نواب الشعب كانوا على دراية بأن رئاسة الجمهورية بصدد صياغة مشروع القانون المتعلق بتنظيم العلاقة بين الغرفتين النيابيتين وظلوا ينتظرون إحالته على البرلمان لتلافي الضبابية وتوضيح الرؤية أمام أعضاء مجلس نواب الشعب وكذلك أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأمام الناخبين الذين منحوا أصواتهم للنواب حتى يفهم كل ما له وما عليه. وفسر أنه كانت هناك للأسف شبه قطيعة بين النواب والحكومة وهذا تسبب في الكثير من الضبابية وجعل عضو المجلس النيابي المنتخب لا يقوم بواجبه على النحو المطلوب وبالكيفية التي يريدها.. وأكد النائب في المقابل على وجود تناغم بين أعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وبين أن نواب المجلسين تم انتخابهم على مستوى المعتمديات وهم ينسقون مع بعضهم البعض ويعملون في جهاتهم في انسجام وهو ما يبعث على الارتياح حسب تعبيره ويدل على وجود رغبة مشتركة بين الجميع في خدمة الدولة والمواطن.
مشروع الرئيس سعيد
وقال النائب عبد القادر بن زينب إن لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية فكرت فعلا في صياغة مبادرة تشريعية لتنظيم العلاقة بين الغرفة النيابية الأولى والغرفة النيابية الثانية ولكنها عدلت عن المضي في إعداد هذه المبادرة لأن الأغلبية أرادت أن يكون المشروع مقدما من قبل رئاسة الجمهورية.
وفسر النائب أن مشروع القانون المذكور سيتم من خلاله تنزيل أحكام دستور 2022 الذي أقر نظام الغرفتين وذكر أن الدستور جاء في نهاية الأمر ليعبر عن مشروع رئيس الجمهورية قيس سعيد وعن رؤيته للسلط التنفيذية والتشريعية والقضائية، حيث اختار الرئيس ضمنه تغيير تسمية السلطة بالوظيفة كما اختار أن تكون ممارسة الوظيفة التشريعية في إطار مجلسين نيابيين وليس مجلس واحد فقط، وبالتالي من الأفضل أن تتولى رئاسة الجمهورية بنفسها صياغة مشروع قانون ينظم العلاقة بين المجلسين.
تجارب مقارنة
ويذكر أنه في إطار التفكير في صياغة مبادرة تشريعية تتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم نظمت لجنة النظام الداخلي خلال الدورة النيابية الماضية جلسة حول الثنائية البرلمانية وأسباب اعتماد نظام المجلسين أو الغرفتين في العديد من التجارب المقارنة والدعائم التي يقوم عليها هذا النظام. كما اطلعت اللجنة على تاريخ المجالس الثنائية النيابية في تونس والصلاحيات التي أُفرد بها كل مجلس والصلاحيات المشتركة بينهما. وكان هناك في تونس قبل الثورة مجلس نواب ومجلس مستشارين وتم تنظيم العلاقة بينهما بمقتضى القانون عدد 48 لسنة 2004 المؤرخ في 14 جوان 2004 المتعلق بتنظيم عمل مجلس النواب ومجلس المستشارين وعلاقتهما ببعضهما وتمت الإشارة في باب الأحكام العامة إلى أن الجلسات العامة لمجلس النواب ومجلس المستشارين علنية. ويمكن لكل مجلس أن يعقد جلسات سرية بطلب من رئيس الجمهورية أو من رئيس المجلس أو من ثلث أعضائه ويصون رئيس كل مجلس النظام داخل المجلس وحوله وله أن يستعين بالقوة العامة للغرض ويؤدي رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية أمام المجلسين معا بمقر مجلس النواب ويرأس هذه الجلسة رئيس مجلس النواب. ويؤدي القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة طبقا لأحكام الفصل 57 من الدستور اليمين أمام مجلس النواب ومجلس المستشارين الملتئمين معا بمقر مجلس النواب وعند الاقتضاء أمام مكتبي المجلسين بمقر مجلس النواب. ويرأس هذه الجلسة رئيس مجلس المستشارين. وفي صورة تزامن الشغور النهائي مع حل مجلس النواب تؤدى اليمين الدستورية أمام مجلس المستشارين وبمقره، وعند الاقتضاء أمام مكتب المجلس. وتنشر مداولات ومقررات مجلس النواب ومجلس المستشارين وغيرها من الأعمال بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية المتعلق بمداولات كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين وتعلق الباب الثاني بتنظيم عمل مجلس النواب ومجلس المستشارين
أما الباب الثالث من القانون المذكور فجاء لضبط العلاقة بين مجلس النواب ومجلس المستشارين من حيث النظر في مشاريع القوانين والمصادقة عليها وكذلك التفويض لرئيس الجمهورية في إصدار المراسيم وكيفية المصادقة على تلك المراسيم، كما تم بالخصوص التنصيص على تكوين لجنة مشتركة متناصفة من بين أعضاء المجلسين باقتراح من الحكومة وهي تتكون من ستة أعضاء عن كل مجلس يتم تعيينهم من قبل رئيس المجلس وتتولى اللجنة المذكورة انتخاب من بين أعضائها مكتبا لها، يتكون من رئيس ونائب رئيس ومقررين اثنين وينتخب الرئيس من بين أعضاء المجلس الذي تجتمع اللجنة بمقره. وينتخب نائب الرئيس من ضمن أعضاء المجلس الآخر. وينتخب مقرر عن كل مجلس، وتضطلع اللجنة المشتركة بدراسة المسائل الخلافية وتقوم في أجل أسبوع من تاريخ تكوينها بإعداد نص موحد حول الأحكام موضوع الخلاف توافق عليه الحكومة. ويوجه رئيس اللجنة المشتركة المتناصفة فورا النص الموحد إلى رئيس مجلس النواب الذي يحيله مباشرة إلى الجلسة العامة للبت فيه نهائيا في أجل أسبوع ولا يمكن تعديل النص الموحد إلا بموافقة الحكومة وفي صورة مصادقة مجلس النواب على النص الموحد، يحيل رئيس هذا المجلس المشروع المعدل إلى رئيس الجمهورية، وفي صورة عدم قبول التعديلات المدخلة على مشروع القانون من قبل مجلس النواب، يحيل رئيس هذا المجلس المشروع الذي كان صادق عليه مجلس النواب إلى رئيس الجمهورية، وإذا لم تتوصل اللجنة المشتركة المتناصفة إلى نص موحد في أجل أسبوع من تاريخ تكوينها فإن رئيس مجلس النواب يحيل مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس النواب إلى رئيس الجمهورية وذلك بعد انقضاء يومي عمل على الأقل من تاريخ الأجل المذكور.
ونص الباب الرابع من القانون على حالات عدم الجمع بين عضوية المجلسين وحالات عدم الجمع بين عضوية كل مجلس ومباشرة وظائف أخرى.
وبعد ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي تم التخلي بمقتضى دستور 2014 عن الثنائية البرلمانية، ولكن بمقتضى دستور 2022 تم في الباب الثالث التنصيص على الوظيفة التشريعية التي يفوضها الشعب صاحب السيادة لمجلس نيابي أول يسمى مجلس نواب الشعب ولمجلس نيابي ثان يسمى المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
ونظرا لوجود اختصاصات مشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم نص الفصل 86 من الدستور على أن تنظيم العلاقة بينهما يتم بمقتضى قانون.
وحسب ما ورد في الدستور تعرض وجوبا على المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم. ولا يمكن المصادقة على قانون الماليّة ومخططات التنمية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين. ويمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية.
كما نص الدستور على أن رئيس الجمهوريّة المنتخب يؤدّي أمام مجلس نوّاب الشعب والمجلس الوطـــني للجهات والأقاليم اليمين، وعلى أن تعرض الاتفاقيّات وعقود الاستثمار المتعلّقة بالثروات الوطنيّة على مجلــس نوّاب الشعـــب وعلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم للموافقة عليها. ونص الدستور أيضا على أنه يجوز لثلث أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، خلال الأيام الثلاثة الموالية لمصادقة المجلس للمرة الثانية بعد الرد أو بعد انقضاء آجال ممارسة حق الرد دون حصوله، الطعن بعدم الدستورية في أحكام قانون الماليّة أمام المحكمة الدستورية، وعلى أنه يمكن لنصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم الطعن بعدم دستورية القوانين أمام المحكمة الدستورية، ويمكن لأي عضو بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يتوجه لأعضاء الحكومة بأسئلة كتابية أو شفاهية، ويمكن دعوة الحكومة للحوار حول السياسة التي تم ابتاعها والنتائج التي وقع تحقيقها كما يمكن للمجلس الوطني للجهات والأقاليم بمعية مجلس نواب الشعب توجيه لائحة لوم للحكومة.
وتنزيلا لأحكام الدستور، ضمّن مجلس نواب الشعب في نظامه الداخلي فصولا تتعلق بالجلسات المشتركة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم كما نص النظام الداخلي للمجلس في باب الأحكام الانتقالية على أن " يسنّ مجلس نواب الشعب قانونا ينظّم بمقتضاه العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، ويمارس المجلس صلاحيات المجلس الوطني للجهات والأقاليم إلى حين إرسائه".
وفي نفس السياق نصّص المجلس الوطني للجهات والأقاليم بدوره في نظامه الداخلي على جملة من الفصول المتعلقة بالجلسات العامة المشتركة مع مجلس نواب الشعب والجلسات الممتازة الخاصة بأداء رئيس الجمهورية اليمين أمام المجلسين ولكنه أحال كيفية تنظيم مقتضيات هذه الجلسة إلى القانون المتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وبالتالي فإن مجلس نواب الشعب مدعو إلى تمرير القانون المذكور قبل إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية المرتقبة حتى يؤدي الرئيس المنتخب اليمين أمام المجلسين معا وفق مقتضيات الفصل 92 من دستور 2022. ونص قرار الهيئة المتعلق بروزنامة الانتخابات الرئاسة على آخر أجل للإعلان عن النتائج النهائية لهذه الانتخابات في دورتها الأولى يوم 9 نوفمبر 2024.