إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعضها الأول من نوعه قاريا وإقليميا.. نجاحات طبية بأياد تونسية رغم وضعية المستشفيات..

 

تونس-الصباح

قد تكون العلل والإشكاليات والهنّات منطلقا للنحت في الصخر وتحقيق نجاحات باهرة.. وهكذا يبدو حال أو واقع الصحة العمومية، فهي ورغم جميع الإشكاليات التي تعاني منها، كالنقص الحاصل في التجهيزات فإنها تظل "تفاجئك" بنجاحات في اختصاصات حساسة ودقيقة، بعضها الأول من نوعه قاريا وإقليميا، بما يعكس أولا جودة وقيمة التكوين الطبي في تونس وثانيا قيمة وأهمية الكفاءات التي رغم كل النقائص ظلت صامدة أمام "تسونامي" الهجرة الى الخارج .

آخر هذه النجاحات ما تحقق يوم 19 أوت الجاري حيث أوردت وزارة الصحة في بلاغ لها بأنّ فريقا طبيّا بقسم القلب بمستشفى والرابطة قام باستئصال الارتجاف الأذيني عبر التقنية الحديثة "فارابولس"، مشيرة إلى أنّ هذا الانجاز الطبي يعتبر الأول من نوعه في شمال إفريقيا.

وبيّنت الوزارة أن هذا الإنجاز الذي تحقّق تحت إشراف الأستاذين محمد سامي مورالي وسناء والي يتمثل في استئصال الارتجاف الأذيني عبر التّقنية الحديثة "فارابولس"، وذلك من خلال جهاز متطور لاستئصال الارتجاف الأذيني وعلاج نبض القلب المضطرب والسّريع لدى المرضى علما انه تمّ اقتناء الجهاز من طرف وزارة الصحّة وبتمويل من الصندوق الوطني للتأمين على المرض في إطار الشّراكة مع المستشفى الجامعي الرابطة لتعزيز الخدمات الاستشفائيّة والعلاجيّة المتطوّرة بالقطاع الصحّي العمومي.

وبالتوازي مع ذلك تحصّل الثلاثاء 20 أوت الجاري مختبر الجزيئات الحيوية والسموم والتطبيقات العلاجية (LBVAT)  بمعهد باستور، على الموافقة الرّسمية من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بخصوص تثمين جزيئات اصطناعية مستخرجة من سموم الثعابين كعلاج لأمراض القلب والشرايين وخاصة منها الجلطات القلبية، وذلك في إطار مشروع Collabora-Technopole المعلن من قبل الوزارة.

وقالت رئيسة فريق "جزيئات مستخرجة من السموم ضد أمراض القلب والشرايين بالمخبر"، البروفيسور في البيولوجيا أريج المسعدي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء إنّها انطلقت في العمل منذ 2012، كباحثة في مجال النوبات القلبية مع فريق كامل بالمعهد وبالتنسيق والتعاون مع القطب التكنولوجي بسيدي ثابت ومخبر صيدلي من ولاية نابل..

وبتاريخ 6 جوان 2024 نجح فريق طبي متعدّد الاختصاصات، من جراحين ومختصّين في المفاصل والعظام، الإنعاش والتخدير، القلب والشرايين، والتصوير الطبي، بمساعدة فريق شبه طبي، بالمستشفى الجامعي سهلول بسوسة، في استئصال ورم في حوض فتاة عشرينية، وفق ما أكّده رئيس قسم جراحة العظام والمفاصل بالمستشفى، الدكتور كريم بوعتور.

وقال بوعتور، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "كابتشينو"، إنّ "هذه العملية حسّاسة ونادرة وحدثت لأوّل مرّة في سوسة"، مشيرًا إلى أنها "دامت 8 ساعات نظرًا لدقّتها، حيث تمت إزالة نصف الحوض وجزء من الفخذ". وأكّد بوعتّور أنّ "العملية كانت ناجحة والمريضة عادت للمشي وحالتها الآن محلّ متابعة من طرف الأطباء".

وبتاريخ 25 ماي 2024 حقق المستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير نجاحا طبّيا جديدا تمثّل في إجراء عملية جراحية دقيقة وللمرّة الأولى في تونس لاستئصال ورم في قاعدة الدماغ باعتماد المنظار عن طريق الأنف، بقسم جراحة الأعصاب بالمستشفى، وذلك في إطار التكوين في اختصاص جراحة الأعصاب (Cours du collège de Neurochirurgie) بمشاركة خبراء ومختصين من ألمانيا.

وتم بث هذه العملية النوعية التي دامت قرابة الأربع ساعات مباشرة من قاعة العمليات إلى طلبة وأطباء جراحة الأعصاب وأطباء اختصاص الغدد الصماء واختصاص جراحة الحلق والأنف والحنجرة، بمدرج كلية الطب بالمنستير، بحضور مختصين وأطباء من تونس وعدد من الدول الأجنبية.

المستشفى العسكري ببنزرت تمكن بدوره في جانفي 2024 من تحقيق انجاز طبي تمثل في إجراء عدد من العمليات الجراحية الدقيقة لأول مرة في تونس لإزالة دوالي الساقين دون جراحة أو تخدير.

تجدر الإشارة الى أن سنة 2023 كانت هي الأخرى مليئة بالمحطات الناجحة والإنجازات الطبية الكبيرة في سجل المنظومة الصحية العمومية حيث تمكّن المستشفى الجامعي سهلول خلال شهر ديسمبر من سنة 2023 من خطف الأضواء بعد نجاح تدخل طبي هو الأول من نوعه في إفريقيا وأوروبا تمثل في غلق ثقب خلقي في القلب لرضيع عن طريق القسطرة وليس عبر عملية جراحية. لتتالى بعد ذلك سلسلة النجاحات حيث تمكن المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس من إجراء عملية هي الأولى من نوعها في تونس تمثلت في استئصال ورم بالفص السفلي للرئة اليسرى والذي يمتد الى الأذن اليسرى عن طريق تنظير الرئة أحادي الفتحة..

وتتوالى سلسلة النجاحات لتطال عمليات دقيقة هي الأولى من نوعها عالميا على غرار إجراء عملية زرع نظام فيزيولوجي لتحفيز القلب وذلك عبر تحفيز الفرع الأيسر لامرأة حامل.

سلسلة النجاحات الباهرة سالفة الذكر -والتي كانت الأولى سواء عالميا أو إفريقيا- تجعلك تتساءل بإلحاح: ماذا لو طالت "رياح التغيير" منظومة الصحة العمومية؟ ماذا لو تم توفير الإمكانيات ووسائل العمل ولو حتى بنسبة 20 بالمائة؟ وماذا لو تم الشروع في إدخال إصلاحات جوهرية؟

إن تحقيق نجاحات طبية في مستشفياتنا العمومية "التي تعاني اليوم الويلات" جراء الإشكاليات المتعارف عليها يمثل نقطة مضيئة وسط العتمة واليأس.. ولكنها يفترض أن تكون حافزا لصناع القرار ولكل الهياكل المتدخلة في القطاع الصحي على الدفع نحو إصلاح المنظومة العمومية التي مازالت "تشع" رغم كل الهنات..

منال حرزي

بعضها الأول من نوعه قاريا وإقليميا..   نجاحات طبية بأياد تونسية رغم وضعية المستشفيات..

 

تونس-الصباح

قد تكون العلل والإشكاليات والهنّات منطلقا للنحت في الصخر وتحقيق نجاحات باهرة.. وهكذا يبدو حال أو واقع الصحة العمومية، فهي ورغم جميع الإشكاليات التي تعاني منها، كالنقص الحاصل في التجهيزات فإنها تظل "تفاجئك" بنجاحات في اختصاصات حساسة ودقيقة، بعضها الأول من نوعه قاريا وإقليميا، بما يعكس أولا جودة وقيمة التكوين الطبي في تونس وثانيا قيمة وأهمية الكفاءات التي رغم كل النقائص ظلت صامدة أمام "تسونامي" الهجرة الى الخارج .

آخر هذه النجاحات ما تحقق يوم 19 أوت الجاري حيث أوردت وزارة الصحة في بلاغ لها بأنّ فريقا طبيّا بقسم القلب بمستشفى والرابطة قام باستئصال الارتجاف الأذيني عبر التقنية الحديثة "فارابولس"، مشيرة إلى أنّ هذا الانجاز الطبي يعتبر الأول من نوعه في شمال إفريقيا.

وبيّنت الوزارة أن هذا الإنجاز الذي تحقّق تحت إشراف الأستاذين محمد سامي مورالي وسناء والي يتمثل في استئصال الارتجاف الأذيني عبر التّقنية الحديثة "فارابولس"، وذلك من خلال جهاز متطور لاستئصال الارتجاف الأذيني وعلاج نبض القلب المضطرب والسّريع لدى المرضى علما انه تمّ اقتناء الجهاز من طرف وزارة الصحّة وبتمويل من الصندوق الوطني للتأمين على المرض في إطار الشّراكة مع المستشفى الجامعي الرابطة لتعزيز الخدمات الاستشفائيّة والعلاجيّة المتطوّرة بالقطاع الصحّي العمومي.

وبالتوازي مع ذلك تحصّل الثلاثاء 20 أوت الجاري مختبر الجزيئات الحيوية والسموم والتطبيقات العلاجية (LBVAT)  بمعهد باستور، على الموافقة الرّسمية من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بخصوص تثمين جزيئات اصطناعية مستخرجة من سموم الثعابين كعلاج لأمراض القلب والشرايين وخاصة منها الجلطات القلبية، وذلك في إطار مشروع Collabora-Technopole المعلن من قبل الوزارة.

وقالت رئيسة فريق "جزيئات مستخرجة من السموم ضد أمراض القلب والشرايين بالمخبر"، البروفيسور في البيولوجيا أريج المسعدي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء إنّها انطلقت في العمل منذ 2012، كباحثة في مجال النوبات القلبية مع فريق كامل بالمعهد وبالتنسيق والتعاون مع القطب التكنولوجي بسيدي ثابت ومخبر صيدلي من ولاية نابل..

وبتاريخ 6 جوان 2024 نجح فريق طبي متعدّد الاختصاصات، من جراحين ومختصّين في المفاصل والعظام، الإنعاش والتخدير، القلب والشرايين، والتصوير الطبي، بمساعدة فريق شبه طبي، بالمستشفى الجامعي سهلول بسوسة، في استئصال ورم في حوض فتاة عشرينية، وفق ما أكّده رئيس قسم جراحة العظام والمفاصل بالمستشفى، الدكتور كريم بوعتور.

وقال بوعتور، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "كابتشينو"، إنّ "هذه العملية حسّاسة ونادرة وحدثت لأوّل مرّة في سوسة"، مشيرًا إلى أنها "دامت 8 ساعات نظرًا لدقّتها، حيث تمت إزالة نصف الحوض وجزء من الفخذ". وأكّد بوعتّور أنّ "العملية كانت ناجحة والمريضة عادت للمشي وحالتها الآن محلّ متابعة من طرف الأطباء".

وبتاريخ 25 ماي 2024 حقق المستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير نجاحا طبّيا جديدا تمثّل في إجراء عملية جراحية دقيقة وللمرّة الأولى في تونس لاستئصال ورم في قاعدة الدماغ باعتماد المنظار عن طريق الأنف، بقسم جراحة الأعصاب بالمستشفى، وذلك في إطار التكوين في اختصاص جراحة الأعصاب (Cours du collège de Neurochirurgie) بمشاركة خبراء ومختصين من ألمانيا.

وتم بث هذه العملية النوعية التي دامت قرابة الأربع ساعات مباشرة من قاعة العمليات إلى طلبة وأطباء جراحة الأعصاب وأطباء اختصاص الغدد الصماء واختصاص جراحة الحلق والأنف والحنجرة، بمدرج كلية الطب بالمنستير، بحضور مختصين وأطباء من تونس وعدد من الدول الأجنبية.

المستشفى العسكري ببنزرت تمكن بدوره في جانفي 2024 من تحقيق انجاز طبي تمثل في إجراء عدد من العمليات الجراحية الدقيقة لأول مرة في تونس لإزالة دوالي الساقين دون جراحة أو تخدير.

تجدر الإشارة الى أن سنة 2023 كانت هي الأخرى مليئة بالمحطات الناجحة والإنجازات الطبية الكبيرة في سجل المنظومة الصحية العمومية حيث تمكّن المستشفى الجامعي سهلول خلال شهر ديسمبر من سنة 2023 من خطف الأضواء بعد نجاح تدخل طبي هو الأول من نوعه في إفريقيا وأوروبا تمثل في غلق ثقب خلقي في القلب لرضيع عن طريق القسطرة وليس عبر عملية جراحية. لتتالى بعد ذلك سلسلة النجاحات حيث تمكن المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس من إجراء عملية هي الأولى من نوعها في تونس تمثلت في استئصال ورم بالفص السفلي للرئة اليسرى والذي يمتد الى الأذن اليسرى عن طريق تنظير الرئة أحادي الفتحة..

وتتوالى سلسلة النجاحات لتطال عمليات دقيقة هي الأولى من نوعها عالميا على غرار إجراء عملية زرع نظام فيزيولوجي لتحفيز القلب وذلك عبر تحفيز الفرع الأيسر لامرأة حامل.

سلسلة النجاحات الباهرة سالفة الذكر -والتي كانت الأولى سواء عالميا أو إفريقيا- تجعلك تتساءل بإلحاح: ماذا لو طالت "رياح التغيير" منظومة الصحة العمومية؟ ماذا لو تم توفير الإمكانيات ووسائل العمل ولو حتى بنسبة 20 بالمائة؟ وماذا لو تم الشروع في إدخال إصلاحات جوهرية؟

إن تحقيق نجاحات طبية في مستشفياتنا العمومية "التي تعاني اليوم الويلات" جراء الإشكاليات المتعارف عليها يمثل نقطة مضيئة وسط العتمة واليأس.. ولكنها يفترض أن تكون حافزا لصناع القرار ولكل الهياكل المتدخلة في القطاع الصحي على الدفع نحو إصلاح المنظومة العمومية التي مازالت "تشع" رغم كل الهنات..

منال حرزي