لم ينجح وزير الخارجية الأمريكي في تحقيق اختراق في مفاوضات صفقة وقف إطلاق النار في غزة، خصوصا مع تشبث الطرفين الأساسيين في الحرب الدائرة في قطاع غزة بمواقفهما (المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي)، ورجع إلى واشنطن من مطار الدوحة بـ"خفي حنين".
ولم يكن رجوع بلينكن إلى واشنطن بهذه النتيجة بالمفاجأة، فلقد كان ذلك منتظرا منذ أن أقلعت طائرته من مطار بن غوريون من تل أبيب إلى مطار مدينة العلمين على الساحل الشمالي المصري للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورجوع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أعقابه ليحافظ على موقفه الأول الرافض لكل "تنازل" عن الشروط التي طرحها قبل جولة المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة.
كذلك يبدو أن نتائج زيارة بلينكن "الصفرية"، منتظرة، في علاقة بالتسريبات التي أوضحت تفاصيل "المقترح الأمريكي" في مفاوضات الصفقة حول الحرب في غزة، فلقد رسمت هذه التفاصيل خارطة طريق لفشلها، خصوصا وأن كل النقاط المتعلقة بما اقترحه الرئيس الأمريكي جو بايدن في ماي الماضي، قد رحلت إلى المرحلة الثانية" من الصفقة التي يتفاوض فيها الطرفان بوساطة ثلاثية.
فالمقترح الأمريكي لم ينص على الانسحاب الإسرائيلي من محوري نتساريم وفيلادلفيا، بل يشير إلى أن هناك إمكانية للحفاظ على بعض القوات فيهما للقيام بـ"دوريات"، ودون أي إشارات لعديد هذه القوات، وهو ما يرفضه نتنياهو أيضا، وما ترفضه المقاومة الفلسطينية في الأصل، كما أن "جوهر" هذه المفاوضات هو وقف إطلاق النار في القطاع تم ترحيله للمرحلة الثانية وهذا ما يخدم الأجندة الإسرائيلية التي لا تريد إيقاف إطلاق النار والذي لن يكون محددا بسقف معين، وهذا ما يستجيب للاشتراطات الإسرائيلية.
كما ربط هذا المقترح تقديم المساعدات الأممية والإنسانية من خارج القطاع بموافقة "الأطراف" على شروط الاتفاق، وهو ما يظهر حقيقة هذا المقترح الأمريكي الذي يريد نجاحا ديبلوماسيا على حساب جماجم الشهداء والأطفال في غزة.
المقترح الأمريكي أقر نقطة وحيدة، وهي التفاوض على إطلاق سراح الأسرى من الطرفين، والذي اشترطت فيه تل أبيب أن يكون لها حق التحفظ على 65 من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، مقابل إطلاق سراح بعض من الأسرى الإسرائيليين.
هذه التسريبات للمقترح الأمريكي تدل على أن الديبلوماسية الأمريكية فشلت في فرض ضغوط على نتنياهو بل إن العكس هو الصحيح، فالتشبث الإسرائيلي بالمطالب التي اقترحها مؤخرا، مترجم في نص هذا المقترح، وهو يشير إلى أن واشنطن لا تسعى إلا لتحقيق مطلب وحيد وهو إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين فقط، دون الالتفات إلى آلاف الشهداء والجرحى والمنكوبين من أهالي غزة في القطاع المحاصر، خصوصا وأن هذا المقترح لم يفرض وقف إطلاقا للنار في مرحلته الأولى ولا تحديدا لكمية الاحتياجات الإنسانية التي ستدخل للقطاع وهي نقطة "ارتهنتها" الديبلوماسية الأمريكية بموافقة "الأطراف" على شروط الاتفاق، وهو بند يبدو أنه وضع ليكون ضاغطا على المفاوضين من المقاومة الفلسطينية، علهم يوافقون على هذا المقترح الأمريكي والذي يعني استمرار الحرب وهذا ما يريده نتنياهو الذي بقي حبيسا بين مطرقة ابتزاز اليمين الديني الصهيوني له، وفق معادلة سياسوية ضيقة: إما مواصلة الحرب أو السجن"، وسندان احتجاجات أهالي الأسرى الإسرائيليين التي تشعل شوارع المدن الإسرائيلية.
بقلم: نزار مقني
لم ينجح وزير الخارجية الأمريكي في تحقيق اختراق في مفاوضات صفقة وقف إطلاق النار في غزة، خصوصا مع تشبث الطرفين الأساسيين في الحرب الدائرة في قطاع غزة بمواقفهما (المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي)، ورجع إلى واشنطن من مطار الدوحة بـ"خفي حنين".
ولم يكن رجوع بلينكن إلى واشنطن بهذه النتيجة بالمفاجأة، فلقد كان ذلك منتظرا منذ أن أقلعت طائرته من مطار بن غوريون من تل أبيب إلى مطار مدينة العلمين على الساحل الشمالي المصري للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورجوع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أعقابه ليحافظ على موقفه الأول الرافض لكل "تنازل" عن الشروط التي طرحها قبل جولة المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة.
كذلك يبدو أن نتائج زيارة بلينكن "الصفرية"، منتظرة، في علاقة بالتسريبات التي أوضحت تفاصيل "المقترح الأمريكي" في مفاوضات الصفقة حول الحرب في غزة، فلقد رسمت هذه التفاصيل خارطة طريق لفشلها، خصوصا وأن كل النقاط المتعلقة بما اقترحه الرئيس الأمريكي جو بايدن في ماي الماضي، قد رحلت إلى المرحلة الثانية" من الصفقة التي يتفاوض فيها الطرفان بوساطة ثلاثية.
فالمقترح الأمريكي لم ينص على الانسحاب الإسرائيلي من محوري نتساريم وفيلادلفيا، بل يشير إلى أن هناك إمكانية للحفاظ على بعض القوات فيهما للقيام بـ"دوريات"، ودون أي إشارات لعديد هذه القوات، وهو ما يرفضه نتنياهو أيضا، وما ترفضه المقاومة الفلسطينية في الأصل، كما أن "جوهر" هذه المفاوضات هو وقف إطلاق النار في القطاع تم ترحيله للمرحلة الثانية وهذا ما يخدم الأجندة الإسرائيلية التي لا تريد إيقاف إطلاق النار والذي لن يكون محددا بسقف معين، وهذا ما يستجيب للاشتراطات الإسرائيلية.
كما ربط هذا المقترح تقديم المساعدات الأممية والإنسانية من خارج القطاع بموافقة "الأطراف" على شروط الاتفاق، وهو ما يظهر حقيقة هذا المقترح الأمريكي الذي يريد نجاحا ديبلوماسيا على حساب جماجم الشهداء والأطفال في غزة.
المقترح الأمريكي أقر نقطة وحيدة، وهي التفاوض على إطلاق سراح الأسرى من الطرفين، والذي اشترطت فيه تل أبيب أن يكون لها حق التحفظ على 65 من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، مقابل إطلاق سراح بعض من الأسرى الإسرائيليين.
هذه التسريبات للمقترح الأمريكي تدل على أن الديبلوماسية الأمريكية فشلت في فرض ضغوط على نتنياهو بل إن العكس هو الصحيح، فالتشبث الإسرائيلي بالمطالب التي اقترحها مؤخرا، مترجم في نص هذا المقترح، وهو يشير إلى أن واشنطن لا تسعى إلا لتحقيق مطلب وحيد وهو إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين فقط، دون الالتفات إلى آلاف الشهداء والجرحى والمنكوبين من أهالي غزة في القطاع المحاصر، خصوصا وأن هذا المقترح لم يفرض وقف إطلاقا للنار في مرحلته الأولى ولا تحديدا لكمية الاحتياجات الإنسانية التي ستدخل للقطاع وهي نقطة "ارتهنتها" الديبلوماسية الأمريكية بموافقة "الأطراف" على شروط الاتفاق، وهو بند يبدو أنه وضع ليكون ضاغطا على المفاوضين من المقاومة الفلسطينية، علهم يوافقون على هذا المقترح الأمريكي والذي يعني استمرار الحرب وهذا ما يريده نتنياهو الذي بقي حبيسا بين مطرقة ابتزاز اليمين الديني الصهيوني له، وفق معادلة سياسوية ضيقة: إما مواصلة الحرب أو السجن"، وسندان احتجاجات أهالي الأسرى الإسرائيليين التي تشعل شوارع المدن الإسرائيلية.