انطلقت خلال الأسبوع الفارط برعاية المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك حملة لتشجيع استهلاك المنتجات التونسية تحت شعار"كان تحب تونس استهلك المنتوج التونسي" وذلك لدعم الإنتاج والنسيج الصناعي التونسي.
وستتواصل الحملة في مرحلة أولى حتى شهر أكتوبر وستتوج بتنظيم معرض للمنتوج التونسي (أيام 1 و2 و3 أكتوبر)، يجمع كل الهياكل المعنية من شركات خاصة وتلك المنضوية في إطار الاقتصاد الاجتماعي والتضامني فضلا عن الشركات الأهلية. في حين ستزور الحملة في مرحلتها الثانية كافة ولايات الجمهورية بهدف التحسيس ومحاولة "قلب المعادلة لفائدة المنتوج التونسي على حساب المنتوج الأجنبي" كما صرح بذلك رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي.
ويضيف الرياحي أن "المنتوج التونسي يواجه منافسة شرسة من المنتوجات الأجنبية التي أغزت السوق التونسية، ملاحظا أن الإقبال على هذه المنتجات كبير ويبلغ 80 بالمائة خاصة خلال فترة التخفيضات الموسمية على الرغم من ارتفاع أسعارها وتدني جودتها".
تصحيح المفاهيم
يقول الرياحي أيضا في تصريحات إعلامية تزامنا مع إطلاق حملة "كان تحب تونس استهلك المنتوج التونسي" أنه سيتم التركيز على "تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حول جودة المنتجات التونسية التي تخضع لرقابة صارمة من الوزارات والهياكل المختصة وبالتالي فهي مطابقة لمواصفات الجودة العالمية عكس ما يروج حولها".
تجدر الإشارة هنا وفي سياق التعرف على علاقة التونسي بالمنتوج المحلي والفكرة العامة الراسخة بشأنه، أن نتائج بحث ميداني أجراه المعهد التونسي للاستهلاك سنة 2017 كان قد كشف "أنّ نسبة 29.5 في المائة فقط من التونسيين يُقبلون على المنتجات المحلية باعتبارها أولوية بالنسبة لخيارات الشراء لديهم، في حين يُفضّل نحو الثلثين استهلاك منتجات أجنبية مهما كان مصدرها لأنهم لا يثقون بتلك المحلية".
ويختار التونسي السلع الأجنبية، عوضا عن التونسية، لاقتناعه بأن المنتوج الأجنبي أفضل إلى جانب عدم ثقته في جودة وسلامة المنتوجات التونسية.
ومن حيث تقييم الجودة "يعتبر 69 % من التونسيين أن الصناعات التقليدية تتميز بجودة عالية، ثم مواد البناء بنسبة 46 %، ثم الأدوية بنسبة 45 %. وبالنسبة للمواد التي يعتبرونها ذات جودة رديئة نجد الأحذية، ثم المواد الإلكترونية والكهرومنزلية، ثم مواد التجميل".
وعي المستهلك التونسي
ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق مثل هذه الحملات للتشجيع على استهلاك المنتوج التونسي دعما للدينار وللمصانع التونسية، فأكثر من مرة أطلقت منظمة الدفاع عن المستهلك مثل هذه البادرة وكانت في سنة 2022 بمناسبة احتفال المنظمة بالذكرى 30 لتأسيسها قد اتخذت "استهلك تونسي" شعارًا لها.
قام كذلك في مناسبة سابقة رواد مواقع التواصل الاجتماعي بإطلاق هاشتاغ "استهلك تونسي 619"، مع الدعوة إلى مقاطعة المواد الاستهلاكية المستوردة، بهدف المساعدة على إنقاذ الاقتصاد الوطني.
وعلى إثر بلوغ الميزان التجاري عجزا قياسيا تبنت بدورها في 2018 حكومة الشاهد حينها إطلاق حملة وطنية تنخرط فيها عديد الهياكل والجمعيات من أجل دعم المنتوج الوطني والتركيز على العلاقة بين استهلاك المنتوج الوطني ودعم الاقتصاد والمحافظة على نسيج المؤسسات التونسية ومواطن الشغل.
لكن لم تتمكن للأسف هذه الحملات التحسيسية من تغيير الواقع وحمل التونسي على الإقبال على المنتوجات المحلية. وربما إذا ما تم القيام ببحث ميداني سنجد أن عددا كبيرا من التونسيين لا يعرفون حتى الرمز الخاص بالإنتاج المحلي الذي يحمل الرقم 619، كما لا يكترثون بالتثبت من إذا ما كانت المنتجات التي يشترونها تونسية أو مستوردة. وفي الأغلب لا يتمتع التونسي للأسف بثقافة استهلاكية واعية ويتجلى ذلك في أكثر من مظهر ومناسبة فحملات المقاطعة التي تتم الدعوة إليها للضغط على الأسعار مثلا لا يتم احترامها ولا يلتزم بها التونسي في كثير من الأحيان وتكون نتائجها محدودة. والدعوات المتكررة للقطع مع مظاهر اللهفة في المناسبات والأعياد تكون بدورها دون جدوى. ولعل المطلوب العمل بأكثر جدية على تغيير العلقليات والاشتغال على النشء مع تطوير أساليب التحسيس والتوعية لبلوغ النتائج المطلوبة والتأسيس لثقافة استهلاكية جديدة وواعية للتونسي.
م.ي
تونس-الصباح
انطلقت خلال الأسبوع الفارط برعاية المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك حملة لتشجيع استهلاك المنتجات التونسية تحت شعار"كان تحب تونس استهلك المنتوج التونسي" وذلك لدعم الإنتاج والنسيج الصناعي التونسي.
وستتواصل الحملة في مرحلة أولى حتى شهر أكتوبر وستتوج بتنظيم معرض للمنتوج التونسي (أيام 1 و2 و3 أكتوبر)، يجمع كل الهياكل المعنية من شركات خاصة وتلك المنضوية في إطار الاقتصاد الاجتماعي والتضامني فضلا عن الشركات الأهلية. في حين ستزور الحملة في مرحلتها الثانية كافة ولايات الجمهورية بهدف التحسيس ومحاولة "قلب المعادلة لفائدة المنتوج التونسي على حساب المنتوج الأجنبي" كما صرح بذلك رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي.
ويضيف الرياحي أن "المنتوج التونسي يواجه منافسة شرسة من المنتوجات الأجنبية التي أغزت السوق التونسية، ملاحظا أن الإقبال على هذه المنتجات كبير ويبلغ 80 بالمائة خاصة خلال فترة التخفيضات الموسمية على الرغم من ارتفاع أسعارها وتدني جودتها".
تصحيح المفاهيم
يقول الرياحي أيضا في تصريحات إعلامية تزامنا مع إطلاق حملة "كان تحب تونس استهلك المنتوج التونسي" أنه سيتم التركيز على "تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حول جودة المنتجات التونسية التي تخضع لرقابة صارمة من الوزارات والهياكل المختصة وبالتالي فهي مطابقة لمواصفات الجودة العالمية عكس ما يروج حولها".
تجدر الإشارة هنا وفي سياق التعرف على علاقة التونسي بالمنتوج المحلي والفكرة العامة الراسخة بشأنه، أن نتائج بحث ميداني أجراه المعهد التونسي للاستهلاك سنة 2017 كان قد كشف "أنّ نسبة 29.5 في المائة فقط من التونسيين يُقبلون على المنتجات المحلية باعتبارها أولوية بالنسبة لخيارات الشراء لديهم، في حين يُفضّل نحو الثلثين استهلاك منتجات أجنبية مهما كان مصدرها لأنهم لا يثقون بتلك المحلية".
ويختار التونسي السلع الأجنبية، عوضا عن التونسية، لاقتناعه بأن المنتوج الأجنبي أفضل إلى جانب عدم ثقته في جودة وسلامة المنتوجات التونسية.
ومن حيث تقييم الجودة "يعتبر 69 % من التونسيين أن الصناعات التقليدية تتميز بجودة عالية، ثم مواد البناء بنسبة 46 %، ثم الأدوية بنسبة 45 %. وبالنسبة للمواد التي يعتبرونها ذات جودة رديئة نجد الأحذية، ثم المواد الإلكترونية والكهرومنزلية، ثم مواد التجميل".
وعي المستهلك التونسي
ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق مثل هذه الحملات للتشجيع على استهلاك المنتوج التونسي دعما للدينار وللمصانع التونسية، فأكثر من مرة أطلقت منظمة الدفاع عن المستهلك مثل هذه البادرة وكانت في سنة 2022 بمناسبة احتفال المنظمة بالذكرى 30 لتأسيسها قد اتخذت "استهلك تونسي" شعارًا لها.
قام كذلك في مناسبة سابقة رواد مواقع التواصل الاجتماعي بإطلاق هاشتاغ "استهلك تونسي 619"، مع الدعوة إلى مقاطعة المواد الاستهلاكية المستوردة، بهدف المساعدة على إنقاذ الاقتصاد الوطني.
وعلى إثر بلوغ الميزان التجاري عجزا قياسيا تبنت بدورها في 2018 حكومة الشاهد حينها إطلاق حملة وطنية تنخرط فيها عديد الهياكل والجمعيات من أجل دعم المنتوج الوطني والتركيز على العلاقة بين استهلاك المنتوج الوطني ودعم الاقتصاد والمحافظة على نسيج المؤسسات التونسية ومواطن الشغل.
لكن لم تتمكن للأسف هذه الحملات التحسيسية من تغيير الواقع وحمل التونسي على الإقبال على المنتوجات المحلية. وربما إذا ما تم القيام ببحث ميداني سنجد أن عددا كبيرا من التونسيين لا يعرفون حتى الرمز الخاص بالإنتاج المحلي الذي يحمل الرقم 619، كما لا يكترثون بالتثبت من إذا ما كانت المنتجات التي يشترونها تونسية أو مستوردة. وفي الأغلب لا يتمتع التونسي للأسف بثقافة استهلاكية واعية ويتجلى ذلك في أكثر من مظهر ومناسبة فحملات المقاطعة التي تتم الدعوة إليها للضغط على الأسعار مثلا لا يتم احترامها ولا يلتزم بها التونسي في كثير من الأحيان وتكون نتائجها محدودة. والدعوات المتكررة للقطع مع مظاهر اللهفة في المناسبات والأعياد تكون بدورها دون جدوى. ولعل المطلوب العمل بأكثر جدية على تغيير العلقليات والاشتغال على النشء مع تطوير أساليب التحسيس والتوعية لبلوغ النتائج المطلوبة والتأسيس لثقافة استهلاكية جديدة وواعية للتونسي.