إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. فاصل أم نقطة.. الأمل قائم

في ظلّ الموت السريري الذّي تعيشه مؤسسة الاتحاد المغاربي، منذ تسعينات القرن الماضي، وجمود مختلف آليات عملها، وفي ظلّ استحالة عودة الأمور الى طبيعتها بين الدول المغاربية الخمس، في ظلّ الصراع الأزلي الجزائري-المغربي والتوتّر الصامت بين تونس والمغرب، تم على هامش القمة السابعة للدول المصدرة للغاز، والتي التأمت بالعاصمة الجزائرية في مارس المنقضي، إقرار أن تلتئم قمة ثلاثية مغاربية مرة كل ثلاثة أشهر في إحدى العواصم الثلاث وكانت البداية بتونس حيث احتضنت بلادنا في شهر أفريل الماضي القمة التشاورية الثلاثية الأولى والتي أفضت إلى مخرجات هامة، من أبرزها تنسيق الجهود لحماية أمن الحدود المشتركة من أخطار وتبعات الهجرة غير النظامية، وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة وتكوين فريق عمل مشترك، لصياغة آليات لإقامة مشاريع واستثمارات كبرى مشتركة، في مجالات وقطاعات ذات أولوية..

وكان من المفروض أن يكون الاجتماع الثاني لقادة الدول الثلاث خلال شهر جويلية الماضي، في العاصمة الليبية طرابلس، لكن لم يحصل، ومن المستبعد أن يحصل فيما تبقى من السنة، بالنظر إلى الأوضاع التي تشهدها البلدان الثلاث، الأمنية في ليبيا والسياسية في تونس والجزائر.

فليبيا مازالت تعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني والعسكري، حيث في كل مرة تستأنف الاشتباكات بين الفصائل والقوى المسلحة هناك، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني. فإلى جانب سحب البرلمان الثقة من حكومة الوحدة الوطنية الثلاثاء الماضي، تتفاقم الأوضاع مع التوترات العسكرية في مناطق متفرقة من ليبيا، مما يخلق بيئة غير مواتية لاحتضان قمة بهذا الحجم. إضافة إلى ذلك، فإن الانقسامات المستمرة بين القوى السياسية والعسكرية في ليبيا تعزز من عدم اليقين حول مستقبل البلاد، وهو ما قد يؤدي إلى تردد قادة تونس والجزائر في الالتزام بمثل هذا الموعد.

من الجانب الجزائري، فإن البلاد مثلها مثل تونس، تستعّد لانتخابات رئاسية مقبلة حددّ موعدها في 7 سبتمبر، وهي مرحلة سياسية حاسمة للبلاد تتطلب تركيز القيادة الجزائرية بشكل كامل على الشؤون الداخلية. فالانتخابات الرئاسية الجزائرية غالبا ما مثلّت حدثًا مهمًا في الحياة السياسية الجزائرية، خاصة في ظل التوترات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد. ومن الثابت أن القيادة الجزائرية ستكون منشغلة بتحضير وإدارة العملية الانتخابية، بالإضافة إلى مواجهة التحديات السياسية الداخلية، مما يجعل من الصعب على الجزائر أن تخصص الوقت والجهد اللازمين للتحضير والمشاركة في لقاء تشاوري إقليمي.

نفس الشيء تقريبا بالنسبة لتونس، حيث الوضع السياسي اليوم هو الغالب على المشهد من خلال الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر القادم وتركيز الجهود على استقرار البلاد وضمان سير العملية الانتخابية بسلاسة.

هذا الواقع الأمني والسياسي في البلدان المغاربية الثلاث، يزيد من التحديات التي تواجه إمكانية عقد اللقاء الثلاثي الثاني بينها، حيث أن الأولويات الوطنية فيها قد تدفع باتجاه مزيد التأجيل أو إلغاء هذا اللقاء التشاوري.

فمجمل هذه الظروف تشير بوضوح إلى أن اللقاء التشاوري الثاني بين قادة الدول الثلاث قد لا يُعقد خلال ما تبقى من السنة الجارية والأوضاع الراهنة في كل دولة تجعل من الصعب الالتزام بجدول زمني واضح لعقد مثل هذا الاجتماع والتحضير له بشكل جيد على مستوى الخبراء والوزراء، خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بمتابعة مخرجات اللقاء الأول الذي عقد في تونس منذ أربعة أشهر بالرغم من أن الأمل يبقى قائما في هذا "التحالف" المصغر الذي من شأنه أن ينسينا خيبات مؤسسة المغرب العربي، ويكون لبنة أولى نحو إنشاء هيكل إقليمي فاعل ومؤثر في محيطه وخارجه.

سفيان رجب

في ظلّ الموت السريري الذّي تعيشه مؤسسة الاتحاد المغاربي، منذ تسعينات القرن الماضي، وجمود مختلف آليات عملها، وفي ظلّ استحالة عودة الأمور الى طبيعتها بين الدول المغاربية الخمس، في ظلّ الصراع الأزلي الجزائري-المغربي والتوتّر الصامت بين تونس والمغرب، تم على هامش القمة السابعة للدول المصدرة للغاز، والتي التأمت بالعاصمة الجزائرية في مارس المنقضي، إقرار أن تلتئم قمة ثلاثية مغاربية مرة كل ثلاثة أشهر في إحدى العواصم الثلاث وكانت البداية بتونس حيث احتضنت بلادنا في شهر أفريل الماضي القمة التشاورية الثلاثية الأولى والتي أفضت إلى مخرجات هامة، من أبرزها تنسيق الجهود لحماية أمن الحدود المشتركة من أخطار وتبعات الهجرة غير النظامية، وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة وتكوين فريق عمل مشترك، لصياغة آليات لإقامة مشاريع واستثمارات كبرى مشتركة، في مجالات وقطاعات ذات أولوية..

وكان من المفروض أن يكون الاجتماع الثاني لقادة الدول الثلاث خلال شهر جويلية الماضي، في العاصمة الليبية طرابلس، لكن لم يحصل، ومن المستبعد أن يحصل فيما تبقى من السنة، بالنظر إلى الأوضاع التي تشهدها البلدان الثلاث، الأمنية في ليبيا والسياسية في تونس والجزائر.

فليبيا مازالت تعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني والعسكري، حيث في كل مرة تستأنف الاشتباكات بين الفصائل والقوى المسلحة هناك، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني. فإلى جانب سحب البرلمان الثقة من حكومة الوحدة الوطنية الثلاثاء الماضي، تتفاقم الأوضاع مع التوترات العسكرية في مناطق متفرقة من ليبيا، مما يخلق بيئة غير مواتية لاحتضان قمة بهذا الحجم. إضافة إلى ذلك، فإن الانقسامات المستمرة بين القوى السياسية والعسكرية في ليبيا تعزز من عدم اليقين حول مستقبل البلاد، وهو ما قد يؤدي إلى تردد قادة تونس والجزائر في الالتزام بمثل هذا الموعد.

من الجانب الجزائري، فإن البلاد مثلها مثل تونس، تستعّد لانتخابات رئاسية مقبلة حددّ موعدها في 7 سبتمبر، وهي مرحلة سياسية حاسمة للبلاد تتطلب تركيز القيادة الجزائرية بشكل كامل على الشؤون الداخلية. فالانتخابات الرئاسية الجزائرية غالبا ما مثلّت حدثًا مهمًا في الحياة السياسية الجزائرية، خاصة في ظل التوترات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد. ومن الثابت أن القيادة الجزائرية ستكون منشغلة بتحضير وإدارة العملية الانتخابية، بالإضافة إلى مواجهة التحديات السياسية الداخلية، مما يجعل من الصعب على الجزائر أن تخصص الوقت والجهد اللازمين للتحضير والمشاركة في لقاء تشاوري إقليمي.

نفس الشيء تقريبا بالنسبة لتونس، حيث الوضع السياسي اليوم هو الغالب على المشهد من خلال الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر القادم وتركيز الجهود على استقرار البلاد وضمان سير العملية الانتخابية بسلاسة.

هذا الواقع الأمني والسياسي في البلدان المغاربية الثلاث، يزيد من التحديات التي تواجه إمكانية عقد اللقاء الثلاثي الثاني بينها، حيث أن الأولويات الوطنية فيها قد تدفع باتجاه مزيد التأجيل أو إلغاء هذا اللقاء التشاوري.

فمجمل هذه الظروف تشير بوضوح إلى أن اللقاء التشاوري الثاني بين قادة الدول الثلاث قد لا يُعقد خلال ما تبقى من السنة الجارية والأوضاع الراهنة في كل دولة تجعل من الصعب الالتزام بجدول زمني واضح لعقد مثل هذا الاجتماع والتحضير له بشكل جيد على مستوى الخبراء والوزراء، خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بمتابعة مخرجات اللقاء الأول الذي عقد في تونس منذ أربعة أشهر بالرغم من أن الأمل يبقى قائما في هذا "التحالف" المصغر الذي من شأنه أن ينسينا خيبات مؤسسة المغرب العربي، ويكون لبنة أولى نحو إنشاء هيكل إقليمي فاعل ومؤثر في محيطه وخارجه.

سفيان رجب