إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المؤثّرون بالكلمة...بين المسؤولية والشعبوية

في زمن السوشيال ميديا تحوّل العالم الى قرية صغيرة أصبحت الكلمة تتمتع بسرعة الضوء

بقلم ريم بالخذيري

"الكلمة مثل السهم إذا أطلق من القوس لا يمكن رده " و"لكلّ مقام مقال" و"اللسان رصاص قاتل" مقولات وحكم تلخّص ما للكلمة من تأثير على الآخرين بالسلب أو الإيجاب بل انّ الكلام حتى دون الفعل يبني أسرا وأمما ويهدمها .

وفي زمن السوشيال ميديا وتحوّل العالم الى قرية صغيرة أصبحت الكلمة تتمتع بسرعة الضوء ومن هنا برز دور المؤثرين في صياغة المواقف وصناعة الرأي العام .

المؤثرون والقادة

هنالك فرق بين المؤثّرين والقادة فالنوع الأول تمثله فئة تعرف بصنّاع المحتوى وهي تتوجّه الى فئة معينة والهدف من المحتوى عادة ما يتميز بالإيجابية وما يروّجون له لا يدخل في خانة الخطاب السياسي أو الاجتماعي بل في أغلبه حملات ترويجية .في حين أن القادة لديهم جمهورهم المخصوص الذي يتأثر بأفكارهم وهم ليسوا بالضرورة من السياسيين وانما النجوم أيضا قي كل المجالات الفنية والرياضية والعلمية يعتبرون قادة وتأثير خطابهم أكبر بكثير من تأثير خطاب صنّاع المحتوى. .

فخطاب القادة أو حتى تصريحاتهم سواء كانت بالسلب أو الإيجاب حول قضية ما تجرّ وراءها جمهور مختلط الأعراف والميولات. وبالتالي علاقة القائد بجمهوره أو محكوميه أشبه بعلاقة الراعي بقطيعه ولهذا فمسؤوليتهم كبيرة وضرورة التزامهم الأخلاقي بما يقولون وما يدعون اليه وجب أن يكون المحرّك لما يقولون. فالقائد عكس صانع المحتوى عليه أن يفكّر كثيرا ويتكلم قليلا .والأمثلة على ذلك كثيرة منها:

*ترامب و اقتحام الكونغرس

"قاتلوا كشياطين" و "عودوا إلى دياركم بسلام" جملتان تلخّصان سيناريو بداية ونهاية الأحداث المأساوية التي عاشتها الولايات المتحدة الأمريكية بين يومي 5 و6 جانفي 2021. الجملتان للرئيس دونالد ترامب الذي خسر حينها الانتخابات الرئاسية أمام جون بايدن ولم يعترف بنتائجها معتبرا انها مزورة .

وتفاعلا مع كلمته اقتحم أنصاره مبنى الكابيتول الأمريكي وانتشرت صور مخجلة لمناصرين يعبثون بالمقر السيادي ويرددون : "أنقذوا أمريكا"، وهو حدث خطط له في ذا "إيلابس" متنزه الرئيس الجنوبي حيث استمع الحاضرون إلى خطابات من ترامب ورودي جولياني.

وقبل انتهاء الخطابات، سار حشد من المتظاهرين إلى الكونغرس واقتحموا المبنى وكان حينها منعقدًا ، حيث يجرى فرز أصوات الهيئة الانتخابية ومناقشتها بعد أن اعترض السناتور تيد كروز من تكساس وعضو الكونغرس بول جوسار من الدائرة الرابعة للكونغرس في أريزونا على فرز أصوات الهيئة الانتخابية في ولاية أريزونا. أو قد أخليت العديد من المباني في مجمع الكابيتول ، واخترق المتظاهرون الأمن وجرت مواجهة مسلحة عند أبواب غرف مجلس النواب توفي على إثرها أربعة أشخاص برصاص الشرطة و بالتدافع بين المحتجين.

كما تم العثور على ثلاث عبوات ناسفة. وقرر المحتجون المرابطة في المباني الرسمية بعد احتلالها.

ومساء يوم 6 جانفي خاطب ترامب المتظاهرين من أنصاره بالقول "عودوا إلى دياركم بسلام" ووصفهم بأنهم "وطنيون" و"مميزون جدًا".

وفي وقت لاحق وجه القضاء الأمريكي تهما رسمية الى ترامب بتأجيج الأوضاع و تحريض المحتجين .وهي قضايا لا تزال سارية الى اليوم وتمثل وصمة عار على جبينه قد تمنعه من الفوز في الانتخابات التي هو اليوم بصدد الترشح لها.

مفتيو الإرهاب

هم من شيوخ السلفية المتشددة ومنهم إرهابيون على غرار أسامة بن لادن و أبو بكر البغدادي وجماعة الإخوان وهؤلاء فتاويهم دموية ويحرّضون على التعرض لقوات الأمن .وهؤلاء يستعملون خطابا دينيا مزيفا يؤثرون به في الجهلة و قليلي الإيمان. بل ويصدرون أوامرهم مباشرة من المساجد والمنابر الإعلامية وعشرات الآلاف قتلوا وشردوا بسبب هذا الخطاب .

 ماكرون والتطرّف

بذل الرئيس الفرنسي مجهودا كبير لمنع اليمين المتطرف من الوصول الى الحكم و ذلك حينما قرّر حل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة مستعملا كل مرة خطابا تخويفيا للشعب الفرنسي من خطر هذا التيار . واصفا برامجه وبرامج اليسار بأنهما يمكن أن يؤديا إلى حرب أهلية. داعيا أنصاره وعموم الفرنسيين الى انقاذ بلادهم وفق قوله .

وفعلا فقد نجح في تحييد اليمين المتطرف ولم ينجح في تحقيق الأغلبية وكذلك اليسار .

 لطيفة والمهاجرون

الجدل في تونس أثارته مؤخرا الفنانة المقيمة بمصر حينما قامت بمنعرج يرى كثيرون أن لا مبرر له ووجهت رسالة مسقطة لمن اعتبرتهم يخططون لتوطين الأجانب بتونس وهي لئن كانت تقصد فئة معينة منهم وهم الأفارقة جنوب الصحراء الذين تسللوا الى تونس الا أن التعبير خانها وجمعت كل المهاجرين والمقيمين. وهو ما عده كثيرون عنصرية تحريض على الكراهية والعنف وضرب لقيم المجتمع التونسي المتسامح.

وقد قوبل التصريح بكثير من النقد في تونس واعتبره الكثيرون شعبوية وقولا ليس في مقامه. فيما هلل للتصريح الشعبويون بدورهم.

ولم يفهم هؤلاء أن من انتقد لطيفة لم ينتقدها بخصوص محتوى ما قالته. فتونس للتونسيين والأجانب غير الشرعيين ليس مرحبا بهم. وانما النقد كان على التوقيت والمكان.

المسؤولية رسالة

اذن فالمسؤول أو الفنان أو كل من له جمهور يخاطبه أو يؤثر فيه عليه أن يكون متوازنا في أفكاره وتصريحاته لأن ما يباح لغيره قوله ممنوع عنه لأن كلمته يسمعها الآلاف والملايين.

وبالتالي على هؤلاء أن يفكروا جيدا قبل أن يتكلموا وإن تكلموا فيجب أن يجمعوا ولا يفرّقوا وأن يزرعوا الحب ولا يسوّقوا للكراهية والعنف.

في المقابل عديدون هم حاملوا الكلمة والمؤثرون من كان لهم دور كبير في مجتمعاتهم وفي الفضاء الذي يتوجهون له.

 

 

 

 

 

 

 

المؤثّرون بالكلمة...بين المسؤولية والشعبوية

في زمن السوشيال ميديا تحوّل العالم الى قرية صغيرة أصبحت الكلمة تتمتع بسرعة الضوء

بقلم ريم بالخذيري

"الكلمة مثل السهم إذا أطلق من القوس لا يمكن رده " و"لكلّ مقام مقال" و"اللسان رصاص قاتل" مقولات وحكم تلخّص ما للكلمة من تأثير على الآخرين بالسلب أو الإيجاب بل انّ الكلام حتى دون الفعل يبني أسرا وأمما ويهدمها .

وفي زمن السوشيال ميديا وتحوّل العالم الى قرية صغيرة أصبحت الكلمة تتمتع بسرعة الضوء ومن هنا برز دور المؤثرين في صياغة المواقف وصناعة الرأي العام .

المؤثرون والقادة

هنالك فرق بين المؤثّرين والقادة فالنوع الأول تمثله فئة تعرف بصنّاع المحتوى وهي تتوجّه الى فئة معينة والهدف من المحتوى عادة ما يتميز بالإيجابية وما يروّجون له لا يدخل في خانة الخطاب السياسي أو الاجتماعي بل في أغلبه حملات ترويجية .في حين أن القادة لديهم جمهورهم المخصوص الذي يتأثر بأفكارهم وهم ليسوا بالضرورة من السياسيين وانما النجوم أيضا قي كل المجالات الفنية والرياضية والعلمية يعتبرون قادة وتأثير خطابهم أكبر بكثير من تأثير خطاب صنّاع المحتوى. .

فخطاب القادة أو حتى تصريحاتهم سواء كانت بالسلب أو الإيجاب حول قضية ما تجرّ وراءها جمهور مختلط الأعراف والميولات. وبالتالي علاقة القائد بجمهوره أو محكوميه أشبه بعلاقة الراعي بقطيعه ولهذا فمسؤوليتهم كبيرة وضرورة التزامهم الأخلاقي بما يقولون وما يدعون اليه وجب أن يكون المحرّك لما يقولون. فالقائد عكس صانع المحتوى عليه أن يفكّر كثيرا ويتكلم قليلا .والأمثلة على ذلك كثيرة منها:

*ترامب و اقتحام الكونغرس

"قاتلوا كشياطين" و "عودوا إلى دياركم بسلام" جملتان تلخّصان سيناريو بداية ونهاية الأحداث المأساوية التي عاشتها الولايات المتحدة الأمريكية بين يومي 5 و6 جانفي 2021. الجملتان للرئيس دونالد ترامب الذي خسر حينها الانتخابات الرئاسية أمام جون بايدن ولم يعترف بنتائجها معتبرا انها مزورة .

وتفاعلا مع كلمته اقتحم أنصاره مبنى الكابيتول الأمريكي وانتشرت صور مخجلة لمناصرين يعبثون بالمقر السيادي ويرددون : "أنقذوا أمريكا"، وهو حدث خطط له في ذا "إيلابس" متنزه الرئيس الجنوبي حيث استمع الحاضرون إلى خطابات من ترامب ورودي جولياني.

وقبل انتهاء الخطابات، سار حشد من المتظاهرين إلى الكونغرس واقتحموا المبنى وكان حينها منعقدًا ، حيث يجرى فرز أصوات الهيئة الانتخابية ومناقشتها بعد أن اعترض السناتور تيد كروز من تكساس وعضو الكونغرس بول جوسار من الدائرة الرابعة للكونغرس في أريزونا على فرز أصوات الهيئة الانتخابية في ولاية أريزونا. أو قد أخليت العديد من المباني في مجمع الكابيتول ، واخترق المتظاهرون الأمن وجرت مواجهة مسلحة عند أبواب غرف مجلس النواب توفي على إثرها أربعة أشخاص برصاص الشرطة و بالتدافع بين المحتجين.

كما تم العثور على ثلاث عبوات ناسفة. وقرر المحتجون المرابطة في المباني الرسمية بعد احتلالها.

ومساء يوم 6 جانفي خاطب ترامب المتظاهرين من أنصاره بالقول "عودوا إلى دياركم بسلام" ووصفهم بأنهم "وطنيون" و"مميزون جدًا".

وفي وقت لاحق وجه القضاء الأمريكي تهما رسمية الى ترامب بتأجيج الأوضاع و تحريض المحتجين .وهي قضايا لا تزال سارية الى اليوم وتمثل وصمة عار على جبينه قد تمنعه من الفوز في الانتخابات التي هو اليوم بصدد الترشح لها.

مفتيو الإرهاب

هم من شيوخ السلفية المتشددة ومنهم إرهابيون على غرار أسامة بن لادن و أبو بكر البغدادي وجماعة الإخوان وهؤلاء فتاويهم دموية ويحرّضون على التعرض لقوات الأمن .وهؤلاء يستعملون خطابا دينيا مزيفا يؤثرون به في الجهلة و قليلي الإيمان. بل ويصدرون أوامرهم مباشرة من المساجد والمنابر الإعلامية وعشرات الآلاف قتلوا وشردوا بسبب هذا الخطاب .

 ماكرون والتطرّف

بذل الرئيس الفرنسي مجهودا كبير لمنع اليمين المتطرف من الوصول الى الحكم و ذلك حينما قرّر حل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة مستعملا كل مرة خطابا تخويفيا للشعب الفرنسي من خطر هذا التيار . واصفا برامجه وبرامج اليسار بأنهما يمكن أن يؤديا إلى حرب أهلية. داعيا أنصاره وعموم الفرنسيين الى انقاذ بلادهم وفق قوله .

وفعلا فقد نجح في تحييد اليمين المتطرف ولم ينجح في تحقيق الأغلبية وكذلك اليسار .

 لطيفة والمهاجرون

الجدل في تونس أثارته مؤخرا الفنانة المقيمة بمصر حينما قامت بمنعرج يرى كثيرون أن لا مبرر له ووجهت رسالة مسقطة لمن اعتبرتهم يخططون لتوطين الأجانب بتونس وهي لئن كانت تقصد فئة معينة منهم وهم الأفارقة جنوب الصحراء الذين تسللوا الى تونس الا أن التعبير خانها وجمعت كل المهاجرين والمقيمين. وهو ما عده كثيرون عنصرية تحريض على الكراهية والعنف وضرب لقيم المجتمع التونسي المتسامح.

وقد قوبل التصريح بكثير من النقد في تونس واعتبره الكثيرون شعبوية وقولا ليس في مقامه. فيما هلل للتصريح الشعبويون بدورهم.

ولم يفهم هؤلاء أن من انتقد لطيفة لم ينتقدها بخصوص محتوى ما قالته. فتونس للتونسيين والأجانب غير الشرعيين ليس مرحبا بهم. وانما النقد كان على التوقيت والمكان.

المسؤولية رسالة

اذن فالمسؤول أو الفنان أو كل من له جمهور يخاطبه أو يؤثر فيه عليه أن يكون متوازنا في أفكاره وتصريحاته لأن ما يباح لغيره قوله ممنوع عنه لأن كلمته يسمعها الآلاف والملايين.

وبالتالي على هؤلاء أن يفكروا جيدا قبل أن يتكلموا وإن تكلموا فيجب أن يجمعوا ولا يفرّقوا وأن يزرعوا الحب ولا يسوّقوا للكراهية والعنف.

في المقابل عديدون هم حاملوا الكلمة والمؤثرون من كان لهم دور كبير في مجتمعاتهم وفي الفضاء الذي يتوجهون له.