لا يكاد يمر شهر دون أن تشهد طرقات البلاد حادث مرور لشاحنات نقل عاملات الفلاحة، وتسجيل جرحى وحالات وفاة وقد شهدت الطريق الرابطة بين القيروان والوسلاتية أول أمس حادثا من هذا النوع وخلف وفاة و10 إصابات.
ورغم مرور 5 سنوات على صدور القانون عدد 51 المؤرخ في 11 جوان 2019 لفئة “النقل الفلاحي”، والمتمثل في تخصيص خدمة نقل عمومي غير منتظم للعاملات والعمال الفلاحيين القارين أو الموسميين أو العرضيين. والحاقه بالمرسوم الحكومي رقم 724 الصادر في 31 أوت 2020 والمتعلق بضبط شروط القيام بنشاط نقل العمال الفلاحيين وشروط استخدام هذه الخدمة، لم يتغير من واقع الفلاحات شيء، ولم تتوقف الحوادث الأليمة وتنتهي مأساتهن مع شاحنات النقل.
ودوريا تتناقل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، أخبار تعرض النساء الى العنف والسحل الالكتروني والاغتصاب، ويؤثث ذلك كل فترة بجريمة قتل آخرها سجلتها منطقة النصر بالعاصمة تونس.
والزوجة التي تم قتلها وأمها من قبل زوجها، هي الضحية عدد 14 منذ بداية السنة والى غاية اليوم، وهي تتنزل في سياق سلسلة من جرائم قتل النساء التي تعيش على وقعها البلاد منذ سنوات، وتبقى دون معالجة قانونية أو إجرائية ناجعة من قبل السلط الرسمية.
وبين وضعية النساء الفلاحات والنساء ضحايا العنف وظاهرة تقتيل النساء، لم تتوفر إرادة حقيقية لتغيير هذا الواقع، ولا تتنزل قضايا النساء ضمن الأولويات في برامج الحكومات المتعاقبة، وعلى امتداد سنوات تتعمد كل حكومة ترحيل تنفيذ القوانين والبرامج والاستراتيجيات الكفيلة بالحد من كل أشكال ومظاهر العنف المسلط على النساء والفتيات الى الحكومة التي ستأتي بعدها.
فلم تتوقف الطرقات والمسالك الريفية عن حصد أرواح العاملات في القطاع الفلاحي، وسنويا يرتفع عدد الجريحات في صفوفهن.
وتقول حياة العطار المكلفة بملف عاملات الفلاحة بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ان أرقام الجرحى والوفيات جراء حوادث الشاحنات ما انفكت ترتفع من سنة الى أخرى. وبينت في حديثها لـ"الصباح" ان 81 حادثا لشاحنات نقل فلاحات سجلتها طرقاتنا بين سنة 2015 وإلى غاية أول أمس 13 أوت 2024 ( 10 حوادث منذ بدية السنة). خلفت في جملتها وفاة 63 عاملة فلاحة وإصابة 916 بجروح متفاوتة الخطورة تصل حد الإعاقة لدى عدد منهن.
وتشير العطار الى أن أكثر من نصف هذه الحوادث، وتقدر بـ45 حادثا، سجلت ما بعد صدور القانون 51 لسنة 2019 المتعلق بتنظيم نقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي والأمر الترتيبي عدد 724 لسنة 2020 المتعلق بأساليب تطبيقه. وشهدت هذه الفترة فقدان 23 عاملة فلاحة و404 إصابة بجروح متفاوتة الخطورة.
وحسب نتائج رصد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تحتل ولاية سيدي بوزيد المرتبة الاولى في ترتيب الجهات الاكثر تسجيلا لحوادث نقل عاملات الفلاحة اين عرفت 22 حادثا تليها في ذلك ولاية القيروان التي شهدت 17 حادثة وتأتي بعدهما ولاية القصرين في المرتبة الثالثة بـ6 حوادث وولاية سليانة بـ5 حوادث.
وتؤكد هذه الأرقام أن القانون عدد 51 قد بقي رهين غياب الإرادة السياسية والإجراءات الحاسمة، التي أبقت عليه حبرا على ورق نظرا لعدم إرساء الآليات اللازمة لتفعيله وعدم صدور أوامره الترتيبية أو ضبط ميزانية خاصة به.
في نفس الوقت تحذر الجمعيات النسوية، من خطورة تواصل آفة تقتيل النساء، التي ذهبت بحياة 83 امرأة الى غاية الآن، 69 منها خلال الخمس سنوات الماضية، و25 تم قتلهن سنة 2023 وحدها.
وتعتبر سارة بن سعيد المديرة التنفيذية لجمعية "أصوات نساء"، أن تطبيع السلطة مع ظاهرة قتل النساء على امتداد السنوات الفارطة هو ما أدى الى سلسلة هذه الجرائم المفزعة لنصل الى تسجيل معدل جريمتي قتل للنساء شهريا.
وتعتبر الديناميكية النسوية التي تضم جمعيات نسوية وأخرى مدافعة على الحقوق والحريات، أن أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه التعامل مع جرائم قتل النساء في الأنظمة القانونية التونسية، هي تأخر تونس في الاعتراف بقتل النساء كجريمة خصوصية ومستقلة. وتواصل ظاهرة الإفلات من العقاب في خصوص هذا النوع من الجرائم.
ويرى التحالف النسوي أن الوزارة موكول لها تكثيف الجهود لتوعية المجتمع بمخاطر العنف وقتل النساء، وتبني سياسات اتصالية فعّالة في الغرض، واستهداف السلوكيات الضارة التي تعيق تطوير وإعمال الحقوق الإنسانية للنساء.
في نفس الوقت تكشف الدينامكية، أن الحكومة وبعد نحو الثماني سنوات من صدور القانون الأساسي عدد 58 لمناهضة العنف المسلط على النساء، لم تخصص موازنة مالية في الميزانية العامة للدولة خاصة بالتصدي لظاهرة العنف وقتل النساء في تونس. كما لا وجود لأي عنوان خاص في ميزانية وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن موجه لمشكل قتل النساء رغم اعترافها خلال تقريرها الأخير بخطورة الظاهرة وتفشيها. وتنصيصها على أن توفر تمويل كافٍ لبرامج ومشاريع مكافحة العنف ضد النساء أمر بالغ الأهمية لضمان فعالية الجهود المبذولة وتحقيق التغيير المطلوب في المجتمع، فدون تخصيص موارد مالية كافية، يكون من الصعب تحقيق تقدم ملموس في الحدّ من جرائم قتل النساء وحماية حقوقهن.
كما تسجّل الجمعيات النسوية والحقوقية عدم وجود مبادرة تشريعية لوزارة شؤون المرأة بخصوص جريمة تقتيل النساء بصفتها جريمة خصوصية مبنية على النوع الاجتماعي. وتشير الجمعيات الى أن وزارة شؤون المرأة بصفتها وزارة أفقية منذ نشأتها، مطالبة بالعمل مع مؤسسات المجتمع المدني وتعزيز وتكثيف التعاون الشبكي مع كافة الوزارات والقطاعات المتدخلة، على غرار، وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة وغيرها من الوزارات التي نص عليها القانون الأساسي عدد 58-2017، وذلك، لضمان إنفاذ القوانين وبلورة السياسات العامة الخاصة بالحماية والوقاية بهدف التصدي بفعالية لظاهرة العنف المسلط على النساء بكافة أشكاله.
وللإشارة تقر وزارة المرأة في بياناتها المختلفة، أن العنف ضدّ النساء في تونس قد ارتفع في السنوات الأخيرة وأن العنف الزوجي بات يمثّل أعلى نسبة من أشكال العنف المسجّلة. وتكشف الإشعارات التي تصلها عبر الخط الأخضر ان 71% من العنف المسلط على النساء هو عنف زوجي.
ويشمل العنف مختلف الفئات العمرية والتعليمية، ويتصل بأشكال مختلفة الجسدي واللفظي والاقتصادي والجنسي والمادي.. وتقول الوزارة انه يمكن لحالة عنف واحدة أن تشمل أكثر من شكل واحد من أشكال العنف. كما تقف الوزارة على مشكل رصد الميزانية اللازمة لتنفيذ القوانين الكفيلة بالحد من ظاهرة العنف المسلط على النساء بجميع أشكاله.
ويكشف موقع الأمم المتحدة أن العنف المسلط على المرأة والفتاة مازال واحدا من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان شيوعا في العالم. وتشير التقديرات إلى أن 736 مليون امرأة على مستوى العالم، أي واحدة من كل ثلاث نساء تقريبا، كانت ضحية لعنف جسدي أو جنسي ولو مرة واحدة على الأقل في حياتها. وتتفاقم هذه الآفة في بيئات مختلفة، بما في ذلك أماكن العمل وعبر الإنترنيت.
نساء محرومات من الصحة وغير قادرات على الولوج للعدالة
حسب دراسة أعدتها أحلام بلحاج الرئيسة السابقة لجمعية النساء الديمقراطيات، يمتد زمن وصول النساء الى حقوقهن عبر العدالة في علاقة بقضايا العنف المسلط عليهن باختلاف أنواعه الى الـ28 شهرا ونصف أي نحو السنتين ونصف، ويصل الرقم الى 64 شهرا في بعض الحالات. وتواجه النساء المعنفات باختلاف مستوياتهن التعليمية وسنهن، صعوبات وإشكاليات كبيرة في الولوج الى العدالة والصحة بالأساس.
واعتمادا على استطلاع للرأي شمل 50 امرأة من ولايات الشمال الكاف وجندوبة وباجة وسليانة وولايات الوسط القيروان وسوسة وولايات الجنوب مدنين وقابس وقبلي وتطاوين، تسبب ضعف تطبيقات القانون عدد 58 لسنة 2017 للقضاء على العنف ضد المرأة، في تردي نوع الخدمات التي تنتفع منها النساء ضحايا العنف من قبل الهياكل والمؤسسات المعنية في الدولة (إطارات طبية وشبه طبية مراكز أمن مرشدين اجتماعيين) في تخلي 36% من النساء على المسار القضائي الذي اتخذوها. وتكشف نفس النتائج أن القصور المادي وارتفاع تكلفة التقاضي أحد أبرز أسباب عدم التجاء النساء ضحايا العنف الى القضاء.
وحسب الشهادات المجمعة في استطلاع الرأي، من بين 80% من النساء اللاتي اتجهن الى مسار التقاضي هناك 10% فقط منهن تمكن من الوصول الى "قصر العدالة " في المناسبة الأولى التي أردن فيها القيام بمتابعة قضائية للمعتدي. وحسب شهادتهن يتم منعهن من دخول المحاكم أو لا تتم إحالة ملفاتهن الى المحكمة أو إجبارهن على اتخاذ مسار قضائي بعينه أو التنازل عن قضية العنف أو يكتشفن تبخر وثائق محدد في القضية أو تغير في القضية من عنف الى اعتداء على أملاك الغير.. وهنا تصنف 40 % من المستجوبات المسار القضائي بالسيئ والسيئ جدا في الوقت الذي تكون فيه 30% فقط منهم راضية على مسار التقاضي وتعتبر أن القاضية كانت إنسانية ومتفهمة معها.
وتقول النساء المعنفات أن الحق في الولوج الى الخدمات الصحية في غالب الأحيان يتم انتهاكه وعدم التمتع به، في الوقت الذي تقول فيه أكثر من نصف العينة المستجوبة أن المؤسسات الاستشفائية تمثل الفضاء الأول الذي تتجه له بعد تعرضها للعنف وفي 18% يكون مهني الصحة أول من يستقبلهن ويكون مستوى تفاعلهم مع الضحية ضعيف لا يراعي وضعهن الخاص.
وتصف في نفس الدراسة أكثر من 50% من ضحايا العنف، الخدمات المقدمة من قبل الفرق الأمنية وفرق الحرس الوطني بالسيئة والسيئة جدا. ويتهمن الفرق الأمنية بالتواطؤ مع الرجال وأنهم لا يحترمون مسار التقاضي وفي العديد من المرات يجبر النساء على التنازل على القضايا مقابل عدم التشبث بالحق العام كما ينص القانون وتشير بعضهن أن هناك عملية ارتشاء في الأمر.
وحسب النساء المستجوبات لا يتجاوز حضور وزارة المرأة في قضايا العنف 6% ، وتكون وزارة الشؤون الاجتماعية شبه مغيبة اذ حضرت في أذهان 2% فقط من العينة. ويختار المسار القضائي نسبة 10% فقط من المستجوبات. في الوقت الذي تتجه فيه ضحايا العنف بنسبة 58% للمؤسسات الاستشفائية. ورغم المسؤولية التي لمؤسسات وزارة المرأة في علاقة بمسألة العنف وضحايا العنف، لا يذكر اغلب المستجوبات أنهن التجأن أو توجهنا الى اللجان المختصة في مكافحة العنف المسلط على النساء، لتقتصر خدمات الوزارة على التوجيه والإرشاد فقط.
ريم سوودي
تونس-الصباح
لا يكاد يمر شهر دون أن تشهد طرقات البلاد حادث مرور لشاحنات نقل عاملات الفلاحة، وتسجيل جرحى وحالات وفاة وقد شهدت الطريق الرابطة بين القيروان والوسلاتية أول أمس حادثا من هذا النوع وخلف وفاة و10 إصابات.
ورغم مرور 5 سنوات على صدور القانون عدد 51 المؤرخ في 11 جوان 2019 لفئة “النقل الفلاحي”، والمتمثل في تخصيص خدمة نقل عمومي غير منتظم للعاملات والعمال الفلاحيين القارين أو الموسميين أو العرضيين. والحاقه بالمرسوم الحكومي رقم 724 الصادر في 31 أوت 2020 والمتعلق بضبط شروط القيام بنشاط نقل العمال الفلاحيين وشروط استخدام هذه الخدمة، لم يتغير من واقع الفلاحات شيء، ولم تتوقف الحوادث الأليمة وتنتهي مأساتهن مع شاحنات النقل.
ودوريا تتناقل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، أخبار تعرض النساء الى العنف والسحل الالكتروني والاغتصاب، ويؤثث ذلك كل فترة بجريمة قتل آخرها سجلتها منطقة النصر بالعاصمة تونس.
والزوجة التي تم قتلها وأمها من قبل زوجها، هي الضحية عدد 14 منذ بداية السنة والى غاية اليوم، وهي تتنزل في سياق سلسلة من جرائم قتل النساء التي تعيش على وقعها البلاد منذ سنوات، وتبقى دون معالجة قانونية أو إجرائية ناجعة من قبل السلط الرسمية.
وبين وضعية النساء الفلاحات والنساء ضحايا العنف وظاهرة تقتيل النساء، لم تتوفر إرادة حقيقية لتغيير هذا الواقع، ولا تتنزل قضايا النساء ضمن الأولويات في برامج الحكومات المتعاقبة، وعلى امتداد سنوات تتعمد كل حكومة ترحيل تنفيذ القوانين والبرامج والاستراتيجيات الكفيلة بالحد من كل أشكال ومظاهر العنف المسلط على النساء والفتيات الى الحكومة التي ستأتي بعدها.
فلم تتوقف الطرقات والمسالك الريفية عن حصد أرواح العاملات في القطاع الفلاحي، وسنويا يرتفع عدد الجريحات في صفوفهن.
وتقول حياة العطار المكلفة بملف عاملات الفلاحة بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ان أرقام الجرحى والوفيات جراء حوادث الشاحنات ما انفكت ترتفع من سنة الى أخرى. وبينت في حديثها لـ"الصباح" ان 81 حادثا لشاحنات نقل فلاحات سجلتها طرقاتنا بين سنة 2015 وإلى غاية أول أمس 13 أوت 2024 ( 10 حوادث منذ بدية السنة). خلفت في جملتها وفاة 63 عاملة فلاحة وإصابة 916 بجروح متفاوتة الخطورة تصل حد الإعاقة لدى عدد منهن.
وتشير العطار الى أن أكثر من نصف هذه الحوادث، وتقدر بـ45 حادثا، سجلت ما بعد صدور القانون 51 لسنة 2019 المتعلق بتنظيم نقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي والأمر الترتيبي عدد 724 لسنة 2020 المتعلق بأساليب تطبيقه. وشهدت هذه الفترة فقدان 23 عاملة فلاحة و404 إصابة بجروح متفاوتة الخطورة.
وحسب نتائج رصد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تحتل ولاية سيدي بوزيد المرتبة الاولى في ترتيب الجهات الاكثر تسجيلا لحوادث نقل عاملات الفلاحة اين عرفت 22 حادثا تليها في ذلك ولاية القيروان التي شهدت 17 حادثة وتأتي بعدهما ولاية القصرين في المرتبة الثالثة بـ6 حوادث وولاية سليانة بـ5 حوادث.
وتؤكد هذه الأرقام أن القانون عدد 51 قد بقي رهين غياب الإرادة السياسية والإجراءات الحاسمة، التي أبقت عليه حبرا على ورق نظرا لعدم إرساء الآليات اللازمة لتفعيله وعدم صدور أوامره الترتيبية أو ضبط ميزانية خاصة به.
في نفس الوقت تحذر الجمعيات النسوية، من خطورة تواصل آفة تقتيل النساء، التي ذهبت بحياة 83 امرأة الى غاية الآن، 69 منها خلال الخمس سنوات الماضية، و25 تم قتلهن سنة 2023 وحدها.
وتعتبر سارة بن سعيد المديرة التنفيذية لجمعية "أصوات نساء"، أن تطبيع السلطة مع ظاهرة قتل النساء على امتداد السنوات الفارطة هو ما أدى الى سلسلة هذه الجرائم المفزعة لنصل الى تسجيل معدل جريمتي قتل للنساء شهريا.
وتعتبر الديناميكية النسوية التي تضم جمعيات نسوية وأخرى مدافعة على الحقوق والحريات، أن أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه التعامل مع جرائم قتل النساء في الأنظمة القانونية التونسية، هي تأخر تونس في الاعتراف بقتل النساء كجريمة خصوصية ومستقلة. وتواصل ظاهرة الإفلات من العقاب في خصوص هذا النوع من الجرائم.
ويرى التحالف النسوي أن الوزارة موكول لها تكثيف الجهود لتوعية المجتمع بمخاطر العنف وقتل النساء، وتبني سياسات اتصالية فعّالة في الغرض، واستهداف السلوكيات الضارة التي تعيق تطوير وإعمال الحقوق الإنسانية للنساء.
في نفس الوقت تكشف الدينامكية، أن الحكومة وبعد نحو الثماني سنوات من صدور القانون الأساسي عدد 58 لمناهضة العنف المسلط على النساء، لم تخصص موازنة مالية في الميزانية العامة للدولة خاصة بالتصدي لظاهرة العنف وقتل النساء في تونس. كما لا وجود لأي عنوان خاص في ميزانية وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن موجه لمشكل قتل النساء رغم اعترافها خلال تقريرها الأخير بخطورة الظاهرة وتفشيها. وتنصيصها على أن توفر تمويل كافٍ لبرامج ومشاريع مكافحة العنف ضد النساء أمر بالغ الأهمية لضمان فعالية الجهود المبذولة وتحقيق التغيير المطلوب في المجتمع، فدون تخصيص موارد مالية كافية، يكون من الصعب تحقيق تقدم ملموس في الحدّ من جرائم قتل النساء وحماية حقوقهن.
كما تسجّل الجمعيات النسوية والحقوقية عدم وجود مبادرة تشريعية لوزارة شؤون المرأة بخصوص جريمة تقتيل النساء بصفتها جريمة خصوصية مبنية على النوع الاجتماعي. وتشير الجمعيات الى أن وزارة شؤون المرأة بصفتها وزارة أفقية منذ نشأتها، مطالبة بالعمل مع مؤسسات المجتمع المدني وتعزيز وتكثيف التعاون الشبكي مع كافة الوزارات والقطاعات المتدخلة، على غرار، وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة وغيرها من الوزارات التي نص عليها القانون الأساسي عدد 58-2017، وذلك، لضمان إنفاذ القوانين وبلورة السياسات العامة الخاصة بالحماية والوقاية بهدف التصدي بفعالية لظاهرة العنف المسلط على النساء بكافة أشكاله.
وللإشارة تقر وزارة المرأة في بياناتها المختلفة، أن العنف ضدّ النساء في تونس قد ارتفع في السنوات الأخيرة وأن العنف الزوجي بات يمثّل أعلى نسبة من أشكال العنف المسجّلة. وتكشف الإشعارات التي تصلها عبر الخط الأخضر ان 71% من العنف المسلط على النساء هو عنف زوجي.
ويشمل العنف مختلف الفئات العمرية والتعليمية، ويتصل بأشكال مختلفة الجسدي واللفظي والاقتصادي والجنسي والمادي.. وتقول الوزارة انه يمكن لحالة عنف واحدة أن تشمل أكثر من شكل واحد من أشكال العنف. كما تقف الوزارة على مشكل رصد الميزانية اللازمة لتنفيذ القوانين الكفيلة بالحد من ظاهرة العنف المسلط على النساء بجميع أشكاله.
ويكشف موقع الأمم المتحدة أن العنف المسلط على المرأة والفتاة مازال واحدا من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان شيوعا في العالم. وتشير التقديرات إلى أن 736 مليون امرأة على مستوى العالم، أي واحدة من كل ثلاث نساء تقريبا، كانت ضحية لعنف جسدي أو جنسي ولو مرة واحدة على الأقل في حياتها. وتتفاقم هذه الآفة في بيئات مختلفة، بما في ذلك أماكن العمل وعبر الإنترنيت.
نساء محرومات من الصحة وغير قادرات على الولوج للعدالة
حسب دراسة أعدتها أحلام بلحاج الرئيسة السابقة لجمعية النساء الديمقراطيات، يمتد زمن وصول النساء الى حقوقهن عبر العدالة في علاقة بقضايا العنف المسلط عليهن باختلاف أنواعه الى الـ28 شهرا ونصف أي نحو السنتين ونصف، ويصل الرقم الى 64 شهرا في بعض الحالات. وتواجه النساء المعنفات باختلاف مستوياتهن التعليمية وسنهن، صعوبات وإشكاليات كبيرة في الولوج الى العدالة والصحة بالأساس.
واعتمادا على استطلاع للرأي شمل 50 امرأة من ولايات الشمال الكاف وجندوبة وباجة وسليانة وولايات الوسط القيروان وسوسة وولايات الجنوب مدنين وقابس وقبلي وتطاوين، تسبب ضعف تطبيقات القانون عدد 58 لسنة 2017 للقضاء على العنف ضد المرأة، في تردي نوع الخدمات التي تنتفع منها النساء ضحايا العنف من قبل الهياكل والمؤسسات المعنية في الدولة (إطارات طبية وشبه طبية مراكز أمن مرشدين اجتماعيين) في تخلي 36% من النساء على المسار القضائي الذي اتخذوها. وتكشف نفس النتائج أن القصور المادي وارتفاع تكلفة التقاضي أحد أبرز أسباب عدم التجاء النساء ضحايا العنف الى القضاء.
وحسب الشهادات المجمعة في استطلاع الرأي، من بين 80% من النساء اللاتي اتجهن الى مسار التقاضي هناك 10% فقط منهن تمكن من الوصول الى "قصر العدالة " في المناسبة الأولى التي أردن فيها القيام بمتابعة قضائية للمعتدي. وحسب شهادتهن يتم منعهن من دخول المحاكم أو لا تتم إحالة ملفاتهن الى المحكمة أو إجبارهن على اتخاذ مسار قضائي بعينه أو التنازل عن قضية العنف أو يكتشفن تبخر وثائق محدد في القضية أو تغير في القضية من عنف الى اعتداء على أملاك الغير.. وهنا تصنف 40 % من المستجوبات المسار القضائي بالسيئ والسيئ جدا في الوقت الذي تكون فيه 30% فقط منهم راضية على مسار التقاضي وتعتبر أن القاضية كانت إنسانية ومتفهمة معها.
وتقول النساء المعنفات أن الحق في الولوج الى الخدمات الصحية في غالب الأحيان يتم انتهاكه وعدم التمتع به، في الوقت الذي تقول فيه أكثر من نصف العينة المستجوبة أن المؤسسات الاستشفائية تمثل الفضاء الأول الذي تتجه له بعد تعرضها للعنف وفي 18% يكون مهني الصحة أول من يستقبلهن ويكون مستوى تفاعلهم مع الضحية ضعيف لا يراعي وضعهن الخاص.
وتصف في نفس الدراسة أكثر من 50% من ضحايا العنف، الخدمات المقدمة من قبل الفرق الأمنية وفرق الحرس الوطني بالسيئة والسيئة جدا. ويتهمن الفرق الأمنية بالتواطؤ مع الرجال وأنهم لا يحترمون مسار التقاضي وفي العديد من المرات يجبر النساء على التنازل على القضايا مقابل عدم التشبث بالحق العام كما ينص القانون وتشير بعضهن أن هناك عملية ارتشاء في الأمر.
وحسب النساء المستجوبات لا يتجاوز حضور وزارة المرأة في قضايا العنف 6% ، وتكون وزارة الشؤون الاجتماعية شبه مغيبة اذ حضرت في أذهان 2% فقط من العينة. ويختار المسار القضائي نسبة 10% فقط من المستجوبات. في الوقت الذي تتجه فيه ضحايا العنف بنسبة 58% للمؤسسات الاستشفائية. ورغم المسؤولية التي لمؤسسات وزارة المرأة في علاقة بمسألة العنف وضحايا العنف، لا يذكر اغلب المستجوبات أنهن التجأن أو توجهنا الى اللجان المختصة في مكافحة العنف المسلط على النساء، لتقتصر خدمات الوزارة على التوجيه والإرشاد فقط.