تقترب بلادنا من موعد الانتخابات الرئاسية الجديدة المنتظرة في 6 أكتوبر القادم. وككل البلدان الديمقراطية يتوقع أن يكون هذا الاستحقاق الانتخابي فرصة كي يمارس الشعب التونسي إرادته عبر صناديق الاقتراع وأن يختار رئيسا جديدا للبلاد للخمس سنوات القادمة.
وكما هو معروف وتقريبا في كل بلدان العالم التي يتم فيها التداول على السلطة بشكل سلمي وديمقراطي، تكون الفترة الانتخابية ساخنة ويكثر فيها الجدل والسجالات وتستعمل فيها كل الوسائل بما في ذلك محاولات التشهير والتشويه.
لكن وإن كان كل ذلك يدخل في سياق التقاليد الانتخابية الديمقراطية، فإنه يظل دائما بمقدار، دون ينتج عنه ضرر يمس بالدولة المعنية أو بمؤسساتها، وهو ما نتمناه لبلادنا، أي أن يكون كل استحقاق انتخابي جديد فرصة لتثبيت أسس التجربة الديمقراطية وترسيخها.
نقول ذلك ومازالت ذكريات التجربة المريرة التي عاشها التونسيون بعد الثورة حيّة. لم تكن الأمور بمقدار بل حدث، أن تجاوزنا كل الخطوط الحمراء. فقد كانت التجاذبات والسجالات وحملات التشهير والتشويه العنيفة لسنوات خبزنا اليومي (كانت متواصلة على طول العام ولم تكن مقتصرة فقط على المواعيد الانتخابية) ولم يتأذى المواطنون فقط وإنما تأذت الدولة أيضا وتم المساس بهيبتها بشكل رهيب.
مازالت أثار تلك التجربة المريرة التي عاشها التونسيون بعد أحداث 14 جانفي 2011، كما أشرنا، باقية الى اليوم. ومازلنا نذكر كيف كان التونسيون ينامون ويصحون على أخبار الصراعات والتجاذبات الحزبية التي كانت تنقل على المباشر خاصة في مجلس نواب الشعب، معقل السلطة آنذاك، وكيف تحول قصر باردو الى حلبة صراع وصار منبعا للعنف. العنف الذي انتقلت عدواه الى كل الفضاءات العامة وخاصة الى الشارع.
العنف، نعم هو ذاك الغول الذي تفشى في البلاد ولاح في فترة ما أنه يمكن أن ينسف كل ما وقع بناؤه وما هو غريب هو أن الدولة كانت تعمل على تغذيته بشكل يثير ألف سؤال.
كان الخطاب السياسي ينضح عنفا وكانت هناك محاولات واضحة لبقاء الأمر على ما هو عليه ونكاد نراهن على أن أكثر ما يخشاه التونسي اليوم هو عودة كل التشنجات التي عاشها في السنوات التي تلت الثورة وخاصة خلال المواعيد الانتخابية. فالخطاب العنيف الذي سيطر على الساحة السياسية بعد أحداث 14 جانفي 2011 كلف التونسيين الكثير وجعل البلاد تدخل في نفق مظلم. كل شيء تعطل. مؤسسات الدولة أصبحت عاجزة. العمل توقف في كل المجالات تقريبا وأصبحت المفردات الأكثر استعمالا هي التي تحيل على العنف. ومازلنا نذكر كيف تحولت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال استحقاقات انتخابية سابقة الى منصات لنشر الخطاب العنيف والتحريض وبث الفتنة .
وكل ما نتمناه أن يكون كل ذلك قد انتهى وأن نكون قد طوينا الصفحة نهائيا وأن يتجه التونسيون الى البناء. فقد ضاع وقت كبير في التجاذبات والصراعات التي سادت سنوات طويلة بعد أحداث 14 جانفي والتي مازلنا ندفع ثمنها. فبيئتنا اليوم بيئة مشجعة على العنف تغذيها مشاكل الحياة اليومية وهمومها خاصة في ظل وضع اجتماعي صعب وهو ما تؤكده الأرقام المفزعة حول ارتفاع منسوب الجريمة وتفشي العنف في المجتمع بأشكاله المختلفة.
صحيح أن المنافسة عنصر أساسي في السباقات الانتخابية لكن كل ما نتمناه مع انتخابات 6 أكتوبر أن يأتي كل مشارك فيها على نفسه، لأن تونس بوضعها الحالي لن تتحمل أكثر.
حياة السايب
تقترب بلادنا من موعد الانتخابات الرئاسية الجديدة المنتظرة في 6 أكتوبر القادم. وككل البلدان الديمقراطية يتوقع أن يكون هذا الاستحقاق الانتخابي فرصة كي يمارس الشعب التونسي إرادته عبر صناديق الاقتراع وأن يختار رئيسا جديدا للبلاد للخمس سنوات القادمة.
وكما هو معروف وتقريبا في كل بلدان العالم التي يتم فيها التداول على السلطة بشكل سلمي وديمقراطي، تكون الفترة الانتخابية ساخنة ويكثر فيها الجدل والسجالات وتستعمل فيها كل الوسائل بما في ذلك محاولات التشهير والتشويه.
لكن وإن كان كل ذلك يدخل في سياق التقاليد الانتخابية الديمقراطية، فإنه يظل دائما بمقدار، دون ينتج عنه ضرر يمس بالدولة المعنية أو بمؤسساتها، وهو ما نتمناه لبلادنا، أي أن يكون كل استحقاق انتخابي جديد فرصة لتثبيت أسس التجربة الديمقراطية وترسيخها.
نقول ذلك ومازالت ذكريات التجربة المريرة التي عاشها التونسيون بعد الثورة حيّة. لم تكن الأمور بمقدار بل حدث، أن تجاوزنا كل الخطوط الحمراء. فقد كانت التجاذبات والسجالات وحملات التشهير والتشويه العنيفة لسنوات خبزنا اليومي (كانت متواصلة على طول العام ولم تكن مقتصرة فقط على المواعيد الانتخابية) ولم يتأذى المواطنون فقط وإنما تأذت الدولة أيضا وتم المساس بهيبتها بشكل رهيب.
مازالت أثار تلك التجربة المريرة التي عاشها التونسيون بعد أحداث 14 جانفي 2011، كما أشرنا، باقية الى اليوم. ومازلنا نذكر كيف كان التونسيون ينامون ويصحون على أخبار الصراعات والتجاذبات الحزبية التي كانت تنقل على المباشر خاصة في مجلس نواب الشعب، معقل السلطة آنذاك، وكيف تحول قصر باردو الى حلبة صراع وصار منبعا للعنف. العنف الذي انتقلت عدواه الى كل الفضاءات العامة وخاصة الى الشارع.
العنف، نعم هو ذاك الغول الذي تفشى في البلاد ولاح في فترة ما أنه يمكن أن ينسف كل ما وقع بناؤه وما هو غريب هو أن الدولة كانت تعمل على تغذيته بشكل يثير ألف سؤال.
كان الخطاب السياسي ينضح عنفا وكانت هناك محاولات واضحة لبقاء الأمر على ما هو عليه ونكاد نراهن على أن أكثر ما يخشاه التونسي اليوم هو عودة كل التشنجات التي عاشها في السنوات التي تلت الثورة وخاصة خلال المواعيد الانتخابية. فالخطاب العنيف الذي سيطر على الساحة السياسية بعد أحداث 14 جانفي 2011 كلف التونسيين الكثير وجعل البلاد تدخل في نفق مظلم. كل شيء تعطل. مؤسسات الدولة أصبحت عاجزة. العمل توقف في كل المجالات تقريبا وأصبحت المفردات الأكثر استعمالا هي التي تحيل على العنف. ومازلنا نذكر كيف تحولت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال استحقاقات انتخابية سابقة الى منصات لنشر الخطاب العنيف والتحريض وبث الفتنة .
وكل ما نتمناه أن يكون كل ذلك قد انتهى وأن نكون قد طوينا الصفحة نهائيا وأن يتجه التونسيون الى البناء. فقد ضاع وقت كبير في التجاذبات والصراعات التي سادت سنوات طويلة بعد أحداث 14 جانفي والتي مازلنا ندفع ثمنها. فبيئتنا اليوم بيئة مشجعة على العنف تغذيها مشاكل الحياة اليومية وهمومها خاصة في ظل وضع اجتماعي صعب وهو ما تؤكده الأرقام المفزعة حول ارتفاع منسوب الجريمة وتفشي العنف في المجتمع بأشكاله المختلفة.
صحيح أن المنافسة عنصر أساسي في السباقات الانتخابية لكن كل ما نتمناه مع انتخابات 6 أكتوبر أن يأتي كل مشارك فيها على نفسه، لأن تونس بوضعها الحالي لن تتحمل أكثر.