محمد الضيفي لـ"الصباح": تأثير سلبي للشغورات والكفاءة والاستقلالية من شروط حياد الإدارة
قانون "الباي" لتنظيم السلك هو أقدم قانون معتمد في تونس
تونس – الصباح
يبدو أن رئيس الحكومة الحالي كمال المدوري يتجه في سياسته الى سد الشغورات والقيام بتحويرات ليس في مستوى الحكومة فقط وإنما بالأساس في مستوى الولاة والمعتمدين، باعتبارها من المسائل التي لطالما دعت عدة جهات في تونس إلى العمل على تداركها خاصة في ظل الصعوبات والنقائص والإشكاليات التي تعيشها بعض المناطق والجهات داخل الجمهورية.
ولعل في تطرق رئيس الجمهورية قيس سعيد في لقائه أول أمس بقصر قرطاج بكل من خالد النوري، وزير الداخلية، وسفيان بالصادق، كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلّف بالأمن الوطني، إلى الحركة في سلك الولاة وتشديده على أن يكون الاختيار في هذا الجانب "بناء على الولاء لتونس وحدها وعلى أن يتحمّل كل مسؤول جهوي أو محلّي مسؤولياته كاملة وأن يسعى إلى إيجاد الحلول في إطار سياسة الدولة وفي إطار احترام كامل للقانون، وألا يجعل بينه وبين المواطنين حواجز وأبوابا، وألا يجد المواطنون سوى عنوان واحد يلجؤون إليه وهو رئاسة الجمهورية"، تأكيد على أن الملف أولوية وحاجة عاجلة. فبعض الولايات تعيش شغورا منذ ما يقارب العامين وبعضها الآخر يشهد شغورا في منصبي الوالي والمعتمد الأول.
وتجدر الإشارة إلى أن صدور المرسوم الرئاسي عدد 9 لسنة 2023 في 8 مارس 2023 المتعلق بحلّ المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة، ينص في فصله الثاني على أن تُعْهد مهمة تسيير البلديات للمكلف بالكتابة العامة للبلدية، وذلك تحت إشراف والي الجهة.
وهو ما جعل عديد الجهات تقر بالتداعيات السلبية للشغور المسجل في منصب الوالي في عدة مستويات لاسيما في ظل الأزمات والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بلادنا بشكل عام وبعض الجهات بشكل خاص. ورغم الجدل الملح هذه الأيام حول شروط ومقاييس اختيار وتعيين الولاة، فإن عملية تعيين الوالي والمعتمد تظل هي نفسها تقريبا، لا تخضع لشروط ومقاييس قانونية محددة ومنظمة وإنما ظلت تخضع لنواميس السلطة الحاكمة بالمراهنة على الخيارات التي تتماشى وسياستها منذ سنوات ما بعد الاستقلال. ويكفي الإشارة إلى تواصل العمل في هذه الحالة بـ"الأمر العلي الصادر عن الباي سنة 1956 المنظم للإدارة الجهوية والمعمول به لحد اليوم، لكن مع إدخال بعض التنقيحات والمراجعات من فترة لأخرى، حتى ندرك ذلك.
ومن جهتها تؤكد مسألة التنازع من أجل الفوز بتعيينات حزبية في هذا المستوى في منظومة ما بعد 2011 ومحاولات التحكم في الأجهزة المنظمة والمسيرة للعملية تأكيد على توظيف هذه المناصب سياسيا، الأمر الذي جعل مسالة خدمة الجهات تنمويا واقتصاديا واجتماعيا خارج الحسابات. فمنذ تعيين أول حكومة بعد انتخابات 2011 تقرر نقل الإدارة العامة للشؤون الجهوية التي تتولى تعيين والإشراف على الولاة والمعتمدين من وزارة الداخلية وإلحاق هذا الهيكل بالحكومة بالقصبة في فترة حكومة حمادي الجبالي. ليتم في فترة لاحقة وبعد فوز حركة نداء تونس بأغلبية الانتخابات في 2014 وتعيين الحبيب الصيد رئيسا للحكومة إرجاع هذه الإدارة إلى وزارة الداخلية.
شغورات لتواريخ متفاوتة
وفيما يتعلق بالمشهد اليوم، تشهد 9 ولايات من بين 24 ولاية شغورا في منصب الوالي إلى حد الآن، بعد إصدار رئيس الجمهورية 8 قرارات إعفاء في أوقات متفاوتة ضدّ 8 ولاّة، وتكليف والي أريانة بمنصب وزير الداخلية خلفا لكمال الفقي منذ يوم 8 جوان 2024 دون تعيين من يخلفه في نفس الخطة السابقة ليتولى تسيير الولاية المعمد الأول زهير سعد. فولاية تونس دون وال منذ تعيين الوالي السابق كمال الفقي على رأس وزارة الداخلية في 18 مارس 2023. ويشرف على تسييرها المعتمد الأول فارس الماجري. كما هو الشأن بالنسبة لولاية الكاف وذلك منذ إعفاء الوالي السابق مختار النفزي في 30 أكتوبر 2022، ولازالت ولاية الكاف دون وال إلى اليوم. والأمر نفسه بالنسبة لولاية صفاقس التي تشهد شغورا في منصب الوالي منذ إعفاء الوالي السابق فاخر الفخفاخ في 7 جانفي 2023.
وتشهد ولاية قابس شغورا في منصبي الوالي والمعتمد الأول منذ إقالة مصباح كردمين يوم 30 مارس 2023 وملاحقته قضائيا، ثمّ إعفاء لطفي المرابط المعتمد الأول المكلف بتسيير شؤون الولاية منذ يوم 20 جانفي الماضي. وكان عدد من نواب ولاية قابس بالبرلمان قد أصدروا بيانا منذ أشهر نبهوا فيه الى تداعيات الشغورات والفراغ المتوصل في مستوى الولاية معتبرين في نفس البيان أن "تعيينات سلطة الإشراف لم تكن في مستوى انتظارات الجهة واستحقاقاتها مطالبين بالتعجيل بسد الشغورات في جميع الخطط الجهوية وخاصة في خطة الوالي وذلك على قاعدة الكفاءة والنزاهة والقدرة على تقديم الإضافة وخلق حالة استقرار بما يساعد جميع المصالح على العمل الجاد والفاعل". واستنكر نفس النواب ما أسموه بتواصل سياسة التهميش بالولاية وتأثيرها على التنمية والوضع الاجتماعي وتعطل السير العادي للمصالح الجهوية ولاستحقاقات الجهة المعطلة. خاصة أن الجهة تشهد شغورا أيضا في خطة معتمد مركز الولاية.
ولايات أخرى تشهد بدورها شغورا في منصب الوالي وهي كل من ولاية باجة التي لم يتم تعيين وال جديد في نفس المنصب منذ إقالة الوالي السابق محسن معز الميلي من مهامه يوم 30 أوت 2022. وهو نفس الوضع في الشغور بالنسبة لولاية القيروان بعد إعفاء الوالي السابق محمد بورقيبة يوم 22 أوت 2023، وفي ولاية المهدية منذ قرار رئيس الجمهورية الصادر يوم 13 مارس 2024، والقاضي بإعفاء الوالي السابق عبد الفتاح شقشوق من مهامه لم يقع تعيين خلفا له. فيما لا تزال ولاية المنستير تشهد شغورا في خطة الوالي منذ قرار إعفاء الوالي السابق منذر سيك يوم 13 مارس 2024.
تغييب الكفاءة مقابل "الولاء"
واعتبر محمد الضيفي، أستاذ سابق بالمدرسة الوطنية للإدارة وإطار سابق بوزارة الداخلية مختص في الحوكمة المحلية، أن ارتهان منصب الوالي أو خطة المعتمد إلى منظومة الحكم والمراهنة على الولاءات والانتماءات في تعيين الولاة والمعتمدين سواء كانت أحزابا أو غيرها من العوامل التي أثرت على الخيارات وساهمت بشكل أو بآخر في تغييب الكفاءات القادرة على القيام بالمهام على النحو المطلوب. وأضاف قائلا: "أعترف أنه من خلال تجربتي في تكوين المعتمدين أو خبرتي وتخصصي في الحوكمة المحلية، لاحظت وجود تأثير سلبي كبير للشغورات المسجلة في مستوى الولاة والمعتمدين لاسيما في هذه المرحلة التي تنتهج فيها الدولة نظاما رئاسيا وفق دستور جديد يختلف عما كان عليه الأمر قبل وقد كان نظاما مختلطا شبه برلماني، خاصة بعد قرار إقالة رؤساء البلديات. فعمل الكتاب العامين المسيرين لبلديات يتم وفق ما جاء في المرسوم عدد 9 لسنة 2023 بالتنسيق مع الوالي في كل ولاية. وهو ما خلق إشكالات أخرى في العمل البلدي والنظافة والبيئة وغيرها من المسائل الأخرى في علاقة بالمشاريع والقرارات ذات الصبغة التنموية والاجتماعية".
كما يرى محمد الضيفي أن على سلطة الإشراف المراهنة في التعاطي مع هذه المسألة بجدية وذلك بوضع شروط ومقاييس الكفاءة والاستقلالية بما يستجيب للدعوات لتحييد الإدارة عما هو سياسي والقطع مع الأساليب والآليات القديمة المعمول بها في هذا الجانب. خاصة انه يعتبر وجود قانون أساسي منظم ومحدد لمهام كل من الوالي والمعتمد والعمدة يجعل من هذه المناصب والخطط آليات عملية لتكريس الدولة الاجتماعية التي يدعو لها رئيس الجمهورية ويهدف لتكريسها الدستور الجديد.
ويرى محدثنا أن المعتمد الأول لا يمكن أن يقوم مقام الوالي مهما منحه القانون من موجب لتعويض الوالي. معتبرا أن ممثلي نظام اللامحورية الممثلين للسلطة وهم كل من الوالي ثم المعتمد فالعمدة من شانه أن يخلق إشكال مع ممثلي الجماعات المحلية وهم كل من رؤساء البلديات وممثلي المجالس الجهوية والمحلية باعتبارهم منتخبين من الشعب. الأمر الذي من شأنه أن يخلق توترا بين ممثلي هذه الأطراف على غرار ما تم تسجيله في عديد المناسبات.
نزيهة الغضباني
محمد الضيفي لـ"الصباح": تأثير سلبي للشغورات والكفاءة والاستقلالية من شروط حياد الإدارة
قانون "الباي" لتنظيم السلك هو أقدم قانون معتمد في تونس
تونس – الصباح
يبدو أن رئيس الحكومة الحالي كمال المدوري يتجه في سياسته الى سد الشغورات والقيام بتحويرات ليس في مستوى الحكومة فقط وإنما بالأساس في مستوى الولاة والمعتمدين، باعتبارها من المسائل التي لطالما دعت عدة جهات في تونس إلى العمل على تداركها خاصة في ظل الصعوبات والنقائص والإشكاليات التي تعيشها بعض المناطق والجهات داخل الجمهورية.
ولعل في تطرق رئيس الجمهورية قيس سعيد في لقائه أول أمس بقصر قرطاج بكل من خالد النوري، وزير الداخلية، وسفيان بالصادق، كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلّف بالأمن الوطني، إلى الحركة في سلك الولاة وتشديده على أن يكون الاختيار في هذا الجانب "بناء على الولاء لتونس وحدها وعلى أن يتحمّل كل مسؤول جهوي أو محلّي مسؤولياته كاملة وأن يسعى إلى إيجاد الحلول في إطار سياسة الدولة وفي إطار احترام كامل للقانون، وألا يجعل بينه وبين المواطنين حواجز وأبوابا، وألا يجد المواطنون سوى عنوان واحد يلجؤون إليه وهو رئاسة الجمهورية"، تأكيد على أن الملف أولوية وحاجة عاجلة. فبعض الولايات تعيش شغورا منذ ما يقارب العامين وبعضها الآخر يشهد شغورا في منصبي الوالي والمعتمد الأول.
وتجدر الإشارة إلى أن صدور المرسوم الرئاسي عدد 9 لسنة 2023 في 8 مارس 2023 المتعلق بحلّ المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة، ينص في فصله الثاني على أن تُعْهد مهمة تسيير البلديات للمكلف بالكتابة العامة للبلدية، وذلك تحت إشراف والي الجهة.
وهو ما جعل عديد الجهات تقر بالتداعيات السلبية للشغور المسجل في منصب الوالي في عدة مستويات لاسيما في ظل الأزمات والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بلادنا بشكل عام وبعض الجهات بشكل خاص. ورغم الجدل الملح هذه الأيام حول شروط ومقاييس اختيار وتعيين الولاة، فإن عملية تعيين الوالي والمعتمد تظل هي نفسها تقريبا، لا تخضع لشروط ومقاييس قانونية محددة ومنظمة وإنما ظلت تخضع لنواميس السلطة الحاكمة بالمراهنة على الخيارات التي تتماشى وسياستها منذ سنوات ما بعد الاستقلال. ويكفي الإشارة إلى تواصل العمل في هذه الحالة بـ"الأمر العلي الصادر عن الباي سنة 1956 المنظم للإدارة الجهوية والمعمول به لحد اليوم، لكن مع إدخال بعض التنقيحات والمراجعات من فترة لأخرى، حتى ندرك ذلك.
ومن جهتها تؤكد مسألة التنازع من أجل الفوز بتعيينات حزبية في هذا المستوى في منظومة ما بعد 2011 ومحاولات التحكم في الأجهزة المنظمة والمسيرة للعملية تأكيد على توظيف هذه المناصب سياسيا، الأمر الذي جعل مسالة خدمة الجهات تنمويا واقتصاديا واجتماعيا خارج الحسابات. فمنذ تعيين أول حكومة بعد انتخابات 2011 تقرر نقل الإدارة العامة للشؤون الجهوية التي تتولى تعيين والإشراف على الولاة والمعتمدين من وزارة الداخلية وإلحاق هذا الهيكل بالحكومة بالقصبة في فترة حكومة حمادي الجبالي. ليتم في فترة لاحقة وبعد فوز حركة نداء تونس بأغلبية الانتخابات في 2014 وتعيين الحبيب الصيد رئيسا للحكومة إرجاع هذه الإدارة إلى وزارة الداخلية.
شغورات لتواريخ متفاوتة
وفيما يتعلق بالمشهد اليوم، تشهد 9 ولايات من بين 24 ولاية شغورا في منصب الوالي إلى حد الآن، بعد إصدار رئيس الجمهورية 8 قرارات إعفاء في أوقات متفاوتة ضدّ 8 ولاّة، وتكليف والي أريانة بمنصب وزير الداخلية خلفا لكمال الفقي منذ يوم 8 جوان 2024 دون تعيين من يخلفه في نفس الخطة السابقة ليتولى تسيير الولاية المعمد الأول زهير سعد. فولاية تونس دون وال منذ تعيين الوالي السابق كمال الفقي على رأس وزارة الداخلية في 18 مارس 2023. ويشرف على تسييرها المعتمد الأول فارس الماجري. كما هو الشأن بالنسبة لولاية الكاف وذلك منذ إعفاء الوالي السابق مختار النفزي في 30 أكتوبر 2022، ولازالت ولاية الكاف دون وال إلى اليوم. والأمر نفسه بالنسبة لولاية صفاقس التي تشهد شغورا في منصب الوالي منذ إعفاء الوالي السابق فاخر الفخفاخ في 7 جانفي 2023.
وتشهد ولاية قابس شغورا في منصبي الوالي والمعتمد الأول منذ إقالة مصباح كردمين يوم 30 مارس 2023 وملاحقته قضائيا، ثمّ إعفاء لطفي المرابط المعتمد الأول المكلف بتسيير شؤون الولاية منذ يوم 20 جانفي الماضي. وكان عدد من نواب ولاية قابس بالبرلمان قد أصدروا بيانا منذ أشهر نبهوا فيه الى تداعيات الشغورات والفراغ المتوصل في مستوى الولاية معتبرين في نفس البيان أن "تعيينات سلطة الإشراف لم تكن في مستوى انتظارات الجهة واستحقاقاتها مطالبين بالتعجيل بسد الشغورات في جميع الخطط الجهوية وخاصة في خطة الوالي وذلك على قاعدة الكفاءة والنزاهة والقدرة على تقديم الإضافة وخلق حالة استقرار بما يساعد جميع المصالح على العمل الجاد والفاعل". واستنكر نفس النواب ما أسموه بتواصل سياسة التهميش بالولاية وتأثيرها على التنمية والوضع الاجتماعي وتعطل السير العادي للمصالح الجهوية ولاستحقاقات الجهة المعطلة. خاصة أن الجهة تشهد شغورا أيضا في خطة معتمد مركز الولاية.
ولايات أخرى تشهد بدورها شغورا في منصب الوالي وهي كل من ولاية باجة التي لم يتم تعيين وال جديد في نفس المنصب منذ إقالة الوالي السابق محسن معز الميلي من مهامه يوم 30 أوت 2022. وهو نفس الوضع في الشغور بالنسبة لولاية القيروان بعد إعفاء الوالي السابق محمد بورقيبة يوم 22 أوت 2023، وفي ولاية المهدية منذ قرار رئيس الجمهورية الصادر يوم 13 مارس 2024، والقاضي بإعفاء الوالي السابق عبد الفتاح شقشوق من مهامه لم يقع تعيين خلفا له. فيما لا تزال ولاية المنستير تشهد شغورا في خطة الوالي منذ قرار إعفاء الوالي السابق منذر سيك يوم 13 مارس 2024.
تغييب الكفاءة مقابل "الولاء"
واعتبر محمد الضيفي، أستاذ سابق بالمدرسة الوطنية للإدارة وإطار سابق بوزارة الداخلية مختص في الحوكمة المحلية، أن ارتهان منصب الوالي أو خطة المعتمد إلى منظومة الحكم والمراهنة على الولاءات والانتماءات في تعيين الولاة والمعتمدين سواء كانت أحزابا أو غيرها من العوامل التي أثرت على الخيارات وساهمت بشكل أو بآخر في تغييب الكفاءات القادرة على القيام بالمهام على النحو المطلوب. وأضاف قائلا: "أعترف أنه من خلال تجربتي في تكوين المعتمدين أو خبرتي وتخصصي في الحوكمة المحلية، لاحظت وجود تأثير سلبي كبير للشغورات المسجلة في مستوى الولاة والمعتمدين لاسيما في هذه المرحلة التي تنتهج فيها الدولة نظاما رئاسيا وفق دستور جديد يختلف عما كان عليه الأمر قبل وقد كان نظاما مختلطا شبه برلماني، خاصة بعد قرار إقالة رؤساء البلديات. فعمل الكتاب العامين المسيرين لبلديات يتم وفق ما جاء في المرسوم عدد 9 لسنة 2023 بالتنسيق مع الوالي في كل ولاية. وهو ما خلق إشكالات أخرى في العمل البلدي والنظافة والبيئة وغيرها من المسائل الأخرى في علاقة بالمشاريع والقرارات ذات الصبغة التنموية والاجتماعية".
كما يرى محمد الضيفي أن على سلطة الإشراف المراهنة في التعاطي مع هذه المسألة بجدية وذلك بوضع شروط ومقاييس الكفاءة والاستقلالية بما يستجيب للدعوات لتحييد الإدارة عما هو سياسي والقطع مع الأساليب والآليات القديمة المعمول بها في هذا الجانب. خاصة انه يعتبر وجود قانون أساسي منظم ومحدد لمهام كل من الوالي والمعتمد والعمدة يجعل من هذه المناصب والخطط آليات عملية لتكريس الدولة الاجتماعية التي يدعو لها رئيس الجمهورية ويهدف لتكريسها الدستور الجديد.
ويرى محدثنا أن المعتمد الأول لا يمكن أن يقوم مقام الوالي مهما منحه القانون من موجب لتعويض الوالي. معتبرا أن ممثلي نظام اللامحورية الممثلين للسلطة وهم كل من الوالي ثم المعتمد فالعمدة من شانه أن يخلق إشكال مع ممثلي الجماعات المحلية وهم كل من رؤساء البلديات وممثلي المجالس الجهوية والمحلية باعتبارهم منتخبين من الشعب. الأمر الذي من شأنه أن يخلق توترا بين ممثلي هذه الأطراف على غرار ما تم تسجيله في عديد المناسبات.