المطارات الوطنية سواء الداخلية منها او الدولية هي أحد أهم العناوين الاستثمارية والاقتصادية لأية دولة ..واجهة كل بلد وبوابته الرئيسية.. وهناك اليوم دول تحوّلت مطاراتها الى أحد أهم عناوينها السياحية ومن اهم محرّكاتها الاقتصادية.. بل ان اليوم هناك تنافس محموم بين دول العالم،لإحداث أفضل المطارات واكثرها جودة من حيث الخدمات المقترحة والقدرة على استقطاب السياحة والاستثمارات وشركات الطيران الدولية والتي يزيد وجودها في وجاهة المطارات وقدرتها التنافسية..
اعداد: منية العرفاوي
ومنذ الاستقلال ، استثمرت الدولة الوطنية في المطارات الدولية وقبل الثورة أيضا تم احداث عدد من المطارات في جهات مختلفة من الجمهورية ، ليكون العدد الجملي في حدود 9 مطارات مدنية على رأسها بوابة تونس الرئيسية مطار تونس قرطاج الدولي ، هذا بالإضافة الى وجود ثلاث مطارات عسكرية ومطار نفطي بجهة البرمة بالجنوب تستغله بالأساس الشركات الدولية المستغلة لحقول النفط ، كما ان بعض المطارات الداخلية تجمع بين النشاط المدني والعسكري .
وبالنظر الى مساحة البلاد فان عدد المطارات يعتبر هاما مقارنة بدول أخرى..
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو مدى نجاعة ومردودية هذه المطارات على الحركة الاقتصادية والاستثمارية في البلاد ، وكذلك السؤال المطروح في علاقة بمطار تونس قرطاج وفي علاقة بقدرته التنافسية دوليا، حيث أن الموقع الجغرافي لتونس كبوابة افريقية خاصة يفترض ان يضعه في مكانة مختلفة عن مكانته اليوم، وكذلك في علاقة بمشروع المطار الجديد الذي انطلقت الدراسات بشأنه منذ سنة 2017 ، أين وصل المشروع وهل أن احداث مطار جديد بالمواصفات والمعايير العالمية الموجودة اليوم بات اليوم ضرورة وحتمية اذا ارادت البلاد ان تتقدّم وتعزّز مكانتها الاقتصادية إقليميا ؟ وكيف يمكن تنشيط المطارات الداخلية على مدار السنة ولا يكون نشاطها موسميا وفي علاقة امّا بالموسم السياحي او بعودة التونسيين بالخارج .
مطار قرطاج والمطار الجديد
منذ أسابيع قليلة أثارت مسألة تصنيف مطار تونس قرطاج جدلا كبيرا حيث تم تصنيفه في المرتبة 239 بين مطارات 69 دولة تضمّنها التصنيف وذلك ضمن التصنيف الدولي للمطارات حول العالم لسنة 2024 وقد حلّ مطار تونس قرطاج في اسفل هذا الترتيب وتقدمت مطارات افريقية وعربية كثيرة في التصنيف رغم انها مطارات حديثة وبعضها في دول فقيرة ووضعها الاقتصادي ليس افضل منّا ..
وفي الحقيقة هذا التصنيف لم يكن مفاجئا بالنظر الى التأخّر الكبير الذي شهده المطار على جميع المستويات وفي كل الخدمات المقدمة وعدم مواكبتها للتطورات الى شهدتها بقية مطارات العالم ومنذ سنوات طرح بجدية ملف تجديد المطار وتوسعته او احداث مطار جديد بمواصفات متطورة يرفع من مكانة تونس دوليا ..
ففي دراسة حول المشاريع الكبرى لقطاع النقل والذي أشرفت عليه الإدارة العامة للاستراتيجية والمؤسسات والمنشآت العمومية في أكتوبر 2017 ومنها المشاريع التي ما زالت قيد الدراسة نجد مقترحا لإنجاز مطار جديد بمنطقة تونس الكبرى بطاقة استيعاب تقدّر بـ 15 مليون مسافر سنويا على مساحة تقدّر بـ 180.000 م² مع محطة بضائع تقدّر مبدئيا طاقة استيعابها السنوية بـ 50 ألف طن وقابلة للتوسعة ..
ووفق الدراسة المذكورة فان ديوان الطيران المدني والمطارات هو من يشرف على هذا المشروع وقد قدّرت التكلفة الأولية لانجاز هذا المطار بـ740 مليون دينار دون اعتبار تكلفة حماية موقعه من الفيضانات والتجهيزات الخاصة بالربط بشبكات الكهرباء والماء والتطهير وإنجاز محوّل بين الطريق المؤدية الى المطار والطريق السريعة..
واللافت في هذه الدراسة المقترحة لمشروع انجاز المطار الجديد هو التمويل حيث كان المقترح انجاز مشروع المطار الجديد عن طريق التفويت في مطار تونس قرطاج بعد تهيئته بقيمة جملية تتراوح بين 8 و10 مليار دينار.. وقد أكد المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 27 جويلية 2017 والذي خصّص للنظر في مستقبل مطار تونس قرطاج وفرصة انجاز مطار جديد بتونس الكبرى ، الموافقة من حيث المبدأ على انجاز المطار الجديد ، على أن يتم تعميق الدراسات بخصوص الموقع والكلفة الكاملة ..
وبالنسبة لموقع هذا المطار الجديد تم اقتراح أربعة مواقع وهو منطقة الحسيان بقلعة الاندلس أو منطقة سيدي عثمان ، القريبة من الطريق السريعة الرابطة بين تونس وبنزرت أو منطقة برج العامري او منطقة اوتيك..
اليوم وبعد مضي سنوات عن انجاز تلك الدراسة الأولية من طرف الإدارة العامة للإستراتيجية والمؤسسات والمنشآت العمومية، لم يعد أحد يتحدّث عن مشروع المطار الجديد الذي كان يمكن ان يغيّر وجهة النقل الجوّي في تونس ويمكن ان يغيّر واجهة البلاد ويحوّلها الى قطب للنقل الجوّي ويستقطب خطوط جوية جديدة ومهمة عبر العالم ويكون أحد اهم المداخل الجوية الهامة في اتجاه افريقيا والتي باتت اليوم وجهة استثمارية واقتصادية واعدة .
ارقام وامكانيات
خلال السداسي الأول من السنة الجارية ومع بداية الموسم السياحي وعودة التونسيين بالخارج شهدت المطارات التونسية المختلفة عودة قوية لنشاطها ووفق الأرقام الأخيرة التي نشرها ديوان الطيران المدني والمطارات الذي يشرف إداريا على تسيير مختلف هذه المطارات التي سجّلت زيادة تقدّر بـ 9.6% في عدد المسافرين خلال الأشهر الأولى من السنة الحالية مقارنة بنفس الفترة من عام 2023.
خلال النصف الأول من السنة الحالية ومع موفى شهر جوان ،استقبل مطار تونس قرطاج لوحده 3.3 مليون مسافر بنسبة ارتفاع في عدد المسافرين تقدّر بـ 9.1 بالمائة مقارنة بالنصف الأول من السنة الماضية، ورغم أهمية هذا الرقم الا أن جلّ المختصين يجمعون ان الإمكانيات التي يملكها مطار قرطاج كمعبر جوّي في موقع جغرافي ممتار يسمح له باستقبال أضعاف هذا العدد من المسافرين لو تم وضع استراتيجية وطنية لتطويره وتطوير خدماته وانفتاحه اكثر على وجهات جديدة ..
وتموقع مطار جربة – جرجيس الدولي في المرتبة الثانية على مستوى حركة المسافرين حيث استقبل المطار خلال الستة اشهر الأولى من هذه السنة 820 ألف مسافر أي بزيادة تقدّر بـ 10.2 بالمائة وهذه الزيادة فرضتها عودة جربة الى استقطاب السياح الأجانب وحضورها اليوم كوجهة سياحية هامة على مستوى المنطقة المتوسطية ، ولكن رغم الجهود المبذولة من طرف ديوان الطيران المدني لتحسين البنية التحتية والخدمات المقترحة الا أن المهنيين يرون ان ما زال هناك بعض النقائص وان هذا المطار الذي يشتغل بالأساس على الوفود السياحية وعلى عودة التونسيين بالخارج بقي نشاطه موسميا ولم يتم إيجاد صيغ أخرى لتنشيطه على طول السنة .
كما سجّل ديوان الطيران المدني والمطارات وفق الاحصائيات المعلنة ارتفاعا في حركة الطائرات حيث بلغ العدد الجملي لحركة الطائرات خلال السداسي الأول من السنة الحالية 35.515 رحلة بنسبة نموّ تقدّر بـ6.2 بالمائة مقارنة بنفس النسبة من السنة الفارطة وقد استقبل مطار قرطاج الدولي لوحده 27.251 رحلة ومطار جربة جرجيس 6.274 رحلة ، واستقبل مطار توزر 259 رحلة مسجّلا تطورا هاما في عدد الرحلات، أما مطار صفاقس- طينة فقد استقبل 1639 رحلة وشهد عدد الرحلات بدوره في هذا المطار تطورا طفيفا في حدود 2.1 بالمائة ..
أما مطار طبرقة عين دراهم فقد شهد تراجعا في عدد الرحلات بنسبة 12.9 بالمائة وهذا المطار يواصل تراجعه في السنوات الأخيرة لتراجع الأنشطة التي كانت تساهم في تنشيطه حيث أن وجود المهرجانات الدولية الكبيرة والمهمة كمهرجان الجاز بطبرقة ساهم لسنوات في تنشيط هذا المطار خاصة خلال الصيف ولكن تراجع طبرقة كوجهة سياحية وتعطّل اغلب السفرات الداخلية انعكس سلبا على نشاط المطار .
وفي المجمل سجّلت المطارات المستغلة من قبل ديوان الطيران المدني والمطارات استقبال 5.235.515 مسافرا أي بنسبة تطور بلغت 13.1 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة ..و لكن رغم هذا التطور المتوسّط الا ان المهنيين والمختصين يجمعون على كون شبكة المطارات التونسية الحالية يمكنها تسجيل نتائج افضل الا أن ذلك يرتبط بعدة عوامل ومنها بالأساس السياحة والاستثمار وديوان الطيران المدني والمطارات مطالب بمواصلة تغذية هذه الديناميكية التي تشهدها المطارات التونسية في هذه السنة ووضع استراتيجيات جدية لجذب المزيد من شركات الطيران وزيادة عدد الوجهات على مطاراتنا وتعزيز مكانة تونس كمركز جوّي رئيسي في منطقة المغرب العربي وفي المنطقة المتوسطية بشكل عام مع الاشتغال اكثر على عمق القارة الافريقية .
تقارير رقابية ..
ديوان الطيران المدني والمطارات هو منشأة عمومية أحدثت بمقتضي القانون عدد 30 لسنة 1970 وكانت مهمة الديوان الرئيسية استغلال وتهيئة وتطوير المطارات ومراقبة الملاحة الجويّة وإسناد لزمات لاستغلال مختلف الممتلكات الموضوعة تحت تصرّفها. وفي السنوات الأخيرة أثيرت حول نشاط هذه المنشاة العمومية الكبرى والتي تعتبر احد ابرز أعمدة الاقتصاد الوطني ، عدة شبهات حول نزاهة التصرّف الإداري والمالي داخل الديوان ..ففي بداية فيفري 2021 أعلنت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد انها أحالت على أنظار وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس ختم بحث تكميلي في علاقة بشبهة فساد بديوان الطيران المدني والمطارات. كما ذكرت الهيئة بأنها كانت قد أحالت خلال سنة 2019 الى النيابة العمومية ختم أعمال التقصي في عدد من شبهات الفساد بالديوان المذكور ومنها سوء التصرف في الممتلكات واستغلال النفوذ لاستخلاص منفعة دون وجه حق ولكن الى اليوم لا أحد يعلم اين انتهت هذه القضايا المحالة على القضاء .
وفي ذات السياق أحال مرصد رقابة في مارس 2022 شكاية تم سماع ممثليه القانونيين بشأنها وتتعلق الشكاية بالتجاوزات والمخالفات القانونية وشبهات الفساد التي تورطت فيها إحدى شركات الشحن الجوي السريع مع موظفين عموميين في ديوان الطيران المدني والمطارات ووزارة النقل وإطارات أخرى توسطت لتمكين الشركة المذكورة من امتيازات دون وجه حق فيها إضرار بمصالح الدولة وفق ما ورد في ملف القضية. وقال مرصد رقابة في بلاغ له أنه قدّم مؤيدات جديدة أكد فيها محاميه مواصلة خرق القانون وتبين تورط الإدارة العامة لديوان الطيران المدني والمطارات في التواطؤ بتمكين الشركة المذكورة من امتياز اسداء الخدمات الأرضية (الهندلينغ) لفائدة طائرات الشركة ومعالجة الشحن عند التوريد ومعالجة شحن الشركات الأخرى وتجاهل حكم قضائي واضح يمنع تلك الامتيازات وفق نص بيان مرصد رقابة .
واذا كان مآل كل هذه الشكايات ما زال الى اليوم غامضا ، ولكن ما هو ثابت ان الديوان كمنشأة عمومية يتطلب تناوله كملف وطني ذي أولوية ويتطلب أيضا وضع خطط واستراتيجيات للنهوض به ودعمه .
الخطوط التونسية..شريك في النجاح وفي الإخفاق
لا يمكن الحديث عن شبكة المطارات الوطنية دون الحديث عن شركة الخطوط التونسية التي تلازم ديوان الطيران المدني في النجاح وفي الإخفاق ، وفي السنوات الأخيرة أسالت شركة الخطوط التونسية "تونسيار" حبرا كثيرا ومؤخرا تصدّر خبر إيقاف الرئيس المدير العام للشركة وبعض العاملين بالشركة والنقابيين، الاحداث، وأعاد الى الواجهة الازمات التي ما فتئت تغرق فيها "تونيسار" من سنة الى أخرى ..
ووضعية شركة الخطوط التونسية كانت محلّ تقارير رقابية كثيرة ومنها التقرير الواحد والثلاثون لدائرة المحاسبات الصادر في 2018 والذي كان حول التصرف في اسطول طائرات شركة الخطوط التونسية ، وقد أشار التقرير الى اخلالات كثيرة أثّرت بشكل كبير على مردودية المطارات التونسية ، واليوم لا يبدو ان هذه الاخلالات تمت معالجتها بشكل عميق وتجاوزها ..
التقرير كان عبارة عن خلاصة انجاز مهمة رقابية تهدف الى تقييم مدى توفّق شركة الخطوط التونسية في التصرّف في أسطول طائراتها خلال الفترة الممتدة بين 2014 و2017 وقد انتهت هذه المهمة الرقابية الى وجود اخلالات جوهرية على مستوى استغلال الطائرات وإنجاز اعمال الصيانة وسلامة الرحلات وجودة الخدمات المقدمة على متن هذه الخطوط والتي نتج عنها تكبّد الشركة لخسائر هامة والحدّ من قدرتها التنافسية .
ووفق دائرة المحاسبات فان الخطوط التونسية بلغ رأس مالها في سنة 2017 ما قدّر بـ 106.199 مليون دينار ، منها 65 بالمائة تتمثل في مساهمة الدولة و10 بالمائة مساهمة الصناديق الاجتماعية و25 بالمائة مساهمات من خوّاص .
ولا يمكن انكار أن أحداث الثورة وتوقف النشاط على السوق الليبية ابان وبعد الثورة وتراجعه بشكل كبير في السنوات الأولى التي تلت الثورة ، أثّر بشكل كبير، على مردودية الشركة ونجاعتها ، بما جعلها تخلّ ببعض الاتفاقات والالتزامات الدولية ، حيث اتفقت الشركة في 2008 مع المصنّع الدولي ايرباص لاقتناء 19 طائرة بقيمة 1.3 مليار دولار ولكن بسبب الثورة والتبعات المرتبطة بها قررت الشركة التخفيض في عدد الطائرات المبرمج اقتناؤها الى 13 طائرة تسلّمت منها 8 طائرات بين سنتي 2010 و 2015 والبقية بين سنتي 2020 و 2021 ولكن التسليم تأخّر أكثر من مرة ..
هذا ويذكر أنه وفق تقرير دائرة المحاسبات فانه في 2017 كانت الخطوط التونسية تملك 28 طائرة موزعة بين 7 طائرات من نوع بوينغ 737 و 21 طائرة من نوع ايرباص ، بمعدّل اعمار في حدود 15.5 وقتها أما اليوم فان معدّل الاعمار يفوق العشرين سنة وهو من اكبر معدلات أعمار الطائرات التي لم تغادر الخدمة بعد في العالم .
هذه الشركة العريقة والتي تأسست في أكتوبر 1948 ، يفترض انها اليوم في مقدمة شركات الطيران عبر العالم لأسباب مختلفة وعلى علاقة مباشرة بعراقة هذه الشركة والموقع الجغرافي الذي يؤهلها لأن تغزو العالم وتكون الطائرات والمطارات التونسية من اهم البوابات الجوية مقارنة ببقية شركات الطيران.
خارطة المطارات التونسية
يشرف ديوان الطيران المدني والطائرات على أغلب المطارات المدنية بالبلاد..يعتبر مطار تونس قرطاج الدولي المطار الدولي الرئيسي في تونس وأشهر مطاراتها ، يشغّل مطار تونس قرطاج 20 شركة طيران مع 60 وجهة حول العالم. والمطار هو المركز الرئيسي للخطوط التونسية، والخطوط الجوية الجديدة نوفالار،وشركة سفن إير ويعد من أكثر مطارات تونس ازدحاما من ناحية عدد الركاب، وتبلغ طاقته استيعابه أكثر من أربعة ملايين مسافر سنويا. ودخل المطار حيز التشغيل في عام 1940 ويمتد على مساحة 8.2 كيلومتر مربع.
والى جانب مطار قرطاج الدولي هناك مطار النفيضة-الحمامات الدولي الذي تم افتتاحه في ديسمبر 2009 سمّي المطار في البداية مطار النفيضة زين العابدين بن علي الدولي، ثم تغير اسمه بعد الثورة مباشرة ليصبح مطار النفيضة -الحمامات الدولي، وقد سهّل بناء هذا المطار الجديد حركة الركاب والبضائع وخفّف العبء عن مطاري تونس قرطاج والمنستير بورقيبة.
ومن المطارات المهمة على المستوى الوطني نجد كذلك مطار المنستير الحبيب بورقيبة الذي يشتغل مع أكثر من 25 شركة طيران وتم احداث هذا المطار في عام 2004.
وهناك كذلك مطار جربة –جرجيس ويديره كباقي المطارات ديوان الطيران المدني والمطارات ويقع على بعد 9 كيلومترات غرب حومة السوق وبالقرب من بلدة مليتا، تم احداث المطار سنة 1970 بهدف تنشيط السياحة في جزيرة جربة ويمكن للمطار استيعاب أكثر من مليوني مسافر سنويا ..
ومن بين المطارات المهمة أيضا نجد مطار صفاقس-طينة ،ذا الصبغة العسكرية والمدنية أيضا وهو مطار دولي يتعامل مع الرحلات الدولية والمحلية، والمطار يديره ديوان الطيران المدني والمطارات ، وانطلق في العمل سنة 1980 وتمتد مساحة المطار على 3.27 كلم مربع وقد خضع المطار لعدة مشاريع تطوير وتحديث، كان أهمها تطوير مبناه الذي جرى في عام 1988، بالإضافة إلى تطوير المدرج في عام 1989، وإنشاء محطة شحن في عام 1996. ويمكن للمطار أن يتعامل مع 500 ألف مسافر سنويا.
والى جانب مطار صفاقس هناك أيضا مطار قابس-مطماطة الدولي الذي يتعامل مع الرحلات المحلية والدولية على حد سواء. وقد افتُتحت محطته الدولية الجديدة في عام 2015. والمطار يديره ديوان الطيران المدني والمطارات وهو يعتبر مطار متوسط الحجم وفيه مدرج طائرات واحد.
وغير بعيد عن مطار قابس هناك مطار توزر-نفطة الدولي الذي يقع على بعد 4 كيلومترات شمال غرب مدينة توزر وقد دخل حيز التشغيل في 1 نوفمبر عام 1978 ويقع المطار على مساحة 6.9 كيلومتر مربع وتبلغ طاقة استيعاب هذا المطار 400 ألف مسافر سنويا
ومن المطارات الأخرى كذلك نجد مطار طبرقة -عين دراهم الدولي والذي تأسس في عام 1992 وكذلك مطار قفصة- القصر الدولي والذي تم احداثه سنة 2007 ولكنه يعتبر من المطارات الصغرى باعتباره يحتوي على مدرج واحد .
إحصائيّات السبعة أشهر الأولى لسنة 2024 مقارنة بـ2023 بالمطارات
سجّل ديوان الطيران المدني والمطارات خلال السبعة أشهر الأولى لسنة 2024 ارتفاعا لحركة عبور المجال الجوّي التونسي بلغ 293 35 أي بنسبة نمو تقدّر بــ15,7% مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة.
كما سجّلت مطاراتنا التونسيّة المُستغلة من قبله خلال نفس الفترة من السنة الحاليّة تطوّرا للحركة التجاريّة للنّقل الجوّي مقارنة بمثيلتها من السنة المُنقضية.
حركة الطائرات :
بلغ العدد الجملي لحركة الطائرات خلال السبعة أشهر الأولى من السنة الحاليّة 118 44 رحلة بنسبة نموّ تقدّر بــ: 6 % مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة: 170 33 رحلة بمطار تونس قرطاج بنسبة تطوّر 6,3%و647 8 رحلة بمطار جربة جرجيس بنسبة تطوّر 8,2% و275رحلة بمطار توزر نفطة بنسبة تطوّر 55,4 %و920 1رحلة بمطار صفاقس طينة مسجّلا بذلك نسبة تراجع تقدّر بــــ: 4,8% كذلك شهد مطار طبرقة عين دراهم تراجعا في عدد رحلاته بنسبة 9,7%.
حركة المسافرين :
بلغ العدد الجملي للمسافرين خلال السبعة أشهر الأولى من هذه السنة 518 297 5 مسافرا بنسبة نموّ تقدر بــ9,9% مقارنة بنفس الفترة من السنة المنقضية.
فقد سجّل مطار تونس قرطاج 669 035 4 مسافرا بنسبة تطوّر 9 % ومطار جربة جرجيس 535 145 1 مسافرا بنسبة تطوّر 13,1% ومطار صفاقس طينة 790 94 مسافرا بنسبة تطوّر3,6% ومطار توزر نفطة 701 18مسافرا بنسبة تطوّر بلغت 120,2 % أمّا بالنسبة لمطار طبرقة عين دراهم فقد سجّل 730 1مسافرا بنسبة تراجع تقدّر بــــــــ: 1,8 % .
مع العلم أنّ المطارات التونسيّة المُستغلة من قبل ديوان الطّيران المدني والمطارات وشركة تاف سجّلت خلال هذه الفترة 978 775 6 مسافرا أي بنسبة تطوّر بلغت: 13,2% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2023.
الخبير في النقل الجوي الحبيب بن سلامة لـ"الصباح": أسطول الطيران هو القاطرة التي ترفع الاقتصاد والسياحة ولكن الاستراتيجيات غائبة ..
قال الخبير في النقل الجوي الحبيب بن سلامة في علاقة بتطوّر عدد المسافرين والرحلات بنسب متفاوتة على اغلب المطارات التونسية ، ان قراءة الأرقام والإحصائيات يجب ان توضع في سياقها ، مضيفا: »يعني هل ان هذه الأرقام مرتبطة بهدف استراتيجي وتعكس التقدم عن طريق تحقيقها ام هي مجرّد نسب واحصائيات تقارن فترة بفترة وهذه الفترة بطبعها هي تمثّل ذروة النشاط وبالتالي فان التطور الطفيف الذي تشهده من سنة الى أخرى طبيعي ومنطقي ولا يعدّ إنجازا يمكن ان نفاخر به حيث ان الأرقام التي يمكن ان نفاخر بها ونسوقها كانجاز هي تلك التي نحققها على طريق هدف تم رسمه منذ بداية ونحن نقترب من تحقيقه مثلا ان تضع رهان على استقطاب 10 مليون مسافر عبر مطاراتنا ضمن استراتيجية تمتد على خمس سنوات مثلا .«
ويضيف بن سلامة أن تحقيق هذا الرقم ليس مستحيلا ولكن يجب وضع خطة عمل واضحة وإستراتيجية متعددة الأهداف والأبعاد باستقطاب شركات الطيران الهامة عبر العالم وتطوير المنتوج السياحي وطرح تونس كوجهة اقتصادية واستثمارية في العالم بما يجذب لها السياح والمستثمرين وتحقق بذلك هدف ان تكون تونس بوابة ومعبر جوي مهم في العالم ، ويقول الحبيب بن سلامة : »ما يحول دون ان نتقدّم اننا بقينا لسنوات، ننظر دائما الى »مرآة الرؤية الخلفية في السيارة " ونقارن أي تطور في الأرقام او النسب بسنوات مرجعية كسنة 2010 في قطاعات عدة ومنها السياحة رغم ان هذه السنة ليست مرجعا ويمكن تحقيق نتائج افضل منها ولكن نحن مكبّلون دائما بالنظر الى الخلف ولا ننظر الى الأمام ابدا ..ولا نضع أهدافا واضحة للمستقبل .. فما الذي يمنع من ان نشتغل على هدف واضح مثل استقبال 15 الف مسافر و10 مليون سائح في غضون عشر سنوات والعمل على هذا الهدف وفق استراتيجية عمل واضحة تتبناها الدولة ولا تتأثّر بحضور الأشخاص او غيابهم ."
وفي علاقة بأسطول الطيران الوطني والذي هو احد أعمدة منظومة الطيران الوطنية الى جانب المطارات ، أشار الحبيب بن سلامة الى كون هذا الاسطول في 2010 كان يضمّ 55 طائرة ، الآن تقلّص العدد بشكل كبير ليستقر في حدود 30 طائرات وبعضها في حالة سيئة ، ويقول بن سلامة : "اسطول الطيران هو القاطرة التي ترفع السياحة والاقتصاد والاستثمار وهو واجهة البلاد وعنصر الجذب الأول لها في كل القطاعات ولكن هذا الأسطول اليوم مهتريء وغير قادر لا على جذب الأجانب ولا على المنافسة ، ولا يجب ان ننسى انه بالنسبة للسياحة مثلا نحن لا نشتغل الا على 8 أسابيع في السنة التي بها 52 أسبوعا وهذا غير منطقي ولا يمكن ان يطوّر الخدمات المرتبطة بالسياحة واساسا خدمة النقل والنقل الجوّي بشكل خاص ، وكان يفترض ان يفكّر المسؤولون في خطة عمل في علاقة بهذا الملف تمتد الى 2040 كما تفعل بقية البلدان ،لا ان ننتظر تطورا في الأرقام بنسبة 2 او 3 بالمائة"
الخبير الجوي الحبيب بن سلامة أشار أيضا الى كون موقع تونس الجغرافي ليس مستغلا اليوم كما يجب في بعض الخدمات التي تلقى رواجا دوليا ومنها خدمة النقل الجوي ، وفي علاقة بالمطارات الداخلية والتي يشتغل اغلبها بشكل موسمي قال محدّثنا ان ذلك يعود الى غياب الأهداف والخطط والاستراتجيات .
وفي تعليقه على مقترح احداث مطار جديد بتونس الكبرى قال الحبيب بن سلامة انه يعارض هذه الفكرة ويراها دون جدوى ، قائلا : "صحيح ان مطار تونس قرطاج اختنق ولكن نحن لدينا اليوم مطار النفيضة الذي تم احداثه وفق مواصفات دولية هامة وطاقة استيعابه في حدود 30 مليون مسافر وبالتالي ما نحتاج اليه ليس احداث مطار جديد بل تدعيم الخدمات بهذا المطار وتلافي بالأساس الخطأ الكبير الذي رافق احداثه وهو عدم ربطه بشبكات للميترو وبالحافلات وبالقطارات بما جعله معزولا عن هذه المرافق الضرورية والتي تلازم المطارات في مختلف دول العالم وغياب هذه المرافق الحيوية جعل مطار النفيضة يشتغل فقط بـ 10 بالمائة من إمكانياته ، وهناك نعود مرة أخرى الى ضرورة وجود الهدف والغاية يعني نحن نمتلك بنية أساسية يمكن تطويرها للوصول مثلا الى 10 او 15 مليون سائح او مسافر ، ولتفعيل هذا الهدف يجب توفير إمكانيات اكثر مثل ان يكون لك اسطول وطني لا يقل عن 100 طائرة وان تكون لك طائرات مرتبطة بشبكات النقل بمختلف أنواعها وهذا ليس مستحيلا لو توفّرت إرادة حقيقية للتقدّم ورسم اهداف مستقبلية واعدة ، انا عندما التحقت بالخطوط الجوية التونسية في بداية الثمانينات كانت هناك اربع طائرات فقط ، عندما غادرت للتقاعد كان هناك 35 طائرة وهذا كان هدفا اشتغلت عليه كل إطارات الدولة وهياكلها المعنية ، بينما هناك مثال اخر في الاتجاه العكسي تماما حيث انه في 2014 تم تقدير خسائر شركة الخطوط التونسية بـ 80 مليارا ، وكان هناك حديث على ضرورة وضع خطة لإعادة التوازنات المالية للشركة، بعد اربع سنوات وفي 2018 طلبت الاطلاع على هذه التوازنات وما راعني تضاعف الخسائر بـ 8 مرات لتكون في حدود 800 مليار، وبالتالي لو كان منذ البداية برنامج انقاذ حقيقي وخطط واستراتيجيات واضحة لتطوير خدمات النقل لما كنّا في هذا الوضع "
تونس – الصباح
المطارات الوطنية سواء الداخلية منها او الدولية هي أحد أهم العناوين الاستثمارية والاقتصادية لأية دولة ..واجهة كل بلد وبوابته الرئيسية.. وهناك اليوم دول تحوّلت مطاراتها الى أحد أهم عناوينها السياحية ومن اهم محرّكاتها الاقتصادية.. بل ان اليوم هناك تنافس محموم بين دول العالم،لإحداث أفضل المطارات واكثرها جودة من حيث الخدمات المقترحة والقدرة على استقطاب السياحة والاستثمارات وشركات الطيران الدولية والتي يزيد وجودها في وجاهة المطارات وقدرتها التنافسية..
اعداد: منية العرفاوي
ومنذ الاستقلال ، استثمرت الدولة الوطنية في المطارات الدولية وقبل الثورة أيضا تم احداث عدد من المطارات في جهات مختلفة من الجمهورية ، ليكون العدد الجملي في حدود 9 مطارات مدنية على رأسها بوابة تونس الرئيسية مطار تونس قرطاج الدولي ، هذا بالإضافة الى وجود ثلاث مطارات عسكرية ومطار نفطي بجهة البرمة بالجنوب تستغله بالأساس الشركات الدولية المستغلة لحقول النفط ، كما ان بعض المطارات الداخلية تجمع بين النشاط المدني والعسكري .
وبالنظر الى مساحة البلاد فان عدد المطارات يعتبر هاما مقارنة بدول أخرى..
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو مدى نجاعة ومردودية هذه المطارات على الحركة الاقتصادية والاستثمارية في البلاد ، وكذلك السؤال المطروح في علاقة بمطار تونس قرطاج وفي علاقة بقدرته التنافسية دوليا، حيث أن الموقع الجغرافي لتونس كبوابة افريقية خاصة يفترض ان يضعه في مكانة مختلفة عن مكانته اليوم، وكذلك في علاقة بمشروع المطار الجديد الذي انطلقت الدراسات بشأنه منذ سنة 2017 ، أين وصل المشروع وهل أن احداث مطار جديد بالمواصفات والمعايير العالمية الموجودة اليوم بات اليوم ضرورة وحتمية اذا ارادت البلاد ان تتقدّم وتعزّز مكانتها الاقتصادية إقليميا ؟ وكيف يمكن تنشيط المطارات الداخلية على مدار السنة ولا يكون نشاطها موسميا وفي علاقة امّا بالموسم السياحي او بعودة التونسيين بالخارج .
مطار قرطاج والمطار الجديد
منذ أسابيع قليلة أثارت مسألة تصنيف مطار تونس قرطاج جدلا كبيرا حيث تم تصنيفه في المرتبة 239 بين مطارات 69 دولة تضمّنها التصنيف وذلك ضمن التصنيف الدولي للمطارات حول العالم لسنة 2024 وقد حلّ مطار تونس قرطاج في اسفل هذا الترتيب وتقدمت مطارات افريقية وعربية كثيرة في التصنيف رغم انها مطارات حديثة وبعضها في دول فقيرة ووضعها الاقتصادي ليس افضل منّا ..
وفي الحقيقة هذا التصنيف لم يكن مفاجئا بالنظر الى التأخّر الكبير الذي شهده المطار على جميع المستويات وفي كل الخدمات المقدمة وعدم مواكبتها للتطورات الى شهدتها بقية مطارات العالم ومنذ سنوات طرح بجدية ملف تجديد المطار وتوسعته او احداث مطار جديد بمواصفات متطورة يرفع من مكانة تونس دوليا ..
ففي دراسة حول المشاريع الكبرى لقطاع النقل والذي أشرفت عليه الإدارة العامة للاستراتيجية والمؤسسات والمنشآت العمومية في أكتوبر 2017 ومنها المشاريع التي ما زالت قيد الدراسة نجد مقترحا لإنجاز مطار جديد بمنطقة تونس الكبرى بطاقة استيعاب تقدّر بـ 15 مليون مسافر سنويا على مساحة تقدّر بـ 180.000 م² مع محطة بضائع تقدّر مبدئيا طاقة استيعابها السنوية بـ 50 ألف طن وقابلة للتوسعة ..
ووفق الدراسة المذكورة فان ديوان الطيران المدني والمطارات هو من يشرف على هذا المشروع وقد قدّرت التكلفة الأولية لانجاز هذا المطار بـ740 مليون دينار دون اعتبار تكلفة حماية موقعه من الفيضانات والتجهيزات الخاصة بالربط بشبكات الكهرباء والماء والتطهير وإنجاز محوّل بين الطريق المؤدية الى المطار والطريق السريعة..
واللافت في هذه الدراسة المقترحة لمشروع انجاز المطار الجديد هو التمويل حيث كان المقترح انجاز مشروع المطار الجديد عن طريق التفويت في مطار تونس قرطاج بعد تهيئته بقيمة جملية تتراوح بين 8 و10 مليار دينار.. وقد أكد المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 27 جويلية 2017 والذي خصّص للنظر في مستقبل مطار تونس قرطاج وفرصة انجاز مطار جديد بتونس الكبرى ، الموافقة من حيث المبدأ على انجاز المطار الجديد ، على أن يتم تعميق الدراسات بخصوص الموقع والكلفة الكاملة ..
وبالنسبة لموقع هذا المطار الجديد تم اقتراح أربعة مواقع وهو منطقة الحسيان بقلعة الاندلس أو منطقة سيدي عثمان ، القريبة من الطريق السريعة الرابطة بين تونس وبنزرت أو منطقة برج العامري او منطقة اوتيك..
اليوم وبعد مضي سنوات عن انجاز تلك الدراسة الأولية من طرف الإدارة العامة للإستراتيجية والمؤسسات والمنشآت العمومية، لم يعد أحد يتحدّث عن مشروع المطار الجديد الذي كان يمكن ان يغيّر وجهة النقل الجوّي في تونس ويمكن ان يغيّر واجهة البلاد ويحوّلها الى قطب للنقل الجوّي ويستقطب خطوط جوية جديدة ومهمة عبر العالم ويكون أحد اهم المداخل الجوية الهامة في اتجاه افريقيا والتي باتت اليوم وجهة استثمارية واقتصادية واعدة .
ارقام وامكانيات
خلال السداسي الأول من السنة الجارية ومع بداية الموسم السياحي وعودة التونسيين بالخارج شهدت المطارات التونسية المختلفة عودة قوية لنشاطها ووفق الأرقام الأخيرة التي نشرها ديوان الطيران المدني والمطارات الذي يشرف إداريا على تسيير مختلف هذه المطارات التي سجّلت زيادة تقدّر بـ 9.6% في عدد المسافرين خلال الأشهر الأولى من السنة الحالية مقارنة بنفس الفترة من عام 2023.
خلال النصف الأول من السنة الحالية ومع موفى شهر جوان ،استقبل مطار تونس قرطاج لوحده 3.3 مليون مسافر بنسبة ارتفاع في عدد المسافرين تقدّر بـ 9.1 بالمائة مقارنة بالنصف الأول من السنة الماضية، ورغم أهمية هذا الرقم الا أن جلّ المختصين يجمعون ان الإمكانيات التي يملكها مطار قرطاج كمعبر جوّي في موقع جغرافي ممتار يسمح له باستقبال أضعاف هذا العدد من المسافرين لو تم وضع استراتيجية وطنية لتطويره وتطوير خدماته وانفتاحه اكثر على وجهات جديدة ..
وتموقع مطار جربة – جرجيس الدولي في المرتبة الثانية على مستوى حركة المسافرين حيث استقبل المطار خلال الستة اشهر الأولى من هذه السنة 820 ألف مسافر أي بزيادة تقدّر بـ 10.2 بالمائة وهذه الزيادة فرضتها عودة جربة الى استقطاب السياح الأجانب وحضورها اليوم كوجهة سياحية هامة على مستوى المنطقة المتوسطية ، ولكن رغم الجهود المبذولة من طرف ديوان الطيران المدني لتحسين البنية التحتية والخدمات المقترحة الا أن المهنيين يرون ان ما زال هناك بعض النقائص وان هذا المطار الذي يشتغل بالأساس على الوفود السياحية وعلى عودة التونسيين بالخارج بقي نشاطه موسميا ولم يتم إيجاد صيغ أخرى لتنشيطه على طول السنة .
كما سجّل ديوان الطيران المدني والمطارات وفق الاحصائيات المعلنة ارتفاعا في حركة الطائرات حيث بلغ العدد الجملي لحركة الطائرات خلال السداسي الأول من السنة الحالية 35.515 رحلة بنسبة نموّ تقدّر بـ6.2 بالمائة مقارنة بنفس النسبة من السنة الفارطة وقد استقبل مطار قرطاج الدولي لوحده 27.251 رحلة ومطار جربة جرجيس 6.274 رحلة ، واستقبل مطار توزر 259 رحلة مسجّلا تطورا هاما في عدد الرحلات، أما مطار صفاقس- طينة فقد استقبل 1639 رحلة وشهد عدد الرحلات بدوره في هذا المطار تطورا طفيفا في حدود 2.1 بالمائة ..
أما مطار طبرقة عين دراهم فقد شهد تراجعا في عدد الرحلات بنسبة 12.9 بالمائة وهذا المطار يواصل تراجعه في السنوات الأخيرة لتراجع الأنشطة التي كانت تساهم في تنشيطه حيث أن وجود المهرجانات الدولية الكبيرة والمهمة كمهرجان الجاز بطبرقة ساهم لسنوات في تنشيط هذا المطار خاصة خلال الصيف ولكن تراجع طبرقة كوجهة سياحية وتعطّل اغلب السفرات الداخلية انعكس سلبا على نشاط المطار .
وفي المجمل سجّلت المطارات المستغلة من قبل ديوان الطيران المدني والمطارات استقبال 5.235.515 مسافرا أي بنسبة تطور بلغت 13.1 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة ..و لكن رغم هذا التطور المتوسّط الا ان المهنيين والمختصين يجمعون على كون شبكة المطارات التونسية الحالية يمكنها تسجيل نتائج افضل الا أن ذلك يرتبط بعدة عوامل ومنها بالأساس السياحة والاستثمار وديوان الطيران المدني والمطارات مطالب بمواصلة تغذية هذه الديناميكية التي تشهدها المطارات التونسية في هذه السنة ووضع استراتيجيات جدية لجذب المزيد من شركات الطيران وزيادة عدد الوجهات على مطاراتنا وتعزيز مكانة تونس كمركز جوّي رئيسي في منطقة المغرب العربي وفي المنطقة المتوسطية بشكل عام مع الاشتغال اكثر على عمق القارة الافريقية .
تقارير رقابية ..
ديوان الطيران المدني والمطارات هو منشأة عمومية أحدثت بمقتضي القانون عدد 30 لسنة 1970 وكانت مهمة الديوان الرئيسية استغلال وتهيئة وتطوير المطارات ومراقبة الملاحة الجويّة وإسناد لزمات لاستغلال مختلف الممتلكات الموضوعة تحت تصرّفها. وفي السنوات الأخيرة أثيرت حول نشاط هذه المنشاة العمومية الكبرى والتي تعتبر احد ابرز أعمدة الاقتصاد الوطني ، عدة شبهات حول نزاهة التصرّف الإداري والمالي داخل الديوان ..ففي بداية فيفري 2021 أعلنت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد انها أحالت على أنظار وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس ختم بحث تكميلي في علاقة بشبهة فساد بديوان الطيران المدني والمطارات. كما ذكرت الهيئة بأنها كانت قد أحالت خلال سنة 2019 الى النيابة العمومية ختم أعمال التقصي في عدد من شبهات الفساد بالديوان المذكور ومنها سوء التصرف في الممتلكات واستغلال النفوذ لاستخلاص منفعة دون وجه حق ولكن الى اليوم لا أحد يعلم اين انتهت هذه القضايا المحالة على القضاء .
وفي ذات السياق أحال مرصد رقابة في مارس 2022 شكاية تم سماع ممثليه القانونيين بشأنها وتتعلق الشكاية بالتجاوزات والمخالفات القانونية وشبهات الفساد التي تورطت فيها إحدى شركات الشحن الجوي السريع مع موظفين عموميين في ديوان الطيران المدني والمطارات ووزارة النقل وإطارات أخرى توسطت لتمكين الشركة المذكورة من امتيازات دون وجه حق فيها إضرار بمصالح الدولة وفق ما ورد في ملف القضية. وقال مرصد رقابة في بلاغ له أنه قدّم مؤيدات جديدة أكد فيها محاميه مواصلة خرق القانون وتبين تورط الإدارة العامة لديوان الطيران المدني والمطارات في التواطؤ بتمكين الشركة المذكورة من امتياز اسداء الخدمات الأرضية (الهندلينغ) لفائدة طائرات الشركة ومعالجة الشحن عند التوريد ومعالجة شحن الشركات الأخرى وتجاهل حكم قضائي واضح يمنع تلك الامتيازات وفق نص بيان مرصد رقابة .
واذا كان مآل كل هذه الشكايات ما زال الى اليوم غامضا ، ولكن ما هو ثابت ان الديوان كمنشأة عمومية يتطلب تناوله كملف وطني ذي أولوية ويتطلب أيضا وضع خطط واستراتيجيات للنهوض به ودعمه .
الخطوط التونسية..شريك في النجاح وفي الإخفاق
لا يمكن الحديث عن شبكة المطارات الوطنية دون الحديث عن شركة الخطوط التونسية التي تلازم ديوان الطيران المدني في النجاح وفي الإخفاق ، وفي السنوات الأخيرة أسالت شركة الخطوط التونسية "تونسيار" حبرا كثيرا ومؤخرا تصدّر خبر إيقاف الرئيس المدير العام للشركة وبعض العاملين بالشركة والنقابيين، الاحداث، وأعاد الى الواجهة الازمات التي ما فتئت تغرق فيها "تونيسار" من سنة الى أخرى ..
ووضعية شركة الخطوط التونسية كانت محلّ تقارير رقابية كثيرة ومنها التقرير الواحد والثلاثون لدائرة المحاسبات الصادر في 2018 والذي كان حول التصرف في اسطول طائرات شركة الخطوط التونسية ، وقد أشار التقرير الى اخلالات كثيرة أثّرت بشكل كبير على مردودية المطارات التونسية ، واليوم لا يبدو ان هذه الاخلالات تمت معالجتها بشكل عميق وتجاوزها ..
التقرير كان عبارة عن خلاصة انجاز مهمة رقابية تهدف الى تقييم مدى توفّق شركة الخطوط التونسية في التصرّف في أسطول طائراتها خلال الفترة الممتدة بين 2014 و2017 وقد انتهت هذه المهمة الرقابية الى وجود اخلالات جوهرية على مستوى استغلال الطائرات وإنجاز اعمال الصيانة وسلامة الرحلات وجودة الخدمات المقدمة على متن هذه الخطوط والتي نتج عنها تكبّد الشركة لخسائر هامة والحدّ من قدرتها التنافسية .
ووفق دائرة المحاسبات فان الخطوط التونسية بلغ رأس مالها في سنة 2017 ما قدّر بـ 106.199 مليون دينار ، منها 65 بالمائة تتمثل في مساهمة الدولة و10 بالمائة مساهمة الصناديق الاجتماعية و25 بالمائة مساهمات من خوّاص .
ولا يمكن انكار أن أحداث الثورة وتوقف النشاط على السوق الليبية ابان وبعد الثورة وتراجعه بشكل كبير في السنوات الأولى التي تلت الثورة ، أثّر بشكل كبير، على مردودية الشركة ونجاعتها ، بما جعلها تخلّ ببعض الاتفاقات والالتزامات الدولية ، حيث اتفقت الشركة في 2008 مع المصنّع الدولي ايرباص لاقتناء 19 طائرة بقيمة 1.3 مليار دولار ولكن بسبب الثورة والتبعات المرتبطة بها قررت الشركة التخفيض في عدد الطائرات المبرمج اقتناؤها الى 13 طائرة تسلّمت منها 8 طائرات بين سنتي 2010 و 2015 والبقية بين سنتي 2020 و 2021 ولكن التسليم تأخّر أكثر من مرة ..
هذا ويذكر أنه وفق تقرير دائرة المحاسبات فانه في 2017 كانت الخطوط التونسية تملك 28 طائرة موزعة بين 7 طائرات من نوع بوينغ 737 و 21 طائرة من نوع ايرباص ، بمعدّل اعمار في حدود 15.5 وقتها أما اليوم فان معدّل الاعمار يفوق العشرين سنة وهو من اكبر معدلات أعمار الطائرات التي لم تغادر الخدمة بعد في العالم .
هذه الشركة العريقة والتي تأسست في أكتوبر 1948 ، يفترض انها اليوم في مقدمة شركات الطيران عبر العالم لأسباب مختلفة وعلى علاقة مباشرة بعراقة هذه الشركة والموقع الجغرافي الذي يؤهلها لأن تغزو العالم وتكون الطائرات والمطارات التونسية من اهم البوابات الجوية مقارنة ببقية شركات الطيران.
خارطة المطارات التونسية
يشرف ديوان الطيران المدني والطائرات على أغلب المطارات المدنية بالبلاد..يعتبر مطار تونس قرطاج الدولي المطار الدولي الرئيسي في تونس وأشهر مطاراتها ، يشغّل مطار تونس قرطاج 20 شركة طيران مع 60 وجهة حول العالم. والمطار هو المركز الرئيسي للخطوط التونسية، والخطوط الجوية الجديدة نوفالار،وشركة سفن إير ويعد من أكثر مطارات تونس ازدحاما من ناحية عدد الركاب، وتبلغ طاقته استيعابه أكثر من أربعة ملايين مسافر سنويا. ودخل المطار حيز التشغيل في عام 1940 ويمتد على مساحة 8.2 كيلومتر مربع.
والى جانب مطار قرطاج الدولي هناك مطار النفيضة-الحمامات الدولي الذي تم افتتاحه في ديسمبر 2009 سمّي المطار في البداية مطار النفيضة زين العابدين بن علي الدولي، ثم تغير اسمه بعد الثورة مباشرة ليصبح مطار النفيضة -الحمامات الدولي، وقد سهّل بناء هذا المطار الجديد حركة الركاب والبضائع وخفّف العبء عن مطاري تونس قرطاج والمنستير بورقيبة.
ومن المطارات المهمة على المستوى الوطني نجد كذلك مطار المنستير الحبيب بورقيبة الذي يشتغل مع أكثر من 25 شركة طيران وتم احداث هذا المطار في عام 2004.
وهناك كذلك مطار جربة –جرجيس ويديره كباقي المطارات ديوان الطيران المدني والمطارات ويقع على بعد 9 كيلومترات غرب حومة السوق وبالقرب من بلدة مليتا، تم احداث المطار سنة 1970 بهدف تنشيط السياحة في جزيرة جربة ويمكن للمطار استيعاب أكثر من مليوني مسافر سنويا ..
ومن بين المطارات المهمة أيضا نجد مطار صفاقس-طينة ،ذا الصبغة العسكرية والمدنية أيضا وهو مطار دولي يتعامل مع الرحلات الدولية والمحلية، والمطار يديره ديوان الطيران المدني والمطارات ، وانطلق في العمل سنة 1980 وتمتد مساحة المطار على 3.27 كلم مربع وقد خضع المطار لعدة مشاريع تطوير وتحديث، كان أهمها تطوير مبناه الذي جرى في عام 1988، بالإضافة إلى تطوير المدرج في عام 1989، وإنشاء محطة شحن في عام 1996. ويمكن للمطار أن يتعامل مع 500 ألف مسافر سنويا.
والى جانب مطار صفاقس هناك أيضا مطار قابس-مطماطة الدولي الذي يتعامل مع الرحلات المحلية والدولية على حد سواء. وقد افتُتحت محطته الدولية الجديدة في عام 2015. والمطار يديره ديوان الطيران المدني والمطارات وهو يعتبر مطار متوسط الحجم وفيه مدرج طائرات واحد.
وغير بعيد عن مطار قابس هناك مطار توزر-نفطة الدولي الذي يقع على بعد 4 كيلومترات شمال غرب مدينة توزر وقد دخل حيز التشغيل في 1 نوفمبر عام 1978 ويقع المطار على مساحة 6.9 كيلومتر مربع وتبلغ طاقة استيعاب هذا المطار 400 ألف مسافر سنويا
ومن المطارات الأخرى كذلك نجد مطار طبرقة -عين دراهم الدولي والذي تأسس في عام 1992 وكذلك مطار قفصة- القصر الدولي والذي تم احداثه سنة 2007 ولكنه يعتبر من المطارات الصغرى باعتباره يحتوي على مدرج واحد .
إحصائيّات السبعة أشهر الأولى لسنة 2024 مقارنة بـ2023 بالمطارات
سجّل ديوان الطيران المدني والمطارات خلال السبعة أشهر الأولى لسنة 2024 ارتفاعا لحركة عبور المجال الجوّي التونسي بلغ 293 35 أي بنسبة نمو تقدّر بــ15,7% مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة.
كما سجّلت مطاراتنا التونسيّة المُستغلة من قبله خلال نفس الفترة من السنة الحاليّة تطوّرا للحركة التجاريّة للنّقل الجوّي مقارنة بمثيلتها من السنة المُنقضية.
حركة الطائرات :
بلغ العدد الجملي لحركة الطائرات خلال السبعة أشهر الأولى من السنة الحاليّة 118 44 رحلة بنسبة نموّ تقدّر بــ: 6 % مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة: 170 33 رحلة بمطار تونس قرطاج بنسبة تطوّر 6,3%و647 8 رحلة بمطار جربة جرجيس بنسبة تطوّر 8,2% و275رحلة بمطار توزر نفطة بنسبة تطوّر 55,4 %و920 1رحلة بمطار صفاقس طينة مسجّلا بذلك نسبة تراجع تقدّر بــــ: 4,8% كذلك شهد مطار طبرقة عين دراهم تراجعا في عدد رحلاته بنسبة 9,7%.
حركة المسافرين :
بلغ العدد الجملي للمسافرين خلال السبعة أشهر الأولى من هذه السنة 518 297 5 مسافرا بنسبة نموّ تقدر بــ9,9% مقارنة بنفس الفترة من السنة المنقضية.
فقد سجّل مطار تونس قرطاج 669 035 4 مسافرا بنسبة تطوّر 9 % ومطار جربة جرجيس 535 145 1 مسافرا بنسبة تطوّر 13,1% ومطار صفاقس طينة 790 94 مسافرا بنسبة تطوّر3,6% ومطار توزر نفطة 701 18مسافرا بنسبة تطوّر بلغت 120,2 % أمّا بالنسبة لمطار طبرقة عين دراهم فقد سجّل 730 1مسافرا بنسبة تراجع تقدّر بــــــــ: 1,8 % .
مع العلم أنّ المطارات التونسيّة المُستغلة من قبل ديوان الطّيران المدني والمطارات وشركة تاف سجّلت خلال هذه الفترة 978 775 6 مسافرا أي بنسبة تطوّر بلغت: 13,2% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2023.
الخبير في النقل الجوي الحبيب بن سلامة لـ"الصباح": أسطول الطيران هو القاطرة التي ترفع الاقتصاد والسياحة ولكن الاستراتيجيات غائبة ..
قال الخبير في النقل الجوي الحبيب بن سلامة في علاقة بتطوّر عدد المسافرين والرحلات بنسب متفاوتة على اغلب المطارات التونسية ، ان قراءة الأرقام والإحصائيات يجب ان توضع في سياقها ، مضيفا: »يعني هل ان هذه الأرقام مرتبطة بهدف استراتيجي وتعكس التقدم عن طريق تحقيقها ام هي مجرّد نسب واحصائيات تقارن فترة بفترة وهذه الفترة بطبعها هي تمثّل ذروة النشاط وبالتالي فان التطور الطفيف الذي تشهده من سنة الى أخرى طبيعي ومنطقي ولا يعدّ إنجازا يمكن ان نفاخر به حيث ان الأرقام التي يمكن ان نفاخر بها ونسوقها كانجاز هي تلك التي نحققها على طريق هدف تم رسمه منذ بداية ونحن نقترب من تحقيقه مثلا ان تضع رهان على استقطاب 10 مليون مسافر عبر مطاراتنا ضمن استراتيجية تمتد على خمس سنوات مثلا .«
ويضيف بن سلامة أن تحقيق هذا الرقم ليس مستحيلا ولكن يجب وضع خطة عمل واضحة وإستراتيجية متعددة الأهداف والأبعاد باستقطاب شركات الطيران الهامة عبر العالم وتطوير المنتوج السياحي وطرح تونس كوجهة اقتصادية واستثمارية في العالم بما يجذب لها السياح والمستثمرين وتحقق بذلك هدف ان تكون تونس بوابة ومعبر جوي مهم في العالم ، ويقول الحبيب بن سلامة : »ما يحول دون ان نتقدّم اننا بقينا لسنوات، ننظر دائما الى »مرآة الرؤية الخلفية في السيارة " ونقارن أي تطور في الأرقام او النسب بسنوات مرجعية كسنة 2010 في قطاعات عدة ومنها السياحة رغم ان هذه السنة ليست مرجعا ويمكن تحقيق نتائج افضل منها ولكن نحن مكبّلون دائما بالنظر الى الخلف ولا ننظر الى الأمام ابدا ..ولا نضع أهدافا واضحة للمستقبل .. فما الذي يمنع من ان نشتغل على هدف واضح مثل استقبال 15 الف مسافر و10 مليون سائح في غضون عشر سنوات والعمل على هذا الهدف وفق استراتيجية عمل واضحة تتبناها الدولة ولا تتأثّر بحضور الأشخاص او غيابهم ."
وفي علاقة بأسطول الطيران الوطني والذي هو احد أعمدة منظومة الطيران الوطنية الى جانب المطارات ، أشار الحبيب بن سلامة الى كون هذا الاسطول في 2010 كان يضمّ 55 طائرة ، الآن تقلّص العدد بشكل كبير ليستقر في حدود 30 طائرات وبعضها في حالة سيئة ، ويقول بن سلامة : "اسطول الطيران هو القاطرة التي ترفع السياحة والاقتصاد والاستثمار وهو واجهة البلاد وعنصر الجذب الأول لها في كل القطاعات ولكن هذا الأسطول اليوم مهتريء وغير قادر لا على جذب الأجانب ولا على المنافسة ، ولا يجب ان ننسى انه بالنسبة للسياحة مثلا نحن لا نشتغل الا على 8 أسابيع في السنة التي بها 52 أسبوعا وهذا غير منطقي ولا يمكن ان يطوّر الخدمات المرتبطة بالسياحة واساسا خدمة النقل والنقل الجوّي بشكل خاص ، وكان يفترض ان يفكّر المسؤولون في خطة عمل في علاقة بهذا الملف تمتد الى 2040 كما تفعل بقية البلدان ،لا ان ننتظر تطورا في الأرقام بنسبة 2 او 3 بالمائة"
الخبير الجوي الحبيب بن سلامة أشار أيضا الى كون موقع تونس الجغرافي ليس مستغلا اليوم كما يجب في بعض الخدمات التي تلقى رواجا دوليا ومنها خدمة النقل الجوي ، وفي علاقة بالمطارات الداخلية والتي يشتغل اغلبها بشكل موسمي قال محدّثنا ان ذلك يعود الى غياب الأهداف والخطط والاستراتجيات .
وفي تعليقه على مقترح احداث مطار جديد بتونس الكبرى قال الحبيب بن سلامة انه يعارض هذه الفكرة ويراها دون جدوى ، قائلا : "صحيح ان مطار تونس قرطاج اختنق ولكن نحن لدينا اليوم مطار النفيضة الذي تم احداثه وفق مواصفات دولية هامة وطاقة استيعابه في حدود 30 مليون مسافر وبالتالي ما نحتاج اليه ليس احداث مطار جديد بل تدعيم الخدمات بهذا المطار وتلافي بالأساس الخطأ الكبير الذي رافق احداثه وهو عدم ربطه بشبكات للميترو وبالحافلات وبالقطارات بما جعله معزولا عن هذه المرافق الضرورية والتي تلازم المطارات في مختلف دول العالم وغياب هذه المرافق الحيوية جعل مطار النفيضة يشتغل فقط بـ 10 بالمائة من إمكانياته ، وهناك نعود مرة أخرى الى ضرورة وجود الهدف والغاية يعني نحن نمتلك بنية أساسية يمكن تطويرها للوصول مثلا الى 10 او 15 مليون سائح او مسافر ، ولتفعيل هذا الهدف يجب توفير إمكانيات اكثر مثل ان يكون لك اسطول وطني لا يقل عن 100 طائرة وان تكون لك طائرات مرتبطة بشبكات النقل بمختلف أنواعها وهذا ليس مستحيلا لو توفّرت إرادة حقيقية للتقدّم ورسم اهداف مستقبلية واعدة ، انا عندما التحقت بالخطوط الجوية التونسية في بداية الثمانينات كانت هناك اربع طائرات فقط ، عندما غادرت للتقاعد كان هناك 35 طائرة وهذا كان هدفا اشتغلت عليه كل إطارات الدولة وهياكلها المعنية ، بينما هناك مثال اخر في الاتجاه العكسي تماما حيث انه في 2014 تم تقدير خسائر شركة الخطوط التونسية بـ 80 مليارا ، وكان هناك حديث على ضرورة وضع خطة لإعادة التوازنات المالية للشركة، بعد اربع سنوات وفي 2018 طلبت الاطلاع على هذه التوازنات وما راعني تضاعف الخسائر بـ 8 مرات لتكون في حدود 800 مليار، وبالتالي لو كان منذ البداية برنامج انقاذ حقيقي وخطط واستراتيجيات واضحة لتطوير خدمات النقل لما كنّا في هذا الوضع "