رئيس الجمهورية: ضرورة العمل على تمكين كافة النساء من حقوقهن وألا يكون ذلك مرتبطا بمناسبة بعينها بل عملا متواصلا
تونس-الصباح
رغم الاحتفاء الدائم بالنساء العاملات في القطاع الفلاحي والاعتراف الدائم بكفاحهن وبإنجازاتهن في قطاع يعد من أهم القطاعات الاقتصادية بل يمكن القول أنه الأهم على الإطلاق وهو ما أكده انتشار فيروس كورونا حيث وفر القطاع الفلاحي لقمة العيش للتونسي خلال الأزمة الصحية التي أوقفت العالم، الا ان وضع المرأة الفلاحة في تونس مازال هشا .
اليوم ونحن نحتفل بالعيد الوطني للمرأة الموافق لـ13 أوت تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية وكوقفة تأمل ننظر إلى وضع المرأة العاملة في القطاع الفلاحي فنستشف أنه على حاله إذا لم نقل أنه قد أصبح أكثر سوءا.
العاملات في القطاع الفلاحي في الحقول والمزارع والشركات الفلاحية من شمال البلاد الى جنوبها ومن شرقها الى غربها، أولئك اللاتي تسقين الأرض بعرقهن وترسمن بدمائهن ملحمة نضال طال مساره وتأخرت ثماره،النساء اللاتي يركبن -الى اليوم رغم التشريعات والقوانين- شاحنات الموت حيث يعبرن المسالك الوعرة من أجل توفير لقمة العيش يواجهن صعوبات كبيرة تجعلهن يعشن في واقع هش وصعب وأحيانا مأساويا.
فإلى اليوم تفقد الفلاحات حياتهن بسبب ركوبهن وسائل نقل غير آمنة، حيث أفادت جمعية "أصوات نساء"، الأربعاء 3 جويلية 2024، وعلى اثر حادث انقلاب شاحنة نقل فلاحي بمنطقة دار الجمعية من عمادة العويثة التابعة لمعتمدية السبيخة من ولاية القيروان توفيت على أثره قاصر وأصيبت 14 عاملة فلاحية، بأنّه "منذ بداية سنة 2024، وقعت 5 حوادث نقل للعاملات في القطاع الفلاحي، مما أسفر عن مقتل 3 عاملات وإصابة أكثر من 70 أخريات ".
كما كشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنه رصد منذ سنة 2015 والى بداية السنة الجارية 2024 أكثر من 74 حادث نقل فلاحي خلف 870 جريحا و60 حالة وفاة معظمها من العاملات الفلاحيات، مشيرا انه ومنذ سنة 2020 ما يعني بعد إصدار القانون عدد 51 لسنة 2019 سجل المنتدى 38 حادثا ذهبت ضحيته 20 عاملة و358 جريحا..
هذا وتعاني العاملات الفلاحيات من التمييز إذ إلى اليوم يتقاضين أجرا زهيدا رغم ساعات العمل الطويلة التي تصل الى 10 ساعات دون التمتع بأي تغطية اجتماعية.
600 ألف عاملة منتهكات الحقوق
وتمثل النساء 83٪ من الناشطين في القطاع الفلاحي اذ وحسب إحصائيات رسمية يتجاوز عددهن 600 ألف يعملن بطريقة غير نظامية، حيث تعاني الناشطات في هذا القطاع من غياب الأجر اللائق والنقل اللائق وغياب الحماية الاجتماعية، إضافة إلى التمييز على أساس الجنس بالنسبة إلى العاملات الفلاحيات.
نساء ينتظرن الى اليوم الاعتراف الرسمي بهن عبر إرساء علاقة شغلية واضحة، نسبة كبيرة منهنّ لا يتمتّعن بالتغطية الاجتماعية، كما أنّ 98٪ منهن يتقاضين أقلّ من الأجر الأدنى المضمون، إضافة إلى غياب النقل اللائق والحوادث التي تتعرّض لها العاملات.
سحب مبادرة تشريعية خاصة بالعاملات الفلاحيات من البرلمان!!؟
ولضمان حق المرأة الفلاحة في ظروف عمل تحفظ الكرامة قدمت كتلة صوت "الجمهورية" بالبرلمان مبادرة تشريعية تتعلق بحق المرأة العاملة في القطاع الفلاحي وتتضمن جملة من الأحكام التي تعالج قضية المرأة العاملة في القطاع وذلك في إطار رؤية شاملة.
مبادرة تستند إلى مقاربة تأخذ بعين الاعتبار حق المرأة الفلاحة في التغطية على حوادث الشغل وحقها في التنقل في ظروف آمنة وبالتعريفة المنخفضة في وسائل النقل العمومي فضلا عن إسنادها بطاقة عاملة في القطاع الفلاحي، إلا أن مشروع القانون تم سحبه خلال شهر جوان الماضي 2024 من اجل مزيد تدعيمه.
القضاء على التشغيل الهش من أولويات رئيس الجمهورية
وضع العاملات الفلاحيات من أكثر الوضعيات المهنية هشاشة وضعية طالب رئيس الجمهورية قيس سعيد بإنهاء العمل بها وكان ذلك في أكثر من مناسبة خلال زيارته للعاملات الفلاحيات في ربوع تونس على غرار زيارته للفلاحات بمنطقة المرايدية من ولاية جندوبة، حيث أكد رئيس الجمهورية على ضرورة العمل على تمكين كافة النساء من حقوقهن وخاصة منها الاقتصادية والاجتماعية وألا يكون ذلك مرتبطا بمناسبة بعينها بل عملا متواصلا.
وأشار إلى أن التشريعات الموجودة، رغم أهميتها، في قطيعة مع الواقع المعيش للكثير من النساء وهو ما يجب تداركه من خلال العمل أكثر على تمكين المرأة من كافة حقوقها حيثما كانت في المدن أو في الأرياف، وهو ما أكده كذلك خلال إشرافه العام الماضي وتحديدا يوم 13 أوت 2023 بمنطقة البطان من ولاية منوبة على إحداث أول شركة أهلية فلاحية نسائية تحت اسم "الكادحات".
هذا وأمضت آمال بلحاج موسى، وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، وعبد المنعم بلعاتي وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، يوم 5 جانفي 2024، على اتفاقيّة شراكة بين الوزارتين في مجال دعم التمكين الاقتصادي لفائدة النّساء والفتيات والأسر في القطاع الفلاحيّ.
لكن رغم كل هذا يبقى إصلاح واقع العاملات في القطاع الفلاحي، وإصلاح القطاع وهيكلته وتفعيل هياكل الرقابة والاعتراف القانوني بالعمالة فيه، وإرساء أسس ومنظومات تكفل كرامة وحقوق هذه الفئة الشغيلة وتوفر لها آليات الحماية والإدماج والتمكين من اوكد الأولويات.
الاعتراف بحقوق النساء العاملات في القطاع الفلاحي لا بد أن يكون مدعوما بمقاربات وسياسات تليق بدور المرأة الريفية وتحميها من كل أشكال العنف المسلط عليها وتمكنها من الولوج الى الموارد الاقتصادية والمالية وتوفر لها آليات الحماية الاجتماعية وتضمن لها حقوقها وكرامتها، فهل سيأتي العيد الوطني للمرأة اليوم بالجديد!؟.
حنان قيراط
رئيس الجمهورية: ضرورة العمل على تمكين كافة النساء من حقوقهن وألا يكون ذلك مرتبطا بمناسبة بعينها بل عملا متواصلا
تونس-الصباح
رغم الاحتفاء الدائم بالنساء العاملات في القطاع الفلاحي والاعتراف الدائم بكفاحهن وبإنجازاتهن في قطاع يعد من أهم القطاعات الاقتصادية بل يمكن القول أنه الأهم على الإطلاق وهو ما أكده انتشار فيروس كورونا حيث وفر القطاع الفلاحي لقمة العيش للتونسي خلال الأزمة الصحية التي أوقفت العالم، الا ان وضع المرأة الفلاحة في تونس مازال هشا .
اليوم ونحن نحتفل بالعيد الوطني للمرأة الموافق لـ13 أوت تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية وكوقفة تأمل ننظر إلى وضع المرأة العاملة في القطاع الفلاحي فنستشف أنه على حاله إذا لم نقل أنه قد أصبح أكثر سوءا.
العاملات في القطاع الفلاحي في الحقول والمزارع والشركات الفلاحية من شمال البلاد الى جنوبها ومن شرقها الى غربها، أولئك اللاتي تسقين الأرض بعرقهن وترسمن بدمائهن ملحمة نضال طال مساره وتأخرت ثماره،النساء اللاتي يركبن -الى اليوم رغم التشريعات والقوانين- شاحنات الموت حيث يعبرن المسالك الوعرة من أجل توفير لقمة العيش يواجهن صعوبات كبيرة تجعلهن يعشن في واقع هش وصعب وأحيانا مأساويا.
فإلى اليوم تفقد الفلاحات حياتهن بسبب ركوبهن وسائل نقل غير آمنة، حيث أفادت جمعية "أصوات نساء"، الأربعاء 3 جويلية 2024، وعلى اثر حادث انقلاب شاحنة نقل فلاحي بمنطقة دار الجمعية من عمادة العويثة التابعة لمعتمدية السبيخة من ولاية القيروان توفيت على أثره قاصر وأصيبت 14 عاملة فلاحية، بأنّه "منذ بداية سنة 2024، وقعت 5 حوادث نقل للعاملات في القطاع الفلاحي، مما أسفر عن مقتل 3 عاملات وإصابة أكثر من 70 أخريات ".
كما كشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنه رصد منذ سنة 2015 والى بداية السنة الجارية 2024 أكثر من 74 حادث نقل فلاحي خلف 870 جريحا و60 حالة وفاة معظمها من العاملات الفلاحيات، مشيرا انه ومنذ سنة 2020 ما يعني بعد إصدار القانون عدد 51 لسنة 2019 سجل المنتدى 38 حادثا ذهبت ضحيته 20 عاملة و358 جريحا..
هذا وتعاني العاملات الفلاحيات من التمييز إذ إلى اليوم يتقاضين أجرا زهيدا رغم ساعات العمل الطويلة التي تصل الى 10 ساعات دون التمتع بأي تغطية اجتماعية.
600 ألف عاملة منتهكات الحقوق
وتمثل النساء 83٪ من الناشطين في القطاع الفلاحي اذ وحسب إحصائيات رسمية يتجاوز عددهن 600 ألف يعملن بطريقة غير نظامية، حيث تعاني الناشطات في هذا القطاع من غياب الأجر اللائق والنقل اللائق وغياب الحماية الاجتماعية، إضافة إلى التمييز على أساس الجنس بالنسبة إلى العاملات الفلاحيات.
نساء ينتظرن الى اليوم الاعتراف الرسمي بهن عبر إرساء علاقة شغلية واضحة، نسبة كبيرة منهنّ لا يتمتّعن بالتغطية الاجتماعية، كما أنّ 98٪ منهن يتقاضين أقلّ من الأجر الأدنى المضمون، إضافة إلى غياب النقل اللائق والحوادث التي تتعرّض لها العاملات.
سحب مبادرة تشريعية خاصة بالعاملات الفلاحيات من البرلمان!!؟
ولضمان حق المرأة الفلاحة في ظروف عمل تحفظ الكرامة قدمت كتلة صوت "الجمهورية" بالبرلمان مبادرة تشريعية تتعلق بحق المرأة العاملة في القطاع الفلاحي وتتضمن جملة من الأحكام التي تعالج قضية المرأة العاملة في القطاع وذلك في إطار رؤية شاملة.
مبادرة تستند إلى مقاربة تأخذ بعين الاعتبار حق المرأة الفلاحة في التغطية على حوادث الشغل وحقها في التنقل في ظروف آمنة وبالتعريفة المنخفضة في وسائل النقل العمومي فضلا عن إسنادها بطاقة عاملة في القطاع الفلاحي، إلا أن مشروع القانون تم سحبه خلال شهر جوان الماضي 2024 من اجل مزيد تدعيمه.
القضاء على التشغيل الهش من أولويات رئيس الجمهورية
وضع العاملات الفلاحيات من أكثر الوضعيات المهنية هشاشة وضعية طالب رئيس الجمهورية قيس سعيد بإنهاء العمل بها وكان ذلك في أكثر من مناسبة خلال زيارته للعاملات الفلاحيات في ربوع تونس على غرار زيارته للفلاحات بمنطقة المرايدية من ولاية جندوبة، حيث أكد رئيس الجمهورية على ضرورة العمل على تمكين كافة النساء من حقوقهن وخاصة منها الاقتصادية والاجتماعية وألا يكون ذلك مرتبطا بمناسبة بعينها بل عملا متواصلا.
وأشار إلى أن التشريعات الموجودة، رغم أهميتها، في قطيعة مع الواقع المعيش للكثير من النساء وهو ما يجب تداركه من خلال العمل أكثر على تمكين المرأة من كافة حقوقها حيثما كانت في المدن أو في الأرياف، وهو ما أكده كذلك خلال إشرافه العام الماضي وتحديدا يوم 13 أوت 2023 بمنطقة البطان من ولاية منوبة على إحداث أول شركة أهلية فلاحية نسائية تحت اسم "الكادحات".
هذا وأمضت آمال بلحاج موسى، وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، وعبد المنعم بلعاتي وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، يوم 5 جانفي 2024، على اتفاقيّة شراكة بين الوزارتين في مجال دعم التمكين الاقتصادي لفائدة النّساء والفتيات والأسر في القطاع الفلاحيّ.
لكن رغم كل هذا يبقى إصلاح واقع العاملات في القطاع الفلاحي، وإصلاح القطاع وهيكلته وتفعيل هياكل الرقابة والاعتراف القانوني بالعمالة فيه، وإرساء أسس ومنظومات تكفل كرامة وحقوق هذه الفئة الشغيلة وتوفر لها آليات الحماية والإدماج والتمكين من اوكد الأولويات.
الاعتراف بحقوق النساء العاملات في القطاع الفلاحي لا بد أن يكون مدعوما بمقاربات وسياسات تليق بدور المرأة الريفية وتحميها من كل أشكال العنف المسلط عليها وتمكنها من الولوج الى الموارد الاقتصادية والمالية وتوفر لها آليات الحماية الاجتماعية وتضمن لها حقوقها وكرامتها، فهل سيأتي العيد الوطني للمرأة اليوم بالجديد!؟.