إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الرئيس قيس سعيد يجدد الدعوة إلى إلغاء المناولة.. أية آليات سيتم اعتمادها وأي مصير للعاملات والعمال؟

 

تونس -الصباح

من جديد أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقائه برئيس الحكومة كمال المدوري، على ضرورة تعديل مجلة الشغل والقطع نهائيا مع العمل بمناولة اليد العاملة وعقود الشغل المحدودة في الزمن، معتبرا أن الأحكام التي مازالت سارية المفعول ترتقي إلى مرتبة جرائم الاتجار بالبشر. وهي دعوى سبق وأن نبه إليها الرئيس في مناسبتين سابقتين. وأصدر في شأنها وزير الشؤون الاجتماعية الأسبق بلاغ حجر خلاله العمل بالمناولة في المؤسسات والمنشآت العمومية، هذا إلى جانب تنظيم جلسة عمل وزارية بإشراف رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني بحضور كل من وزيرة المالية، ووزير الشؤون الاجتماعية ووزير التشغيل والتكوين المهني..، لكن مع ذلك لم يسجل أي تقدم يذكر في الملف، على امتداد الأشهر السابقة ولم يصدر عن الحكومة أو وزارة الشؤون الاجتماعية أو رئاسة الجمهورية أي نص قانوني أو مرسوم أو أمر، ينظم مسار إلغاء العمل بالمناولة في القطاع العمومي والمنشآت ومآل المعنيين به من عاملات وعمال.

ويعود اعتماد آلية العمل بالمناولة في تونس إلى أواخر التسعينات، مع صدور المنشور 35 المؤرخ في 30 جويلية سنة 1999 المتعلق بالمناولة. ورغم أنه تم سنة 2011، إلغاء العمل بالمناولة وإدماج العاملين والعاملات في المؤسسات المشغلة لهم اثر إمضاء اتفاق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي، تمت العودة إلى العمل بهذه الآلية الشغلية الهشة في أقل من سنة.

والمناولة في القانون التونسي هو عقد ثلاثي الأبعاد، يتم بين الطرف المشغل والطرف طالب الخدمة والعامل، ويقوم خلاله العامل بالخدمة لفائدة طرف ليس له به علاقة شغلية بل كل ارتباطه الشغلي يعود إلى المؤسسة التي انتدبته. وبالتالي فأجره وأيام عطلة وساعات عمله جميعها لا ترتبط بالشركة التي تشغله وتنتفع من جهده، وإنما مرتبطة بالمؤسسة الثانية. وبالتالي فإن شركات المناولة هي شركات تضارب على أتعاب الآخرين وهي شركة تأخذ من حقوق العامل ومن جهده وتقسم معه أجره. بل أنها في غالب الحالات المسجلة يكون لها النصيب الأكبر من الأجر مقابل تمكين العامل من أجر بسيط تكون قيمته في حدود الأجر الأدنى المضمون أو أقل.

وتقدم شركات المناولة خدمات تهم أشغال الصيانة والتنظيف والحراسة وغيرها، في إطار تركيز المؤسسة على مهامها الأساسية بعيدا عن المهام الثانوية التي تثقل التصرف داخلها.

ويعتبر حسين الرحيلي متخصص في مسائل التنمية والتصرف في الموارد، تمشي الدولة نحو إلغاء عقود المناولة، يعود إلى ردة فعل على عقود عمل هشة دون تقييم أو دراسة جدية للمناولة وتاريخها وفوائدها.

وشدد الرحيلي، على ضرورة ضمان الرقابة اللازمة على شركات المناولة لضمان ظروف عمل لائقة لعمال المناولة، محمّلا في هذا الإطار الدولة التونسية المسؤولية الكاملة في تأطير العملية الشغلية.

ودعا في الإطار، رئيس الجمهورية قيس سعيّد، إلى فتح حوار بين كل الفاعلين حول أوضاع العمال وإعداد شركات المناولة وما يمكن ربحه وخسارته من هذا الملف والتوجه القادم سواء في القطاع العمومي أو الخاص.

وأوضح في نفس التصريح إلى أنّ عقود المناولة موجودة في مختلف دول العالم، ففي فرنسا مثلا 30% من المؤسسات تعمل بالمناولة، والمهم هو كيف تضمن هذه المؤسسات حقوق العاملين فيها.

ومن جانبه أفاد رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن دعوة الرئيس للعودة لمكسب القطع مع آلية التشغيل الهش، لم يوضح في شأنه مصير العمال والعاملات الذين يشتغلون اليوم في مؤسسات الدولة بصيغة المناولة. هل سيقع التخلي عنهم أو إدماجهم؟ ونظرا إلى أن هامش التحرك بالنسبة لرئيس الجمهورية يبقى مرتبطا بميزانية الدولة، فمن المهم توضيح آليات إلغاء كل أشكال العمل الهش خاصة أن الحكومات المتعاقبة قلصت من إمكانيات الانتداب بشكل كبير للغاية منذ سنوات.

واعتبر بن عمر أن رئيس الجمهورية الذي دعا صراحة إلى القطع مع المناولة والعمل الهش، ورأى أن من حق العامل أن يعمل في ظل نظام قانوني يمكنه لا من الأجر العادل فقط بل من الشعور بالاطمئنان والاستقرار والتمتع بالتغطية الاجتماعية، يجعله مطالب بتقديم برنامج عمل واضح للقطع نهائيا مع المناولة أو التشغيل الهش الذي تحول إلى سياسة دولة في قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة.

ورأى المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن هياكل الدولة ومختلف الوزارات، مطالبة اليوم بتقديم خارطة طريق لتنفيذ ما ورد في تصريح رئيس الجمهورية، حتى لا يتحول ما قيل إلى مجرد عملية دعائية ومسكنات وإطلاق لشعارات غير قابلة للتطبيق. وشدد على أن من دور رئيس الجمهورية إجبار مؤسسات الدولة على الإيفاء بتعهداتها في علاقة بملف العمل الهش من عمال حضائر وأساتذة ومعلمين نواب وغيرهم.. والقطع نهائيا مع آلية المناولة ومختلف الآليات التي تشبهها وتتفنن في انتهاك حقوق العمال وسرقة جهدهم.

وتجدر الإشارة إلى أن الوضع في علاقة بالعمل الهش يكون أكثر استغلالا وانتهاكا وسوء باعتماد المناولة في القطاع الخاص، أين يتم فيه التأجير الأضعف على الإطلاق دون تغطية اجتماعية أو صحية أو أيام عطل. ويشمل ذلك عاملات الفلاحة والعاملات المنزليات وعمال المهن الحرة كالبناء والعاملين في مؤسسات حرفية والنجارة والحدادة وتصليح السيارات.

وتقول منظمة العمل الدولية في هذا الصدد إن العمالة الهشة بصدد مواجهة صعوبات أكبر في ممارسة حقوقها، لاسيما في الانضمام إلى نقابة أو التفاوض بشكل جماعي لتحسين الأجور وظروف العمل. كما تعد معدلات الإصابة أعلى في أوساط العمالة الهشة، وغالباً ما يعود ذلك للافتقار للتدريب في موقع العمل الذي يتوفر للموظفين الدائمين.

وتشير المنظمة إلى أن الوظائف الهشة ووظائف القطاع غير المنظم لا تزال العمل الوحيد المتاح لكثير من الناس في دول العالم الثالث. وتوصف هذه الوظائف في أغلب الحالات بتدني الأجور، وضعف استقرار الوظيفة، وظروف العمل السيئة، وقلة الحماية الاجتماعية أو انعدامها.

وجاء في التقرير الذي أعده قسم البحوث في منظمة العمل الدولية أنه "من الضروري إخراج عدد أكبر من العمال خارج القطاع غير المنظم بهدف تحسين ظروف العمل وتوليد إيرادات ضريبية تحتاجها الحكومة لتعزيز أنظمة الرعاية الاجتماعية. وفي هذا الصدد، يرتبط خفض عدد العمال الفقراء ارتباطا وثيقا بتراجع نسبة العاملين في القطاع غير المنظم".

ريم سوودي

 

 

 

الرئيس قيس سعيد يجدد الدعوة إلى إلغاء المناولة..   أية آليات سيتم اعتمادها وأي مصير للعاملات والعمال؟

 

تونس -الصباح

من جديد أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقائه برئيس الحكومة كمال المدوري، على ضرورة تعديل مجلة الشغل والقطع نهائيا مع العمل بمناولة اليد العاملة وعقود الشغل المحدودة في الزمن، معتبرا أن الأحكام التي مازالت سارية المفعول ترتقي إلى مرتبة جرائم الاتجار بالبشر. وهي دعوى سبق وأن نبه إليها الرئيس في مناسبتين سابقتين. وأصدر في شأنها وزير الشؤون الاجتماعية الأسبق بلاغ حجر خلاله العمل بالمناولة في المؤسسات والمنشآت العمومية، هذا إلى جانب تنظيم جلسة عمل وزارية بإشراف رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني بحضور كل من وزيرة المالية، ووزير الشؤون الاجتماعية ووزير التشغيل والتكوين المهني..، لكن مع ذلك لم يسجل أي تقدم يذكر في الملف، على امتداد الأشهر السابقة ولم يصدر عن الحكومة أو وزارة الشؤون الاجتماعية أو رئاسة الجمهورية أي نص قانوني أو مرسوم أو أمر، ينظم مسار إلغاء العمل بالمناولة في القطاع العمومي والمنشآت ومآل المعنيين به من عاملات وعمال.

ويعود اعتماد آلية العمل بالمناولة في تونس إلى أواخر التسعينات، مع صدور المنشور 35 المؤرخ في 30 جويلية سنة 1999 المتعلق بالمناولة. ورغم أنه تم سنة 2011، إلغاء العمل بالمناولة وإدماج العاملين والعاملات في المؤسسات المشغلة لهم اثر إمضاء اتفاق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي، تمت العودة إلى العمل بهذه الآلية الشغلية الهشة في أقل من سنة.

والمناولة في القانون التونسي هو عقد ثلاثي الأبعاد، يتم بين الطرف المشغل والطرف طالب الخدمة والعامل، ويقوم خلاله العامل بالخدمة لفائدة طرف ليس له به علاقة شغلية بل كل ارتباطه الشغلي يعود إلى المؤسسة التي انتدبته. وبالتالي فأجره وأيام عطلة وساعات عمله جميعها لا ترتبط بالشركة التي تشغله وتنتفع من جهده، وإنما مرتبطة بالمؤسسة الثانية. وبالتالي فإن شركات المناولة هي شركات تضارب على أتعاب الآخرين وهي شركة تأخذ من حقوق العامل ومن جهده وتقسم معه أجره. بل أنها في غالب الحالات المسجلة يكون لها النصيب الأكبر من الأجر مقابل تمكين العامل من أجر بسيط تكون قيمته في حدود الأجر الأدنى المضمون أو أقل.

وتقدم شركات المناولة خدمات تهم أشغال الصيانة والتنظيف والحراسة وغيرها، في إطار تركيز المؤسسة على مهامها الأساسية بعيدا عن المهام الثانوية التي تثقل التصرف داخلها.

ويعتبر حسين الرحيلي متخصص في مسائل التنمية والتصرف في الموارد، تمشي الدولة نحو إلغاء عقود المناولة، يعود إلى ردة فعل على عقود عمل هشة دون تقييم أو دراسة جدية للمناولة وتاريخها وفوائدها.

وشدد الرحيلي، على ضرورة ضمان الرقابة اللازمة على شركات المناولة لضمان ظروف عمل لائقة لعمال المناولة، محمّلا في هذا الإطار الدولة التونسية المسؤولية الكاملة في تأطير العملية الشغلية.

ودعا في الإطار، رئيس الجمهورية قيس سعيّد، إلى فتح حوار بين كل الفاعلين حول أوضاع العمال وإعداد شركات المناولة وما يمكن ربحه وخسارته من هذا الملف والتوجه القادم سواء في القطاع العمومي أو الخاص.

وأوضح في نفس التصريح إلى أنّ عقود المناولة موجودة في مختلف دول العالم، ففي فرنسا مثلا 30% من المؤسسات تعمل بالمناولة، والمهم هو كيف تضمن هذه المؤسسات حقوق العاملين فيها.

ومن جانبه أفاد رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن دعوة الرئيس للعودة لمكسب القطع مع آلية التشغيل الهش، لم يوضح في شأنه مصير العمال والعاملات الذين يشتغلون اليوم في مؤسسات الدولة بصيغة المناولة. هل سيقع التخلي عنهم أو إدماجهم؟ ونظرا إلى أن هامش التحرك بالنسبة لرئيس الجمهورية يبقى مرتبطا بميزانية الدولة، فمن المهم توضيح آليات إلغاء كل أشكال العمل الهش خاصة أن الحكومات المتعاقبة قلصت من إمكانيات الانتداب بشكل كبير للغاية منذ سنوات.

واعتبر بن عمر أن رئيس الجمهورية الذي دعا صراحة إلى القطع مع المناولة والعمل الهش، ورأى أن من حق العامل أن يعمل في ظل نظام قانوني يمكنه لا من الأجر العادل فقط بل من الشعور بالاطمئنان والاستقرار والتمتع بالتغطية الاجتماعية، يجعله مطالب بتقديم برنامج عمل واضح للقطع نهائيا مع المناولة أو التشغيل الهش الذي تحول إلى سياسة دولة في قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة.

ورأى المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن هياكل الدولة ومختلف الوزارات، مطالبة اليوم بتقديم خارطة طريق لتنفيذ ما ورد في تصريح رئيس الجمهورية، حتى لا يتحول ما قيل إلى مجرد عملية دعائية ومسكنات وإطلاق لشعارات غير قابلة للتطبيق. وشدد على أن من دور رئيس الجمهورية إجبار مؤسسات الدولة على الإيفاء بتعهداتها في علاقة بملف العمل الهش من عمال حضائر وأساتذة ومعلمين نواب وغيرهم.. والقطع نهائيا مع آلية المناولة ومختلف الآليات التي تشبهها وتتفنن في انتهاك حقوق العمال وسرقة جهدهم.

وتجدر الإشارة إلى أن الوضع في علاقة بالعمل الهش يكون أكثر استغلالا وانتهاكا وسوء باعتماد المناولة في القطاع الخاص، أين يتم فيه التأجير الأضعف على الإطلاق دون تغطية اجتماعية أو صحية أو أيام عطل. ويشمل ذلك عاملات الفلاحة والعاملات المنزليات وعمال المهن الحرة كالبناء والعاملين في مؤسسات حرفية والنجارة والحدادة وتصليح السيارات.

وتقول منظمة العمل الدولية في هذا الصدد إن العمالة الهشة بصدد مواجهة صعوبات أكبر في ممارسة حقوقها، لاسيما في الانضمام إلى نقابة أو التفاوض بشكل جماعي لتحسين الأجور وظروف العمل. كما تعد معدلات الإصابة أعلى في أوساط العمالة الهشة، وغالباً ما يعود ذلك للافتقار للتدريب في موقع العمل الذي يتوفر للموظفين الدائمين.

وتشير المنظمة إلى أن الوظائف الهشة ووظائف القطاع غير المنظم لا تزال العمل الوحيد المتاح لكثير من الناس في دول العالم الثالث. وتوصف هذه الوظائف في أغلب الحالات بتدني الأجور، وضعف استقرار الوظيفة، وظروف العمل السيئة، وقلة الحماية الاجتماعية أو انعدامها.

وجاء في التقرير الذي أعده قسم البحوث في منظمة العمل الدولية أنه "من الضروري إخراج عدد أكبر من العمال خارج القطاع غير المنظم بهدف تحسين ظروف العمل وتوليد إيرادات ضريبية تحتاجها الحكومة لتعزيز أنظمة الرعاية الاجتماعية. وفي هذا الصدد، يرتبط خفض عدد العمال الفقراء ارتباطا وثيقا بتراجع نسبة العاملين في القطاع غير المنظم".

ريم سوودي