إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وفق "خارطة طريق" حددها رئيس الجمهورية في لقائه مع رئيس الحكومة الجديد.. الطابع الاجتماعي والخدماتي شعار المرحلة.. وبرنامج حكومي لا يتقيد بالزمن الانتخابي

 

إجراءات عاجلة لتحسين خدمات الصحة والتعليم والنقل.. وخطط إصلاح على مدى بعيد من أبرز ملامح البرنامج

تونس الصباح

شكل لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس الحكومة الجديد كمال المدوري أول أمس بقصر قرطاج، إطارا ضبطت خلاله خارطة طريق العمل الحكومي في الفترة القادمة. وعلى عكس ما تفرضه الفترات الانتخابية على الحكومات من حالة ركود، جاءت توصيات الرئيس قيس سعيد بجملة من النقاط التي يمكن اعتبارها برنامج عمل حكومي لا يبدو أنه مقيد زمنيا بالفترة المتبقية من المدة الرئاسية الحالية (تنتظم الانتخابات الرئاسية يوم 6 أكتوبر القادم).

 ومن النقاط الواردة في هذا البرنامج نجد مسألة سد الشغورات وإجراء التحويرات الوزارية التي يتوجب إدخالها على التركيبة الحكومية، مع التركيز وإعطاء أولوية للملف الاجتماعي عبر إنقاذ المرافق العمومية كالصحة والتعليم والنقل وغيرها، باتخاذ إجراءات عاجلة ووضع خطط مستقبلية للإصلاح بعد "الخراب" الذي أصاب جل هذه المرافق.

وفي قراءته لتوصيات الرئيس لرئيس الحكومة الجديد، أفاد مراد علالة الكاتب الصحفي والباحث في العلوم السياسية، في تصريحه لـ"الصباح"، أن توصيف الحكومة في تونس في اللحظة الراهنة والحديث عن دورها وعمرها الافتراضي يقتضي التوقف عند مسألتين مهمتين، فبداية، هذه هي المرة الأولى التي يتحدّث فيها رئيس الجمهورية مع رئيس حكومته في سدّ الشغورات والتحويرات في تركيبة الحكومة وهذه مسائل كانت دائما اختصاصا حصريا لساكن قرطاج وفق الممارسة وبالاستناد إلى دستوره الجديد.

وثانيا، الحديث عن الانسجام والتناغم في العمل الحكومي ومساعدة رئيس الجمهورية في ممارسة الوظيفة التنفيذية مكرّر أمام رئيس الحكومة الجديد، كمال المدوري اليوم وهو سبب من أسباب تنحية أحمد الحشاني وقبله نجلاء بودن وعدد من الوزراء الذين لم يستوعبوا أيضا مقولات رئيس الجمهورية بخصوص الدور الاجتماعي للدولة وخدمة المواطنين وإصلاح الإدارة ومحاربة الفساد في زمن انتخابي دقيق يتم فيه تقييم حصاد الحكم بشكل عام وبالتالي نحن إزاء تذكير وتحذير.

وأضاف محدثنا "هكذا إذن يرسم الرئيس قيس سعيد المترشح لولاية ثانية، مربّع عمل الحكومة ويضبط حدودها ودورها بمنطق الاستشراف والاستمرار وكأنّنا به ينظر إلى ما بعد السادس من أكتوبر، ومن هذا المنطلق لا يجوز الحديث في تقديرنا عن حكومة تصريف أعمال أو حكومة مؤقتة أو حكومة انتخابات فقط، وإنما "حكومة موظفين" ستؤمّن مع رأس الوظيفة التنفيذية ما أسماه "العبور" والشروع في "البناء"، وسيتواصل دون أدنى شك نهج الغربلة والتخلّص من أي عنصر لا ينضبط ولا يتناغم مع العمل الحكومي والمشروع الرئاسي."

والفرق حسب الباحث في العلم السياسية،"بين "الكاستينغ" الحكومي هذه المرة مقارنة بالمرات السابقة هو الحرص على جودة اختيار "الموظفين" نظرا لتكرار الانتدابات الفاشلة في السابق وهو أمر لم يعد مستساغا ولا مبررا، دون أن ننسى ترضية الأنصار ولو معنويا ومواصلة تسجيل النقاط تجاه الخصوم."

واعتبر مراد علالة أن""تلبيس" الحكومة الطابع الخدماتي والاجتماعي سيكون شعار المرحلة، لترميم صورة الحكم التي يجمع الكثيرون على أنها تعكس استمرار الأزمة المركّبة الجاثمة التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد ذات يوم خصوصا في بعدها الاقتصادي والاجتماعي، وهذا البعد بالذات خلافا للبعد السياسي ربما ليس من اليسير ضمان صبر التونسيين وتضحياتهم بسببه وهو ما جعل رئيس الدولة هذه المرة أحرص على ضخّ جرعة قوية من الدماء الجديدة في الوظيفة التنفيذية في الشكل والمضمون."

ويعتبر من جانبه حسان عيادي الصحفي والمحلل السياسي، أن المدوري يعد رئيس الحكومة الثالث المعين من قبل الرئيس الذي يدعوه إلى ضرورة تحقيق الانسجام بين حكومته ومؤسسة الرئاسة، وهي دعوة قد نتفهمها خلال فترة تولي نجلاء بودن التي تزامنت مع الاستفتاء مع دستور 2022 ومن الوارد أن لا يكون استيعابها مباشرا لما جاء به دستور الرئيس من مخرجات، لكن أن يعيد نفس الدعوة مع رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني ومع رئيس الحكومة الحالي كمال المدروي فهو ما يعكس إشكالا ويجعل الرئيس في مواجهة معضلة، فإما أن من يختارهم لا يتقاسمون معه نفس الرؤية والمشروع وغير مستوعبين للتغيير الذي يريد تحقيقه بدستور 2022، أو هو أمام فرق حكومية أضعف من أن تصارحه بحقيقة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وأن القدرة على تحقيق ما يصبو إليه الرئيس صعب، والوضع مختلف عما يعتقده، ولا وجود لنصوص قانونية جديدة لتسهيل ذلك والإمكانيات غير موجودة لتحقيق ما يصبو له الرئيس من إنجازات.

ويقول العيادي حول تزامن توصيات الرئيس مع ظرف تتجه خلاله البلاد نحو انتخابات رئاسية، إنه وفي سياق طبيعي للديمقراطية ونظام التداول على الحكم عبر انتخابات ونتائج الصندوق، لا يكون لنا أي علم بالرابح، وتكون هذه الفترة، شهرين قبل موعد استفتاء الشعب من جديد في خصوص منصب الرئيس، ولا يتم خلالها وضع أو الإعلان عن برامج عمل أو استراتيجيات كبرى حكومية. ويشير في السياق ذاته إلى أنه في وضعنا الحالي، الرئيس يتعامل على أن مهمته متواصلة، حيث قام بإقالة وتكليف رئيس حكومة جديد قبل شهرين من الانتخابات وهو أمر ليس دارج في العرف الديمقراطي، الذي في مثل هذه السياقات تكون فيه الحكومات بما فيها مؤسسة الرئاسة والرئيس، في حالة تسيير الأعمال إلى غاية تنظيم الانتخابات التي تكون فيها الكلمة للشعب في اختيار رئيس جديد للبلاد.

ونبه العيادي في السياق ذاته، إلى أننا مع الرئيس قيس سعيد، أمام مقاربة غير تقليدية، يتم فيها إدارة الشأن العام أيضا بطريقة غير تقليدية، يمكن قراءتها من زوايا مختلفة. يمكن أن نقرأها من زاوية أنه من غير المعتاد أن يقوم فيها رئيس دولة بتسطير الخطوط الكبرى لسياسات الدولة في نهاية ولايته، ويمكن أيضا أن نقرأها من زاوية أخرى – نأخذ بعين الاعتبار محدودية المعطيات المتوفرة عن أسباب إقالة الحشاني- ونقول أن التغيير الذي أقدم عليه الرئيس يمكن أن يتنزل في إطار مهام ثورية لحكم غير تقليدي.

ريم سوودي

 

 

وفق "خارطة طريق" حددها رئيس الجمهورية في لقائه مع رئيس الحكومة الجديد..   الطابع الاجتماعي والخدماتي شعار المرحلة.. وبرنامج حكومي لا يتقيد بالزمن الانتخابي

 

إجراءات عاجلة لتحسين خدمات الصحة والتعليم والنقل.. وخطط إصلاح على مدى بعيد من أبرز ملامح البرنامج

تونس الصباح

شكل لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس الحكومة الجديد كمال المدوري أول أمس بقصر قرطاج، إطارا ضبطت خلاله خارطة طريق العمل الحكومي في الفترة القادمة. وعلى عكس ما تفرضه الفترات الانتخابية على الحكومات من حالة ركود، جاءت توصيات الرئيس قيس سعيد بجملة من النقاط التي يمكن اعتبارها برنامج عمل حكومي لا يبدو أنه مقيد زمنيا بالفترة المتبقية من المدة الرئاسية الحالية (تنتظم الانتخابات الرئاسية يوم 6 أكتوبر القادم).

 ومن النقاط الواردة في هذا البرنامج نجد مسألة سد الشغورات وإجراء التحويرات الوزارية التي يتوجب إدخالها على التركيبة الحكومية، مع التركيز وإعطاء أولوية للملف الاجتماعي عبر إنقاذ المرافق العمومية كالصحة والتعليم والنقل وغيرها، باتخاذ إجراءات عاجلة ووضع خطط مستقبلية للإصلاح بعد "الخراب" الذي أصاب جل هذه المرافق.

وفي قراءته لتوصيات الرئيس لرئيس الحكومة الجديد، أفاد مراد علالة الكاتب الصحفي والباحث في العلوم السياسية، في تصريحه لـ"الصباح"، أن توصيف الحكومة في تونس في اللحظة الراهنة والحديث عن دورها وعمرها الافتراضي يقتضي التوقف عند مسألتين مهمتين، فبداية، هذه هي المرة الأولى التي يتحدّث فيها رئيس الجمهورية مع رئيس حكومته في سدّ الشغورات والتحويرات في تركيبة الحكومة وهذه مسائل كانت دائما اختصاصا حصريا لساكن قرطاج وفق الممارسة وبالاستناد إلى دستوره الجديد.

وثانيا، الحديث عن الانسجام والتناغم في العمل الحكومي ومساعدة رئيس الجمهورية في ممارسة الوظيفة التنفيذية مكرّر أمام رئيس الحكومة الجديد، كمال المدوري اليوم وهو سبب من أسباب تنحية أحمد الحشاني وقبله نجلاء بودن وعدد من الوزراء الذين لم يستوعبوا أيضا مقولات رئيس الجمهورية بخصوص الدور الاجتماعي للدولة وخدمة المواطنين وإصلاح الإدارة ومحاربة الفساد في زمن انتخابي دقيق يتم فيه تقييم حصاد الحكم بشكل عام وبالتالي نحن إزاء تذكير وتحذير.

وأضاف محدثنا "هكذا إذن يرسم الرئيس قيس سعيد المترشح لولاية ثانية، مربّع عمل الحكومة ويضبط حدودها ودورها بمنطق الاستشراف والاستمرار وكأنّنا به ينظر إلى ما بعد السادس من أكتوبر، ومن هذا المنطلق لا يجوز الحديث في تقديرنا عن حكومة تصريف أعمال أو حكومة مؤقتة أو حكومة انتخابات فقط، وإنما "حكومة موظفين" ستؤمّن مع رأس الوظيفة التنفيذية ما أسماه "العبور" والشروع في "البناء"، وسيتواصل دون أدنى شك نهج الغربلة والتخلّص من أي عنصر لا ينضبط ولا يتناغم مع العمل الحكومي والمشروع الرئاسي."

والفرق حسب الباحث في العلم السياسية،"بين "الكاستينغ" الحكومي هذه المرة مقارنة بالمرات السابقة هو الحرص على جودة اختيار "الموظفين" نظرا لتكرار الانتدابات الفاشلة في السابق وهو أمر لم يعد مستساغا ولا مبررا، دون أن ننسى ترضية الأنصار ولو معنويا ومواصلة تسجيل النقاط تجاه الخصوم."

واعتبر مراد علالة أن""تلبيس" الحكومة الطابع الخدماتي والاجتماعي سيكون شعار المرحلة، لترميم صورة الحكم التي يجمع الكثيرون على أنها تعكس استمرار الأزمة المركّبة الجاثمة التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد ذات يوم خصوصا في بعدها الاقتصادي والاجتماعي، وهذا البعد بالذات خلافا للبعد السياسي ربما ليس من اليسير ضمان صبر التونسيين وتضحياتهم بسببه وهو ما جعل رئيس الدولة هذه المرة أحرص على ضخّ جرعة قوية من الدماء الجديدة في الوظيفة التنفيذية في الشكل والمضمون."

ويعتبر من جانبه حسان عيادي الصحفي والمحلل السياسي، أن المدوري يعد رئيس الحكومة الثالث المعين من قبل الرئيس الذي يدعوه إلى ضرورة تحقيق الانسجام بين حكومته ومؤسسة الرئاسة، وهي دعوة قد نتفهمها خلال فترة تولي نجلاء بودن التي تزامنت مع الاستفتاء مع دستور 2022 ومن الوارد أن لا يكون استيعابها مباشرا لما جاء به دستور الرئيس من مخرجات، لكن أن يعيد نفس الدعوة مع رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني ومع رئيس الحكومة الحالي كمال المدروي فهو ما يعكس إشكالا ويجعل الرئيس في مواجهة معضلة، فإما أن من يختارهم لا يتقاسمون معه نفس الرؤية والمشروع وغير مستوعبين للتغيير الذي يريد تحقيقه بدستور 2022، أو هو أمام فرق حكومية أضعف من أن تصارحه بحقيقة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وأن القدرة على تحقيق ما يصبو إليه الرئيس صعب، والوضع مختلف عما يعتقده، ولا وجود لنصوص قانونية جديدة لتسهيل ذلك والإمكانيات غير موجودة لتحقيق ما يصبو له الرئيس من إنجازات.

ويقول العيادي حول تزامن توصيات الرئيس مع ظرف تتجه خلاله البلاد نحو انتخابات رئاسية، إنه وفي سياق طبيعي للديمقراطية ونظام التداول على الحكم عبر انتخابات ونتائج الصندوق، لا يكون لنا أي علم بالرابح، وتكون هذه الفترة، شهرين قبل موعد استفتاء الشعب من جديد في خصوص منصب الرئيس، ولا يتم خلالها وضع أو الإعلان عن برامج عمل أو استراتيجيات كبرى حكومية. ويشير في السياق ذاته إلى أنه في وضعنا الحالي، الرئيس يتعامل على أن مهمته متواصلة، حيث قام بإقالة وتكليف رئيس حكومة جديد قبل شهرين من الانتخابات وهو أمر ليس دارج في العرف الديمقراطي، الذي في مثل هذه السياقات تكون فيه الحكومات بما فيها مؤسسة الرئاسة والرئيس، في حالة تسيير الأعمال إلى غاية تنظيم الانتخابات التي تكون فيها الكلمة للشعب في اختيار رئيس جديد للبلاد.

ونبه العيادي في السياق ذاته، إلى أننا مع الرئيس قيس سعيد، أمام مقاربة غير تقليدية، يتم فيها إدارة الشأن العام أيضا بطريقة غير تقليدية، يمكن قراءتها من زوايا مختلفة. يمكن أن نقرأها من زاوية أنه من غير المعتاد أن يقوم فيها رئيس دولة بتسطير الخطوط الكبرى لسياسات الدولة في نهاية ولايته، ويمكن أيضا أن نقرأها من زاوية أخرى – نأخذ بعين الاعتبار محدودية المعطيات المتوفرة عن أسباب إقالة الحشاني- ونقول أن التغيير الذي أقدم عليه الرئيس يمكن أن يتنزل في إطار مهام ثورية لحكم غير تقليدي.

ريم سوودي