قامت وحدات الحرس الوطني مؤخرا بحملة على المتسولين وتمكنت من الإطاحة بشبكة مختصة في التسول وينشط صلبها العديد من الأطراف من بينهم نساء ورجال.
مفيدة القيزاني
وتعد ظاهرة التسول من الظواهر الخطيرة التي تنخر المجتمع وتندرج ضمن جرائم الاتجار بالبشر وقد تم الكشف عن أرقام مفزعة بينها التقرير الوطني حول مكافحة الاتجار بالأشخاص لسنة 2021 أنه تم تسجيل 1100 ضحية للاتجار بالأشخاص ثلثهم من النساء وأكثر من نصفهم أطفالا كما تم تسجيل ارتفاع في حالات محاولة الاتجار وحالات بيع الأطفال حيث بلغت 26 حالة وعدد حالات استغلال الأطفال في الأنشطة الإجرامية بلغ 149 حالة حيث يبقى الأطفال هم الفئة الأكثر هشاشة المستضعفة والمستهدفة والانتهاكات المرتكبة ضدهم في تزايد مستمر.
الإطاحة بعصابات التسول..
تمت الإطاحة بعدد من العصابات في إطار التصدي للمظاهر المخلة بالأمن العام ومكافحة ظاهرة الاستغلال الاقتصادي للأطفال وحمايتهم من كل أشكال التهديد حيث نظمت الإدارة الفرعية للوقاية الاجتماعية بإدارة الشرطة العدلية في وقت سابق حملة أمنية بولايات تونس الكبرى أفضت إلى ضبط أربعة أطفال يتم استغلالهم في بيع أزهار الياسمين من قبل أفراد من عائلاتهم الذين تم سماعهم ضمن محاضر عدلية.
وبالتنسيق مع النيابة العمومية بتونس أذنت بإحالتهم على أنظارها بحالة تقديم من أجل جرائم الاتجار بالأشخاص بالاستغلال الاقتصادي لطفل كما أمكن لأعوان ذات الإدارة الفرعية ضبط شخص أجنبي الجنسية بصدد استغلال زوجته وابنه في التسول بجهة المرسى.
كما أنه بتمشيط الحدائق العمومية والبنايات المهجورة بالعاصمة أمكن رصد امرأتين بصدد التسكع مرفوقتين بأطفالهما القصر وباستشارة النيابة العمومية بتونس أذنت بتحرير محاضر إرشادية في شأنهم وإبقائهم بحالة سراح ، كما تمت مكاتبة مندوبي حماية الطفولة المختصين وأقسام النهوض الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية للتعهد بوضعياتهم الاجتماعية.
وكانت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقيروان أذنت بإيقاف كهل من أجل الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال القصر بعد إلقاء القبض عليه من قبل الوحدات الأمنية على متن سيارة أجرة "لواج" ومعه 7 أطفال تتراوح أعمارهم بين 9 و 13 سنة وذلك أثناء رجوعهم إلى معتمدية حاسي الفريد من ولاية القصرين بعد أن قضوا مدة 15 يوما بولاية سوسة يعملون في مجال التسوّل.
وتعهّدت الفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل بالقيروان بالبحث والتحري في الحادثة وتبيّن أن الكهل يستغل بصفة مستمرة القصر وخصص مستودع على وجه الكراء بولاية سوسة للمبيت بداخله برفقة الأطفال وينشط ضمن عصابة مختصة في الاتجار بالقصر واستغلالهم في التسوّل.
تصنيف تونس..
تصنف تونس حاليا ضمن الفئة الثانية في مسألة الاتجار بالبشر والتي تحتوي على 99 دولة، ولم تكن بلادنا مصنفة في بداية اعتماد تصنيف تقرير الاتجار بالبشر وظهرت كحالة خاصة في 2003 و2005 و2007 و2008 بسبب نقص المعلومات ذات الصلة والموثقة عن الاتجار بالبشر، ومنذ سنة 2009 تم تصنيف تونس في الفئة الثانية.
ويعد اتجارا بالأشخاص استقطاب أو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو تحويل وجهتهم أو ترحيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم باستعمال القوة أو السلاح أو التهديد بهما أو غير ذلك من أشكال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال حالة استضعاف أو استغلال نفوذ أو تسليم أو قبول مبالغ مالية أو مزايا أو عطايا أو وعود بعطايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر وذلك بقصد الاستغلال أيا كانت صوره سواء من طرف مرتكب تلك الأفعال أو بوضعه على ذمة الغير لاستغلاله.
ويشمل الاستغلال استغلال بغاء الغير أو دعارته أو غيرها من أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو التسول أو نزع الأعضاء أو الأنسجة أو الخلايا أو الأمشاج أو الأجنة أو جزء منها أو غيرها من أشكال الاستغلال الأخرى.
التسول والاتجار بالبشر..
يعد الاتجار بالبشر من أقدم الممارسات البشرية ذات السمعة السيئة والأثر البالغ على الإنسانية التي لا تزال قائمة إلى عصرنا هذا.
ويرى الباحث في القانون القاضي جابر غنيمي انها بعد أن كانت تقتصر على تجارة الرقيق الذين يتم بيعهم في سوق النخاسة بعد أسرهم في الحروب أو بعد خطفهم من ذويهم، تطورت الآن – بعد أن ألغي وجُرِّم الرّق- وأصبحت ذات أبعاد وصور كثيرة، يُمتهن فيها الإنسان (النساء والأطفال على الخصوص)، ويُستغل، ويُذل، بشتى أنواع التصرفات والممارسات، ويُتعامل به كبضاعة منزوعة الإنسانية، من قبل مجموعات إجرامية منظمة تنشط بشكل سرّي في مختلف أنحاء العالم، فلا تقف عند حدود دولة ما بل تتعداها لتنفث سمومها وآثارها السلبية الجسيمة فيها، فظاهرة الاتجار بالبشر إذن هي ظاهرة دولية لا تقتصر على دولة معينة، إنما تمتد لتتخطى الحدود الجغرافية، وتشمل العديد من الدول مع اختلاف في أنماطها وصورها طبقاً لرؤية كل دولة لمفهوم هذه الظاهرة ومدى احترامها لحقوق الإنسان...
ويعد الاتجار بالأشخاص مظهرا خطيرا من مظاهر انتهاك حقوق الإنسان وأعنف أشكال التعدي على كرامة الذات البشرية، و رم إلغاء العبودية في شكلها التقليدي المؤسس على ملكية الذات البشرية فإن ذلك لم يمنع من ظهور ممارسات شبيهة بالرق تقوم على إجبار شخص على تقديم جسده أو عمله للغير على غرار العمل القسري أو السخرة أو الدعارة. ونظرا للتفاوت الاقتصادي بين الدول والتسارع نحو تحقيق الأرباح المالية اتخذت هذه الجريمة أشكالا مستحدثة تقوم على استغلال الذات البشرية استغلالا فاحشا للانتفاع بجسدها أو بجهدها في ظروف مهينة وقاسية للغاية.
وبدأت تداعيات مشكلة الاتجار بالبشر تظهر بشكل أكثر وضوحاً منذ ثمانينات القرن العشرين وحتى التسعينيات، وذلك عن طريق إثارة القضية في مؤتمرات الأمم المتحدة والتقارير المتعلقة بحقوق الإنسان، مما أكسب ذلك زخماً تجلى مؤخراً في الالتزام الدولي بأهمية وضع نهاية لجرائم الاتجار بالبشر والتي تفشت كالوباء في بعض دول العالم، الأمر الذي يوجب على المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة المعنية التعامل مع مشاكل حقوق الإنسان بوجه عام والاتجار بالبشر بوجه خاص - بوضع عناصر متسقة متجانسة تقوم على العدل والمساواة وبعيدة عن التحيز والتمييز بين البشر.
وتعتبر جرائم الاتجار بالبشر" جرائم عابرة للحدود" ولا تقتصر على دولة معينة، فأصبحت ذات خطورة دولية كونها جرائم ضد الأمن البشري عموماً، وضد أمن الدولة بصفة خاصة، لذا يتطلب الأمر اعتماد سياسات عامة وطنية تقتضي تعاوناً دولياً في العمل من خلال تبادل المعلومات وتبادل المساعدات.
وتعد جرائم الاتجار بالبشر بكافة أشكالها وصورها من أبرز وأخطر وأسرع القضايا نمواً على الساحة الدولية، بحيث باتت تمثل ثالث أكبر تجارة إجرامية غير مشروعة في العالم بعد تجارة المخدرات، وتجارة السلاح، تحقق أنشطتها أرباحاً طائلة تقدر بالمليارات، وذلك على حساب أكثر فئات المجتمع عرضة للاستغلال وهما النساء والأطفال - فالفقر والجهل وانعدام الفرص المتكافئة للتنمية أدت مُجتمعة إلى خلق بيئة مواتية للاتجار غير المشروع في الأشخاص وجعلتهم أكثر عرضة للوقوع كضحايا للمتاجرين.
ويمكن تلمس مؤشرات على حجم هذه التجارة من تقديرات الأمم المتحدة بأن هناك مليونين وخمسمائة ألف شخص يُفقدون سنوياً وسط الشبكة الإجرامية المعقدة لهذه التجارة السرية، بينما تقدر الأرباح السنوية لهذا النشاط الإجرامي بأكثر من 32 مليار دولار من أعمال السخرة، و28 مليار دولار من أعمال الاستغلال الجنسي وفقاً لتقديرات منظمة العمل الدولية.
واتسع نطاق الاتجار بالبشر، بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة حيث يتم من خلاله نقل أعداد كبيرة من البشر عبر الحدود الدولية سنوياً ليتم الاتجار بهم.
وبالرغم من وضع وتحديد أنماط وصور للاتجار بالبشر إلا أن المعلومات الإحصائية المتعلقة بها تكون عادة غير دقيقة بسبب مناخ السرية الذي تتم فيه هذه التجارة والطبيعة الخفية لهذه الجرائم .
والجريمة هي اسم مأخوذة من الجرم والذي يعني الذنب واكتساب الإثم، والاتجار مصطلح مشتق من التجارة وفي اللغة اللاتینیة من السلعة والتجارة تعني ممارسة البیع والشراء ، والتاجر من يبيع ويشتري ، أما البشر فهو الخلق ويقع على الأنثى والذكر وعلى الواحد والاثنين والجمع ويقال هي وهو بشروهما وهي بشر.
ويذهب بعض الفقه الى تعريف الاتجار بالبشر من خلال التركيز على الغرض من هذه الجريمة مع قصر الغرض بصور محدودة جداً فيعرف الاتجار بأنه " الاستخدام والنقل والاخفاء والتسليم للأشخاص من خلال التهديد او الاختطاف، واستخدام القوة والتحايل او الاجبار او من خلال إعطاء او اخذ دفعات غير شرعية او فوائد لاكتساب موافقة وقبول شخص يقوم بالسيطرة على شخص آخر بهدف الاستغلال الجنسي او الإجبار على القيام بالعمل"، يتضح من هذا التعريف انه قصر صور الاتجار بالبشر على صورتين هما الاستغلال الجنسي والإجبار على القيام بالعمل ، وهو أمر منتقد لان صور غرض الاتجار بالبشر متعدد ولا يجوز تحديدها على سبيل الحصر وانما يكون على سبيل المثال .
وعرف جانب آخر من الفقه الاتجار بالبشر بأنه : (اي فعل يقع على إنسان او على احد أعضائه دون رضاه من خلال اية وسيلة قسرية ـ بهدف استغلاله ماديا وتحقيق الربح منه). كما عرف بعض الفقه الاتجار بالبشر بأنه (كافة التصرفات المشروعة وغير المشروعة التي تحيل الإنسان إلى مجرد سلعة او ضحية يتم التصرف فيها بواسطة وسطاء ومحترفين عبر الحدود الوطنية بقصد استغلالهِ في أعمال ذات أجرٍ متدنٍ او في اعمال جنسية او ما شابه ذلك، وسواء اتم هذا التصرف بإرادة الضحية ام قسراً عنه ام بأية صورة أخرى من صور العبودية).
تونس - الصباح
قامت وحدات الحرس الوطني مؤخرا بحملة على المتسولين وتمكنت من الإطاحة بشبكة مختصة في التسول وينشط صلبها العديد من الأطراف من بينهم نساء ورجال.
مفيدة القيزاني
وتعد ظاهرة التسول من الظواهر الخطيرة التي تنخر المجتمع وتندرج ضمن جرائم الاتجار بالبشر وقد تم الكشف عن أرقام مفزعة بينها التقرير الوطني حول مكافحة الاتجار بالأشخاص لسنة 2021 أنه تم تسجيل 1100 ضحية للاتجار بالأشخاص ثلثهم من النساء وأكثر من نصفهم أطفالا كما تم تسجيل ارتفاع في حالات محاولة الاتجار وحالات بيع الأطفال حيث بلغت 26 حالة وعدد حالات استغلال الأطفال في الأنشطة الإجرامية بلغ 149 حالة حيث يبقى الأطفال هم الفئة الأكثر هشاشة المستضعفة والمستهدفة والانتهاكات المرتكبة ضدهم في تزايد مستمر.
الإطاحة بعصابات التسول..
تمت الإطاحة بعدد من العصابات في إطار التصدي للمظاهر المخلة بالأمن العام ومكافحة ظاهرة الاستغلال الاقتصادي للأطفال وحمايتهم من كل أشكال التهديد حيث نظمت الإدارة الفرعية للوقاية الاجتماعية بإدارة الشرطة العدلية في وقت سابق حملة أمنية بولايات تونس الكبرى أفضت إلى ضبط أربعة أطفال يتم استغلالهم في بيع أزهار الياسمين من قبل أفراد من عائلاتهم الذين تم سماعهم ضمن محاضر عدلية.
وبالتنسيق مع النيابة العمومية بتونس أذنت بإحالتهم على أنظارها بحالة تقديم من أجل جرائم الاتجار بالأشخاص بالاستغلال الاقتصادي لطفل كما أمكن لأعوان ذات الإدارة الفرعية ضبط شخص أجنبي الجنسية بصدد استغلال زوجته وابنه في التسول بجهة المرسى.
كما أنه بتمشيط الحدائق العمومية والبنايات المهجورة بالعاصمة أمكن رصد امرأتين بصدد التسكع مرفوقتين بأطفالهما القصر وباستشارة النيابة العمومية بتونس أذنت بتحرير محاضر إرشادية في شأنهم وإبقائهم بحالة سراح ، كما تمت مكاتبة مندوبي حماية الطفولة المختصين وأقسام النهوض الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية للتعهد بوضعياتهم الاجتماعية.
وكانت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقيروان أذنت بإيقاف كهل من أجل الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال القصر بعد إلقاء القبض عليه من قبل الوحدات الأمنية على متن سيارة أجرة "لواج" ومعه 7 أطفال تتراوح أعمارهم بين 9 و 13 سنة وذلك أثناء رجوعهم إلى معتمدية حاسي الفريد من ولاية القصرين بعد أن قضوا مدة 15 يوما بولاية سوسة يعملون في مجال التسوّل.
وتعهّدت الفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل بالقيروان بالبحث والتحري في الحادثة وتبيّن أن الكهل يستغل بصفة مستمرة القصر وخصص مستودع على وجه الكراء بولاية سوسة للمبيت بداخله برفقة الأطفال وينشط ضمن عصابة مختصة في الاتجار بالقصر واستغلالهم في التسوّل.
تصنيف تونس..
تصنف تونس حاليا ضمن الفئة الثانية في مسألة الاتجار بالبشر والتي تحتوي على 99 دولة، ولم تكن بلادنا مصنفة في بداية اعتماد تصنيف تقرير الاتجار بالبشر وظهرت كحالة خاصة في 2003 و2005 و2007 و2008 بسبب نقص المعلومات ذات الصلة والموثقة عن الاتجار بالبشر، ومنذ سنة 2009 تم تصنيف تونس في الفئة الثانية.
ويعد اتجارا بالأشخاص استقطاب أو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو تحويل وجهتهم أو ترحيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم باستعمال القوة أو السلاح أو التهديد بهما أو غير ذلك من أشكال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال حالة استضعاف أو استغلال نفوذ أو تسليم أو قبول مبالغ مالية أو مزايا أو عطايا أو وعود بعطايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر وذلك بقصد الاستغلال أيا كانت صوره سواء من طرف مرتكب تلك الأفعال أو بوضعه على ذمة الغير لاستغلاله.
ويشمل الاستغلال استغلال بغاء الغير أو دعارته أو غيرها من أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو التسول أو نزع الأعضاء أو الأنسجة أو الخلايا أو الأمشاج أو الأجنة أو جزء منها أو غيرها من أشكال الاستغلال الأخرى.
التسول والاتجار بالبشر..
يعد الاتجار بالبشر من أقدم الممارسات البشرية ذات السمعة السيئة والأثر البالغ على الإنسانية التي لا تزال قائمة إلى عصرنا هذا.
ويرى الباحث في القانون القاضي جابر غنيمي انها بعد أن كانت تقتصر على تجارة الرقيق الذين يتم بيعهم في سوق النخاسة بعد أسرهم في الحروب أو بعد خطفهم من ذويهم، تطورت الآن – بعد أن ألغي وجُرِّم الرّق- وأصبحت ذات أبعاد وصور كثيرة، يُمتهن فيها الإنسان (النساء والأطفال على الخصوص)، ويُستغل، ويُذل، بشتى أنواع التصرفات والممارسات، ويُتعامل به كبضاعة منزوعة الإنسانية، من قبل مجموعات إجرامية منظمة تنشط بشكل سرّي في مختلف أنحاء العالم، فلا تقف عند حدود دولة ما بل تتعداها لتنفث سمومها وآثارها السلبية الجسيمة فيها، فظاهرة الاتجار بالبشر إذن هي ظاهرة دولية لا تقتصر على دولة معينة، إنما تمتد لتتخطى الحدود الجغرافية، وتشمل العديد من الدول مع اختلاف في أنماطها وصورها طبقاً لرؤية كل دولة لمفهوم هذه الظاهرة ومدى احترامها لحقوق الإنسان...
ويعد الاتجار بالأشخاص مظهرا خطيرا من مظاهر انتهاك حقوق الإنسان وأعنف أشكال التعدي على كرامة الذات البشرية، و رم إلغاء العبودية في شكلها التقليدي المؤسس على ملكية الذات البشرية فإن ذلك لم يمنع من ظهور ممارسات شبيهة بالرق تقوم على إجبار شخص على تقديم جسده أو عمله للغير على غرار العمل القسري أو السخرة أو الدعارة. ونظرا للتفاوت الاقتصادي بين الدول والتسارع نحو تحقيق الأرباح المالية اتخذت هذه الجريمة أشكالا مستحدثة تقوم على استغلال الذات البشرية استغلالا فاحشا للانتفاع بجسدها أو بجهدها في ظروف مهينة وقاسية للغاية.
وبدأت تداعيات مشكلة الاتجار بالبشر تظهر بشكل أكثر وضوحاً منذ ثمانينات القرن العشرين وحتى التسعينيات، وذلك عن طريق إثارة القضية في مؤتمرات الأمم المتحدة والتقارير المتعلقة بحقوق الإنسان، مما أكسب ذلك زخماً تجلى مؤخراً في الالتزام الدولي بأهمية وضع نهاية لجرائم الاتجار بالبشر والتي تفشت كالوباء في بعض دول العالم، الأمر الذي يوجب على المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة المعنية التعامل مع مشاكل حقوق الإنسان بوجه عام والاتجار بالبشر بوجه خاص - بوضع عناصر متسقة متجانسة تقوم على العدل والمساواة وبعيدة عن التحيز والتمييز بين البشر.
وتعتبر جرائم الاتجار بالبشر" جرائم عابرة للحدود" ولا تقتصر على دولة معينة، فأصبحت ذات خطورة دولية كونها جرائم ضد الأمن البشري عموماً، وضد أمن الدولة بصفة خاصة، لذا يتطلب الأمر اعتماد سياسات عامة وطنية تقتضي تعاوناً دولياً في العمل من خلال تبادل المعلومات وتبادل المساعدات.
وتعد جرائم الاتجار بالبشر بكافة أشكالها وصورها من أبرز وأخطر وأسرع القضايا نمواً على الساحة الدولية، بحيث باتت تمثل ثالث أكبر تجارة إجرامية غير مشروعة في العالم بعد تجارة المخدرات، وتجارة السلاح، تحقق أنشطتها أرباحاً طائلة تقدر بالمليارات، وذلك على حساب أكثر فئات المجتمع عرضة للاستغلال وهما النساء والأطفال - فالفقر والجهل وانعدام الفرص المتكافئة للتنمية أدت مُجتمعة إلى خلق بيئة مواتية للاتجار غير المشروع في الأشخاص وجعلتهم أكثر عرضة للوقوع كضحايا للمتاجرين.
ويمكن تلمس مؤشرات على حجم هذه التجارة من تقديرات الأمم المتحدة بأن هناك مليونين وخمسمائة ألف شخص يُفقدون سنوياً وسط الشبكة الإجرامية المعقدة لهذه التجارة السرية، بينما تقدر الأرباح السنوية لهذا النشاط الإجرامي بأكثر من 32 مليار دولار من أعمال السخرة، و28 مليار دولار من أعمال الاستغلال الجنسي وفقاً لتقديرات منظمة العمل الدولية.
واتسع نطاق الاتجار بالبشر، بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة حيث يتم من خلاله نقل أعداد كبيرة من البشر عبر الحدود الدولية سنوياً ليتم الاتجار بهم.
وبالرغم من وضع وتحديد أنماط وصور للاتجار بالبشر إلا أن المعلومات الإحصائية المتعلقة بها تكون عادة غير دقيقة بسبب مناخ السرية الذي تتم فيه هذه التجارة والطبيعة الخفية لهذه الجرائم .
والجريمة هي اسم مأخوذة من الجرم والذي يعني الذنب واكتساب الإثم، والاتجار مصطلح مشتق من التجارة وفي اللغة اللاتینیة من السلعة والتجارة تعني ممارسة البیع والشراء ، والتاجر من يبيع ويشتري ، أما البشر فهو الخلق ويقع على الأنثى والذكر وعلى الواحد والاثنين والجمع ويقال هي وهو بشروهما وهي بشر.
ويذهب بعض الفقه الى تعريف الاتجار بالبشر من خلال التركيز على الغرض من هذه الجريمة مع قصر الغرض بصور محدودة جداً فيعرف الاتجار بأنه " الاستخدام والنقل والاخفاء والتسليم للأشخاص من خلال التهديد او الاختطاف، واستخدام القوة والتحايل او الاجبار او من خلال إعطاء او اخذ دفعات غير شرعية او فوائد لاكتساب موافقة وقبول شخص يقوم بالسيطرة على شخص آخر بهدف الاستغلال الجنسي او الإجبار على القيام بالعمل"، يتضح من هذا التعريف انه قصر صور الاتجار بالبشر على صورتين هما الاستغلال الجنسي والإجبار على القيام بالعمل ، وهو أمر منتقد لان صور غرض الاتجار بالبشر متعدد ولا يجوز تحديدها على سبيل الحصر وانما يكون على سبيل المثال .
وعرف جانب آخر من الفقه الاتجار بالبشر بأنه : (اي فعل يقع على إنسان او على احد أعضائه دون رضاه من خلال اية وسيلة قسرية ـ بهدف استغلاله ماديا وتحقيق الربح منه). كما عرف بعض الفقه الاتجار بالبشر بأنه (كافة التصرفات المشروعة وغير المشروعة التي تحيل الإنسان إلى مجرد سلعة او ضحية يتم التصرف فيها بواسطة وسطاء ومحترفين عبر الحدود الوطنية بقصد استغلالهِ في أعمال ذات أجرٍ متدنٍ او في اعمال جنسية او ما شابه ذلك، وسواء اتم هذا التصرف بإرادة الضحية ام قسراً عنه ام بأية صورة أخرى من صور العبودية).