إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. قانون جوان 2018 و"العدالة البنكية"

 

لدى استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيّد منذ أسبوع فريال الورغي السبعي، وزيرة الاقتصاد والتخطيط وسمير عبد الحفيظ، كاتب الدولة لدى وزيرة الاقتصاد والتخطيط المكلف بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة، أكد الرئيس على أن يكون الاقتصاد الوطني قائما على اختيارات الشعب التونسي وعلى خلق الثروة وعلى نموّ حقيقي لا على اقتصاد ريعي، وشدد على أن مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية يجب أن يكون قائما على مجموعة من الاختيارات لتحقيق العدالة الاجتماعية وعلى دور المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تواجه عديد الإشكاليات سواء عند التأسيس أو عند النشاط والإنتاج ..

وبالفعل، فهذه المؤسسات التي تسمى بالصغرى والمتوسطة، تواجه صعوبات جمة والأغرب أنها مقصية حتى من بعض الإجراءات والقوانين التحفيزية وأبرزها قانون جوان 2018 الذي نصّ على تخلي البنوك العمومية جزئيا أو كليا عن ديونها غير الاصلية والفوائض التعاقدية وفوائض التأخير بما في ذلك الفوائض التي تمت إعادة جدولتها... وهو قانون بادرت كل البنوك العمومية بتطبيقه منذ صدوره باستثناء بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة بالرغم من أن هذا البنك هو من كان بإمكانه أن يبادر بتطبيق هذا الاجراء نظرا لطبيعة تدخله حيث أنه لا يموّل إلا المؤسسات الصغرى والمتوسطة وهي الحلقة الأضعف في الاقتصاد التونسي والتي تتطلب مساندة ومرافقة لتجاوز صعوباتها المالية وإعادة إدماجها في الدورة الاقتصادية.

قانون جوان 2018 نصّ على الصلح مع البنوك من أجل إعطاء جرعة أوكسيجين للمؤسسات وإعادة دفع الاقتصاد وكان من المفروض والمنطقي أن يبادر بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى إبرام اتفاقيات الصلح مع حرفائه وذلك ضمانا لعدم إفلاس هذه الفئة من المؤسسات من جهة، وحتى يتمكن البنك نفسه من انقاذ نفسه والتخلص من شبح الإفلاس عبر استرجاع ديونه وهو الذي يعاني من صعوبات مالية جدية... وظل مسؤولو البنك ينتظرون في كل عام قانون المالية الجديد علهّ يستجيب لهذا المطلب ويتضمن ترخيصا للبنك بتطبيق مقتضيات قانون جوان 2018 الا أن مساعيهم خابت دون وجود تبريرات لا من وزارة المالية ولا من البنك المركزي رغم أن إجراءات الصلح التي جاء بها قانون جوان 2018 تطبق ومنذ سنوات من قبل البنوك العمومية الثلاثة وهي الشركة التونسية للبنك والبنك الوطني الفلاحي وبنك الإسكان وتتمتع به الشركات والمؤسسات الكبرى والعملاقة في حين بقيت المؤسسات الصغرى والمتوسطة ترزح تحت طائلة ديونها التي تتزايد سنة بعد أخرى.

فمن غير المعقول أن قوانين مالية تتضمن في عديد الأحيان تسهيلات مالية وجبائية تمتعّت بها المؤسسات الكبرى والعملاقة وتقصى منها المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي ينتظر جلّها إن لم نقل كلها لفتة من وزارة المالية والبنك المركزي للتدخل العاجل والمعاملة بالمثل مع بقية المؤسسات خاصة أن طاقتها التشغيلية الجملية تعد كبيرة.

كذلك من الضروري والعاجل الالتفات أيضا وتطبيق قانون جوان 2018 على المؤسسات المالية المانحة الأخرى (Les SICARS) وصناديق الاستثمار وهي بدورها مؤسسات مساهمة في رأس مال المؤسسات الصغرى والمتوسطة تساعد وتموّل ولكنها في نفس الوقت تساهم بطريقة أو بأخرى في تعميق الأزمات والصعوبات المالية لتلك المؤسسات.

سفيان رجب

 

 

 

 

لدى استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيّد منذ أسبوع فريال الورغي السبعي، وزيرة الاقتصاد والتخطيط وسمير عبد الحفيظ، كاتب الدولة لدى وزيرة الاقتصاد والتخطيط المكلف بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة، أكد الرئيس على أن يكون الاقتصاد الوطني قائما على اختيارات الشعب التونسي وعلى خلق الثروة وعلى نموّ حقيقي لا على اقتصاد ريعي، وشدد على أن مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية يجب أن يكون قائما على مجموعة من الاختيارات لتحقيق العدالة الاجتماعية وعلى دور المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تواجه عديد الإشكاليات سواء عند التأسيس أو عند النشاط والإنتاج ..

وبالفعل، فهذه المؤسسات التي تسمى بالصغرى والمتوسطة، تواجه صعوبات جمة والأغرب أنها مقصية حتى من بعض الإجراءات والقوانين التحفيزية وأبرزها قانون جوان 2018 الذي نصّ على تخلي البنوك العمومية جزئيا أو كليا عن ديونها غير الاصلية والفوائض التعاقدية وفوائض التأخير بما في ذلك الفوائض التي تمت إعادة جدولتها... وهو قانون بادرت كل البنوك العمومية بتطبيقه منذ صدوره باستثناء بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة بالرغم من أن هذا البنك هو من كان بإمكانه أن يبادر بتطبيق هذا الاجراء نظرا لطبيعة تدخله حيث أنه لا يموّل إلا المؤسسات الصغرى والمتوسطة وهي الحلقة الأضعف في الاقتصاد التونسي والتي تتطلب مساندة ومرافقة لتجاوز صعوباتها المالية وإعادة إدماجها في الدورة الاقتصادية.

قانون جوان 2018 نصّ على الصلح مع البنوك من أجل إعطاء جرعة أوكسيجين للمؤسسات وإعادة دفع الاقتصاد وكان من المفروض والمنطقي أن يبادر بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى إبرام اتفاقيات الصلح مع حرفائه وذلك ضمانا لعدم إفلاس هذه الفئة من المؤسسات من جهة، وحتى يتمكن البنك نفسه من انقاذ نفسه والتخلص من شبح الإفلاس عبر استرجاع ديونه وهو الذي يعاني من صعوبات مالية جدية... وظل مسؤولو البنك ينتظرون في كل عام قانون المالية الجديد علهّ يستجيب لهذا المطلب ويتضمن ترخيصا للبنك بتطبيق مقتضيات قانون جوان 2018 الا أن مساعيهم خابت دون وجود تبريرات لا من وزارة المالية ولا من البنك المركزي رغم أن إجراءات الصلح التي جاء بها قانون جوان 2018 تطبق ومنذ سنوات من قبل البنوك العمومية الثلاثة وهي الشركة التونسية للبنك والبنك الوطني الفلاحي وبنك الإسكان وتتمتع به الشركات والمؤسسات الكبرى والعملاقة في حين بقيت المؤسسات الصغرى والمتوسطة ترزح تحت طائلة ديونها التي تتزايد سنة بعد أخرى.

فمن غير المعقول أن قوانين مالية تتضمن في عديد الأحيان تسهيلات مالية وجبائية تمتعّت بها المؤسسات الكبرى والعملاقة وتقصى منها المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي ينتظر جلّها إن لم نقل كلها لفتة من وزارة المالية والبنك المركزي للتدخل العاجل والمعاملة بالمثل مع بقية المؤسسات خاصة أن طاقتها التشغيلية الجملية تعد كبيرة.

كذلك من الضروري والعاجل الالتفات أيضا وتطبيق قانون جوان 2018 على المؤسسات المالية المانحة الأخرى (Les SICARS) وصناديق الاستثمار وهي بدورها مؤسسات مساهمة في رأس مال المؤسسات الصغرى والمتوسطة تساعد وتموّل ولكنها في نفس الوقت تساهم بطريقة أو بأخرى في تعميق الأزمات والصعوبات المالية لتلك المؤسسات.

سفيان رجب