مع شروع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في منح استمارات التزكيات للمترشحين المحتملين، قبل فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية 2024، يوم 29 جويلية الجاري، دخل هذا الاستحقاق مسارا أوليا حاسما، باعتبار أن التزكيات تمثل جسر العبور إلى المشاركة الرسمية في السباق نحو قصر قرطاج، ولا قبول لمطلب أي مترشح يعجز عن جمع العدد المطلوب من التزكيات دون اخلالات، الذي حدد بتزكية10 آلاف ناخب مرسم بسجل الناخبين، أو تزكية من 10 نواب من البرلمان أو من المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أو تزكية من 40 من رؤساء الجهات المحلية المنتخبة.
ولاشك أن ارتفاع عدد المترشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية، إلى حد منتصف نهار أمس إلى 55، يؤكد أن أعداد المترشحين المحتملين، ستتزايد في الأيام القليلة القادمة، سواء من الداخل أو الخارج، لاسيما أن 7 مترشحين محتملين سحبوا استمارة التزكيات من مقرات هيئة الانتخابات بالخارج، وهو ما قد يؤشر لمشاركة كبيرة في رئاسية 2024، بما يطرح الكثير من الاستفهامات، حول التزكيات وغيرها.
من المعلوم أن جمع آلاف التزكيات، للمشاركة في هذه الانتخابات، سيدفع كل المترشحين إلى التحرك في كل الاتجاهات، شمالا ووسطا وجنوبا، من أجل إقناع الناخبين للحصول على تزكياتهم، في مهمة وإن تبدو للبعض يسيرة، فإنها صعبة ومعقدة، لاسيما في ظل انعدام الثقة في السياسيين، والشعارات الجوفاء التي عاش على وقعها التونسيون، على مدى السنوات الماضية.
وبعد حصول أكثر من 50 مترشحا مفترضا على استمارات التزكيات، هذه المرة ستكون عملية جمع التزكيات مغايرة لسابقاتها، لأن المواطن مل الوعود الوهمية، وأسلوب العزف على نفس الاسطوانات المشروخة، واكتوى بألاعيب السياسيين، الذين سوقوا في كل محطة انتخابية، أكاذيب وأوهام، لم تعد تنطلي على التونسيين، بمختلف فئاتهم وتلويناتهم، بعد أن أيقنوا وتأكدوا أن كل الوعود "العسلية"، التي صدعت رؤوسهم في كل الاستحقاقات بعد 2011، ليست سوى أكاذيب وخدع و"دجل"، غاياتها الأساسية كسب المغانم، وتحقيق مصالحهم السياسية.
نعلم أن عشرات المترشحين سيسابقون الزمن من أجل اللهث خلف التزكيات، وسينتشرون في مختلف الجهات، في محاولة لإقناع عدد أكبر من المواطنين للحصول على توقيعاتهم، ولعل ما سيصعب مهمتهم أكثر هذه المرة، أن هيئة الانتخابات ستشدد عليهم الخناق، بعد أن وضعت على ذمة جميع الناخبين رقم النداء 1814 للتبليغ عن أي محاولة لشراء التزكيات، أو تقديم مقابل عيني أو مالي للحصول عليها، لاسيما بعد ما روج سابقا حول الإغراءات، وما أثبته القضاء من تجاوزات.
بعض الحالمين بدخول السباق نحو قصر قرطاج، لا يعلمون أن زمن الضحك على الذقون ولى وانتهى، وزمن الوفود التي تشد رحالها إلى المناطق الريفية والجهات المهمشة، لتوزيع وعودها الوهمية تجاوزه الزمن، وعهد القوافل التي تشتري "توقيعات" وأصوات المهمشين والمنسيين، ذهب بلا رجعة، وهو ما يعني أن الحصول على التزكيات لن يكون سهلا، وكل مواطن سيفكر ألف مرة، قبل توقيعه على أية تزكية.
من البديهي أن الترشح لهذا الاستحقاق الانتخابي حق دستوري، بل إن العملية الانتخابية وما تقتضيه من شفافية، وتكافؤ الفرص من صميم الديمقراطية، لكن ذلك لا يعني أنه باسم الديمقراطية، تعمد بعض الأسماء إلى المشاركة، بنوايا مبيتة، وغايات خفية، ومجرد ترشحات شكلية و"استعراضية" قد تسيء للعملية الديمقراطية، وتكون تداعياتها كارثية على المسار الانتخابي برمته.
وقبل موعد بداية قبول الترشحات، للسباق نحو قصر قرطاج، تظل التزكيات ورقة مهمة، في يد الناخبين، من أجل قطع الطريق أمام كل النكرات، وأصحاب الترشحات الاستعراضية، والنوايا "الخفية"، حتى تكون المنافسة بين كفاءات حقيقية، لها برامج فعلية، وليست مجرد "فرقعات"، وشعارات انتخابية.
محمد صالح الربعاوي
مع شروع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في منح استمارات التزكيات للمترشحين المحتملين، قبل فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية 2024، يوم 29 جويلية الجاري، دخل هذا الاستحقاق مسارا أوليا حاسما، باعتبار أن التزكيات تمثل جسر العبور إلى المشاركة الرسمية في السباق نحو قصر قرطاج، ولا قبول لمطلب أي مترشح يعجز عن جمع العدد المطلوب من التزكيات دون اخلالات، الذي حدد بتزكية10 آلاف ناخب مرسم بسجل الناخبين، أو تزكية من 10 نواب من البرلمان أو من المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أو تزكية من 40 من رؤساء الجهات المحلية المنتخبة.
ولاشك أن ارتفاع عدد المترشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية، إلى حد منتصف نهار أمس إلى 55، يؤكد أن أعداد المترشحين المحتملين، ستتزايد في الأيام القليلة القادمة، سواء من الداخل أو الخارج، لاسيما أن 7 مترشحين محتملين سحبوا استمارة التزكيات من مقرات هيئة الانتخابات بالخارج، وهو ما قد يؤشر لمشاركة كبيرة في رئاسية 2024، بما يطرح الكثير من الاستفهامات، حول التزكيات وغيرها.
من المعلوم أن جمع آلاف التزكيات، للمشاركة في هذه الانتخابات، سيدفع كل المترشحين إلى التحرك في كل الاتجاهات، شمالا ووسطا وجنوبا، من أجل إقناع الناخبين للحصول على تزكياتهم، في مهمة وإن تبدو للبعض يسيرة، فإنها صعبة ومعقدة، لاسيما في ظل انعدام الثقة في السياسيين، والشعارات الجوفاء التي عاش على وقعها التونسيون، على مدى السنوات الماضية.
وبعد حصول أكثر من 50 مترشحا مفترضا على استمارات التزكيات، هذه المرة ستكون عملية جمع التزكيات مغايرة لسابقاتها، لأن المواطن مل الوعود الوهمية، وأسلوب العزف على نفس الاسطوانات المشروخة، واكتوى بألاعيب السياسيين، الذين سوقوا في كل محطة انتخابية، أكاذيب وأوهام، لم تعد تنطلي على التونسيين، بمختلف فئاتهم وتلويناتهم، بعد أن أيقنوا وتأكدوا أن كل الوعود "العسلية"، التي صدعت رؤوسهم في كل الاستحقاقات بعد 2011، ليست سوى أكاذيب وخدع و"دجل"، غاياتها الأساسية كسب المغانم، وتحقيق مصالحهم السياسية.
نعلم أن عشرات المترشحين سيسابقون الزمن من أجل اللهث خلف التزكيات، وسينتشرون في مختلف الجهات، في محاولة لإقناع عدد أكبر من المواطنين للحصول على توقيعاتهم، ولعل ما سيصعب مهمتهم أكثر هذه المرة، أن هيئة الانتخابات ستشدد عليهم الخناق، بعد أن وضعت على ذمة جميع الناخبين رقم النداء 1814 للتبليغ عن أي محاولة لشراء التزكيات، أو تقديم مقابل عيني أو مالي للحصول عليها، لاسيما بعد ما روج سابقا حول الإغراءات، وما أثبته القضاء من تجاوزات.
بعض الحالمين بدخول السباق نحو قصر قرطاج، لا يعلمون أن زمن الضحك على الذقون ولى وانتهى، وزمن الوفود التي تشد رحالها إلى المناطق الريفية والجهات المهمشة، لتوزيع وعودها الوهمية تجاوزه الزمن، وعهد القوافل التي تشتري "توقيعات" وأصوات المهمشين والمنسيين، ذهب بلا رجعة، وهو ما يعني أن الحصول على التزكيات لن يكون سهلا، وكل مواطن سيفكر ألف مرة، قبل توقيعه على أية تزكية.
من البديهي أن الترشح لهذا الاستحقاق الانتخابي حق دستوري، بل إن العملية الانتخابية وما تقتضيه من شفافية، وتكافؤ الفرص من صميم الديمقراطية، لكن ذلك لا يعني أنه باسم الديمقراطية، تعمد بعض الأسماء إلى المشاركة، بنوايا مبيتة، وغايات خفية، ومجرد ترشحات شكلية و"استعراضية" قد تسيء للعملية الديمقراطية، وتكون تداعياتها كارثية على المسار الانتخابي برمته.
وقبل موعد بداية قبول الترشحات، للسباق نحو قصر قرطاج، تظل التزكيات ورقة مهمة، في يد الناخبين، من أجل قطع الطريق أمام كل النكرات، وأصحاب الترشحات الاستعراضية، والنوايا "الخفية"، حتى تكون المنافسة بين كفاءات حقيقية، لها برامج فعلية، وليست مجرد "فرقعات"، وشعارات انتخابية.