اضطر المتعاملون بالشيك الى الالتجاء اليه بحثا عن الأمان القانوني أمام استفحال أزمة استخلاص الديون العامة والخاصة في ظل النظام القانوني لطرق التنفيذ الذي يعد بمعية مجلة المرافعات المدنية والتجارية في وضع بعيد عما وصلت إليه المعايير الدولية .
وبداية فان حجم الشيكات الراجعة دون رصيد لا يشكل سوى نسبة 4 % من مجمل الشيكات المتداولة حسبما ورد في إحدى تصريحات محافظ البنك المركزي الأسبق .
وبناء على ذلك فان مشكل الشيك دون رصيد مشكل قضائي وليس مشكلا بنكيا. ومن معايير المحاكمة العادلة في المادة المدنية والتجارية حسب القرارات المبدئية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي :
يسر الاتصال بالقاضي facilite d’accès au juge
كلفة التقاضي le cout du procès
الحكم النافذ le procès exécutable
وهي المعايير التي سبقها الفقه الإسلامي اذ يقول الماوردي في كتاب الأحكام السلطانية حول شروط '' قاضي المظالم '' يجب ان يكون سهل الحجاب. أي بمعنى إزالة العوارض الشكلية التي تحول دون تعهد القاضي بأصل النزاع .
قال عمر ابن الخطاب مخاطبا احد القضاة '' انفذ اذا ادلي اليك ''
وقال أيضا '' لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له .
وهذه المعايير الدولية مازالت تعترضها في تونس مراحل طويلة لتتلاءم معها .
استفحال ظاهرة الأحكام الشكلية
ان نظام الدعوى المدنية في تونس جعل من رقابة القاضي متسلطة على دعوى المدعي صاحب الحق اما المدعى عليه فحتى في غيابه فبإمكانه ربح نازلته لأسباب شكلية وقد عالجت التشريعات الاروبية الحديثة هذه الظاهرة من منظور الضغط على كلفة التقاضي بان جعلت الكمبيالة او الاعتراف بالدين سندا تنفيذا اوليا لذاته ان لم يقم المدين بالاعتراض عليه وقلبت عبء التقاضي بان يكتفي الدائن بإبلاغ إنذار أوامر بالإذعان بواسطة عدل منفذ الذي يباشر أعمال التنفيذ اذا لم يقم المدين بالاعتراض على ذلك الإنذار.
و لنا في تونس عينات من قلب عبء التقاضي في حالات البيع بالمزاد العلني لما سبق رهنه او حبسه ( الفصول 247 من مجلة الحقوق العينية و 323 من مجلة الالتزامات و العقود ).
كما عقلن الفصل 114 و 115 من مجلة الإجراءات المدنية الفرنسية إبطال الإجراءات بان جعله مشروطا ب 3 شروط مجتمعة :
لا بطلان دون نص .
لا بطلان دون ضرر ولو كان الإجراء أساسيا او يهم النظام العام .
لا بطلان الا اذا تعذر تصحيح الاجراء لفوات اجل او ما شاكل ذلك .
يضاف لذلك اختلاف المناهج الإدارية بين محكمة و أخرى وغياب التخصص لدى جميع مكونات المؤسسة القضائية .
تفريع وتجزئة عدد القضايا
مثل قضايا المصاريف بعد انتهاء التقاضي والحال ان الفصول 123 و128 و 301 م م م ت و 550 من مجلة الالتزامات والعقود توجب البت في المصاريف في كل قضية دون تفرقة بين القضايا الاستعجالية والأصلية.
و كذلك بروز قضايا بطلان التنابيه وحتى بطلان الاستدعاءات والاعلامات والحال ان القانون يقتضي ان يحكم فيها في نفس القضية لان القاضي المدني يمر في قضائه بـ4 مراحل :
1 مراقبة الإجراءات .
2 تحقيق الدعوى .
3 ترجيح الأدلة : والأدلة اما مكتوبة تقدم للمحكمة او غير مكتوبة يطلب من القاضي التحقيق فيها .
4 الحكم في الدعوى .
رفض تطبيق نصوص قانونية نافذة :
وتتحمل الشركات الحديثة التكوين جانبا كبيرا من الديون غير المستخلصة بل تجد منها ما تتكون لابتلاع قرض او صفقة ثم تذوب فلا مقر ولا مكاسب .
وقد نصت الفصول 117 و207 من مجلة الشركات التجارية على المسؤولية المدنية الشخصية لوكيل او مسيري الشركة عن أخطائهم في التصرف تجاه الغير وبالتضامن مع الشركة من ذلك اذا اصدر وكيل الشركة شيكات دون رصيد باسم الشركة فانه وطبقا للنصوص سالفة الذكر يكون مسؤولا بالتضامن معها تجاه المستفيد بالشيك لان إصدار شيك دون رصيد يعد خطأ في التصرف وجنحة جزائية .
الا ان المحاكم تتصدى يوميا لرفض تطبيق القانون دون تعليل ودون ان تحمل نفسها عناء مناقشة هذا الطلب وأسانيده القانونية والرد عليها .
والحال ان التضامنla solidarité بين المدينين وتوسيع نطاق المسوؤلية المدنية استنادا للخطأ المدني تعد احد الاتجاهات الحديثة للتشريعات وفقه القضاء الأوروبيين باعتبار مكانته الكلاسيكية كأحد التأمينات الشخصية لضمان تنفيذ الالتزام الى جانب التوسع في الوصف الجزائي للامتناع عن الوفاء La qualification pénale du non payement .
تغول بعض المؤسسات على صغار المستثمرين في ظل غياب مجلة حماية المستهلك
يجابه صغار وحتى كبار المستثمرين عند انطلاق مشاريعهم ضعف إمكانياتهم من السيولة فيلتجئون الى الإيجار المالي وبفوائض مرتفعة والإمضاء على التزامات لا تخضع لرقابة وزارة المالية '' واش يقول الميت قدام غاسلو '' .
وصلت لحد إنكار تسلم طلب إحالة عند انتهاء خلاص أقساط الإيجار المالي وعدم تسليم إيصال فيها ثم القيام ضد المستأجر بطلب فسخ عقد الإيجار المالي او مطالبة المستأجر بخلاص أقساط الإيجار المالي رغم هلاك العين المأجورة في حادث مرور او حريق .
فضلا عن تخريب طرق التنفيذ بقبول تحويل المكتري للمكرى الى شخص آخر حتى قبل نهاية عقد الإيجار المالي مساعدة منهن للمدين على إخفاء مكاسبه عن دائنيه والحال ان العملية يحجرها الفصل 1 من قانون الإيجار المالي .
دخول المرابين بالربا الفاحش على الخط في نوازل الشيك دون رصيد :
فالشيك كاداة خلاص ينهض كاي ورقة تجارية على علاقة صرفيةrapport cambiaire وعلاقة أصلية rapport Fondamental بمعنى المعاملة او عملية البيع او الشراء او إسداء الخدمة التي سلم الشيك للوفاء بها وكثيرا ما تحجب هذه المعاملات أنشطة غير مشروعة بل ومجرمة مثل الإقراض بالربا الفاحش الذي بلغ نسبة 120 % وهو كالمرض المخجل لا تترك للمتضرر فرصة التشكي بل وتجعل التسوية مستحيلة ماديا رغم كونها من حقوق المتهم وقد سبق لي وان كتبت وعلى أعمدة جريدة الصباح سلسلة من المقالات بعنوان '' من المجرم ومن الضحية في جرائم الشيك دون رصيد'' تناولت فيه هذا الموضوع وان السيد وزير العدل وقتها – قبل الثورة - اهتم بالمقالات وسأل احد وكلاء الجمهورية هل ان القضاة الجالسين في الدوائر الجناحية للشيكات يسالون المتهم عن منشأ المعاملة والشيك والجواب كان بالنفي لان ذلك سيطيل عملية الفصل .
وقد كنت اسأل لما كنت عدلا منفذا الدائنين طالبي التنفيذ استنادا الى شيكات الذين يأتونني '' ماذا بعت او اشتريت مع المدين '' فاذا أجاب بانني تشاركت معه او سلفته فغالبا ما تكون عملية ربا فاحش وكثيرا ما كنت ارفض التعهد بتنفيذ هذه الملفات بل وأكاتب السيد وكيل الجمهورية فيها .
(يتبع)
مشكل الشيك دون رصيد مشكل قضائي وليس مشكلا بنكيا
بقلم الأستاذ عـــــمر الشتـــــــوي المحامي
لدى التعقيب وعميد العدول المنفذين سابقا
اضطر المتعاملون بالشيك الى الالتجاء اليه بحثا عن الأمان القانوني أمام استفحال أزمة استخلاص الديون العامة والخاصة في ظل النظام القانوني لطرق التنفيذ الذي يعد بمعية مجلة المرافعات المدنية والتجارية في وضع بعيد عما وصلت إليه المعايير الدولية .
وبداية فان حجم الشيكات الراجعة دون رصيد لا يشكل سوى نسبة 4 % من مجمل الشيكات المتداولة حسبما ورد في إحدى تصريحات محافظ البنك المركزي الأسبق .
وبناء على ذلك فان مشكل الشيك دون رصيد مشكل قضائي وليس مشكلا بنكيا. ومن معايير المحاكمة العادلة في المادة المدنية والتجارية حسب القرارات المبدئية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي :
يسر الاتصال بالقاضي facilite d’accès au juge
كلفة التقاضي le cout du procès
الحكم النافذ le procès exécutable
وهي المعايير التي سبقها الفقه الإسلامي اذ يقول الماوردي في كتاب الأحكام السلطانية حول شروط '' قاضي المظالم '' يجب ان يكون سهل الحجاب. أي بمعنى إزالة العوارض الشكلية التي تحول دون تعهد القاضي بأصل النزاع .
قال عمر ابن الخطاب مخاطبا احد القضاة '' انفذ اذا ادلي اليك ''
وقال أيضا '' لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له .
وهذه المعايير الدولية مازالت تعترضها في تونس مراحل طويلة لتتلاءم معها .
استفحال ظاهرة الأحكام الشكلية
ان نظام الدعوى المدنية في تونس جعل من رقابة القاضي متسلطة على دعوى المدعي صاحب الحق اما المدعى عليه فحتى في غيابه فبإمكانه ربح نازلته لأسباب شكلية وقد عالجت التشريعات الاروبية الحديثة هذه الظاهرة من منظور الضغط على كلفة التقاضي بان جعلت الكمبيالة او الاعتراف بالدين سندا تنفيذا اوليا لذاته ان لم يقم المدين بالاعتراض عليه وقلبت عبء التقاضي بان يكتفي الدائن بإبلاغ إنذار أوامر بالإذعان بواسطة عدل منفذ الذي يباشر أعمال التنفيذ اذا لم يقم المدين بالاعتراض على ذلك الإنذار.
و لنا في تونس عينات من قلب عبء التقاضي في حالات البيع بالمزاد العلني لما سبق رهنه او حبسه ( الفصول 247 من مجلة الحقوق العينية و 323 من مجلة الالتزامات و العقود ).
كما عقلن الفصل 114 و 115 من مجلة الإجراءات المدنية الفرنسية إبطال الإجراءات بان جعله مشروطا ب 3 شروط مجتمعة :
لا بطلان دون نص .
لا بطلان دون ضرر ولو كان الإجراء أساسيا او يهم النظام العام .
لا بطلان الا اذا تعذر تصحيح الاجراء لفوات اجل او ما شاكل ذلك .
يضاف لذلك اختلاف المناهج الإدارية بين محكمة و أخرى وغياب التخصص لدى جميع مكونات المؤسسة القضائية .
تفريع وتجزئة عدد القضايا
مثل قضايا المصاريف بعد انتهاء التقاضي والحال ان الفصول 123 و128 و 301 م م م ت و 550 من مجلة الالتزامات والعقود توجب البت في المصاريف في كل قضية دون تفرقة بين القضايا الاستعجالية والأصلية.
و كذلك بروز قضايا بطلان التنابيه وحتى بطلان الاستدعاءات والاعلامات والحال ان القانون يقتضي ان يحكم فيها في نفس القضية لان القاضي المدني يمر في قضائه بـ4 مراحل :
1 مراقبة الإجراءات .
2 تحقيق الدعوى .
3 ترجيح الأدلة : والأدلة اما مكتوبة تقدم للمحكمة او غير مكتوبة يطلب من القاضي التحقيق فيها .
4 الحكم في الدعوى .
رفض تطبيق نصوص قانونية نافذة :
وتتحمل الشركات الحديثة التكوين جانبا كبيرا من الديون غير المستخلصة بل تجد منها ما تتكون لابتلاع قرض او صفقة ثم تذوب فلا مقر ولا مكاسب .
وقد نصت الفصول 117 و207 من مجلة الشركات التجارية على المسؤولية المدنية الشخصية لوكيل او مسيري الشركة عن أخطائهم في التصرف تجاه الغير وبالتضامن مع الشركة من ذلك اذا اصدر وكيل الشركة شيكات دون رصيد باسم الشركة فانه وطبقا للنصوص سالفة الذكر يكون مسؤولا بالتضامن معها تجاه المستفيد بالشيك لان إصدار شيك دون رصيد يعد خطأ في التصرف وجنحة جزائية .
الا ان المحاكم تتصدى يوميا لرفض تطبيق القانون دون تعليل ودون ان تحمل نفسها عناء مناقشة هذا الطلب وأسانيده القانونية والرد عليها .
والحال ان التضامنla solidarité بين المدينين وتوسيع نطاق المسوؤلية المدنية استنادا للخطأ المدني تعد احد الاتجاهات الحديثة للتشريعات وفقه القضاء الأوروبيين باعتبار مكانته الكلاسيكية كأحد التأمينات الشخصية لضمان تنفيذ الالتزام الى جانب التوسع في الوصف الجزائي للامتناع عن الوفاء La qualification pénale du non payement .
تغول بعض المؤسسات على صغار المستثمرين في ظل غياب مجلة حماية المستهلك
يجابه صغار وحتى كبار المستثمرين عند انطلاق مشاريعهم ضعف إمكانياتهم من السيولة فيلتجئون الى الإيجار المالي وبفوائض مرتفعة والإمضاء على التزامات لا تخضع لرقابة وزارة المالية '' واش يقول الميت قدام غاسلو '' .
وصلت لحد إنكار تسلم طلب إحالة عند انتهاء خلاص أقساط الإيجار المالي وعدم تسليم إيصال فيها ثم القيام ضد المستأجر بطلب فسخ عقد الإيجار المالي او مطالبة المستأجر بخلاص أقساط الإيجار المالي رغم هلاك العين المأجورة في حادث مرور او حريق .
فضلا عن تخريب طرق التنفيذ بقبول تحويل المكتري للمكرى الى شخص آخر حتى قبل نهاية عقد الإيجار المالي مساعدة منهن للمدين على إخفاء مكاسبه عن دائنيه والحال ان العملية يحجرها الفصل 1 من قانون الإيجار المالي .
دخول المرابين بالربا الفاحش على الخط في نوازل الشيك دون رصيد :
فالشيك كاداة خلاص ينهض كاي ورقة تجارية على علاقة صرفيةrapport cambiaire وعلاقة أصلية rapport Fondamental بمعنى المعاملة او عملية البيع او الشراء او إسداء الخدمة التي سلم الشيك للوفاء بها وكثيرا ما تحجب هذه المعاملات أنشطة غير مشروعة بل ومجرمة مثل الإقراض بالربا الفاحش الذي بلغ نسبة 120 % وهو كالمرض المخجل لا تترك للمتضرر فرصة التشكي بل وتجعل التسوية مستحيلة ماديا رغم كونها من حقوق المتهم وقد سبق لي وان كتبت وعلى أعمدة جريدة الصباح سلسلة من المقالات بعنوان '' من المجرم ومن الضحية في جرائم الشيك دون رصيد'' تناولت فيه هذا الموضوع وان السيد وزير العدل وقتها – قبل الثورة - اهتم بالمقالات وسأل احد وكلاء الجمهورية هل ان القضاة الجالسين في الدوائر الجناحية للشيكات يسالون المتهم عن منشأ المعاملة والشيك والجواب كان بالنفي لان ذلك سيطيل عملية الفصل .
وقد كنت اسأل لما كنت عدلا منفذا الدائنين طالبي التنفيذ استنادا الى شيكات الذين يأتونني '' ماذا بعت او اشتريت مع المدين '' فاذا أجاب بانني تشاركت معه او سلفته فغالبا ما تكون عملية ربا فاحش وكثيرا ما كنت ارفض التعهد بتنفيذ هذه الملفات بل وأكاتب السيد وكيل الجمهورية فيها .