إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تحديات جديدة أمام الاقتصاد التونسي.. برميل النفط يتجاوز 85 دولارا.. ومخاوف من تفاقم العجز التجاري وزيادة تكاليف الدعم !

 

 

*دول تتسارع لضمان حصتها من النفط بعد تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار

تونس - الصباح

شهدت أسعار النفط العالمية، أمس، ارتفاعًا ملحوظًا، بعد تراجع مخزونات البنزين والنفط الخام، وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 62 سنتا إلى 85.70 دولارا للبرميل، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 60 سنتا إلى 82.70 دولار للبرميل. وانخفضت مخزونات الخام الأمريكية 3.4 مليون برميل إلى 445.1 مليون برميل في الخامس من جويلية. كما تراجعت مخزونات البنزين، مليوني برميل إلى 229.7 مليون برميل، وهو أكبر بكثير من الانخفاض المتوقع، بواقع 600 ألف برميل.

وأعلنت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، عن توقعاتها لنمو قوي نسبيا في الطلب العالمي على النفط في 2024 والعام المقبل، وقالت إن النمو الاقتصادي والسفر الجوي القوي سيدعمان استخدام الوقود في أشهر الصيف، أي أن هناك طلبا مكثفا من الدول في الفترة القليلة القادمة وسط توقعات بتراجع الإنتاج، وتواصل ارتفاع أسعار النفط عالميا.

وتجاوز سعر برميل النفط برنت حاجز الـ80 دولارًا، خلال الأشهر القليلة الماضية، وهذا الارتفاع المفاجئ في الأسعار يأتي نتيجة عدة عوامل، من بينها زيادة الطلب العالمي على الطاقة، والتوترات الجيوسياسية في مناطق الإنتاج الرئيسية، وكذلك السياسات الاقتصادية للدول المنتجة للنفط.

زيادة تكاليف الإنتاج والنقل

وتُعد تونس واحدة من الدول التي تعتمد بشكل كبير على استيراد النفط لتلبية احتياجاتها من الطاقة. ويشكل ارتفاع أسعار النفط تأثيرا مباشرا على تكاليف الإنتاج في مختلف القطاعات، خاصة الصناعة والزراعة. كما أن تكاليف النقل والشحن ترتفع، مما يزيد من أسعار السلع والخدمات في السوق المحلية. هذا الأمر قد يؤدي إلى تضخم اقتصادي يؤثر على القوة الشرائية للمواطنين ويزيد من الضغوط الاقتصادية على الأسر التونسية.

وحسب ما أكده خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، فإن ارتفاع أسعار النفط يزيد من فاتورة استيراد النفط، مما يؤثر سلبًا على الميزان التجاري لتونس، حيث أن الفجوة بين الصادرات والواردات تتسع، مما يؤدي إلى زيادة العجز التجاري. هذا العجز يتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات لموازنته، مثل زيادة الصادرات أو تقليل الواردات، وهو ما قد يكون صعبًا في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

ولا يستبعد البعض أن يتأثر القطاع السياحي والاستثمارات الأجنبية أيضًا بارتفاع أسعار النفط، حيث أن زيادة تكاليف النقل الجوي والبحري تؤثر على حركة السياح وقد تزيد من أسعار الخدمات السياحية، مما يجعل تونس وجهة أقل جاذبية للسياح. من ناحية أخرى، قد يتردد المستثمرون الأجانب في ضخ استثمارات جديدة في الاقتصاد التونسي في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل.

زيادة نفقات الدعم

وستضطر الحكومة التونسية إلى زيادة نفقات الدعم للمحافظة على أسعار الوقود والطاقة في مستويات معقولة. هذا الدعم يشكل عبئًا كبيرًا على ميزانية الدولة، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار العالمية للنفط. وزيادة نفقات الدعم تعني تقليص النفقات في مجالات أخرى، مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، مما يؤثر على جودة الخدمات العامة.

وتؤدي زيادة نفقات الدعم وتكاليف الاستيراد إلى ارتفاع العجز المالي للدولة. هذا العجز يتطلب من الحكومة البحث عن مصادر تمويل إضافية، مثل الاقتراض الداخلي أو الخارجي. والاقتراض يزيد من حجم الديون، ويؤثر على التصنيف الائتماني للدولة، مما قد يزيد من تكاليف الاقتراض في المستقبل.

وفي ظل الضغوط المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط، قد تضطر الحكومة التونسية إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية. هذه الإصلاحات قد تشمل تحرير أسعار الطاقة، وإعادة هيكلة الدعم الحكومي، وتشجيع الاستثمارات في قطاعات الطاقة المتجددة. وحسب الخبراء فإن هذه الخطوات ضرورية لتحقيق استدامة مالية على المدى الطويل، ولكنها قد تواجه معارضة شعبية.

تنويع مصادر الطاقة

ولتقليل الاعتماد على النفط المستورد، يجب على تونس الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمسية والرياح وتسريع نسق هذه الاستثمارات، حيث أنها تساعد على تقليل فاتورة الاستيراد، وتوفير طاقة نظيفة ومستدامة، فضلا عن تحسين كفاءة استخدام الطاقة في مختلف القطاعات، ويمكن أن يساهم ذلك في تقليل الاستهلاك وبالتالي تقليل تكاليف الاستيراد.

كما يشدد بعض الخبراء على ضرورة تشجيع الإنتاج المحلي للسلع والخدمات، حيث يمكن أن يقلل من الاعتماد على الواردات وبالتالي تحسين الميزان التجاري، وهذا الأمر يتطلب دعمًا حكوميًا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز التنافسية.

ويشكل ارتفاع أسعار النفط برنت، تحديًا كبيرًا للاقتصاد التونسي وميزانية الدولة، حيث أن التأثيرات السلبية تشمل زيادة تكاليف الإنتاج والنقل، وتفاقم العجز التجاري، فضلا عن زيادة نفقات الدعم الحكومي. ومن ضمن الحلول الممكنة تنويع مصادر الطاقة، وتحسين كفاءة الطاقة، بالإضافة الى تسريع نسق المشاريع الطاقية في البلاد.

ومن خلال اتخاذ هذه الخطوات الأساسية، يمكن للحكومة التونسية تقليل التأثيرات السلبية لارتفاع أسعار النفط، وتحقيق استدامة اقتصادية على المدى الطويل، ويتطلب هذا التعاون بين جميع قطاعات المجتمع والالتزام بإصلاحات جادة ومستدامة.

سفيان المهداوي

تحديات جديدة أمام الاقتصاد التونسي..   برميل النفط يتجاوز 85 دولارا.. ومخاوف من تفاقم العجز التجاري وزيادة تكاليف الدعم !

 

 

*دول تتسارع لضمان حصتها من النفط بعد تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار

تونس - الصباح

شهدت أسعار النفط العالمية، أمس، ارتفاعًا ملحوظًا، بعد تراجع مخزونات البنزين والنفط الخام، وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 62 سنتا إلى 85.70 دولارا للبرميل، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 60 سنتا إلى 82.70 دولار للبرميل. وانخفضت مخزونات الخام الأمريكية 3.4 مليون برميل إلى 445.1 مليون برميل في الخامس من جويلية. كما تراجعت مخزونات البنزين، مليوني برميل إلى 229.7 مليون برميل، وهو أكبر بكثير من الانخفاض المتوقع، بواقع 600 ألف برميل.

وأعلنت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، عن توقعاتها لنمو قوي نسبيا في الطلب العالمي على النفط في 2024 والعام المقبل، وقالت إن النمو الاقتصادي والسفر الجوي القوي سيدعمان استخدام الوقود في أشهر الصيف، أي أن هناك طلبا مكثفا من الدول في الفترة القليلة القادمة وسط توقعات بتراجع الإنتاج، وتواصل ارتفاع أسعار النفط عالميا.

وتجاوز سعر برميل النفط برنت حاجز الـ80 دولارًا، خلال الأشهر القليلة الماضية، وهذا الارتفاع المفاجئ في الأسعار يأتي نتيجة عدة عوامل، من بينها زيادة الطلب العالمي على الطاقة، والتوترات الجيوسياسية في مناطق الإنتاج الرئيسية، وكذلك السياسات الاقتصادية للدول المنتجة للنفط.

زيادة تكاليف الإنتاج والنقل

وتُعد تونس واحدة من الدول التي تعتمد بشكل كبير على استيراد النفط لتلبية احتياجاتها من الطاقة. ويشكل ارتفاع أسعار النفط تأثيرا مباشرا على تكاليف الإنتاج في مختلف القطاعات، خاصة الصناعة والزراعة. كما أن تكاليف النقل والشحن ترتفع، مما يزيد من أسعار السلع والخدمات في السوق المحلية. هذا الأمر قد يؤدي إلى تضخم اقتصادي يؤثر على القوة الشرائية للمواطنين ويزيد من الضغوط الاقتصادية على الأسر التونسية.

وحسب ما أكده خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، فإن ارتفاع أسعار النفط يزيد من فاتورة استيراد النفط، مما يؤثر سلبًا على الميزان التجاري لتونس، حيث أن الفجوة بين الصادرات والواردات تتسع، مما يؤدي إلى زيادة العجز التجاري. هذا العجز يتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات لموازنته، مثل زيادة الصادرات أو تقليل الواردات، وهو ما قد يكون صعبًا في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

ولا يستبعد البعض أن يتأثر القطاع السياحي والاستثمارات الأجنبية أيضًا بارتفاع أسعار النفط، حيث أن زيادة تكاليف النقل الجوي والبحري تؤثر على حركة السياح وقد تزيد من أسعار الخدمات السياحية، مما يجعل تونس وجهة أقل جاذبية للسياح. من ناحية أخرى، قد يتردد المستثمرون الأجانب في ضخ استثمارات جديدة في الاقتصاد التونسي في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل.

زيادة نفقات الدعم

وستضطر الحكومة التونسية إلى زيادة نفقات الدعم للمحافظة على أسعار الوقود والطاقة في مستويات معقولة. هذا الدعم يشكل عبئًا كبيرًا على ميزانية الدولة، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار العالمية للنفط. وزيادة نفقات الدعم تعني تقليص النفقات في مجالات أخرى، مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، مما يؤثر على جودة الخدمات العامة.

وتؤدي زيادة نفقات الدعم وتكاليف الاستيراد إلى ارتفاع العجز المالي للدولة. هذا العجز يتطلب من الحكومة البحث عن مصادر تمويل إضافية، مثل الاقتراض الداخلي أو الخارجي. والاقتراض يزيد من حجم الديون، ويؤثر على التصنيف الائتماني للدولة، مما قد يزيد من تكاليف الاقتراض في المستقبل.

وفي ظل الضغوط المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط، قد تضطر الحكومة التونسية إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية. هذه الإصلاحات قد تشمل تحرير أسعار الطاقة، وإعادة هيكلة الدعم الحكومي، وتشجيع الاستثمارات في قطاعات الطاقة المتجددة. وحسب الخبراء فإن هذه الخطوات ضرورية لتحقيق استدامة مالية على المدى الطويل، ولكنها قد تواجه معارضة شعبية.

تنويع مصادر الطاقة

ولتقليل الاعتماد على النفط المستورد، يجب على تونس الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمسية والرياح وتسريع نسق هذه الاستثمارات، حيث أنها تساعد على تقليل فاتورة الاستيراد، وتوفير طاقة نظيفة ومستدامة، فضلا عن تحسين كفاءة استخدام الطاقة في مختلف القطاعات، ويمكن أن يساهم ذلك في تقليل الاستهلاك وبالتالي تقليل تكاليف الاستيراد.

كما يشدد بعض الخبراء على ضرورة تشجيع الإنتاج المحلي للسلع والخدمات، حيث يمكن أن يقلل من الاعتماد على الواردات وبالتالي تحسين الميزان التجاري، وهذا الأمر يتطلب دعمًا حكوميًا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز التنافسية.

ويشكل ارتفاع أسعار النفط برنت، تحديًا كبيرًا للاقتصاد التونسي وميزانية الدولة، حيث أن التأثيرات السلبية تشمل زيادة تكاليف الإنتاج والنقل، وتفاقم العجز التجاري، فضلا عن زيادة نفقات الدعم الحكومي. ومن ضمن الحلول الممكنة تنويع مصادر الطاقة، وتحسين كفاءة الطاقة، بالإضافة الى تسريع نسق المشاريع الطاقية في البلاد.

ومن خلال اتخاذ هذه الخطوات الأساسية، يمكن للحكومة التونسية تقليل التأثيرات السلبية لارتفاع أسعار النفط، وتحقيق استدامة اقتصادية على المدى الطويل، ويتطلب هذا التعاون بين جميع قطاعات المجتمع والالتزام بإصلاحات جادة ومستدامة.

سفيان المهداوي