إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الشاعرة زينب الجزيري لـ"الصباح": الشعر مظلوم في المهرجانات الصيفية ومن الضروري إنصافه

 

تونس-الصباح

صوت شعري هادئ يصوغ مسيرته في صمت دون بهرج او ضوضاء، متابعة دقيقة للشأن الثقافي.. قارئة نهمة لكل ما له علاقة بالشعر والشعراء..

هي زينب الجزيري أصيلة القيروان منبت الشعر والشعراء وعنوان الحضارة والتاريخ التي تحدثت عن الكثير من هواجسها الإبداعية في هذا اللقاء معها:

محسن بن احمد

*من اغراك باقتحام عالم الشعر؟

دعنا نتّفق أوّلا على أنّ الشاعر يولد شاعرا بالأساس، وكتابة الشعر لا تستوجب اغراء أو مغريات بقدر ما هي حالة تلبّس تصيبنا منذ الصرخة الأولى.

*هل تستحضر ذاكرتك أول قصيد لك؟

في الحقيقة لا أذكر عناوينا بقدر ما أذكر أغراضا كنت قد كتبت فيها أسطري الأولى، في أوّل سنوات الدراسة الثانويّة كنت شديدة التفاعل مع قصائد الشعر الجاهلي ومن ثمّ الشعر المعاصر.فلا أقوى على لجم قلمي الذي يفيض تفاعلا مع كلّ شاعر يضعه الأستاذ تحت مجهر الكشف ويُخضعه لأدوات "التشريح" آنذاك، فكتبت في غرض الغزل كثيرا خاصّة أنّ المرحلة العمريّة حينها هي عبارة عن فترة تبرعم للمشاعر والأحاسيس الملهمة.

*عدم المبادرة بجمع أشعارك وإصدارها في كتب تدفع للتساؤل عن سر هذا التردد؟

هو ليس تردّدا بقدر ما هو إحساس بالمسؤوليّة تجاه القارئ، فأنا قارئة بالأساس وتهمني جدّا جودة المحتوى الأدبي الذي أقرؤه. أؤمن أنّ التجربة الإبداعيّة تتطوّر و تنمو كما الطفل، ليس مهمّا متى أُصدر كتابا أو مجموعة شعريّة أو رواية، بل الأهمّ من ذلك هو المادّة الإبداعيّة التي أقدّمها للمتلقّي..كم من عمالقة للفكر والأدب والشعر والفلسفة كانت اصداراتهم قليلة جدّا تصل أحيانا إلى كتاب واحد أو ثلاثة على أقصى تقدير، نذكر مثلا العلاّمة ابن خلدون له ثلاثة مؤلفات طيلة حياته والشاعر ايليا أبو ماضي وأبو القاسم الشابّي والصغيّر اولاد أحمد ونازك الملائكة...الخ أسماء نحتها أصحابها من ماء الفضّة لتخلد خلود التاريخ...الرسالة الأدبيّة حسب رأيي لا تختلف عن الرسائل السماويّة من ناحية القداسة والنبل، وعلى الكاتب أن يتحلّى بصفات الأنبياء في أداء رسالتهم. لي مخطوط شعري كل مرّة أغيّر فيه وأشطب وأعيد صياغة بعض قصائده، سيصدر قريبا أن شاء الله.

*في القصيد لمن الأولوية للشكل ام المضمون ؟

يهمّني جدّا مضمون القصيد أو النصّ الشعريّ طبعا قبل كلّ شيء...المتلقّي لا يبحث عن الشكل حين يقرأ شعرا أو نثرا. هو ليس شكلا هندسيّا نركّز على تركيبه وجماليّة مظهره بقدر ما هو روح نابضة تنسكب فوق الورق بكلّ تجلّياتها فتَنطِقْ وتُنطِقُ.

*لمن تتوجهين بشعرك؟

أتوجّه للجميع بشعري، قلت أنّ الشعر كما الرسائل السماويّة تخاطب الجميع دون إقصاء. و من دخل بيت القصيد فهو آمن.

*كيف هي علاقتك اليوم بالساحة الشعرية في تونس؟

في الحقيقة ورغم ندرة الأمسيات واللقاءات إلاّ أنّ علاقتي بالساحة الشعريّة علاقة تواصل وتجاذب مستمر كلّما أتيحت لي فرصة المشاركة في المهرجانات أو الملتقيات أو الأمسيات لا أتوانى عن ذلك، أمّا الحضور فيكون استجابة لدعوة في المشاركة من القائمين على التظاهرات الثقافيّة على تنوّعها. ربّما تأخّر اصداري أيضا سببا من الأسباب سيما أنّ التعريف بالشاعر هو مجهود فردي. بحيث تحصل الفائدة و ننهل من تجارب بعضنا على اختلافها.

*انت قليلة المشاركة في الملتقيات والمهرجانات التي تعني بالشعر هل هذا اختيار منك ام المسالة مرتبطة بالمشرفين على هذه التظاهرات؟

كلّما أتيحت لي فرصة المشاركة في المهرجانات أو الملتقيات أو الأمسيات لا أتوانى عن ذلك، أمّا الحضور فيكون استجابة لدعوة في المشاركة من القائمين على التظاهرات الثقافيّة على تنوّعها. ربّما تأخّر اصداري أيضا سببا من الأسباب سيما أنّ التعريف بالشاعر هو مجهود فردي.

*من وجهة نظرك ماذا يمكن ان تقدم المهرجانات الشعرية للمشارك فيها ؟

الانتشار أوّلا، كما أنّ التجربة الشعريّة تثرى وتتطوّر من خلال التعرّف على طاقات إبداعية أخرى وعلى تجارب متنوّعة.

*كيف تعيشين لحظة الابداع الشعري؟

لحظة الإبداع الشعري هي عبارة عن حالة ولادة، تمرّ بالارتباك والتشنّج وصولا إلى المخاض. القصائد التي نكتبها هي أبناؤنا فعلا.

*لمن تقرا زينب الجزيري من الشعراء؟

اقرا الشعر دون احتساب الجغرافيا أقرأ المتنبي، ايليا أبو ماضي، عنترة، قيس ابن الملوّح، الحصري، البحتري، جعفر ماجد، أدونيس، نازك الملائكة، محمود درويش، نزار قبّاني، الشابي، الصغيّر أولاد أحمد، جميلة الماجري وكل شعراء تونس تقريبا...وبعض شعراء العراق والسودان والقائمة تطول.

*الى أي حد انت مع الرأي الذي يقول ان أزمة الشعر اليوم تكمن في عدم توفر قارئ له؟

لِنكن صادقين، نعم نحن اليوم في أزمة قراءة في تونس وفي العالم العربي حيث أنّ الصورة طغت على المشهد والتكنولوجيا غزت البيوت وتحكّمت في العقول لدرجة أنّ الكتاب أصبح يمثّل عبئا ثقيلا....نحن في حاجة إلى ثورة حقيقيّة هي ثورة ثقافيّة رايتها الكتاب ثمّ الكتاب. و لا ننسى في البدء كانت الكلمة. أنا دائما ما أقول أن لولا أهميّة الكتاب لما حفظ القرآن بين دفّتي كتاب.

*الشعر والمهرجانات الصيفية كيف تبدو لك هذه العلاقة ؟.. وهل للشعر مكانه المستحق في العروض الصيفية ؟

-الشعر يصلح لكلّ زمان ومكان فهو ليس موسميّا، وليس مرتبطا بالفصول ولا اخفي سرا اذا قلت انه ينتابني إحساس الى حد اليقين ان الشعر مظلوم في المهرجانات الصيفية التي أرى من الضروري القطع مع حصرعروضها في الموسيقى والمسرح والرقص و فتح نافذة على الشعر من خلال امسيات تجمع بين مختلف الأنماط الشعرية فصيحا كان ام شعبيا على اعتبار ان الشعر عنوان تهذيب الذوق ونشر الإبداع الجاد والتحليق بالمتلقي في الأفق الرحب في عصر ينبذ فيه الكتاب. من الضروري اليوم ان تنصف المهرجانات الصيفية الشعر في عروضها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 الشاعرة زينب الجزيري لـ"الصباح":  الشعر مظلوم في المهرجانات الصيفية ومن الضروري إنصافه

 

تونس-الصباح

صوت شعري هادئ يصوغ مسيرته في صمت دون بهرج او ضوضاء، متابعة دقيقة للشأن الثقافي.. قارئة نهمة لكل ما له علاقة بالشعر والشعراء..

هي زينب الجزيري أصيلة القيروان منبت الشعر والشعراء وعنوان الحضارة والتاريخ التي تحدثت عن الكثير من هواجسها الإبداعية في هذا اللقاء معها:

محسن بن احمد

*من اغراك باقتحام عالم الشعر؟

دعنا نتّفق أوّلا على أنّ الشاعر يولد شاعرا بالأساس، وكتابة الشعر لا تستوجب اغراء أو مغريات بقدر ما هي حالة تلبّس تصيبنا منذ الصرخة الأولى.

*هل تستحضر ذاكرتك أول قصيد لك؟

في الحقيقة لا أذكر عناوينا بقدر ما أذكر أغراضا كنت قد كتبت فيها أسطري الأولى، في أوّل سنوات الدراسة الثانويّة كنت شديدة التفاعل مع قصائد الشعر الجاهلي ومن ثمّ الشعر المعاصر.فلا أقوى على لجم قلمي الذي يفيض تفاعلا مع كلّ شاعر يضعه الأستاذ تحت مجهر الكشف ويُخضعه لأدوات "التشريح" آنذاك، فكتبت في غرض الغزل كثيرا خاصّة أنّ المرحلة العمريّة حينها هي عبارة عن فترة تبرعم للمشاعر والأحاسيس الملهمة.

*عدم المبادرة بجمع أشعارك وإصدارها في كتب تدفع للتساؤل عن سر هذا التردد؟

هو ليس تردّدا بقدر ما هو إحساس بالمسؤوليّة تجاه القارئ، فأنا قارئة بالأساس وتهمني جدّا جودة المحتوى الأدبي الذي أقرؤه. أؤمن أنّ التجربة الإبداعيّة تتطوّر و تنمو كما الطفل، ليس مهمّا متى أُصدر كتابا أو مجموعة شعريّة أو رواية، بل الأهمّ من ذلك هو المادّة الإبداعيّة التي أقدّمها للمتلقّي..كم من عمالقة للفكر والأدب والشعر والفلسفة كانت اصداراتهم قليلة جدّا تصل أحيانا إلى كتاب واحد أو ثلاثة على أقصى تقدير، نذكر مثلا العلاّمة ابن خلدون له ثلاثة مؤلفات طيلة حياته والشاعر ايليا أبو ماضي وأبو القاسم الشابّي والصغيّر اولاد أحمد ونازك الملائكة...الخ أسماء نحتها أصحابها من ماء الفضّة لتخلد خلود التاريخ...الرسالة الأدبيّة حسب رأيي لا تختلف عن الرسائل السماويّة من ناحية القداسة والنبل، وعلى الكاتب أن يتحلّى بصفات الأنبياء في أداء رسالتهم. لي مخطوط شعري كل مرّة أغيّر فيه وأشطب وأعيد صياغة بعض قصائده، سيصدر قريبا أن شاء الله.

*في القصيد لمن الأولوية للشكل ام المضمون ؟

يهمّني جدّا مضمون القصيد أو النصّ الشعريّ طبعا قبل كلّ شيء...المتلقّي لا يبحث عن الشكل حين يقرأ شعرا أو نثرا. هو ليس شكلا هندسيّا نركّز على تركيبه وجماليّة مظهره بقدر ما هو روح نابضة تنسكب فوق الورق بكلّ تجلّياتها فتَنطِقْ وتُنطِقُ.

*لمن تتوجهين بشعرك؟

أتوجّه للجميع بشعري، قلت أنّ الشعر كما الرسائل السماويّة تخاطب الجميع دون إقصاء. و من دخل بيت القصيد فهو آمن.

*كيف هي علاقتك اليوم بالساحة الشعرية في تونس؟

في الحقيقة ورغم ندرة الأمسيات واللقاءات إلاّ أنّ علاقتي بالساحة الشعريّة علاقة تواصل وتجاذب مستمر كلّما أتيحت لي فرصة المشاركة في المهرجانات أو الملتقيات أو الأمسيات لا أتوانى عن ذلك، أمّا الحضور فيكون استجابة لدعوة في المشاركة من القائمين على التظاهرات الثقافيّة على تنوّعها. ربّما تأخّر اصداري أيضا سببا من الأسباب سيما أنّ التعريف بالشاعر هو مجهود فردي. بحيث تحصل الفائدة و ننهل من تجارب بعضنا على اختلافها.

*انت قليلة المشاركة في الملتقيات والمهرجانات التي تعني بالشعر هل هذا اختيار منك ام المسالة مرتبطة بالمشرفين على هذه التظاهرات؟

كلّما أتيحت لي فرصة المشاركة في المهرجانات أو الملتقيات أو الأمسيات لا أتوانى عن ذلك، أمّا الحضور فيكون استجابة لدعوة في المشاركة من القائمين على التظاهرات الثقافيّة على تنوّعها. ربّما تأخّر اصداري أيضا سببا من الأسباب سيما أنّ التعريف بالشاعر هو مجهود فردي.

*من وجهة نظرك ماذا يمكن ان تقدم المهرجانات الشعرية للمشارك فيها ؟

الانتشار أوّلا، كما أنّ التجربة الشعريّة تثرى وتتطوّر من خلال التعرّف على طاقات إبداعية أخرى وعلى تجارب متنوّعة.

*كيف تعيشين لحظة الابداع الشعري؟

لحظة الإبداع الشعري هي عبارة عن حالة ولادة، تمرّ بالارتباك والتشنّج وصولا إلى المخاض. القصائد التي نكتبها هي أبناؤنا فعلا.

*لمن تقرا زينب الجزيري من الشعراء؟

اقرا الشعر دون احتساب الجغرافيا أقرأ المتنبي، ايليا أبو ماضي، عنترة، قيس ابن الملوّح، الحصري، البحتري، جعفر ماجد، أدونيس، نازك الملائكة، محمود درويش، نزار قبّاني، الشابي، الصغيّر أولاد أحمد، جميلة الماجري وكل شعراء تونس تقريبا...وبعض شعراء العراق والسودان والقائمة تطول.

*الى أي حد انت مع الرأي الذي يقول ان أزمة الشعر اليوم تكمن في عدم توفر قارئ له؟

لِنكن صادقين، نعم نحن اليوم في أزمة قراءة في تونس وفي العالم العربي حيث أنّ الصورة طغت على المشهد والتكنولوجيا غزت البيوت وتحكّمت في العقول لدرجة أنّ الكتاب أصبح يمثّل عبئا ثقيلا....نحن في حاجة إلى ثورة حقيقيّة هي ثورة ثقافيّة رايتها الكتاب ثمّ الكتاب. و لا ننسى في البدء كانت الكلمة. أنا دائما ما أقول أن لولا أهميّة الكتاب لما حفظ القرآن بين دفّتي كتاب.

*الشعر والمهرجانات الصيفية كيف تبدو لك هذه العلاقة ؟.. وهل للشعر مكانه المستحق في العروض الصيفية ؟

-الشعر يصلح لكلّ زمان ومكان فهو ليس موسميّا، وليس مرتبطا بالفصول ولا اخفي سرا اذا قلت انه ينتابني إحساس الى حد اليقين ان الشعر مظلوم في المهرجانات الصيفية التي أرى من الضروري القطع مع حصرعروضها في الموسيقى والمسرح والرقص و فتح نافذة على الشعر من خلال امسيات تجمع بين مختلف الأنماط الشعرية فصيحا كان ام شعبيا على اعتبار ان الشعر عنوان تهذيب الذوق ونشر الإبداع الجاد والتحليق بالمتلقي في الأفق الرحب في عصر ينبذ فيه الكتاب. من الضروري اليوم ان تنصف المهرجانات الصيفية الشعر في عروضها.