إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

القطيعة مع اتحاد الشغل أخرجته من دائرة الضوء.. ماذا عن برنامج إنقاذ المؤسسات العمومية؟ تونس-الصباح

 

يطرح على هامش التحركات الأخيرة لعمال الشركة التونسية للسكر بباجة موضوع توارى عن الأنظار في الآونة الأخيرة لكن دون معرفة مصيره ومدى التقدم الحاصل في معالجته وهو ملف أزمة ديون ووضعية المؤسسات العمومية.

فقد أعلن الكاتب العام للنقابة الأساسية للشركة التونسية للسكر بباجة محمد على الشواري، عن" إيقاف سلسلة التحركات الاحتجاجية التي نفذها عمال الشركة منذ بداية الأسبوع الجاري، وذلك بعد رفع ملف الشركة لرئاسة الجمهورية وتلقي وعود بالنظر فيه".

معتبرا "أن المطلب الرئيسي للعمال هو ضمان ديمومة العمل بالشركة وعدم التفريط فيها وتمكينهم من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية".

وتجدر الإشارة إلى أن مصنع السكر بباجة يوفر حوالي 50 بالمائة من الحاجيات من هذه المادة على المستوى الوطني، والمقدرة بألف طن يوميا، وهو يعاني منذ فترة من تقادم المعدات ومن صعوبات مالية متراكمة ووضعيات اجتماعية صعبة لعماله.

وضعية مصنع السكر بباجة ليست سوى عينة لوضع عام يسود عديد المؤسسات والمنشآت العمومية التي تتشابه وضعياتها من حيث أزمة المديونية وتراجع المردود والمساهمة في الاقتصاد الوطني وتحول أغلبها إلى عبء على الدولة. بالإضافة إلى ما ينخرها من فساد وسوء تصرف لسنوات مما هدد ديمومتها.

اهتمام الرئيس

أبدى رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد 25 جويلية اهتماما بموضوع المؤسسات العمومية على قاعدة مقاومة الفساد وعدم التفويت فيها. وفي لقاء له في 29 مارس الفارط مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني شدّد الرئيس على ضرورة الإسراع في عملية إنقاذ عديد المؤسسات والمنشآت العمومية.

كما اطّلع الرئيس بالمناسبة على البرنامج الذي تم وضعه مؤخرا لإنقاذ الشركة التونسية للسكر. وذكّر رئيس الجمهورية وفق بلاغ الرئاسة، بأن "هذه المؤسسة من بين المؤسسات التي تعتز بها تونس وكانت النية تتجه بعد حوالي عشر سنوات من إحداثها إلى بلوغ طاقة إنتاج تصل إلى 700 ألف طن في السنة ولكن تهالكت معداتها وصار جزء منها خارج الخدمة وطالها ما كان يسمى بالتأهيل الشامل للمؤسسات فلا هي أُهّلت ولا هي تطورت، بل فُتّحت الأبواب أمام اللوبيات وشبكات الفساد".

ودعا رئيس الجمهورية إلى الإسراع بوضع برامج إنقاذ في أقرب الآجال لعدد من المنشآت الأخرى على غرار شركة الفولاذ والشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق.

قطيعة مع الاتحاد

كانت رؤية الرئيس في برنامج الإنقاذ منسجمة الى حد كبير مع رؤية وموقف المنظمة الشغيلة من حيث وجود سوء تصرّف، وسعي لإغراقها وإفلاسها حتى يتسنى شراؤها بأسعار زهيدة، وكذلك في مسالة خصخصة تلك المؤسسات أو التفريط فيها، ويجب أن تعالج حالة بحالة مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين.

لكن يبدو أن القطيعة مع المنظمة الشغيلة وغياب اللقاءات بين الاتحاد والحكومة جعل موضوع المؤسسات العمومية مغيبا في وسائل الإعلام وفي التصريحات في الفترة الأخيرة وأثرت القطيعة مع المنظمة الشغيلة على معرفة مآل الملف .

وقد عبرت المنظمة الشغيلة في أكثر من مناسبة عن انتقادها لغلق باب الحوار في عديد المسائل المشتركة آخرها انتقاد المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل التوجه نحو تعديل مجلة الشغل بشكل وصفه بالأحادي .

واعتبر المكتب التنفيذي في بيان صادر عنه الأربعاء أن "عدم دعوة الشركاء الاجتماعيين في تنقيح مجلة الشغل تراجع غير مفهوم وغير مبرّر عن التقاليد المكتسبة للحوار الاجتماعي والقائمة على مبدأ التشاور الثلاثي بين الأطراف الاجتماعية الثلاثة".

في الأثناء تتعمق أزمة المؤسسات العمومية التي تواجه تحديات مضاعفة إلى جانب المديونية على غرار الضغوطات الاقتصادية لتراجع قيمة الدينار وارتفاع أسعار الطاقة وأسعار المواد الأولية على المستوى العالمي هذا بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة مباشرة بالتوترات العالمية، وذلك وفق آخر تقرير نشرته وزارة المالية .

وقد أكدت الوزارة في تقريرها عن المنشآت العمومية في إطار قانون مالية 2024، أن "أغلب المؤسسات العمومية عرفت في الفترة ما بين 2020-2022 مواصلة تراكم الديون والخسائر وهو ما يمثل ضغطًا إضافيًا على المالية العمومية من حيث توفير التمويلات لهذه المؤسسات سواء مباشرة من الخزينة العامة للبلاد التونسية تكون في شكل قروض خزينة وتسبقات ومنح، أو عن طريق توفير ضمان الدولة لتمكينها من الحصول على قروض بنكية لتأمين مواصلة النشاط".

وأكدت أيضا أنّه "كان لهذه الوضعية تأثير سلبي على القطاع البنكي والصناديق الاجتماعية وذلك بسبب الصعوبات التي تلاقيها هذه الشركات إزاء التزاماتها للخلاص في الآجال المحدّدة".

كما ذكر التقرير أن "رصيد ديون المؤسسات العمومية تجاه الدولة سجل ارتفاعًا مطردًا خلال الفترة 2020-2022، وفق بيانات وزارة المالية، إذ بلغ مع موفى سنة 2021 ما قيمته 8.776 مليارات دينار مقابل 7.586 مليار دينار سنة 2022، مسجلًا بذلك ارتفاعًا ملحوظًا بحوالي 1.19 مليار دينار وبنسبة 15,7%. وواصل رصيد هذه الديون ارتفاعه سنة 2022 مسجلًا بذلك زيادة قدرها 1.9 مليار دينار وبنسبة 21,8% مقارنة بسنة 2021 ليبلغ حوالي 10,7 مليار دينار".

ولفتت وزارة المالية في تقريرها إلى أنّ "الديون الجبائية تمثل النصيب الأكبر من ديون المؤسسات العمومية تجاه الدولة لسنة 2022 وذلك بنسبة 50,3 % أي ما يعادل حوالي 5.4 مليارات دينار في حين تمثل قروض وتسبقات الخزينة 37,6% من مجموع رصيد ديون المؤسسات العمومية تجاه الدولة لسنة 2022 ما قيمته حوالي 4 مليارات دينار.

م.ي

 

 

 

 

 

 

 

 

القطيعة مع اتحاد الشغل أخرجته من دائرة الضوء..   ماذا عن برنامج إنقاذ المؤسسات العمومية؟  تونس-الصباح

 

يطرح على هامش التحركات الأخيرة لعمال الشركة التونسية للسكر بباجة موضوع توارى عن الأنظار في الآونة الأخيرة لكن دون معرفة مصيره ومدى التقدم الحاصل في معالجته وهو ملف أزمة ديون ووضعية المؤسسات العمومية.

فقد أعلن الكاتب العام للنقابة الأساسية للشركة التونسية للسكر بباجة محمد على الشواري، عن" إيقاف سلسلة التحركات الاحتجاجية التي نفذها عمال الشركة منذ بداية الأسبوع الجاري، وذلك بعد رفع ملف الشركة لرئاسة الجمهورية وتلقي وعود بالنظر فيه".

معتبرا "أن المطلب الرئيسي للعمال هو ضمان ديمومة العمل بالشركة وعدم التفريط فيها وتمكينهم من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية".

وتجدر الإشارة إلى أن مصنع السكر بباجة يوفر حوالي 50 بالمائة من الحاجيات من هذه المادة على المستوى الوطني، والمقدرة بألف طن يوميا، وهو يعاني منذ فترة من تقادم المعدات ومن صعوبات مالية متراكمة ووضعيات اجتماعية صعبة لعماله.

وضعية مصنع السكر بباجة ليست سوى عينة لوضع عام يسود عديد المؤسسات والمنشآت العمومية التي تتشابه وضعياتها من حيث أزمة المديونية وتراجع المردود والمساهمة في الاقتصاد الوطني وتحول أغلبها إلى عبء على الدولة. بالإضافة إلى ما ينخرها من فساد وسوء تصرف لسنوات مما هدد ديمومتها.

اهتمام الرئيس

أبدى رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد 25 جويلية اهتماما بموضوع المؤسسات العمومية على قاعدة مقاومة الفساد وعدم التفويت فيها. وفي لقاء له في 29 مارس الفارط مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني شدّد الرئيس على ضرورة الإسراع في عملية إنقاذ عديد المؤسسات والمنشآت العمومية.

كما اطّلع الرئيس بالمناسبة على البرنامج الذي تم وضعه مؤخرا لإنقاذ الشركة التونسية للسكر. وذكّر رئيس الجمهورية وفق بلاغ الرئاسة، بأن "هذه المؤسسة من بين المؤسسات التي تعتز بها تونس وكانت النية تتجه بعد حوالي عشر سنوات من إحداثها إلى بلوغ طاقة إنتاج تصل إلى 700 ألف طن في السنة ولكن تهالكت معداتها وصار جزء منها خارج الخدمة وطالها ما كان يسمى بالتأهيل الشامل للمؤسسات فلا هي أُهّلت ولا هي تطورت، بل فُتّحت الأبواب أمام اللوبيات وشبكات الفساد".

ودعا رئيس الجمهورية إلى الإسراع بوضع برامج إنقاذ في أقرب الآجال لعدد من المنشآت الأخرى على غرار شركة الفولاذ والشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق.

قطيعة مع الاتحاد

كانت رؤية الرئيس في برنامج الإنقاذ منسجمة الى حد كبير مع رؤية وموقف المنظمة الشغيلة من حيث وجود سوء تصرّف، وسعي لإغراقها وإفلاسها حتى يتسنى شراؤها بأسعار زهيدة، وكذلك في مسالة خصخصة تلك المؤسسات أو التفريط فيها، ويجب أن تعالج حالة بحالة مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين.

لكن يبدو أن القطيعة مع المنظمة الشغيلة وغياب اللقاءات بين الاتحاد والحكومة جعل موضوع المؤسسات العمومية مغيبا في وسائل الإعلام وفي التصريحات في الفترة الأخيرة وأثرت القطيعة مع المنظمة الشغيلة على معرفة مآل الملف .

وقد عبرت المنظمة الشغيلة في أكثر من مناسبة عن انتقادها لغلق باب الحوار في عديد المسائل المشتركة آخرها انتقاد المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل التوجه نحو تعديل مجلة الشغل بشكل وصفه بالأحادي .

واعتبر المكتب التنفيذي في بيان صادر عنه الأربعاء أن "عدم دعوة الشركاء الاجتماعيين في تنقيح مجلة الشغل تراجع غير مفهوم وغير مبرّر عن التقاليد المكتسبة للحوار الاجتماعي والقائمة على مبدأ التشاور الثلاثي بين الأطراف الاجتماعية الثلاثة".

في الأثناء تتعمق أزمة المؤسسات العمومية التي تواجه تحديات مضاعفة إلى جانب المديونية على غرار الضغوطات الاقتصادية لتراجع قيمة الدينار وارتفاع أسعار الطاقة وأسعار المواد الأولية على المستوى العالمي هذا بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة مباشرة بالتوترات العالمية، وذلك وفق آخر تقرير نشرته وزارة المالية .

وقد أكدت الوزارة في تقريرها عن المنشآت العمومية في إطار قانون مالية 2024، أن "أغلب المؤسسات العمومية عرفت في الفترة ما بين 2020-2022 مواصلة تراكم الديون والخسائر وهو ما يمثل ضغطًا إضافيًا على المالية العمومية من حيث توفير التمويلات لهذه المؤسسات سواء مباشرة من الخزينة العامة للبلاد التونسية تكون في شكل قروض خزينة وتسبقات ومنح، أو عن طريق توفير ضمان الدولة لتمكينها من الحصول على قروض بنكية لتأمين مواصلة النشاط".

وأكدت أيضا أنّه "كان لهذه الوضعية تأثير سلبي على القطاع البنكي والصناديق الاجتماعية وذلك بسبب الصعوبات التي تلاقيها هذه الشركات إزاء التزاماتها للخلاص في الآجال المحدّدة".

كما ذكر التقرير أن "رصيد ديون المؤسسات العمومية تجاه الدولة سجل ارتفاعًا مطردًا خلال الفترة 2020-2022، وفق بيانات وزارة المالية، إذ بلغ مع موفى سنة 2021 ما قيمته 8.776 مليارات دينار مقابل 7.586 مليار دينار سنة 2022، مسجلًا بذلك ارتفاعًا ملحوظًا بحوالي 1.19 مليار دينار وبنسبة 15,7%. وواصل رصيد هذه الديون ارتفاعه سنة 2022 مسجلًا بذلك زيادة قدرها 1.9 مليار دينار وبنسبة 21,8% مقارنة بسنة 2021 ليبلغ حوالي 10,7 مليار دينار".

ولفتت وزارة المالية في تقريرها إلى أنّ "الديون الجبائية تمثل النصيب الأكبر من ديون المؤسسات العمومية تجاه الدولة لسنة 2022 وذلك بنسبة 50,3 % أي ما يعادل حوالي 5.4 مليارات دينار في حين تمثل قروض وتسبقات الخزينة 37,6% من مجموع رصيد ديون المؤسسات العمومية تجاه الدولة لسنة 2022 ما قيمته حوالي 4 مليارات دينار.

م.ي