جاء الأمر الذي أصدره رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس والمتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية يوم 6 أكتوبر 2024، ليضع حدا للجدل القائم حول موعد هذا الاستحقاق وفي ظل تعلق همم أغلب مكونات المشهد السياسي بجميع أطيافه والهياكل المدنية أيضا بهذه الانتخابات في إطار الصلاحيات الواسعة التي منحها دستور 2022 لرئيس الجمهورية في نظام رئاسي بامتياز وفق ما جاء في الفصل السابع والثمانين بأن "رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة"، على خلاف ما كان عليه الوضع في دستور 2014 بنظام مختلط شبه برلماني نص على صلاحيات محدود لرئيس الجمهورية.
ولئن سبق أن تواترت الأخبار والتصريحات حول إعلان عدد من السياسيين عن ترشحهم أو رغبة البعض الآخر في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة رغم عدم حسم الهيئة العليا المستقلة في تعديل القانون الانتخابي وتحديد شروط الترشح بما يتناغم مع ما جاء في دستور 2022، إلا أن إعلان رئيس الجمهورية عن تحديد الموعد النهائي لتنظيم هذه الانتخابات يوم 6 من شهر أكتوبر القادم يفتح باب العد التنازلي للدخول في مراحل السباق بشكل عملي. خاصة أن الانتخابات الرئاسية القادمة كانت محور جدل دستوري وقانوني وسياسي في بلادنا خلال مرحلة ما بعد دخول الإجراءات الرئاسية الصادرة يوم 25 جويلية 2021 ودورها في إدخال تغييرات واسعة في مستوى منظومة ونظام الحكم والمشهد السياسي والحزبي والمدني، لاسيما بعد القطع مع منظومة الحكم السابقة ووضع حد لدستور 2014 مقابل دخول دستور 2022 حيز التنفيذ في مسار تكريس جمهورية جديدة وفق رؤية يراهن عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد وتهدف في أبعادها الدستورية والإصلاحية والقانونية والهيكلية لتكريس دولة اجتماعية ونظام سياسي جديد كتقسيم الوظيفة التشريعية فيها إلى غرفتين أي نواب برلمان ومجلس وطني للجهات والأقاليم وتقسيم البلاد إلى أقاليم وانتخاب وتركيز مجالس محلية وجهوية ضمن الآليات الجديدة لهذه الدولة.
لتكون بذلك بلادنا على موعد مع المحطة عدد 12 للانتخابات الرئاسية في تاريخ تونس المعاصر أي منذ الاستقلال سنة 1956 إلى اليوم والانتخابات الرئاسية الثالثة في تاريخ تونس ما بعد ثورة 2011، أي بعد أول انتخابات رئاسية وفق نفس القانون الانتخابي المعمول به اليوم انتظمت سنة 2014 وفاز بنتائجها رئيس حزب نداء تونس الراحل الباجي قايد السبسي ثم كان الموعد مع الانتخابات الرئاسية الثانية في تاريخ تونس المعاصر وفي شكلها الجديد بما تتسم به من ديمقراطية وشفافية ونزاهة. وكانت المحطة الثانية في انتخابات رئاسية مبكرة بعد وفاة الرئيس الراحل قايد السبسي يوم 25 جويلية 2019 أي قبل نهاية مدة ولايته، وجرى تنظيم الدور الأول فيها يوم 15 سبتمبر 2019 ورجح دورها الثاني، الذي انتظم يوم 13 أكتوبر في نفس السنة، كفة صناديق الاقتراع للرئيس الحالي قيس سعيد القادم من خارج المشهد السياسي وخارج "الماكينة" الحزبية.
لذلك تتجه الأنظار والاهتمامات إلى موعد 6 أكتوبر القادم باعتبار أنه من المرتقب أن ينتخب في هذه المحطة رئيس الجمهورية الثامن في تاريخ البلاد لولاية جديدة مدتها 5 سنوات حسب ما نص على ذلك الفصل 90 من الدستور الجديد. والذي جاء فيه "ينتخب رئيس الجمهورية لمدّة خمسة أعوام انتخابا عامّا، حرّا، مباشرا، سريّا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من المدّة الرئاسية. وإذا تعذّر إجراء الانتخابات في الميعاد المحدّد بسبب حرب أو خطر داهم، فإن المدّة الرئاسية تمدّد بقانون إلى حين زوال الأسباب التي أدّت إلى تأجيلها. ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يجدّد ترشحه إلا مرّة واحدة".
ورغم أن سعيد لم يعلن مسبقا أو بشكل مباشر أنه سيترشح للانتخابات الرئاسية القادمة إلا أنه أكد أثناء إشرافه على إحياء الذكرى الرابعة والعشرين لرحيل الرئيس السابق الحبيب بورقيبة بالمنستير في إجابته عن سؤال حول هذه الانتخابات قائلا: "لا أشعر بنفسي في منافسة مع أحد ولكن الشعب هو الحكم. قضية الترشح لا تخامرني، يخامرني الشعور بالمسؤولية.. يهمني وطني ولن أسلم وطني لمن لا وطنية له". وهو ما اعتبره البعض إجابة على استفهام ظل عالقا خاصة لدى معارضي سعيد ممن ذهبوا في قراءتهم في تلك السياقات السياسية إلى عدم تنظم انتخابات رئاسية في إبانها.
كما اعتبر عدد من المتابعين للشأن السياسي التونسي من داخل تونس وخارجها، أنه من الصعب أن يتخلى سعيد عن السباق الذي يخول له مواصلة مشروعه لبناء الجمهورية الجديدة الذي وضع إرهاصاته الأولى منذ يوم 25 جويلية 2021 وانطلق من خلال إشرافه على السلطة التنفيذية في العمل على تنفيذ وتفعيل هذا المشروع على أرض الواقع في سياسة إدارة دواليب الدولة في سياستها الداخلية والخارجية.
وهو نفس ما يذهب له أنصار الرئيس سعيد من سياسيين وغيرهم سواء في الفضاء العام أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي معربين عن تمسكهم بترشيح "الأستاذ" لهذه الانتخابية على اعتبار أنه رجل المرحلة وصاحب مشروع المسار الذي يقوده.
ترشحات
وسجلت الفترة الماضية تواتر عديد الأسماء التي أعربت عن نواياها الترشح للانتخابات الرئاسية لعل من بينها عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر وناجي جلول رئيس حزب الائتلاف الوطني" وعبد اللطيف المكي أمين عام حزب العمل والإنجاز إضافة إلى عديد الأسماء الأخرى مثل منذر الزنايدي فيما دخلت أحزاب أخرى ومنظمات وهياكل مدنية في التحضير لهذه الانتخابات وإعداد مبادرات في الغرض، مثلما كشف بعض أطرافها عن ذلك على غرار "الميثاق الجمهوري" الذي يتضمن مجموعة من المبادئ والالتزامات شارك فيها أربعة أحزاب وهي حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي والحزب الاشتراكي وحزب آفاق تونس والحزب الاجتماعي التحرري إضافة إلى ثلاث جمعيات من بينها ائتلاف صمود.
بدوره يواصل ائتلاف صمود العمل والتشاور والتنسيق مع تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية التي تضم كلا من الخماسي المتكون من أحزاب العمال والتكتل والتيار الديمقراطي والقطب والجمهوري إضافة إلى منتدى القوى الديمقراطية. وكان عبدالرزاق عويدات رئيس المجلس الوطني السياسي لحركة الشعب ورئيس كتلة الخط الوطني السيادي بالبرلمان أعلن عن انطلاق حزبه لتكوين جبهة تضم القوى السياسية الداعمة لمسار 25 جويلية الذي يوقده رئيس الجمهورية وذلك في سياق الاستعداد للانتخابات الرئاسية القادمة.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
جاء الأمر الذي أصدره رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس والمتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية يوم 6 أكتوبر 2024، ليضع حدا للجدل القائم حول موعد هذا الاستحقاق وفي ظل تعلق همم أغلب مكونات المشهد السياسي بجميع أطيافه والهياكل المدنية أيضا بهذه الانتخابات في إطار الصلاحيات الواسعة التي منحها دستور 2022 لرئيس الجمهورية في نظام رئاسي بامتياز وفق ما جاء في الفصل السابع والثمانين بأن "رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة"، على خلاف ما كان عليه الوضع في دستور 2014 بنظام مختلط شبه برلماني نص على صلاحيات محدود لرئيس الجمهورية.
ولئن سبق أن تواترت الأخبار والتصريحات حول إعلان عدد من السياسيين عن ترشحهم أو رغبة البعض الآخر في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة رغم عدم حسم الهيئة العليا المستقلة في تعديل القانون الانتخابي وتحديد شروط الترشح بما يتناغم مع ما جاء في دستور 2022، إلا أن إعلان رئيس الجمهورية عن تحديد الموعد النهائي لتنظيم هذه الانتخابات يوم 6 من شهر أكتوبر القادم يفتح باب العد التنازلي للدخول في مراحل السباق بشكل عملي. خاصة أن الانتخابات الرئاسية القادمة كانت محور جدل دستوري وقانوني وسياسي في بلادنا خلال مرحلة ما بعد دخول الإجراءات الرئاسية الصادرة يوم 25 جويلية 2021 ودورها في إدخال تغييرات واسعة في مستوى منظومة ونظام الحكم والمشهد السياسي والحزبي والمدني، لاسيما بعد القطع مع منظومة الحكم السابقة ووضع حد لدستور 2014 مقابل دخول دستور 2022 حيز التنفيذ في مسار تكريس جمهورية جديدة وفق رؤية يراهن عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد وتهدف في أبعادها الدستورية والإصلاحية والقانونية والهيكلية لتكريس دولة اجتماعية ونظام سياسي جديد كتقسيم الوظيفة التشريعية فيها إلى غرفتين أي نواب برلمان ومجلس وطني للجهات والأقاليم وتقسيم البلاد إلى أقاليم وانتخاب وتركيز مجالس محلية وجهوية ضمن الآليات الجديدة لهذه الدولة.
لتكون بذلك بلادنا على موعد مع المحطة عدد 12 للانتخابات الرئاسية في تاريخ تونس المعاصر أي منذ الاستقلال سنة 1956 إلى اليوم والانتخابات الرئاسية الثالثة في تاريخ تونس ما بعد ثورة 2011، أي بعد أول انتخابات رئاسية وفق نفس القانون الانتخابي المعمول به اليوم انتظمت سنة 2014 وفاز بنتائجها رئيس حزب نداء تونس الراحل الباجي قايد السبسي ثم كان الموعد مع الانتخابات الرئاسية الثانية في تاريخ تونس المعاصر وفي شكلها الجديد بما تتسم به من ديمقراطية وشفافية ونزاهة. وكانت المحطة الثانية في انتخابات رئاسية مبكرة بعد وفاة الرئيس الراحل قايد السبسي يوم 25 جويلية 2019 أي قبل نهاية مدة ولايته، وجرى تنظيم الدور الأول فيها يوم 15 سبتمبر 2019 ورجح دورها الثاني، الذي انتظم يوم 13 أكتوبر في نفس السنة، كفة صناديق الاقتراع للرئيس الحالي قيس سعيد القادم من خارج المشهد السياسي وخارج "الماكينة" الحزبية.
لذلك تتجه الأنظار والاهتمامات إلى موعد 6 أكتوبر القادم باعتبار أنه من المرتقب أن ينتخب في هذه المحطة رئيس الجمهورية الثامن في تاريخ البلاد لولاية جديدة مدتها 5 سنوات حسب ما نص على ذلك الفصل 90 من الدستور الجديد. والذي جاء فيه "ينتخب رئيس الجمهورية لمدّة خمسة أعوام انتخابا عامّا، حرّا، مباشرا، سريّا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من المدّة الرئاسية. وإذا تعذّر إجراء الانتخابات في الميعاد المحدّد بسبب حرب أو خطر داهم، فإن المدّة الرئاسية تمدّد بقانون إلى حين زوال الأسباب التي أدّت إلى تأجيلها. ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يجدّد ترشحه إلا مرّة واحدة".
ورغم أن سعيد لم يعلن مسبقا أو بشكل مباشر أنه سيترشح للانتخابات الرئاسية القادمة إلا أنه أكد أثناء إشرافه على إحياء الذكرى الرابعة والعشرين لرحيل الرئيس السابق الحبيب بورقيبة بالمنستير في إجابته عن سؤال حول هذه الانتخابات قائلا: "لا أشعر بنفسي في منافسة مع أحد ولكن الشعب هو الحكم. قضية الترشح لا تخامرني، يخامرني الشعور بالمسؤولية.. يهمني وطني ولن أسلم وطني لمن لا وطنية له". وهو ما اعتبره البعض إجابة على استفهام ظل عالقا خاصة لدى معارضي سعيد ممن ذهبوا في قراءتهم في تلك السياقات السياسية إلى عدم تنظم انتخابات رئاسية في إبانها.
كما اعتبر عدد من المتابعين للشأن السياسي التونسي من داخل تونس وخارجها، أنه من الصعب أن يتخلى سعيد عن السباق الذي يخول له مواصلة مشروعه لبناء الجمهورية الجديدة الذي وضع إرهاصاته الأولى منذ يوم 25 جويلية 2021 وانطلق من خلال إشرافه على السلطة التنفيذية في العمل على تنفيذ وتفعيل هذا المشروع على أرض الواقع في سياسة إدارة دواليب الدولة في سياستها الداخلية والخارجية.
وهو نفس ما يذهب له أنصار الرئيس سعيد من سياسيين وغيرهم سواء في الفضاء العام أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي معربين عن تمسكهم بترشيح "الأستاذ" لهذه الانتخابية على اعتبار أنه رجل المرحلة وصاحب مشروع المسار الذي يقوده.
ترشحات
وسجلت الفترة الماضية تواتر عديد الأسماء التي أعربت عن نواياها الترشح للانتخابات الرئاسية لعل من بينها عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر وناجي جلول رئيس حزب الائتلاف الوطني" وعبد اللطيف المكي أمين عام حزب العمل والإنجاز إضافة إلى عديد الأسماء الأخرى مثل منذر الزنايدي فيما دخلت أحزاب أخرى ومنظمات وهياكل مدنية في التحضير لهذه الانتخابات وإعداد مبادرات في الغرض، مثلما كشف بعض أطرافها عن ذلك على غرار "الميثاق الجمهوري" الذي يتضمن مجموعة من المبادئ والالتزامات شارك فيها أربعة أحزاب وهي حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي والحزب الاشتراكي وحزب آفاق تونس والحزب الاجتماعي التحرري إضافة إلى ثلاث جمعيات من بينها ائتلاف صمود.
بدوره يواصل ائتلاف صمود العمل والتشاور والتنسيق مع تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية التي تضم كلا من الخماسي المتكون من أحزاب العمال والتكتل والتيار الديمقراطي والقطب والجمهوري إضافة إلى منتدى القوى الديمقراطية. وكان عبدالرزاق عويدات رئيس المجلس الوطني السياسي لحركة الشعب ورئيس كتلة الخط الوطني السيادي بالبرلمان أعلن عن انطلاق حزبه لتكوين جبهة تضم القوى السياسية الداعمة لمسار 25 جويلية الذي يوقده رئيس الجمهورية وذلك في سياق الاستعداد للانتخابات الرئاسية القادمة.