إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بالبنط العريض.. "اختراق حز.ب الله"

 

يمكن لكل من يراقب التطورات المتواترة والسريعة للصراع المتزايد على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة وجنوب لبنان، أن الاحتلال الإسرائيلي يتبنى سياسة الاغتيالات المدروسة لقيادات "حزب الله" أو المقاومة الفلسطينية، وهو لحد الآن قام باغتيال قياديين عسكريين بارزين من قادة المحاور القتالية جنوب لبنان، في وقت اتخذ "حزب الله" المراوحة بين أسلوب التصعيد المدفعي والصاروخي الذي جعل من شمالي فلسطين عبارة عن منطقة فارغة وعازلة مع هروب جموع المستوطنين إلى الداخل الفلسطيني المحتل، وكذلك الحرب النفسية، أسلوب تصعيد من خلال نشر بنك الأهداف المحتمل في حال نشوب حرب برية إذا ما اختار الاحتلال اجتياح جنوب لبنان.

المعركة بين الطرفين أضحت اليوم معركة معلومات، ففي وقت أراد فيه "حزب الله" أن يبرز في هذه المعركة وكأنه جيش نظامي يحارب فوق الأرض، انتهز جيش الاحتلال وخصوصا مستواه الأمني الفرصة لاستهداف القيادات الكبرى للحزب، في إشارة له أن هناك اختراقا لصفوفه، وهي الرسالة التي تريد إسرائيل إيصالها لقيادة "حزب الله" وحلفائه السياسيين في لبنان.

ويبدو أن هذا السبب وراء استهداف مقاتلي "حزب الله" لمواقع التجسس الإسرائيلية الرابضة في مرتفعات الخط الأزرق (الحدود بين جنوب لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة)، بل وكذلك محاولة صيد الطائرات المسيرة المخصصة للتجسس التي يرسلها الاحتلال إلى الأجواء اللبنانية.

إلا أنه وبالرغم من الجهود المبذولة من قبل "حزب الله"، فإن الاختراق يبدو بديهيا مع تواتر استهداف قادة كبار في الذراع العسكرية للحزب، وهو ما يفرض وجود جانب بشري يعتمد عليه المستوى الأمني الإسرائيلي، خاصة وأن الاستهدافات لم تتم فقط في مناطق الاشتباكات (مثل ما حصل مع طالب عبد الله) بل وكذلك في العمق اللبناني (مثل ما حصل مع أبو نعمة ناصر في مدينة صور)، وكذلك في قلب العاصمة بيروت (اغتيال القيادي في حماس صالح العاروري) وهذا يذكرنا بما حصل مع القيادي التاريخي للحزب عماد مغنية الذي اغتاله الموساد بمساعدة الاستخبارات الأمريكية في دمشق سنة 2008.

ويبدو أن محاولات الحزب البروز كجيش نظامي يأتي بعد الانتصار الذي حققه على الاحتلال في عدوان 2006، أين كان يناجز الجيش الإسرائيلي من تحت الأرض، وبعد تجربة الحرب في سوريا إلى جانب الجيش النظامي السوري والتي راكمت تجربته القتالية بجانب جيوش نظامية مثل الحرس الثوري والجيش الروسي (إذا استثنينا معارك قوات فاغنر)، وكذلك زيادة ترسانته الحربية مع التصاق الحدود –بعد القضاء على "دولة" تنظيم داعش- بين سوريا والعراق وإيران ولبنان، مما سمح بأن يوجد طريق واسع يمتد من طهران إلى بيروت استعمله الحزب للتزود بأسلحة وصواريخ وطائرات مسيرة، بل وكذلك بمنظومات دفاع جوي ومضادات بحرية جعلته ينشط فوق الأرض، خصوصا مع ازدياد دوره السياسي منذ 2006 وانقلاب دوره من معارض إلى الجزء الأكبر من ائتلاف السلطة لسنوات طويلة.

يبدو أن "حزب الله" أصبح أكثر ثقة بالنفس، إن لم نقل أنه تجاوزها لمرحلة أكبر، جعلته لا يلحظ هذه الاختراقات التي عمل عليها الموساد والاستخبارات الأمريكية منذ فشل عدوان 2006، وسيقوض مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كوندليزا رايس.

وبالمقارنة، فالذي عجزت عليه إسرائيل في غزة، على صغر حجمها ومساحتها، من استهداف لقادة "حماس"، يبدو أنها نجحت فيه في لبنان، وأنه وجب على "حزب الله" أن يعود إلى العمل تحت الأرض، كما كان عليه الشأن في سنة 2006، وكما انطلق سنة 1983.

نزار مقني

 

بالبنط العريض..   "اختراق حز.ب الله"

 

يمكن لكل من يراقب التطورات المتواترة والسريعة للصراع المتزايد على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة وجنوب لبنان، أن الاحتلال الإسرائيلي يتبنى سياسة الاغتيالات المدروسة لقيادات "حزب الله" أو المقاومة الفلسطينية، وهو لحد الآن قام باغتيال قياديين عسكريين بارزين من قادة المحاور القتالية جنوب لبنان، في وقت اتخذ "حزب الله" المراوحة بين أسلوب التصعيد المدفعي والصاروخي الذي جعل من شمالي فلسطين عبارة عن منطقة فارغة وعازلة مع هروب جموع المستوطنين إلى الداخل الفلسطيني المحتل، وكذلك الحرب النفسية، أسلوب تصعيد من خلال نشر بنك الأهداف المحتمل في حال نشوب حرب برية إذا ما اختار الاحتلال اجتياح جنوب لبنان.

المعركة بين الطرفين أضحت اليوم معركة معلومات، ففي وقت أراد فيه "حزب الله" أن يبرز في هذه المعركة وكأنه جيش نظامي يحارب فوق الأرض، انتهز جيش الاحتلال وخصوصا مستواه الأمني الفرصة لاستهداف القيادات الكبرى للحزب، في إشارة له أن هناك اختراقا لصفوفه، وهي الرسالة التي تريد إسرائيل إيصالها لقيادة "حزب الله" وحلفائه السياسيين في لبنان.

ويبدو أن هذا السبب وراء استهداف مقاتلي "حزب الله" لمواقع التجسس الإسرائيلية الرابضة في مرتفعات الخط الأزرق (الحدود بين جنوب لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة)، بل وكذلك محاولة صيد الطائرات المسيرة المخصصة للتجسس التي يرسلها الاحتلال إلى الأجواء اللبنانية.

إلا أنه وبالرغم من الجهود المبذولة من قبل "حزب الله"، فإن الاختراق يبدو بديهيا مع تواتر استهداف قادة كبار في الذراع العسكرية للحزب، وهو ما يفرض وجود جانب بشري يعتمد عليه المستوى الأمني الإسرائيلي، خاصة وأن الاستهدافات لم تتم فقط في مناطق الاشتباكات (مثل ما حصل مع طالب عبد الله) بل وكذلك في العمق اللبناني (مثل ما حصل مع أبو نعمة ناصر في مدينة صور)، وكذلك في قلب العاصمة بيروت (اغتيال القيادي في حماس صالح العاروري) وهذا يذكرنا بما حصل مع القيادي التاريخي للحزب عماد مغنية الذي اغتاله الموساد بمساعدة الاستخبارات الأمريكية في دمشق سنة 2008.

ويبدو أن محاولات الحزب البروز كجيش نظامي يأتي بعد الانتصار الذي حققه على الاحتلال في عدوان 2006، أين كان يناجز الجيش الإسرائيلي من تحت الأرض، وبعد تجربة الحرب في سوريا إلى جانب الجيش النظامي السوري والتي راكمت تجربته القتالية بجانب جيوش نظامية مثل الحرس الثوري والجيش الروسي (إذا استثنينا معارك قوات فاغنر)، وكذلك زيادة ترسانته الحربية مع التصاق الحدود –بعد القضاء على "دولة" تنظيم داعش- بين سوريا والعراق وإيران ولبنان، مما سمح بأن يوجد طريق واسع يمتد من طهران إلى بيروت استعمله الحزب للتزود بأسلحة وصواريخ وطائرات مسيرة، بل وكذلك بمنظومات دفاع جوي ومضادات بحرية جعلته ينشط فوق الأرض، خصوصا مع ازدياد دوره السياسي منذ 2006 وانقلاب دوره من معارض إلى الجزء الأكبر من ائتلاف السلطة لسنوات طويلة.

يبدو أن "حزب الله" أصبح أكثر ثقة بالنفس، إن لم نقل أنه تجاوزها لمرحلة أكبر، جعلته لا يلحظ هذه الاختراقات التي عمل عليها الموساد والاستخبارات الأمريكية منذ فشل عدوان 2006، وسيقوض مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كوندليزا رايس.

وبالمقارنة، فالذي عجزت عليه إسرائيل في غزة، على صغر حجمها ومساحتها، من استهداف لقادة "حماس"، يبدو أنها نجحت فيه في لبنان، وأنه وجب على "حزب الله" أن يعود إلى العمل تحت الأرض، كما كان عليه الشأن في سنة 2006، وكما انطلق سنة 1983.

نزار مقني