968 تبليغا ورد على تطبيقة المرصد التونسي للمياه خلال الستة أشهر الأولى للسنة، تعلقت بانقطاعات وتسربات وتحركات احتجاجية ومياه غير صالحة للشرب.
وحسب خارطة العطش المنشورة شهدت الأرقام نسقا تصاعديا باتجاهها نحو أشهر الصائفة وارتفاع درجات الحرارة حيث قفزت فيها من 113 تبليغا خلال شهر جانفي الى 149 خلال شهر مارس لتبلغ 158 خلال شهر ماي لتصل الى 265 خلال شهر جوان.
وتعرف أغلب مناطق البلاد اضطرابات واضحة في التزود بالماء الصالح للشرب عبر شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، وهو أمر لا يشمل جدول التقسيط المعلن عنه منذ شهر مارس الفارط بل يتسع ليمتد في بعض الأحيان على أكثر من يوم في جهات مثل الرديف وقفصة المدينة ومعتمدية المرناقية وأحياء في ولاية مدنين وتطاوين والمهدية وسوسة ونابل..
في نفس الوقت تتواصل معاناة سكان عديد المناطق الأقل حظا في الوصول الى حقهم في الماء باعتبار أنهم من غير المشمولين بالربط بالشبكة وتشهد عيون الماء التي تعودوا على التزود منها تراجعا في منسوبها أمام ما نعيشه من تغيرات مناخية وحالة جفاف متواصلة.. على غرار منطقة هماد من عمادة فريوات من معتمدية السبيخة التي تعاني العطش منذ 5 سنوات ومازال نساؤها في انتظار انجاز مشروع "السنطاج" أو منطقة الرويعي من معتمدية حمام بورقيبة التي طالب فيها النسوة بحقهن في الماء والوضع يكون مماثلا في منطقة عبيدة من معتمدية ساقية سيدي يوسف من ولاية الكاف التي يضطر سكانها الى استهلاك مياه غير مراقبة أو صالحة للشرب..
وطبقا لقراءة الخبير في التنمية والموارد المائية، حسين الرحيلي، الانقطاعات المتكررة للمياه تعود الى أكثر من عامل، فمنها ما هو مرتبط بالانقطاع الدوري كما توجد انقطاعات مرتبطة باهتراء البنية التحتية للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه (صوناد)، والإشكاليات المرتبطة بتقادم شبكة توزيع المياه، فضلا عن تراجع نسبة مياه السدود، وتزايد درجات الحرارة. واعتبر ان الوضع يتطلب مراجعة حتمية لأشكال تخزين المياه أمام ما تشهده السدود من وتيرة عالية للتبخر وما تعرفه الشبكة من تسربات يصل معها حجم المياه الضائعة الى 32% من الكميات التي تقوم بتوزيعها.
وطبقا لتقرير السنة الفارطة للمرصد التونسي للمياه تحتل ولاية بن عروس صدارة الجهات التي واجهت سنة 2023، إشكاليات في التزود بالماء الصالح للشرب بـ187 تبليغا تليها في ذلك ولاية نابل بـ158 تبليغا فولاية قفصة بـ131 تبليغا.
كما انه للسنة الثالثة على التوالي تحتل ولايات تونس الكبرى، بن عروس ومنوبة وأريانة وتونس العاصمة، صدارة المدن الأكثر عطشا على مستوى البلاد بتسجيلها 413 تبليغا مقابل 466 تبليغا سنة 2022. وهو ما يمثل تقريبا ربع التبلغيات التي تلقتها تطبيقة مرصد المياه.
ويعتبر علاء مرزوق منسق المرصد التونسي للمياه، أن الأزمة غير مستجدة فهي قديمة، العامل الأساسي فيها هو ندرة المياه، ويزيد في تعميقها التقصير المسجل من قبل السلط المعنية.
ورأى أن الظرف يحتم التعجيل بإيجاد حلول مجدية للأزمة المائية في تونس. وطالب وزارة الفلاحة وشركة استغلال وتوزيع المياه بجدية أكثر في تعاملها مع المواطن التونسي الذي في كل مرة تطالبه بتضحيات مع نظام التقسيط الظرفي المعتمد من قبلها في وقت تعلم جيدا أن هناك مواطنين يعانون من العطش على امتداد السنة وتسجل أحياؤهم انقطاعات طويلة. وبين أن ضعف الاستثمارات في مجال الماء من قبل وزارة الفلاحة يعد مؤشرا خطيرا للغاية. ففي وقت الذي تتجه فيه كل دول العالم الى تطوير وترشيد تعاملها مع الثروة المائية وحسن التصرف فيها وإعطائها الأولوية، تتراجع في تونس الاستثمارات في مجال الصرف الصحي وتجويد نوعية مياه الشرب بشبكة توزيع واستغلال المياه.
وللإشارة حسب تقرير لمنظمة "قرينبيس" منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تعاني من ظاهرة الاحتباس الحراري بوتيرة تقارب ضعف المعدل العالمي، هذا ويقول نفس التقرير إن الآثار الواضحة والقاسية لتغيّر المناخ على المجتمعات ستشمل ستّ دول عربية، بينها تونس.
وشدّد التقرير على ضرورة العمل لمواجهة الاحتباس الحراري، وشح المياه ومخاطره على الأمن الغذائي في المنطقة ككلّ، إذ يُجمع علماء المناخ على أن تغيّر المناخ من المحتمل أن يزيد من تقلّب هطول الأمطار، مما سيزيد من تواتر موجات الجفاف. ومن المتوقع وفق دراسة منشورة، أن تزداد ندرة المياه في المنطقة العربية بدلاً من أن تنخفض، وبالتالي سيعاني القطاع الزراعي أكثر خلال السنوات القادمة. وتشير نتائج الدراسة نفسها إلى أن تواتر موجات الجفاف ازداد في تونس والمغرب وسوريا والجزائر خلال العشرين إلى الأربعين عاما الماضية، في حين تغيّرت الوتيرة مثلا في المغرب من سنة جفاف في فترة 5 سنوات قبل العام 1990 إلى سنة جفاف لكل فترة سنتين.
ومنذ سبتمبر 2023، شهدت تونس تساقط 110 ملايين متر مكعب فقط من الأمطار، أي حوالي خُمس المعدّل الطبيعي، إذ إن المعدل المعتاد لا يقل عن 520 مليون متر مكعب. ويعدّ العام الماضي الأكثر جفافا بالنسبة لتونس، كما سجّلت السدود هذا العام انخفاضا في الكميات المخزّنة إلى نحو مليار متر مكعب فقط، أي ما يعادل 30% من الطاقة القصوى للتخزين بسبب ندرة الأمطار.
ريم سوودي
تونس- الصباح
968 تبليغا ورد على تطبيقة المرصد التونسي للمياه خلال الستة أشهر الأولى للسنة، تعلقت بانقطاعات وتسربات وتحركات احتجاجية ومياه غير صالحة للشرب.
وحسب خارطة العطش المنشورة شهدت الأرقام نسقا تصاعديا باتجاهها نحو أشهر الصائفة وارتفاع درجات الحرارة حيث قفزت فيها من 113 تبليغا خلال شهر جانفي الى 149 خلال شهر مارس لتبلغ 158 خلال شهر ماي لتصل الى 265 خلال شهر جوان.
وتعرف أغلب مناطق البلاد اضطرابات واضحة في التزود بالماء الصالح للشرب عبر شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، وهو أمر لا يشمل جدول التقسيط المعلن عنه منذ شهر مارس الفارط بل يتسع ليمتد في بعض الأحيان على أكثر من يوم في جهات مثل الرديف وقفصة المدينة ومعتمدية المرناقية وأحياء في ولاية مدنين وتطاوين والمهدية وسوسة ونابل..
في نفس الوقت تتواصل معاناة سكان عديد المناطق الأقل حظا في الوصول الى حقهم في الماء باعتبار أنهم من غير المشمولين بالربط بالشبكة وتشهد عيون الماء التي تعودوا على التزود منها تراجعا في منسوبها أمام ما نعيشه من تغيرات مناخية وحالة جفاف متواصلة.. على غرار منطقة هماد من عمادة فريوات من معتمدية السبيخة التي تعاني العطش منذ 5 سنوات ومازال نساؤها في انتظار انجاز مشروع "السنطاج" أو منطقة الرويعي من معتمدية حمام بورقيبة التي طالب فيها النسوة بحقهن في الماء والوضع يكون مماثلا في منطقة عبيدة من معتمدية ساقية سيدي يوسف من ولاية الكاف التي يضطر سكانها الى استهلاك مياه غير مراقبة أو صالحة للشرب..
وطبقا لقراءة الخبير في التنمية والموارد المائية، حسين الرحيلي، الانقطاعات المتكررة للمياه تعود الى أكثر من عامل، فمنها ما هو مرتبط بالانقطاع الدوري كما توجد انقطاعات مرتبطة باهتراء البنية التحتية للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه (صوناد)، والإشكاليات المرتبطة بتقادم شبكة توزيع المياه، فضلا عن تراجع نسبة مياه السدود، وتزايد درجات الحرارة. واعتبر ان الوضع يتطلب مراجعة حتمية لأشكال تخزين المياه أمام ما تشهده السدود من وتيرة عالية للتبخر وما تعرفه الشبكة من تسربات يصل معها حجم المياه الضائعة الى 32% من الكميات التي تقوم بتوزيعها.
وطبقا لتقرير السنة الفارطة للمرصد التونسي للمياه تحتل ولاية بن عروس صدارة الجهات التي واجهت سنة 2023، إشكاليات في التزود بالماء الصالح للشرب بـ187 تبليغا تليها في ذلك ولاية نابل بـ158 تبليغا فولاية قفصة بـ131 تبليغا.
كما انه للسنة الثالثة على التوالي تحتل ولايات تونس الكبرى، بن عروس ومنوبة وأريانة وتونس العاصمة، صدارة المدن الأكثر عطشا على مستوى البلاد بتسجيلها 413 تبليغا مقابل 466 تبليغا سنة 2022. وهو ما يمثل تقريبا ربع التبلغيات التي تلقتها تطبيقة مرصد المياه.
ويعتبر علاء مرزوق منسق المرصد التونسي للمياه، أن الأزمة غير مستجدة فهي قديمة، العامل الأساسي فيها هو ندرة المياه، ويزيد في تعميقها التقصير المسجل من قبل السلط المعنية.
ورأى أن الظرف يحتم التعجيل بإيجاد حلول مجدية للأزمة المائية في تونس. وطالب وزارة الفلاحة وشركة استغلال وتوزيع المياه بجدية أكثر في تعاملها مع المواطن التونسي الذي في كل مرة تطالبه بتضحيات مع نظام التقسيط الظرفي المعتمد من قبلها في وقت تعلم جيدا أن هناك مواطنين يعانون من العطش على امتداد السنة وتسجل أحياؤهم انقطاعات طويلة. وبين أن ضعف الاستثمارات في مجال الماء من قبل وزارة الفلاحة يعد مؤشرا خطيرا للغاية. ففي وقت الذي تتجه فيه كل دول العالم الى تطوير وترشيد تعاملها مع الثروة المائية وحسن التصرف فيها وإعطائها الأولوية، تتراجع في تونس الاستثمارات في مجال الصرف الصحي وتجويد نوعية مياه الشرب بشبكة توزيع واستغلال المياه.
وللإشارة حسب تقرير لمنظمة "قرينبيس" منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تعاني من ظاهرة الاحتباس الحراري بوتيرة تقارب ضعف المعدل العالمي، هذا ويقول نفس التقرير إن الآثار الواضحة والقاسية لتغيّر المناخ على المجتمعات ستشمل ستّ دول عربية، بينها تونس.
وشدّد التقرير على ضرورة العمل لمواجهة الاحتباس الحراري، وشح المياه ومخاطره على الأمن الغذائي في المنطقة ككلّ، إذ يُجمع علماء المناخ على أن تغيّر المناخ من المحتمل أن يزيد من تقلّب هطول الأمطار، مما سيزيد من تواتر موجات الجفاف. ومن المتوقع وفق دراسة منشورة، أن تزداد ندرة المياه في المنطقة العربية بدلاً من أن تنخفض، وبالتالي سيعاني القطاع الزراعي أكثر خلال السنوات القادمة. وتشير نتائج الدراسة نفسها إلى أن تواتر موجات الجفاف ازداد في تونس والمغرب وسوريا والجزائر خلال العشرين إلى الأربعين عاما الماضية، في حين تغيّرت الوتيرة مثلا في المغرب من سنة جفاف في فترة 5 سنوات قبل العام 1990 إلى سنة جفاف لكل فترة سنتين.
ومنذ سبتمبر 2023، شهدت تونس تساقط 110 ملايين متر مكعب فقط من الأمطار، أي حوالي خُمس المعدّل الطبيعي، إذ إن المعدل المعتاد لا يقل عن 520 مليون متر مكعب. ويعدّ العام الماضي الأكثر جفافا بالنسبة لتونس، كما سجّلت السدود هذا العام انخفاضا في الكميات المخزّنة إلى نحو مليار متر مكعب فقط، أي ما يعادل 30% من الطاقة القصوى للتخزين بسبب ندرة الأمطار.