سجلت الأستاذة الجامعية نجلاء بودن اسمها في التاريخ، كأول امرأة تونسية تتقلد منصب رئيس الحكومة بعد تكليفها من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد لتقود معه وتحت إشرافه، مرحلة التدابير الاستثنائية، على ضوء القرارات المتخذة في 25 جويلية وتقديم رئيس الحكومة السابق هشام مشيشي لاستقالته أو إجباره على تقديم هذه الاستقالة بعد فشله الذريع في تسيير الدولة وكذلك على اثر الأمر الرئاسي 117 والذي صدر منذ أيام..
وبدا قرار قيس سعيد مباغتا لخصومه ولمسانديه أيضا.. خاصة وان نجلاء بودن لم يكن اسمها من بين الأسماء المسربة كشخصيات مقترحة لتولي هذا المنصب، كما أنها لم تكن من بين الشخصيات النسائية المقربة من الرئيس والمعروفة لدى الرأي العام، بالإضافة إلى افتقادها إلى الخبرة السياسية، رغم تجربتها الأكاديمية المهمة وعملها مع منظمات مالية دولية كبرى مثل البنك الدولي في تنفيذ برامج البنك في تونس في علاقة بوزارة التعليم العالي، حيث لم يُعرف لبودن أي انتماء حزبي او أي نشاط سياسي.
كما لم تكن نجلاء بودن من وجوه الحركة النسوية التونسية ذات الحضور والتأثير القوي في الشارع ولم تكن يوما مهتمة بقضايا المرأة ولا بالتمكين السياسي للنساء، ولكن تعيينها في منصبها الجديد وجد ترحيبا من أغلب النسويات التونسيات ومن الحقوقيين ومن نشطاء المجتمع المدني رغم المخاوف والتوجسات المعلنة من طرف بعض الشخصيات السيادية والقيادات الحزبية الذكورية التي شككت في أن يكون لنجلاء بودن برنامج اقتصادي واجتماعي.. ولكن المؤيدين لقرار قيس سعيد في تكليف نجلاء بودن بتشكيل الحكومة التي طال انتظارها الى أكثر من شهرين هو انتصار للمرأة التونسية بعد أجيال من النضال النسوي وبعد تقدمها في مختلف الميادين والقطاعات الا في عالم السياسية والقيادة حيث ما زال الى اليوم وجودها محتشما ولا يعكس المكاسب التي تحققت على مدى عقود ومنذ بداية تأسيس الدولة الوطنية.
ورغم أن قيس سعيد يُحسب على التيار المحافظ بالنظر لمواقفه السابقة من قضايا جوهرية في علاقة بحقوق النساء مثل الحق في المساواة في الميراث، حيث كان موقفه منه مثيرا لجدال نسوي حاد حيث أكد في كلمة ألقاها بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة وأمام جمع غفير من الوجوه الحقوقية النسويةعلى أن »الصراع حول الإرث والميراث هو صراع خاطئ وأن الأجدر هو تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قبل الحديث عن فقه المواريث « . موضحا أن النص القرآني واضح بخصوص هذه المسألة، وأن منظومة الإرث في الإسلام تقوم على العدل والإنصاف، لافتا إلى أن "المساواة كما تمت بلورتها في الفكر الليبرالي مساواة شكلية لا تقوم على العدل بقدر ما تقوم على الإيهام به « .
وهذا الموقف الذي صدم وقتها الحركة الحقوقية والنسوية، كان نقطة سلبية في علاقة رئيس الجمهورية بالمنظمات والشخصيات النسوية والتي كانت تتوقع منه موقفا مدافعا عن المساواة الكاملة وعن مشروع مجلة الحريات والتي كانت بمبادرة من الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ورفضتها حركة النهضة في البرلمان بدعوى انها تتناقض مع أحكام النص القرآني.
وبعد صدور الأمر الرئاسي 117 يوم 22 سبتمبر الجاري والمنظم للسلط العمومية والذي اسند صلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية في تولي السلطة التنفيذية والتشريعية وضبطه لمسائل يتم إصدار مراسيم رئاسية فيها غير قابلة للطعن ومن بين هذه المسائل الحقوق والحريات والأحوال الشخصية.. زادت المخاوف بشأن حقوق النساء المكتسبة وحذر عدد من السياسيين ومن بينهم حمه الهمامي، النساء، من أن رئيس الجمهورية قد يتراجع عن بعض المكاسب النسوية التي تحققت على مدى عقود.
ولكن تعيين نجلاء بودن على رأس الحكومة مثل رسالة قوية للداخل والى الخارج تؤكد التزام رئيس الجمهورية بتمكين النساء من مواقع القيادة السياسية خاصة وان في حكومة الرئيس الأولى تم تعيين امرأة لأول مرة في تاريخ الدولة على رأس وزارة سيادية وهي وزارة العدل التي تولتها القاضية ثريا الجريبي.. وبذلك يكون رئيس الجمهورية قيس سعيد قد سجل لصالحه نقطة مهمة وتاريخية وهو تمكين نساء من مواقع قيادية في الدولة حتى ولو كان في منصب سيكون تحت إمرته!
منية العرفاوي
تونس- الصباح
سجلت الأستاذة الجامعية نجلاء بودن اسمها في التاريخ، كأول امرأة تونسية تتقلد منصب رئيس الحكومة بعد تكليفها من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد لتقود معه وتحت إشرافه، مرحلة التدابير الاستثنائية، على ضوء القرارات المتخذة في 25 جويلية وتقديم رئيس الحكومة السابق هشام مشيشي لاستقالته أو إجباره على تقديم هذه الاستقالة بعد فشله الذريع في تسيير الدولة وكذلك على اثر الأمر الرئاسي 117 والذي صدر منذ أيام..
وبدا قرار قيس سعيد مباغتا لخصومه ولمسانديه أيضا.. خاصة وان نجلاء بودن لم يكن اسمها من بين الأسماء المسربة كشخصيات مقترحة لتولي هذا المنصب، كما أنها لم تكن من بين الشخصيات النسائية المقربة من الرئيس والمعروفة لدى الرأي العام، بالإضافة إلى افتقادها إلى الخبرة السياسية، رغم تجربتها الأكاديمية المهمة وعملها مع منظمات مالية دولية كبرى مثل البنك الدولي في تنفيذ برامج البنك في تونس في علاقة بوزارة التعليم العالي، حيث لم يُعرف لبودن أي انتماء حزبي او أي نشاط سياسي.
كما لم تكن نجلاء بودن من وجوه الحركة النسوية التونسية ذات الحضور والتأثير القوي في الشارع ولم تكن يوما مهتمة بقضايا المرأة ولا بالتمكين السياسي للنساء، ولكن تعيينها في منصبها الجديد وجد ترحيبا من أغلب النسويات التونسيات ومن الحقوقيين ومن نشطاء المجتمع المدني رغم المخاوف والتوجسات المعلنة من طرف بعض الشخصيات السيادية والقيادات الحزبية الذكورية التي شككت في أن يكون لنجلاء بودن برنامج اقتصادي واجتماعي.. ولكن المؤيدين لقرار قيس سعيد في تكليف نجلاء بودن بتشكيل الحكومة التي طال انتظارها الى أكثر من شهرين هو انتصار للمرأة التونسية بعد أجيال من النضال النسوي وبعد تقدمها في مختلف الميادين والقطاعات الا في عالم السياسية والقيادة حيث ما زال الى اليوم وجودها محتشما ولا يعكس المكاسب التي تحققت على مدى عقود ومنذ بداية تأسيس الدولة الوطنية.
ورغم أن قيس سعيد يُحسب على التيار المحافظ بالنظر لمواقفه السابقة من قضايا جوهرية في علاقة بحقوق النساء مثل الحق في المساواة في الميراث، حيث كان موقفه منه مثيرا لجدال نسوي حاد حيث أكد في كلمة ألقاها بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة وأمام جمع غفير من الوجوه الحقوقية النسويةعلى أن »الصراع حول الإرث والميراث هو صراع خاطئ وأن الأجدر هو تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قبل الحديث عن فقه المواريث « . موضحا أن النص القرآني واضح بخصوص هذه المسألة، وأن منظومة الإرث في الإسلام تقوم على العدل والإنصاف، لافتا إلى أن "المساواة كما تمت بلورتها في الفكر الليبرالي مساواة شكلية لا تقوم على العدل بقدر ما تقوم على الإيهام به « .
وهذا الموقف الذي صدم وقتها الحركة الحقوقية والنسوية، كان نقطة سلبية في علاقة رئيس الجمهورية بالمنظمات والشخصيات النسوية والتي كانت تتوقع منه موقفا مدافعا عن المساواة الكاملة وعن مشروع مجلة الحريات والتي كانت بمبادرة من الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ورفضتها حركة النهضة في البرلمان بدعوى انها تتناقض مع أحكام النص القرآني.
وبعد صدور الأمر الرئاسي 117 يوم 22 سبتمبر الجاري والمنظم للسلط العمومية والذي اسند صلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية في تولي السلطة التنفيذية والتشريعية وضبطه لمسائل يتم إصدار مراسيم رئاسية فيها غير قابلة للطعن ومن بين هذه المسائل الحقوق والحريات والأحوال الشخصية.. زادت المخاوف بشأن حقوق النساء المكتسبة وحذر عدد من السياسيين ومن بينهم حمه الهمامي، النساء، من أن رئيس الجمهورية قد يتراجع عن بعض المكاسب النسوية التي تحققت على مدى عقود.
ولكن تعيين نجلاء بودن على رأس الحكومة مثل رسالة قوية للداخل والى الخارج تؤكد التزام رئيس الجمهورية بتمكين النساء من مواقع القيادة السياسية خاصة وان في حكومة الرئيس الأولى تم تعيين امرأة لأول مرة في تاريخ الدولة على رأس وزارة سيادية وهي وزارة العدل التي تولتها القاضية ثريا الجريبي.. وبذلك يكون رئيس الجمهورية قيس سعيد قد سجل لصالحه نقطة مهمة وتاريخية وهو تمكين نساء من مواقع قيادية في الدولة حتى ولو كان في منصب سيكون تحت إمرته!