من منا لم يلاحظ أننا لم نجد إلى الآن صيغة للتعايش المجتمعي؟!، من منا يستطيع أن ينكر حالة الإحباط وعدم الاستقرار الذي نعيش؟، من منا اليوم يستطيع أن يجزم أننا بصدد تحقيق منوال تنموي جديد؟ .. من منا يستطيع أن ينكر "النزعة الفردية" التي أصبحت تهيمن على التونسيين.. طبعا لا أحد إلا إذا كانت إجابات واهمة همها الوحيد انها "تغطي عين الشمس بالغربال".. وهي كثيرة.. للأسف أصبحت الخبز اليومي.. تلاحقك اينما كنت سواء على مواقع التواصل الاجتماعي او في البرامج التلفزية... او حتى وأنت تترجل في إحدى الشوارع.. وإن لم تكن في شكل إنكار فهي تغض الطرف على الأسباب الرئيسية التي من شأنها أن تكشف عن غطاء اهم المشاكل الاجتماعية في تونس..
"الصباح" التقت المختص في علم الاجتماع ممدوح عزالدين للحديث عن أهم اسباب التشتت الفكري والمعنوي الذي أصبح يهيمن على اذهان وسلوكيات التونسيين عامة -خاصة بعد 14جانفي وتحديدا خلال السنوات الأخيرة- وتداعيات ذلك على الحياة العامة..
لنفهم اي ظاهرة اجتماعية حسب محدثنا لا بد أن نبحث عن السياقات بصفة عامة.. وبالتالي إذا أردنا البحث عن المعنى لا بد أن نبحث عن السياقات الاجتماعية والفردية والسياسات العامة..
وما نلاحظه في تونس حسب ممدوح عز الدين هو أننا نعاني من حالة اللامعنى اي اننا نعيش حالة فقدان دلالات الأشياء في الحياة اليومية.. وهو الفراغ الذي يتمكن بالأفعال والتصورات وبالوطن..هو عملية ترهل المنظومة القيمية التي تشد الناس لمشروع دامج، بل هو أكثر من ذلك فهو يمثل التعايش بين منظومات قيمية متناقضة قديمة وجديدة لا رابط بينها.. ما يجعل الناس مرتبكين في غياب بوصلة تقودهم لبناء المعنى.. وهذا ما يسمى لدى دوركايم بحالة "الانوميا" (تشوش في خريطة القيم والمعايير الموجهة لسلوك الناس) ..ما يؤدي إلى ضبابية المرجعيات الفكرية والمرجعيات المتعالية ومن ثمة غياب مشروع فكري او مشروع ثقافي يجمعهم فحالة من الإحباط وعدم الاستقرار وانعدام الثقة المجتمعية..
رداءة وتهاو مستمر
ملاحظة أخرى يسوقها لنا محدثنا في ذات السياق وهي أن تونس حاليا تعيش وضعا معنويا رديئا وتأتي الرداءة في تهاو مستمر ومتواصل على مستوى الدولة ومؤسسات المجتمع.. وإذا ما تحدثنا عن أزمة الدولة نجد أنها تشكو تراجعا كبيرا في أداء مؤسساتها وعجزها عن تحمل المسؤوليات وتطبيق القانون.. أما أزمة المجتمع فتتمثل في تراجع العلاقات الاجتماعية بين الناس، فضلا عن الانفلات والتسيب على مستوى العلاقات الاجتماعية..
واستنتج محدثنا أن عدم الاستقرار واللاّيقين كان نتيجة الأزمة السياسية، وتنازع الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث ..فضلا عن ارتفاع المطلبية والاستقواء على السلطة.. الأنانية الضيقة.. الحسابات السياسية الضيقة.. أوهام الزعامة المرضية .. جشع الرأسمال الفاسد.. ثلاثي الإرهاب والتهريب والتهريب الجبائي.. أزمة الثقة بين الحكومة والنخبة السياسية والنقابية من جهة وبين تلك الاطراف والشعب من جهة أخرى..
وينوه المختص في علم الاجتماع إلى ان فكرة اللامعنى التي أصبحنا نحوم حولها تكرست أكثر مع العولمة(سياق عولمي لا سياق داخلي فحسب) وهو سياق أعطى مضامين جديدة ..ذلك أن فكرة الدولة الراعية (خاصة بعد الاستقلال حيث توفرت الصحة والتعليم المجاني كمصعد اجتماعي وحد أدنى من العيش الكريم) لم تسجل حضورها من جديد بل تراجع دورها وفقدت قيمتها.. حتى أن فكرة التضامن المجتمعي لم تعد مغرية ليصبح الفرد هو المضمون المقترح.. الفرد الذي يواجه تحدي النجاعة في كل شيء.. نجاعة جعلت من الليبيرالية الجديدة ديانة بأتم معنى الكلمة وأصبحنا نتحدث عن "أفول الواجب" كما بين ذلك عالم الاجتماع الفرنسي جيل أبوفتسكي اي المطلبية عند الأنا قبل مطلبية الآخر.. وبالتالي الفردانية قبل الجماعة والحقوق قبل الواجبات ليتقلص كل مطلب نحو المسؤولية ونحو الوطن..
وفي المقابل نجد هروبا من أداء الواجبات والميل إلى كل ما هو فردي ليصبح المجتمع التونسي مجتمعا استهلاكيا بامتياز غالبا ما يبحث عن المتعة رغم النقص الكبير من حيث الامكانيات.. وهكذا اصبحت فكرة الجماعة فكرة بالية خارجة عن دائرة العمل ودائرة الانتاج والابتكار بل أصبح الحديث عن مشاكل فردية مثل الحديث عن مشاكل اجتماعية..
نرجسية الفوارق الصغرى
من جهة أخرى وفي إطار الحديث عن التشوش الفكري والمعنوي الذي يعيشه التونسي أكد ممدوح عز الدين أن الصراع الطبقي والتفاوت الاجتماعي أصبحا غير مهمين.. بقدر اهتمامه بنرجسية الفوارق الصغرى وإعطائها الاولوية ليدخل مثلا في إطار المقارنة داخل العائلة الواحدة والانتباه إلى كل من حقق نجاحا باهرا في أي مجال وهو لم يحققه.. المشكل أصبح بين الأفراد أكثر من الفئات الاجتماعية وهو ما يفسر الهجرة السرية والانخراط في التجارة الموازية...
إذن ملخص هذا المسار وفق محدثنا، أن المؤسسات في تونس تهاوت والفردانية اصبحت غير قادرة على إيجاد معنى واضح لوجودها فقد اصبحت فردانية متعبة بإكراهات العولمة تبحث عن خلاص خارج الأطر المؤسساتية ولا تجد هذا الخلاص!!
احتقان نفسي
وأضاف ممدوح عزالدين ان من بين الاسباب التي أدت إلى تفاقم الاحتقان النفسي وانتشار الافكار النمطية المسبقة هو ما سماه آلان دونو بـ" نظام التفاهة" La médiocrité.. التي جعلت المجتمع التونسي يعيش مفارقة عجيبة وهي انك كلما كنت تافها تصبح مؤثرا في الحياة العامة وهو ما يفسر محدودية حضور النخبة الثقافية والفكرية في وسائل الإعلام بل اصبحت الفضاءات الاعلامية غالبا ما تعتمد على الصورة وان مؤثثي البرامج يفقهون في كل شيء ويقع تقديمهم على أساس أنهم المثال الذي يحتذى ولو بطريقة غير مباشرة.. رغم أنه وفي الكثير من الأحيان توظف الإيماءات الجسدية والجنسية ويقصى جانب الإقناع الفكري لتسيطر عليه عوامل الإبهار( pour convaincre il faut séduire ) .. فتغيب المشاريع الثقافية وينتشر كل ما هو قائم على الابتذال والتفاهة وعدم المعنى..
إضافة إلى انتشار النزعات القبلية Tribalisme وهو مصطلح-حسب محدثنا- تحدث عنه ميشال ماتوزلي عالم الاجتماع الفرنسي ليبين مدى سعي المواطن إلى الانتماء لأطر وثقافات فرعية ومجموعات صغيرة لحماية نفسه.. وهو ما نلمسه في ثقافة التشجيع بالملاعب.. فن الغرافيتي..الانتماء إلى "الحومة" والدفاع عن العصبية الضيقة.. "القبائلية" على مواقع التواصل الاجتماعي والترحيب بمن يشبهك في ارائك ومعتقداتك مقابل الإقصاء لمن يخالفك الرأي.. والكثير من البذاءة والشتم والإساءة دون احترام المعايير الأخلاقية..
أفكار نمطية مسبقة
كما أشار ممدوح عز الدين إلى نقطة مهمة جدا في باب علم النفس الاجتماعي وهي التباين المعرفي والانحياز الإدراكي-يرى انها اصبحت تسيطر على أذهان العديد من التونسيين-ذلك أن الفرد يصبح منحازا إلى أفكار مسبقة نمطية دون مشروع عقلي..وهنا يسقط إلى مستوى اخلاقي متدن فيه الكثير من التعصب والجهل ليتبنى المثل التونسي "الي تحبو سقطلو والي تكرهو لقطلو"، وبالتالي مواجهة كل أمر مختلف بالكراهية والعداء.. وهو ما يربطه محدثنا بالجو المشحون عامة في تونس والذي تغذيه خطابات الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي...
أما الحلول لإيجاد التوازن من جديد في تونس وفق ما بينه لنا المختص في علم الاجتماع فهي عديدة لعل أهمها إعادة الفكر المجتمعي والتوازن بين حقوق الفرد والمجموعة كما التوازن بين الحرية والمسؤولية..، رغم أن الأمر يبدو مستعصيا والتونسي بصدد البحث عن حقه في الحياة أكثر من حقه في مسائل أخرى في ظل ما تم رصده من إصابات بكورونا وعدد الوفيات المفزع مقارنة بعدد السكان(نفس الوتيرة تقريبا مقارنة بالهند والبرازيل).. فكورونا زادت في "الطين بلة" وساهمت في تفاقم الفوضى وتقهقر كل المجالات..، والمطلوب من النخبة السياسية أن تعض جراحها وتؤجل صراعتها من اجل استعادة التوازن في المشهد السياسي والمجتمعي..
وليد عبد اللاوي
تونس-الصباح
من منا لم يلاحظ أننا لم نجد إلى الآن صيغة للتعايش المجتمعي؟!، من منا يستطيع أن ينكر حالة الإحباط وعدم الاستقرار الذي نعيش؟، من منا اليوم يستطيع أن يجزم أننا بصدد تحقيق منوال تنموي جديد؟ .. من منا يستطيع أن ينكر "النزعة الفردية" التي أصبحت تهيمن على التونسيين.. طبعا لا أحد إلا إذا كانت إجابات واهمة همها الوحيد انها "تغطي عين الشمس بالغربال".. وهي كثيرة.. للأسف أصبحت الخبز اليومي.. تلاحقك اينما كنت سواء على مواقع التواصل الاجتماعي او في البرامج التلفزية... او حتى وأنت تترجل في إحدى الشوارع.. وإن لم تكن في شكل إنكار فهي تغض الطرف على الأسباب الرئيسية التي من شأنها أن تكشف عن غطاء اهم المشاكل الاجتماعية في تونس..
"الصباح" التقت المختص في علم الاجتماع ممدوح عزالدين للحديث عن أهم اسباب التشتت الفكري والمعنوي الذي أصبح يهيمن على اذهان وسلوكيات التونسيين عامة -خاصة بعد 14جانفي وتحديدا خلال السنوات الأخيرة- وتداعيات ذلك على الحياة العامة..
لنفهم اي ظاهرة اجتماعية حسب محدثنا لا بد أن نبحث عن السياقات بصفة عامة.. وبالتالي إذا أردنا البحث عن المعنى لا بد أن نبحث عن السياقات الاجتماعية والفردية والسياسات العامة..
وما نلاحظه في تونس حسب ممدوح عز الدين هو أننا نعاني من حالة اللامعنى اي اننا نعيش حالة فقدان دلالات الأشياء في الحياة اليومية.. وهو الفراغ الذي يتمكن بالأفعال والتصورات وبالوطن..هو عملية ترهل المنظومة القيمية التي تشد الناس لمشروع دامج، بل هو أكثر من ذلك فهو يمثل التعايش بين منظومات قيمية متناقضة قديمة وجديدة لا رابط بينها.. ما يجعل الناس مرتبكين في غياب بوصلة تقودهم لبناء المعنى.. وهذا ما يسمى لدى دوركايم بحالة "الانوميا" (تشوش في خريطة القيم والمعايير الموجهة لسلوك الناس) ..ما يؤدي إلى ضبابية المرجعيات الفكرية والمرجعيات المتعالية ومن ثمة غياب مشروع فكري او مشروع ثقافي يجمعهم فحالة من الإحباط وعدم الاستقرار وانعدام الثقة المجتمعية..
رداءة وتهاو مستمر
ملاحظة أخرى يسوقها لنا محدثنا في ذات السياق وهي أن تونس حاليا تعيش وضعا معنويا رديئا وتأتي الرداءة في تهاو مستمر ومتواصل على مستوى الدولة ومؤسسات المجتمع.. وإذا ما تحدثنا عن أزمة الدولة نجد أنها تشكو تراجعا كبيرا في أداء مؤسساتها وعجزها عن تحمل المسؤوليات وتطبيق القانون.. أما أزمة المجتمع فتتمثل في تراجع العلاقات الاجتماعية بين الناس، فضلا عن الانفلات والتسيب على مستوى العلاقات الاجتماعية..
واستنتج محدثنا أن عدم الاستقرار واللاّيقين كان نتيجة الأزمة السياسية، وتنازع الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث ..فضلا عن ارتفاع المطلبية والاستقواء على السلطة.. الأنانية الضيقة.. الحسابات السياسية الضيقة.. أوهام الزعامة المرضية .. جشع الرأسمال الفاسد.. ثلاثي الإرهاب والتهريب والتهريب الجبائي.. أزمة الثقة بين الحكومة والنخبة السياسية والنقابية من جهة وبين تلك الاطراف والشعب من جهة أخرى..
وينوه المختص في علم الاجتماع إلى ان فكرة اللامعنى التي أصبحنا نحوم حولها تكرست أكثر مع العولمة(سياق عولمي لا سياق داخلي فحسب) وهو سياق أعطى مضامين جديدة ..ذلك أن فكرة الدولة الراعية (خاصة بعد الاستقلال حيث توفرت الصحة والتعليم المجاني كمصعد اجتماعي وحد أدنى من العيش الكريم) لم تسجل حضورها من جديد بل تراجع دورها وفقدت قيمتها.. حتى أن فكرة التضامن المجتمعي لم تعد مغرية ليصبح الفرد هو المضمون المقترح.. الفرد الذي يواجه تحدي النجاعة في كل شيء.. نجاعة جعلت من الليبيرالية الجديدة ديانة بأتم معنى الكلمة وأصبحنا نتحدث عن "أفول الواجب" كما بين ذلك عالم الاجتماع الفرنسي جيل أبوفتسكي اي المطلبية عند الأنا قبل مطلبية الآخر.. وبالتالي الفردانية قبل الجماعة والحقوق قبل الواجبات ليتقلص كل مطلب نحو المسؤولية ونحو الوطن..
وفي المقابل نجد هروبا من أداء الواجبات والميل إلى كل ما هو فردي ليصبح المجتمع التونسي مجتمعا استهلاكيا بامتياز غالبا ما يبحث عن المتعة رغم النقص الكبير من حيث الامكانيات.. وهكذا اصبحت فكرة الجماعة فكرة بالية خارجة عن دائرة العمل ودائرة الانتاج والابتكار بل أصبح الحديث عن مشاكل فردية مثل الحديث عن مشاكل اجتماعية..
نرجسية الفوارق الصغرى
من جهة أخرى وفي إطار الحديث عن التشوش الفكري والمعنوي الذي يعيشه التونسي أكد ممدوح عز الدين أن الصراع الطبقي والتفاوت الاجتماعي أصبحا غير مهمين.. بقدر اهتمامه بنرجسية الفوارق الصغرى وإعطائها الاولوية ليدخل مثلا في إطار المقارنة داخل العائلة الواحدة والانتباه إلى كل من حقق نجاحا باهرا في أي مجال وهو لم يحققه.. المشكل أصبح بين الأفراد أكثر من الفئات الاجتماعية وهو ما يفسر الهجرة السرية والانخراط في التجارة الموازية...
إذن ملخص هذا المسار وفق محدثنا، أن المؤسسات في تونس تهاوت والفردانية اصبحت غير قادرة على إيجاد معنى واضح لوجودها فقد اصبحت فردانية متعبة بإكراهات العولمة تبحث عن خلاص خارج الأطر المؤسساتية ولا تجد هذا الخلاص!!
احتقان نفسي
وأضاف ممدوح عزالدين ان من بين الاسباب التي أدت إلى تفاقم الاحتقان النفسي وانتشار الافكار النمطية المسبقة هو ما سماه آلان دونو بـ" نظام التفاهة" La médiocrité.. التي جعلت المجتمع التونسي يعيش مفارقة عجيبة وهي انك كلما كنت تافها تصبح مؤثرا في الحياة العامة وهو ما يفسر محدودية حضور النخبة الثقافية والفكرية في وسائل الإعلام بل اصبحت الفضاءات الاعلامية غالبا ما تعتمد على الصورة وان مؤثثي البرامج يفقهون في كل شيء ويقع تقديمهم على أساس أنهم المثال الذي يحتذى ولو بطريقة غير مباشرة.. رغم أنه وفي الكثير من الأحيان توظف الإيماءات الجسدية والجنسية ويقصى جانب الإقناع الفكري لتسيطر عليه عوامل الإبهار( pour convaincre il faut séduire ) .. فتغيب المشاريع الثقافية وينتشر كل ما هو قائم على الابتذال والتفاهة وعدم المعنى..
إضافة إلى انتشار النزعات القبلية Tribalisme وهو مصطلح-حسب محدثنا- تحدث عنه ميشال ماتوزلي عالم الاجتماع الفرنسي ليبين مدى سعي المواطن إلى الانتماء لأطر وثقافات فرعية ومجموعات صغيرة لحماية نفسه.. وهو ما نلمسه في ثقافة التشجيع بالملاعب.. فن الغرافيتي..الانتماء إلى "الحومة" والدفاع عن العصبية الضيقة.. "القبائلية" على مواقع التواصل الاجتماعي والترحيب بمن يشبهك في ارائك ومعتقداتك مقابل الإقصاء لمن يخالفك الرأي.. والكثير من البذاءة والشتم والإساءة دون احترام المعايير الأخلاقية..
أفكار نمطية مسبقة
كما أشار ممدوح عز الدين إلى نقطة مهمة جدا في باب علم النفس الاجتماعي وهي التباين المعرفي والانحياز الإدراكي-يرى انها اصبحت تسيطر على أذهان العديد من التونسيين-ذلك أن الفرد يصبح منحازا إلى أفكار مسبقة نمطية دون مشروع عقلي..وهنا يسقط إلى مستوى اخلاقي متدن فيه الكثير من التعصب والجهل ليتبنى المثل التونسي "الي تحبو سقطلو والي تكرهو لقطلو"، وبالتالي مواجهة كل أمر مختلف بالكراهية والعداء.. وهو ما يربطه محدثنا بالجو المشحون عامة في تونس والذي تغذيه خطابات الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي...
أما الحلول لإيجاد التوازن من جديد في تونس وفق ما بينه لنا المختص في علم الاجتماع فهي عديدة لعل أهمها إعادة الفكر المجتمعي والتوازن بين حقوق الفرد والمجموعة كما التوازن بين الحرية والمسؤولية..، رغم أن الأمر يبدو مستعصيا والتونسي بصدد البحث عن حقه في الحياة أكثر من حقه في مسائل أخرى في ظل ما تم رصده من إصابات بكورونا وعدد الوفيات المفزع مقارنة بعدد السكان(نفس الوتيرة تقريبا مقارنة بالهند والبرازيل).. فكورونا زادت في "الطين بلة" وساهمت في تفاقم الفوضى وتقهقر كل المجالات..، والمطلوب من النخبة السياسية أن تعض جراحها وتؤجل صراعتها من اجل استعادة التوازن في المشهد السياسي والمجتمعي..