إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد "صرخة" محافظ البنك المركزي.. مطلوب برنامج اقتصادي واضح وتعديل فوري لفرضيات قانون المالية

تونس-الصباح

تبدو دعوة محافظ البنك المركزي مروان العباسي في تصريحه الأخير مؤسسات التراقيم السيادية تأجيل تصنيف تونس بالنظر إلى الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بسبب الأزمة الصحية، مهمة ومحملة بتحديات كبيرة تجبر كل الأطراف المسؤولة في الدولة على مواجهتها وتجاوزها في اقرب الآجال...

وهذا ما أكده قبل تصريح العباسي العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي أو ما يعرف بإتباع هدنة اقتصادية ومالية في الأشهر القادمة لإيجاد حلول للمالية العمومية الصعبة، والتي على رأسها إيجاد مصادر تمويل جديدة في ظل تعطل المصادر التقليدية والحد من نزيف التداين ..

فاليوم، مازالت بلادنا تلاحقها لعنة التصنيفات السلبية التي تخرجها في كل مرة مؤسسات التراقيم السيادية والتي كانت آخرها التصنيف السلبي من قبل وكالة الترقيم الائتماني موديز، والذي خفضت فيه ترقيم تونس من ب2 إلى ب3 مع الإبقاء على آفاق سلبية..ويعتبر هذا التصنيف في غاية من الخطورة الذي سيخرجها من خارطة الأسواق المالية الدولية ويحرمها من الحصول على قروض وتمويلات جديدة لتغطية العجز الحاصل بموازنتها العامة وحتى لتسيير امورها بعد تعطل جميع مصادر التمويل التقليدية من استثمار وسياحة وتصدير وغيرها، فضلا عن التناقص القياسي في الموارد الذاتية للدولة والتراجع التاريخي في نسبة النمو الاقتصادي ...

على ضوء هذه المخاوف، جاءت دعوة محافظ البنك المركزي الملحمة لمؤسسات التراقيم السيادية بوقف مراجعة تصنيفات تونس الى غاية تجاوز الصعوبات المالية خاصة ان بلادنا على موعد قريب بمراجعة جديدة لنفس الوكالة "موديز" في الأيام القليلة القادمة.. وهذه الدعوة لابد ان تكون مرفوقة بايجاد حلول مستعجلة وانية لاعداد برنامج اقتصادي في اقرب وقت مع تعديلات في فرضيات قانون المالية الاصلي لسنة 2021 من خلال التسريع في الاعداد لقانون مالية تكميلي.

هذه البعض من الحلول التي من شانها ان تكون حججا دامغة لاقناع مؤسسات التراقيم السيادية التي تعد مرجعا اساسيا لكل المؤسسات المالية المانحة وللمستثمرين ورجال الاعمال في كل خطوة ينوون القيام بها تجاه بلدنا، كما ان هذه الحلول هي مخرج مهم لابرام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي في حال تعثر الحصول على تمويلات من مؤسسات دولية اخرى لا تعترف بتاتا الا بمراجع وكالات التصنيف الائتماني..

وحول اهم تداعيات التصنيفات السلبية التي تخص تونس في هذا الظرف الدقيق التي تمر به فستكون اهمها على مستوى صعوبة خروج بلادنا الى الأسواق الدولية المالية للاقتراض وتعبئة موارد مالية جديدة وحتى ان تمكنت من الولوج الى هذه الاسواق فستكون تعبئة الموارد الخارجية للميزانية مكلفة، فضلا عن ضعف قدرة البلاد على جذب الاستثمارات الخارجية مستقبلا....

اما في ما يخص اهم المؤشرات التي تستند اليها وكالات التراقيم السيادية لاتخاذ قرار التخفيض، هي المؤشرات الاقتصادية التي أغلقنا بها تونس ميزانيتها لسنة 2020، ولعل ابرزها مؤشر النمو الاقتصادي بـ  8- بالمائة وهي نسبة تاريخية في السالب لها تأثير على عدة مؤشرات أخرى، بعد ان كانت خلال العشرية الفارطة ضعيفة جدا، وفي المعدل، نسبة النمو كانت تقريبا 0.5 بالمائة وهي نسبة ضعيفة للاستثمار وإحداث مواطن الشغل.

كما أنّ المؤشر المتعلق بالمالية العمومية وميزانية الدولة، من اهم المؤشرات المعتمدة حيث ان العجز التجاري الذي اغلقت به الدولة سنة  2020 كان في حدود الـ 10.1 بالمائة وهو أيضا عالي جدا مقارنة بما سجلناه خلال السنوات الفارطة الأخيرة بعد أن كنّا في حدود الـ  3.5 في 2009، وهو توسع هام يعادل 7 نقاط مئوية في عجز الميزانية..

كذلك يعد تأثير عجز الميزانية في نسبة التداين، من اهم الاسباب، من ذلك بين المسؤول بالبنك المركزي ان الدين العمومي في 2020 أغلقنا بـ 84.6 بالمائة من الناتج الوطني الخام مقارنة بـ 74.6 سنة 2019، والدين الخارجي يقارب 70 بالمائة من الدين، ليتضاعف بذلك من 34 بالمائة عام 2012، إلى 70 بالمائة سنة 2020..

وايضا يعتبر مؤشر التداين من اهم المؤشرات التي تركز عليها هذه المؤسسات مع عدة عناصر أخرى، وطريقة احتساب نسبة ديون المؤسسات العمومية بضمان الدولة والتي تعادل 15 بالمائة من الناتج الوطني الخام،التي  تصل نسبة الدين في الواقع مائة بالمائة من الناتج وهي نسبة كبيرة جدا..

كما تعد نسبة البطالة التي بلغت 17.4 بالمائة، من المؤشرات الاخرى التي تعتمد عليها هذه الجهات ، كما ان الجانب السياسي وعدم الاستقرار وغموض الرؤيا له تاثيره السلبي على صورة تونس لدى مؤسسات ووكالات التراقيم السيادية في العالم، لانها تاخذ بعين الاعتبار الجانب السياسي والمؤسساتي والحوكمة...

وفي ما يخص الحوكمة، كذلك تونس استغرقت فترة طويلة في هذا المجال، وموديز تخشى ألا تتمكن هذه الحكومة من تفعيل الإصلاحات اللازمة، وهذا ما نتبنه جليا في تقرير الوكالة في اربع فقرات مفصلة تتعلق بهذا المجال وخاصة فشل السلطات، فضلا عن توقعات هذه الجهات بتفاقم الدين الذي سيفوق 90 بالمائة في السنة القادمة، وهو ما سيضعف قدرات البلاد على تحمل الأزمات مستقبلا، وهذا ما يتطلب من الحكومة وجميع الطيف السياسي تاجيل خلافاتهم السياسية التي اضعفت مجهودات مسؤولي الدولة على اختلافهم في الوقت الذي من المفروض ان توجه فقط لايجاد حلول مستعجلة لانقاذ الاقتصاد ودفع الانتاج وجلب الاستثمار وتحسين صورة تونس لدى الخارج .....

وكانت دعوة محافظ البنك المركزي قد جاءت في رده على أسئلة النواب خلال جلسة إستماع له صلب لجنة مكافحة الفساد في البرلمان، والذي أكد من خلالها على أن الأولية في المرحلة الحالية تتمثل في مناقشة برنامج تونس مع صندوق النقد الدولي مجددا تخوفه من تراجع الترقيم السيادي لتونس خلال الشهر القادم وما له من تداعيات سلبية خاصة في الوضع الإقتصادي الراهن الذي تمر به البلاد مشيرا إلى القرارات الاستباقية التي اتخذها البنك المركزي ...

وبين العباسي أن البنك المركزي يعمل بصفة دائمة على مراجعة مجلة الصرف الذي يعتبر من مشمولات الحكومة، مشددا على ضرورة العمل المشترك بين الحكومة ووزارة المالية والبنك المركزي، ويتمثل الإشكال حسب العباسي في تدهور المقدرة الشرائية مما يستوجب ضرورة إتباع هدنة اقتصادية واجتماعية لمدة سنة لإنقاذ البلاد.

وفاء بن محمد

بعد "صرخة" محافظ البنك المركزي.. مطلوب برنامج اقتصادي واضح وتعديل فوري لفرضيات قانون المالية

تونس-الصباح

تبدو دعوة محافظ البنك المركزي مروان العباسي في تصريحه الأخير مؤسسات التراقيم السيادية تأجيل تصنيف تونس بالنظر إلى الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بسبب الأزمة الصحية، مهمة ومحملة بتحديات كبيرة تجبر كل الأطراف المسؤولة في الدولة على مواجهتها وتجاوزها في اقرب الآجال...

وهذا ما أكده قبل تصريح العباسي العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي أو ما يعرف بإتباع هدنة اقتصادية ومالية في الأشهر القادمة لإيجاد حلول للمالية العمومية الصعبة، والتي على رأسها إيجاد مصادر تمويل جديدة في ظل تعطل المصادر التقليدية والحد من نزيف التداين ..

فاليوم، مازالت بلادنا تلاحقها لعنة التصنيفات السلبية التي تخرجها في كل مرة مؤسسات التراقيم السيادية والتي كانت آخرها التصنيف السلبي من قبل وكالة الترقيم الائتماني موديز، والذي خفضت فيه ترقيم تونس من ب2 إلى ب3 مع الإبقاء على آفاق سلبية..ويعتبر هذا التصنيف في غاية من الخطورة الذي سيخرجها من خارطة الأسواق المالية الدولية ويحرمها من الحصول على قروض وتمويلات جديدة لتغطية العجز الحاصل بموازنتها العامة وحتى لتسيير امورها بعد تعطل جميع مصادر التمويل التقليدية من استثمار وسياحة وتصدير وغيرها، فضلا عن التناقص القياسي في الموارد الذاتية للدولة والتراجع التاريخي في نسبة النمو الاقتصادي ...

على ضوء هذه المخاوف، جاءت دعوة محافظ البنك المركزي الملحمة لمؤسسات التراقيم السيادية بوقف مراجعة تصنيفات تونس الى غاية تجاوز الصعوبات المالية خاصة ان بلادنا على موعد قريب بمراجعة جديدة لنفس الوكالة "موديز" في الأيام القليلة القادمة.. وهذه الدعوة لابد ان تكون مرفوقة بايجاد حلول مستعجلة وانية لاعداد برنامج اقتصادي في اقرب وقت مع تعديلات في فرضيات قانون المالية الاصلي لسنة 2021 من خلال التسريع في الاعداد لقانون مالية تكميلي.

هذه البعض من الحلول التي من شانها ان تكون حججا دامغة لاقناع مؤسسات التراقيم السيادية التي تعد مرجعا اساسيا لكل المؤسسات المالية المانحة وللمستثمرين ورجال الاعمال في كل خطوة ينوون القيام بها تجاه بلدنا، كما ان هذه الحلول هي مخرج مهم لابرام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي في حال تعثر الحصول على تمويلات من مؤسسات دولية اخرى لا تعترف بتاتا الا بمراجع وكالات التصنيف الائتماني..

وحول اهم تداعيات التصنيفات السلبية التي تخص تونس في هذا الظرف الدقيق التي تمر به فستكون اهمها على مستوى صعوبة خروج بلادنا الى الأسواق الدولية المالية للاقتراض وتعبئة موارد مالية جديدة وحتى ان تمكنت من الولوج الى هذه الاسواق فستكون تعبئة الموارد الخارجية للميزانية مكلفة، فضلا عن ضعف قدرة البلاد على جذب الاستثمارات الخارجية مستقبلا....

اما في ما يخص اهم المؤشرات التي تستند اليها وكالات التراقيم السيادية لاتخاذ قرار التخفيض، هي المؤشرات الاقتصادية التي أغلقنا بها تونس ميزانيتها لسنة 2020، ولعل ابرزها مؤشر النمو الاقتصادي بـ  8- بالمائة وهي نسبة تاريخية في السالب لها تأثير على عدة مؤشرات أخرى، بعد ان كانت خلال العشرية الفارطة ضعيفة جدا، وفي المعدل، نسبة النمو كانت تقريبا 0.5 بالمائة وهي نسبة ضعيفة للاستثمار وإحداث مواطن الشغل.

كما أنّ المؤشر المتعلق بالمالية العمومية وميزانية الدولة، من اهم المؤشرات المعتمدة حيث ان العجز التجاري الذي اغلقت به الدولة سنة  2020 كان في حدود الـ 10.1 بالمائة وهو أيضا عالي جدا مقارنة بما سجلناه خلال السنوات الفارطة الأخيرة بعد أن كنّا في حدود الـ  3.5 في 2009، وهو توسع هام يعادل 7 نقاط مئوية في عجز الميزانية..

كذلك يعد تأثير عجز الميزانية في نسبة التداين، من اهم الاسباب، من ذلك بين المسؤول بالبنك المركزي ان الدين العمومي في 2020 أغلقنا بـ 84.6 بالمائة من الناتج الوطني الخام مقارنة بـ 74.6 سنة 2019، والدين الخارجي يقارب 70 بالمائة من الدين، ليتضاعف بذلك من 34 بالمائة عام 2012، إلى 70 بالمائة سنة 2020..

وايضا يعتبر مؤشر التداين من اهم المؤشرات التي تركز عليها هذه المؤسسات مع عدة عناصر أخرى، وطريقة احتساب نسبة ديون المؤسسات العمومية بضمان الدولة والتي تعادل 15 بالمائة من الناتج الوطني الخام،التي  تصل نسبة الدين في الواقع مائة بالمائة من الناتج وهي نسبة كبيرة جدا..

كما تعد نسبة البطالة التي بلغت 17.4 بالمائة، من المؤشرات الاخرى التي تعتمد عليها هذه الجهات ، كما ان الجانب السياسي وعدم الاستقرار وغموض الرؤيا له تاثيره السلبي على صورة تونس لدى مؤسسات ووكالات التراقيم السيادية في العالم، لانها تاخذ بعين الاعتبار الجانب السياسي والمؤسساتي والحوكمة...

وفي ما يخص الحوكمة، كذلك تونس استغرقت فترة طويلة في هذا المجال، وموديز تخشى ألا تتمكن هذه الحكومة من تفعيل الإصلاحات اللازمة، وهذا ما نتبنه جليا في تقرير الوكالة في اربع فقرات مفصلة تتعلق بهذا المجال وخاصة فشل السلطات، فضلا عن توقعات هذه الجهات بتفاقم الدين الذي سيفوق 90 بالمائة في السنة القادمة، وهو ما سيضعف قدرات البلاد على تحمل الأزمات مستقبلا، وهذا ما يتطلب من الحكومة وجميع الطيف السياسي تاجيل خلافاتهم السياسية التي اضعفت مجهودات مسؤولي الدولة على اختلافهم في الوقت الذي من المفروض ان توجه فقط لايجاد حلول مستعجلة لانقاذ الاقتصاد ودفع الانتاج وجلب الاستثمار وتحسين صورة تونس لدى الخارج .....

وكانت دعوة محافظ البنك المركزي قد جاءت في رده على أسئلة النواب خلال جلسة إستماع له صلب لجنة مكافحة الفساد في البرلمان، والذي أكد من خلالها على أن الأولية في المرحلة الحالية تتمثل في مناقشة برنامج تونس مع صندوق النقد الدولي مجددا تخوفه من تراجع الترقيم السيادي لتونس خلال الشهر القادم وما له من تداعيات سلبية خاصة في الوضع الإقتصادي الراهن الذي تمر به البلاد مشيرا إلى القرارات الاستباقية التي اتخذها البنك المركزي ...

وبين العباسي أن البنك المركزي يعمل بصفة دائمة على مراجعة مجلة الصرف الذي يعتبر من مشمولات الحكومة، مشددا على ضرورة العمل المشترك بين الحكومة ووزارة المالية والبنك المركزي، ويتمثل الإشكال حسب العباسي في تدهور المقدرة الشرائية مما يستوجب ضرورة إتباع هدنة اقتصادية واجتماعية لمدة سنة لإنقاذ البلاد.

وفاء بن محمد