في تناقض غريب ولافت، تتكاثر الأحزاب وتتزايد أعدادها، بشكل مذهل، لتقترب من عتبة 250 حزبا، مقابل انهيار كامل في مستويات الثقة في الأحزاب والطبقة السياسية باستثناء بعض الشخصيات السياسية التي ما زالت تحظى بثقة المواطنين.. وهذا التناقض الصارخ والانفجار الحزبي غير المسبوق منذ الثورة، يحتاج إلى قراءات متأنية وعميقة، للإجابة على سؤال لماذا هذا السباق المحموم لتكوين أحزاب لا تؤثر في الواقع ولا في الحياة السياسية ولا تحظى بثقة المواطنين؟ وهذه المجموعات أو الشخصيات التي تملك »الباتيندة « ولا تملك، لا المضامين ولا المقرات ولا البرامج ولا الحضور في الفضاء العام ماذا تفعل بها؟ وما هو الهدف الحقيقي من الحصول على تأشيرة الحزب؟
آخر الملتحقين، بقائمة الطويلة والمثيرة للاهتمام، ائتلاف الكرامة الذي خاض الانتخابات الأخيرة كمجموعة عمل سياسي غير مهيكلة او مؤطرة في حزب ونجح في دخول البرلمان والمشاركة في الحكم ضمن التحالف البرلماني الداعم لحكومة مشيشي، عنّ له منذ أسابيع قليلة ان يتحول الى حزب سياسي وحصل على تأشيرة العمل كحزب سياسي، وعلق الحزب الجديد على ذلك في بيان له للرأي العام، بأنها كانت خطوة لترسيخ، ما وصفه، بالوجود القانوني للتيار الثوري والمحافظ في تونس، وكأنه أراد بذلك أن يحتكر بشكل قانوني التيار الثوري والمحافظ، كما حاولت بعض الأحزاب قبله احتكار حتى شعارات يتقاسمها التونسيون على اختلاف أفكارهم ومشاربهم، مثل عبارة تحيا تونس التي حولتها مجموعة يوسف الشاهد الى اسم لحزب وُلد منذ سنوات قليلة! في عملية تحايل وابتزاز عاطفي واضح للجماهير...
واذا كانت الديمقراطيات العريقة تقوم في العادة على بضعة أحزاب تختزل مختلف التوجهات الفكرية والأيدلوجية ويتداول اثنين منهما على السلطة بما يجعل هناك حزب قوي يحكم وكذلك هناك حزب قوي يعارض ويملك برامج ورؤى بديلة تساعد على الاستقرار السياسي والحكومة فان في تجربة ديمقراطية تونسية ناشئة، فشلت كل النحب السياسية في ترشيد هذه الديمقراطية حزبيا وعمليا وما زلنا بعد عشر سنوات نعيش في فوضى حزبية عارمة، حيث انتقلنا من هيمنة الحزب الواحد قبل الثورة الى نظام متعدد الأحزاب ولكنه تعدد اجوف لا يعبر في غالبيته عن التونسيين وعن تطلعات وبات عبارة عن سوق سياسي كبيرة ببضاعة كاسدة لا يكاد يلتف إليها أحد! وهذه الفوضى لم تنتج أحزابا قوية ومجمعة بل مجرد دكاكين سياسية تتخذ شكل أحزاب، أدت في النهاية الى مشهد سياسي رخو وغير مستقر.
كما ان من الضروري الإشارة الى خطورة بعض هذه الأحزاب على المشهد العام من خلال الأفكار الهدامة التي كانت تحملها والتي يمكن ان تقسم المجتمع وتستنهض داخله نوازع الفتنة والتقسيم مثل الحزب السني الذي تم رفض منحه الترخيص او بعض الأحزاب التي لا يدين أصحابها بالولاء لتونس بل للأحزاب الام والذين يتفرعون عنها مثل حزب التحرير الحاصل على تأشيرة العمل القانوني.
أحزاب الشخص الواحد
من أكثر السمات التي تتقاسمها الأغلبية الساحقة من الأحزاب سواء تلك المعروفة أو غير المعروفة، أو تلك التي تحكم وحكمت او حتى التي لم تستطع جمع الإمضاءات اللازمة للترشح للانتخابات او لم تستطع إيجاد حتى مقر لها، لعجزها عن توفير ادني متطلباتها وظلت بسبب ذلك حبرا على ورق ومجرد رخصة في جيب المؤسس، هو إنها جميعا تدور حول شخص واحد سواء والذي يكون في العادة مؤسس الحزب او الشخصية الأكثر شهرة داخلها، فاليوم هناك أحزاب تتصدر المشهد في المعارضة أو حتى في الحكم، تدور جميعها في فلك الزعيم الأوحد الذي يختل توازن الحزب بل قد ينقرض نهائيا من المشهد كما حصل مع نداء تونس إذا غاب هذا الزعيم أو ابتعد لأي سبب من الأسباب.
ورغم التجربة المريرة لحزب نداء تونس، في علاقة بمسألة خطورة عدم اكتمال هياكل الحزب قبل التأسيس، وباختزال الحزب في صورة شخص واحد، إلا أن اليوم هناك حزب في المعارضة، يتصدر نوايا التصويت وقد يصل غدا إلى الحكم ولكنه ما زال يدور في فلك الشخص الواحد وهو الحزب الدستوري الحر المختزل في شخصية زعيمته عبير موسي، التي لم تحاول بالمرة أن تستفيد من الأخطاء السابقة.
ظواهر غريبة في ظاهرة أغرب
تعيد اغلب الأحزاب الجديدة استنساخ وإنتاج تجارب سابقة فاشلة دون اجتهاد، فبالإضافة إلى تشابه البرامج وغياب الخيال والإبداع والالتصاق بهموم الناس لمعرفة احتياجاتهم، فان اليوم لدينا أحزاب »مهجورة « ولم يتبق منها غير اسم ينهل من التاريخ دون أن يكون لها أدنى وجود مثل حزب الوحدة الشعبية الذي كان يعتبر من الأحزاب الكرتونية قبل الثورة ..
ثم اننا نجد أسماء تتشابه الى حد التطابق حيث نجد الحزب الجمهوري بقيادة عصام الشابي والحزب الجمهوري بقيادة عبد العزيز بالخوجة والحزب الجمهوري للحرية والعدالة بقيادة بشير فتح الله، والحزب الأخير هو جزء من ظاهرة التصقت بتكوين الأحزاب بعد الثورة، وخاصة بعد حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، حيث فرّخ هذا الحزب المنحل عشرات الأحزاب لم يصمد منها الى اليوم الا الحزب الحر الدستوري فيما بقيت البقية مجرد حبر على ورق .
كذلك هناك ظاهرة أخرى لصيقة بتكوين الأحزاب، وهو ان بعض مؤسسي هذه الأحزاب التحقوا بأحزاب اكبر كقيادات او نواب واحتفظوا بـ»باتيندة « الحزب القديم مثل محمد القوماني مؤسس حزب الإصلاح والتنمية والذي التحق بحركة النهضة.
وتبقى الأحزاب الجهوية من أغرب السمات في هذا الانفجار الحزبي حيث برزت أحزاب جهوية مثل حزب الوفاء لتونس بقيادة أنور الطاهري ومقره بالمكناسي من ولاية سيدي بوزيد وحزب الامة التونسي ومقره مدينة منزل بورقيبة وأيضا هذه الأحزاب ليس لديها أدنى تمثيل جهوي أو مركزي ولا يعبر عن وجودها الا ذلك الترخيص الذي تحمله.
ثقة منعدمة وإفلاس في الرصيد الشعبي
تآكلت القاعدة الشعبية تحت وقع الفشل السياسي حتى بالنسبة للأحزاب الكبيرة مثل حركة النهضة التي تقلصت قاعدتها الانتخابية بشكل لافت من انتخابات إلى أخرى..
ولئن يفسر البعض ذلك بتدني منسوب الثقة في الأحزاب ككل وليس حركة النهضة فقط، فان العزوف الانتخابي وتراجع القاعدة الجماهيرية للأحزاب يفسر كذلك بغياب مشروع وطني جدي وشخصيات مؤثرة قادرة على التجميع، ولعل أكبر مثال على ذلك هو ما تظهره عمليات سبر الآراء حيث ان رئيس مجلس نواب الشعب وزعيم الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة هو الشخصية التي تتصدر قائمة السياسيين الذين تنعدم فيهم ثقة التونسيين بنسبة 77 بالمائة، يليه رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف، ثم يليه في المرتبة الخامسة، رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، وهذا الثالوث الغنوشي ومخلوف والقروي هم من يديرون شؤون البلاد من خلال الحكومة التي يدعمونها وانهيار الثقة فيهم بهذا الشكل اللافت، يعكس الفجوة الكبيرة بين المواطنين والطبقة الحاكمة.
كما ان تذيّل البرلمان قائمة المؤسسات التي يثق فيها التونسيون وهو الذي يمثل الشعب في إدارة شؤون الدولة يجعلنا نقف على مدى انعدام الثقة وافلاس الرصيد الشعبي لأغلب الأحزاب والفاعلين السياسيين لدى التونسيين الذين ما زالوا يحتفظون بشعور من الثقة تجاه بعض الشخصيات وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الذي لا يقف وراءه حزب والذي يعلن بصراحة عداءه للأحزاب كتنظيمات سياسية يرى انها لا تخدم ابدا المواطنين .
ولعل أكثر ما يلفت الانتباه في ظاهرة تكاثر الأحزاب هو الغياب التام لآليات وأدوات الرقابة سواء على النشاط السياسي وما اذا كان منسجما مع قوانين البلاد او حتى للتمويلات والتي توصف في أغلبها بالمشبوهة .
منية العرفاوي
جريدة الصباح
في تناقض غريب ولافت، تتكاثر الأحزاب وتتزايد أعدادها، بشكل مذهل، لتقترب من عتبة 250 حزبا، مقابل انهيار كامل في مستويات الثقة في الأحزاب والطبقة السياسية باستثناء بعض الشخصيات السياسية التي ما زالت تحظى بثقة المواطنين.. وهذا التناقض الصارخ والانفجار الحزبي غير المسبوق منذ الثورة، يحتاج إلى قراءات متأنية وعميقة، للإجابة على سؤال لماذا هذا السباق المحموم لتكوين أحزاب لا تؤثر في الواقع ولا في الحياة السياسية ولا تحظى بثقة المواطنين؟ وهذه المجموعات أو الشخصيات التي تملك »الباتيندة « ولا تملك، لا المضامين ولا المقرات ولا البرامج ولا الحضور في الفضاء العام ماذا تفعل بها؟ وما هو الهدف الحقيقي من الحصول على تأشيرة الحزب؟
آخر الملتحقين، بقائمة الطويلة والمثيرة للاهتمام، ائتلاف الكرامة الذي خاض الانتخابات الأخيرة كمجموعة عمل سياسي غير مهيكلة او مؤطرة في حزب ونجح في دخول البرلمان والمشاركة في الحكم ضمن التحالف البرلماني الداعم لحكومة مشيشي، عنّ له منذ أسابيع قليلة ان يتحول الى حزب سياسي وحصل على تأشيرة العمل كحزب سياسي، وعلق الحزب الجديد على ذلك في بيان له للرأي العام، بأنها كانت خطوة لترسيخ، ما وصفه، بالوجود القانوني للتيار الثوري والمحافظ في تونس، وكأنه أراد بذلك أن يحتكر بشكل قانوني التيار الثوري والمحافظ، كما حاولت بعض الأحزاب قبله احتكار حتى شعارات يتقاسمها التونسيون على اختلاف أفكارهم ومشاربهم، مثل عبارة تحيا تونس التي حولتها مجموعة يوسف الشاهد الى اسم لحزب وُلد منذ سنوات قليلة! في عملية تحايل وابتزاز عاطفي واضح للجماهير...
واذا كانت الديمقراطيات العريقة تقوم في العادة على بضعة أحزاب تختزل مختلف التوجهات الفكرية والأيدلوجية ويتداول اثنين منهما على السلطة بما يجعل هناك حزب قوي يحكم وكذلك هناك حزب قوي يعارض ويملك برامج ورؤى بديلة تساعد على الاستقرار السياسي والحكومة فان في تجربة ديمقراطية تونسية ناشئة، فشلت كل النحب السياسية في ترشيد هذه الديمقراطية حزبيا وعمليا وما زلنا بعد عشر سنوات نعيش في فوضى حزبية عارمة، حيث انتقلنا من هيمنة الحزب الواحد قبل الثورة الى نظام متعدد الأحزاب ولكنه تعدد اجوف لا يعبر في غالبيته عن التونسيين وعن تطلعات وبات عبارة عن سوق سياسي كبيرة ببضاعة كاسدة لا يكاد يلتف إليها أحد! وهذه الفوضى لم تنتج أحزابا قوية ومجمعة بل مجرد دكاكين سياسية تتخذ شكل أحزاب، أدت في النهاية الى مشهد سياسي رخو وغير مستقر.
كما ان من الضروري الإشارة الى خطورة بعض هذه الأحزاب على المشهد العام من خلال الأفكار الهدامة التي كانت تحملها والتي يمكن ان تقسم المجتمع وتستنهض داخله نوازع الفتنة والتقسيم مثل الحزب السني الذي تم رفض منحه الترخيص او بعض الأحزاب التي لا يدين أصحابها بالولاء لتونس بل للأحزاب الام والذين يتفرعون عنها مثل حزب التحرير الحاصل على تأشيرة العمل القانوني.
أحزاب الشخص الواحد
من أكثر السمات التي تتقاسمها الأغلبية الساحقة من الأحزاب سواء تلك المعروفة أو غير المعروفة، أو تلك التي تحكم وحكمت او حتى التي لم تستطع جمع الإمضاءات اللازمة للترشح للانتخابات او لم تستطع إيجاد حتى مقر لها، لعجزها عن توفير ادني متطلباتها وظلت بسبب ذلك حبرا على ورق ومجرد رخصة في جيب المؤسس، هو إنها جميعا تدور حول شخص واحد سواء والذي يكون في العادة مؤسس الحزب او الشخصية الأكثر شهرة داخلها، فاليوم هناك أحزاب تتصدر المشهد في المعارضة أو حتى في الحكم، تدور جميعها في فلك الزعيم الأوحد الذي يختل توازن الحزب بل قد ينقرض نهائيا من المشهد كما حصل مع نداء تونس إذا غاب هذا الزعيم أو ابتعد لأي سبب من الأسباب.
ورغم التجربة المريرة لحزب نداء تونس، في علاقة بمسألة خطورة عدم اكتمال هياكل الحزب قبل التأسيس، وباختزال الحزب في صورة شخص واحد، إلا أن اليوم هناك حزب في المعارضة، يتصدر نوايا التصويت وقد يصل غدا إلى الحكم ولكنه ما زال يدور في فلك الشخص الواحد وهو الحزب الدستوري الحر المختزل في شخصية زعيمته عبير موسي، التي لم تحاول بالمرة أن تستفيد من الأخطاء السابقة.
ظواهر غريبة في ظاهرة أغرب
تعيد اغلب الأحزاب الجديدة استنساخ وإنتاج تجارب سابقة فاشلة دون اجتهاد، فبالإضافة إلى تشابه البرامج وغياب الخيال والإبداع والالتصاق بهموم الناس لمعرفة احتياجاتهم، فان اليوم لدينا أحزاب »مهجورة « ولم يتبق منها غير اسم ينهل من التاريخ دون أن يكون لها أدنى وجود مثل حزب الوحدة الشعبية الذي كان يعتبر من الأحزاب الكرتونية قبل الثورة ..
ثم اننا نجد أسماء تتشابه الى حد التطابق حيث نجد الحزب الجمهوري بقيادة عصام الشابي والحزب الجمهوري بقيادة عبد العزيز بالخوجة والحزب الجمهوري للحرية والعدالة بقيادة بشير فتح الله، والحزب الأخير هو جزء من ظاهرة التصقت بتكوين الأحزاب بعد الثورة، وخاصة بعد حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، حيث فرّخ هذا الحزب المنحل عشرات الأحزاب لم يصمد منها الى اليوم الا الحزب الحر الدستوري فيما بقيت البقية مجرد حبر على ورق .
كذلك هناك ظاهرة أخرى لصيقة بتكوين الأحزاب، وهو ان بعض مؤسسي هذه الأحزاب التحقوا بأحزاب اكبر كقيادات او نواب واحتفظوا بـ»باتيندة « الحزب القديم مثل محمد القوماني مؤسس حزب الإصلاح والتنمية والذي التحق بحركة النهضة.
وتبقى الأحزاب الجهوية من أغرب السمات في هذا الانفجار الحزبي حيث برزت أحزاب جهوية مثل حزب الوفاء لتونس بقيادة أنور الطاهري ومقره بالمكناسي من ولاية سيدي بوزيد وحزب الامة التونسي ومقره مدينة منزل بورقيبة وأيضا هذه الأحزاب ليس لديها أدنى تمثيل جهوي أو مركزي ولا يعبر عن وجودها الا ذلك الترخيص الذي تحمله.
ثقة منعدمة وإفلاس في الرصيد الشعبي
تآكلت القاعدة الشعبية تحت وقع الفشل السياسي حتى بالنسبة للأحزاب الكبيرة مثل حركة النهضة التي تقلصت قاعدتها الانتخابية بشكل لافت من انتخابات إلى أخرى..
ولئن يفسر البعض ذلك بتدني منسوب الثقة في الأحزاب ككل وليس حركة النهضة فقط، فان العزوف الانتخابي وتراجع القاعدة الجماهيرية للأحزاب يفسر كذلك بغياب مشروع وطني جدي وشخصيات مؤثرة قادرة على التجميع، ولعل أكبر مثال على ذلك هو ما تظهره عمليات سبر الآراء حيث ان رئيس مجلس نواب الشعب وزعيم الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة هو الشخصية التي تتصدر قائمة السياسيين الذين تنعدم فيهم ثقة التونسيين بنسبة 77 بالمائة، يليه رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف، ثم يليه في المرتبة الخامسة، رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، وهذا الثالوث الغنوشي ومخلوف والقروي هم من يديرون شؤون البلاد من خلال الحكومة التي يدعمونها وانهيار الثقة فيهم بهذا الشكل اللافت، يعكس الفجوة الكبيرة بين المواطنين والطبقة الحاكمة.
كما ان تذيّل البرلمان قائمة المؤسسات التي يثق فيها التونسيون وهو الذي يمثل الشعب في إدارة شؤون الدولة يجعلنا نقف على مدى انعدام الثقة وافلاس الرصيد الشعبي لأغلب الأحزاب والفاعلين السياسيين لدى التونسيين الذين ما زالوا يحتفظون بشعور من الثقة تجاه بعض الشخصيات وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الذي لا يقف وراءه حزب والذي يعلن بصراحة عداءه للأحزاب كتنظيمات سياسية يرى انها لا تخدم ابدا المواطنين .
ولعل أكثر ما يلفت الانتباه في ظاهرة تكاثر الأحزاب هو الغياب التام لآليات وأدوات الرقابة سواء على النشاط السياسي وما اذا كان منسجما مع قوانين البلاد او حتى للتمويلات والتي توصف في أغلبها بالمشبوهة .