اثارت واقعة قتل رفقة الشارني على يد زوجها بالرصاص وكذلك محاولة قتل امرأة اخرى بجهة الحمامات على يد زوجها ايضا دهسا، اثارت ردود فعل متباينة وكثيرا من الجدل..
"الصباح نيوز" تطرقت الموضوع من جوانبه الاجتماعية وبحثت في الأسباب التي أوصلت الى كل هذه الحوادث مع مختص في علم الاجتماع..
وفي هذا السياق صرح المختص في علم الاجتماع الدكتور الطيب الطويلي لـ"الصباح نيوز" ان واقعة قتل رفقة الشارني رميا بالرصاص من طرف زوجها تزامنت مع واقعة دهس رجل لزوجته بسيارته أمام أنظار أبنائهما. يأتي ذلك في إطار زماني وصلت فيه أزمة الكورونا إلى ذروتها مع ما أحدثته من إرباك مادي ومعنوي على مستوى الأسرة خلفته حالة اللايقين والتوجس وتغير المرجعيات والعادات التي تعود عليها الأزواج الذين أصبحوا مضطرين لمعايشة القرين لساعات طويلة إضافية بسبب الحجر.
تزامن كل ذلك مع حالات الفوضى الاجتماعية وترهل الدولة وتغوّل كل الهياكل الموازية، ومع انتهاء شهر رمضان مع ما يقدمه سنويا من أطباق تلفزية تتعدد فيها مشاهد العنف الرمزي واللفظي والمادي، ومع ترسخ الموروث الثقافي المكرس لهيمنة ذكورية يعيد المجتمع إنتاجها بطريقة آلية ومختلفة، إذ نرى بعض المفاهيم التي تحاول تثمين دور المرأة تعاود تعليب دونيتها من دون قصد على حد خبير علم الاجتماع الدكتور الطيب الطويلي .
وكشف الطويلي ان هذه المستويات تنمي المكبوتات العنيفة لدى الفرد فيحاول تفجيرها عبر محاولة لمحاكاة الواقع العنيف والمشهدية العدوانية في وسائل الاعلام والمنابر السياسية والأسواق اليومية. ويكون العنف موجها دائما للطرف الأضعف بدنيا واجتماعيا المتمثل في المرأة بالأساس.
وفي صورة انتفاء طرف أضعف، قد يسلط الفرد العنف على نفسه في محاولة أخرى للاقتداء بمشاهد تلفزية يظهر فيها العنيف والمؤذي لنفسه ولغيره في صورة البطل، مثل بطل الفوندو الذي يجرح نفسه جرحا غائرا بقطعة زجاج وفي لقطة أخرى يدخل قبضته في خزانة زجاجية كما أن نفس البطل يهشم رأسه على الحائط في مشهد كرنفالي آخر.
ويعود خبير علم الاجتماعي الى مسلسل ابن مفيدة الوسيم الذي يمزق بطنه بسكين في حركة انفعالية بطولية.
ولا غرابة أن تنتهي هذه المشاهد التلفزية المطبعة مع تدمير الذات، بمشهد واقعي أليم لحرق كهل لنفسه أمام ولاية بن عروس في آخر شهر رمضان.
واوضح محدثنا في ذات السياق قائلا "في تقديري أن أزمة العنف ضد المرأة هي خليط من الرواسب والمرجعيات والموروثات التي يمثل فيها ميل المجتمع التونسي بعد الثورة إلى العنف بشتى أشكاله السبب الرئيسي، وتكون المرأة ضحية طبيعية للشخصية التونسية العنيفة باعتبارها حلقة ضعيفة، والزوجة أو الأطفال يكونون الأقرب والأسهل للرجل غير المتوازن لتفجير ما يختزنه من ميل إلى العنف الجسدي واللفظي ومن رغبة في إخضاع الآخر والإحساس بعلويته وتفوقه الذكوري، الذي لا يتوانى المشهد الإعلامي عن تذكيره به بطرق مختلفة لا واعية".
ولاحظ الطويلي أن الفاعل الثقافي قد يعزز الهيمنة الذكورية أحيانا وهو يظن أنه يدافع عن المرأة وعن مكانتها. فمثلا مقولة "حق الملح" التي يعتبرها الكثيرون صونا لحق المرأة ومكانتها هي قد تكون كما يرى البعض تفعيلا لصورة المرأة الخاضعة التي تقضي شهر رمضان في خدمة الذكر وإشباع شهواته، ثم تنتظر في النهاية هدية أو منة قد يتكرم الرجل بمنحها إياها وقد يحجم عن ذلك حسب رغبته.
سعيدة الميساوي
اثارت واقعة قتل رفقة الشارني على يد زوجها بالرصاص وكذلك محاولة قتل امرأة اخرى بجهة الحمامات على يد زوجها ايضا دهسا، اثارت ردود فعل متباينة وكثيرا من الجدل..
"الصباح نيوز" تطرقت الموضوع من جوانبه الاجتماعية وبحثت في الأسباب التي أوصلت الى كل هذه الحوادث مع مختص في علم الاجتماع..
وفي هذا السياق صرح المختص في علم الاجتماع الدكتور الطيب الطويلي لـ"الصباح نيوز" ان واقعة قتل رفقة الشارني رميا بالرصاص من طرف زوجها تزامنت مع واقعة دهس رجل لزوجته بسيارته أمام أنظار أبنائهما. يأتي ذلك في إطار زماني وصلت فيه أزمة الكورونا إلى ذروتها مع ما أحدثته من إرباك مادي ومعنوي على مستوى الأسرة خلفته حالة اللايقين والتوجس وتغير المرجعيات والعادات التي تعود عليها الأزواج الذين أصبحوا مضطرين لمعايشة القرين لساعات طويلة إضافية بسبب الحجر.
تزامن كل ذلك مع حالات الفوضى الاجتماعية وترهل الدولة وتغوّل كل الهياكل الموازية، ومع انتهاء شهر رمضان مع ما يقدمه سنويا من أطباق تلفزية تتعدد فيها مشاهد العنف الرمزي واللفظي والمادي، ومع ترسخ الموروث الثقافي المكرس لهيمنة ذكورية يعيد المجتمع إنتاجها بطريقة آلية ومختلفة، إذ نرى بعض المفاهيم التي تحاول تثمين دور المرأة تعاود تعليب دونيتها من دون قصد على حد خبير علم الاجتماع الدكتور الطيب الطويلي .
وكشف الطويلي ان هذه المستويات تنمي المكبوتات العنيفة لدى الفرد فيحاول تفجيرها عبر محاولة لمحاكاة الواقع العنيف والمشهدية العدوانية في وسائل الاعلام والمنابر السياسية والأسواق اليومية. ويكون العنف موجها دائما للطرف الأضعف بدنيا واجتماعيا المتمثل في المرأة بالأساس.
وفي صورة انتفاء طرف أضعف، قد يسلط الفرد العنف على نفسه في محاولة أخرى للاقتداء بمشاهد تلفزية يظهر فيها العنيف والمؤذي لنفسه ولغيره في صورة البطل، مثل بطل الفوندو الذي يجرح نفسه جرحا غائرا بقطعة زجاج وفي لقطة أخرى يدخل قبضته في خزانة زجاجية كما أن نفس البطل يهشم رأسه على الحائط في مشهد كرنفالي آخر.
ويعود خبير علم الاجتماعي الى مسلسل ابن مفيدة الوسيم الذي يمزق بطنه بسكين في حركة انفعالية بطولية.
ولا غرابة أن تنتهي هذه المشاهد التلفزية المطبعة مع تدمير الذات، بمشهد واقعي أليم لحرق كهل لنفسه أمام ولاية بن عروس في آخر شهر رمضان.
واوضح محدثنا في ذات السياق قائلا "في تقديري أن أزمة العنف ضد المرأة هي خليط من الرواسب والمرجعيات والموروثات التي يمثل فيها ميل المجتمع التونسي بعد الثورة إلى العنف بشتى أشكاله السبب الرئيسي، وتكون المرأة ضحية طبيعية للشخصية التونسية العنيفة باعتبارها حلقة ضعيفة، والزوجة أو الأطفال يكونون الأقرب والأسهل للرجل غير المتوازن لتفجير ما يختزنه من ميل إلى العنف الجسدي واللفظي ومن رغبة في إخضاع الآخر والإحساس بعلويته وتفوقه الذكوري، الذي لا يتوانى المشهد الإعلامي عن تذكيره به بطرق مختلفة لا واعية".
ولاحظ الطويلي أن الفاعل الثقافي قد يعزز الهيمنة الذكورية أحيانا وهو يظن أنه يدافع عن المرأة وعن مكانتها. فمثلا مقولة "حق الملح" التي يعتبرها الكثيرون صونا لحق المرأة ومكانتها هي قد تكون كما يرى البعض تفعيلا لصورة المرأة الخاضعة التي تقضي شهر رمضان في خدمة الذكر وإشباع شهواته، ثم تنتظر في النهاية هدية أو منة قد يتكرم الرجل بمنحها إياها وقد يحجم عن ذلك حسب رغبته.